عيوب الرضا في البحوث القانونية
ما هي عيوب الرضا؟
ما هي عيوب الارادة؟
ما هي عيوب الرضا في القانون العراقي؟
من عيوب الرضا في اركان العقد؟
عيـــــــــــــــوب الرضــــــــــــــــا
عيوب الإرادة في قانون الالتزامات والعقود المغربي هي الغلط، التدليس ثم الإكراه، أما الغبن فإن المشرع المغربي لم يعتبره عيبا مستقلا يصيب إرادة المتعاقد الراشد إلا في حالة اقترانه بالتدليس.
أولا- الإكـــــراه La violence
1. مفهوم الإكراه
يعرف الفقه الحديث الإكراه بأنه ضغط غير مشروع يقع على إرادة الشخص فيبعث في نفسه رهبة تحمله على التعاقد. وقد عرفه المشرع المغربي بأنه( إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه ).
فالإكراه يفسد الرضا ولا يعدمه فإرادته موجودة ولكنه خير بين التعاقد أو الوقوع تحت الضغط فاختار التعاقد. وهنا يجب التمييز بين الإكراه المادي الذي يعدم الإرادة بحيث لا يدع مجالا للاختيار بالنسبة للشخص المتعاقد، وفي هذه الحالة فإن العقد يقع باطلا، أما المعنوي فهو يقتصر على إفساد الإرادة دون أن يعدمها ويمنح لضحيته حق طلب إبطال العقد.
2. شروط الإكراه
لكي يحق للمتعاقد أن يطالب بإبطال العقد على أساس الإكراه لا بد من توفر ثلاثة شروط أساسية.
الشرط الأول: استعمال وسائل للضغط
قد تكون وسيلة الإكراه مادية كالضرب والتعذيب ويعرف بالإكراه المادي، وقد يكون الإكراه معنوياً أو نفسياً كالتهديد بإلحاق الأذى بالنفس أو المال أو الشرف، والإكراه النفسي هو الذي يوقع في نفس المتعاقد المُكرَه أن خطراً جسيماً يحدق بنفسه أو ماله مما يدفعه إلى التعاقد تحت تأثير هذا الخوف وهذه الرهبة.
والإكراه يخول لضحيته المطالبة بإبطال العقد سواء كان هذا الإكراه صادرا من شخص المتعاقد أو صادرا من الغير ولو لم يعلم به هذا المتعاقد أو يتواطأ معه- وهذا ما يميز الإكراه عن التدليس- وذلك نظرا لقسوة الوسائل المستعملة عادة في الإكراه قياسا لتلك المستعملة في التدليس.
وإذا كان المشرع المغربي قد حدد ووفق في مسألة الإكراه الصادر من الغير أو المتعاقد نفسه فإن السؤال الذي يطرح يتعلق بموقف المشرع من الإكراه الناتج عن ظروف تهيأت مصادفة واستغلها المكرِه لحمل من وقع تحت تأثيرها على التعاقد. ومن نماذج ذلك الطبيب الذي يستغل حاجة مريض إلى إجراء عملية خطيرة فيشترط حصوله على مبلغ باهظ من المال، ففي هذه الحالة الطبيب لا دخل له بمرض الشخص لكنه استغل تلك الظروف لابتزاز المريض. المستفاد من الراجح لدى الفقه يجعلنا نعتبر إرادة المريض معيبة في هذه الحالة، لأنها مكرهة ومن ثم يجب المطالبة بإبطال العقد. أما المشرع المغربي فموقفه غامض بخصوص مثل هذه الحالات، فالمستفاد من الفصلين 39 و 48 هو أنه لا يعترف إلا بالإكراه الناتج بالوسائل الايجابية، مما يجعل مثل هذا الإكراه الناتج عن محض الصدفة غير معترف به.
بالإضافة إلى ما سبق هناك سؤال يطرح حول مدى اعتبار النفوذ الأدبي نوعا من الإكراه الذي يخول لضحيته المطالبة بالإبطال؟ ومن نماذج ذلك النفوذ الأدبي ما للشخص على زوجته أو ابنه والوصي على القاصر والرئيس على المرؤوس و الأستاذ على تلميذه فلا يكون ذلك وسيلة للإكراه إلا إذا قصد به الوصول إلى غرض غير مشروع. فالزوج ذو شوكة على زوجته فان طلب منها أن تهبه مهرها فوافقت خجلاً أو احتراما فلا يتحقق الإكراه، اللهم إذا أجبرها على ذلك بأن هددها بالضرب فوهبته مهرها فيتحقق الإكراه. المشرع المغربي كان صريحا في عدم الاعتداد بالنفوذ الأدبي إلا إذا انضمت إليه تهديدات جسمية أو أفعال مادية .
الشرط الثاني: أن تبعث هذه الوسائل رهبة في نفس المتعاقد تحمله على التعاقد
فينبغي أن يكون الخطر جسيماً، ومعيار جسامة الخطر معيار شخصي محض يعتد فيه بشخص المكره وظروفه. فيجب حسب المشرع المغربي مراعاة السن والذكورة و الأنوثة وحالة الأشخاص ودرجة تأثرهم ، ولا يشترط أن يكون الخطر حقيقياً بل يكفي أن يكون كذلك من وجهة نظر المكره، فالتهديد بالسحر لشخص بالنسبة لبعض الاشخاص يعتبر خطراً جسيماً ولا يكون كذلك لغيره. ولا يشترط أن يكون الخطر محدقاً، أي وشيك الوقوع، وهنا يتميز المشرع المغربي عن نظيره الفرنسي الذي لا يعتد بالإكراه حين يكون بعيداً بحيث يمكن تلافيه.
المشرع المغربي أحسن صنعا عندما جعل المطالبة بالإبطال ممكنة حتى في الحالة التي يتهدد فيها الخطر شخصا قريبا من المتعاقد، غير أنه لم يحصر درجة القرابة- كما فعل المشرع الفرنسي الذي حصرها في الزوج والأصول والفروع فقط- بل وسعها إلى كل من يرتبط عن قرب مع شخص المتعاقد بعلاقة الدم ، مما يجعل التساؤل ممكنا حول ما إذا كان المشرع قد أقصى من هذه القرابة كلا من الزوج أو الزوجة ؟
ظاهر النص يوحي بذاك الإقصاء لكن نعتقد أن القاضي له سلطة واسعة لتقدير درجة القرابة في كل حالة بخصوصها، لذلك يمكن له أن يعتبر مثل هذا التهديد اللاحق بأحد الزوجين أو حتى الصديق معيبا للإرادة، فالعبرة بالخوف الذي يشعر به المكرَه دون اعتبار للجهة التي من المحتمل أن يلحقها الأذى.
الشرط الثالث: أن يهدف هذا الإكراه إلى تحقيق هدف غير مشروع.
الإكراه الذي يعتد به حسب المشرع المغربي يتمثل في كون المكرِه يهدف من وراء استعماله للوسائل الترهيبية إلى تحقيق غرض غير مشروع دون وجه حق ومن غير أن يسمح به القانون.
تجدر الإشارة إلى أن هناك خلاف حول الحالات التي يتحقق فيها الإكراه من عدمه، لهذا يجب التمييز بين الحالات التالية:
ـ الحالة التي يقع فيها الإكراه بوسائل غير مشروعة لتحقيق غرض غير مشروع كالتهديد بالتشهير بالمكرِه إذا لم يدفع مبلغ معين، فيتحقق الإكراه.
ـ الحالة التي تكون فيها الوسيلة مشروعة والغرض غير مشروع، كأن يهدد أحد الزوجين بأن يرفع عليه دعوى زنا إذا لم يدفع له مبلغ من المال، أو الحالة التي ذكرها المشرع المغربي والتي تخص حالة المدين الذي يهدده دائنه بمقاضاته مستغلا وضعه بهدف الحصول منه على فوائد مفرطة وغير مستحقة ، فهنا يتحقق الإكراه.
ـ الحالة التي تكون فيها الوسيلة مشروعة والغرض مشروع فلا يتحقق الإكراه، كأن يهدد الدائن مدينه بالتنفيذ على أمواله إذا لم يقدم له رهنا على عين معينة.
ـ الحالة التي تكون فيها الوسيلة غير مشروعة والغرض مشروع ، كما لو هددت زوجة زوجها المتقاعس عن الإنفاق عليها باختطاف أبنائه و الهرب به بعيدا عنه إذا لم يبادر بالالتزام بواجبه في النفقة. بخصوص هذه الحالة هناك اختلاف بين الفقه، فهناك جانب من الفقه ينفي توافر الإكراه ما لم يصل التهديد إلى اعتباره جريمة تحت طائلة القانون الجنائي. وهناك من يرى العكس ويعتبر الإكراه متوافرا في مثل هذه الحالة طالما أن الوسيلة غير مشروعة دون اعتبار لمدى ارتقاء الوسيلة غير المشروعة لمستوى الفعل الجرمي أم لا.