في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

خطبة مقترحة عن شهر شعبان وتحويل القبلة - خطبة عَنْ فَضْلِ شَهْرِ شَعْبَانَ وَتَحْوِيل القبله

خطبة عن رفع الأعمال في شعبان تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ

خطب مقترحة لشهر شعبان جاهزة للطبع والنسخ مكتوبة 

الخطبة الأولى من شهر شعبان

خطبة عن تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ

خطبة في آخر شعبان

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء في موقع النورس العربي alnwrsraby.net يسرنا بزيارتكم أن نقدم خطبة مقترحة عن شهر شعبان وتحويل القبلة - خطبة عَنْ فَضْلِ شَهْرِ شَعْبَانَ وَتَحْوِيل القبله

الإجابة هي 

خطبة عَنْ فَضْلِ شَهْرِ شَعْبَانَ وَتَحْوِيل القبله

 

الْخُطْبَة الاولى

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَكْرَم عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بنفحات دَائِمَة وعطاءات مُتَتالِيَة حَتَّى نَسْتَطِيعُ أَنْ نَقُولَ : أَنْ لَيَالِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَيَّامُه لِلْمُؤْمِنِين كُلُّهَا عطاءات وَنَفَحَات ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• 

 وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يُعزُّ أَحْبَابِه فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ لقاه ، فيستجيب لَهُم الدُّعَاء وَيُحَقِّق الرَّجَاء ، وَلا يَطْلُبُونَ شيئاً مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا وسارع لَهُم بِهَذَا الْعَطَاء ، وسارع لَهُم بِهَذَا الْفَضْلِ وَالْجَزَاء . 

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• 

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا محمداً عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، عظَّمه اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ تعظيماً ، وَأَعْلَى مَقَامَه بَيْن النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فَهُو أَعْلَاهُم شرفاً وتكريماً ، اللَّهُمّ صلِّ وسلِّم وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْمَحْبُوب الَّذِي قَالَ عَنْ نَفْسِهِ لِصُحْبَة : 

{ وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ } [1] 

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَكُلُّ مَنْ اتَّبَعَ هَدَاه ، وَسَارَ عَلَى شَرْعِهِ وَمِلَّتُه إلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَلَيْنَا مَعَهُم أَجْمَعِينَ آمِينَ آمِينَ يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ ،

 

 يَقُولُ لَنَا سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

{ إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا ، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا } [2] 

نَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ أَجْمَعِين ، هَذِه النَّفَحَات تَتْرَى مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي الْمُبَارَكَات ، وَمِنْ أَعْظَمِ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَعْبَان ، فَفِيه فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ الْهِجْرَةِ فُرض الصِّيَامِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لِرَفْع مَقَامِنَا وَإِعْلَاء شَأْنِنَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ . 

وَفِيهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ الْهِجْرَةِ أيضاً فُرضت الزَّكَاة طُهرةً لِلْمُسْلِمِين وطُعمة لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وحلاًّ لِلْمَشَاكِل الاجْتِمَاعِيَّة الْمُتَنَاثِرَة فِي مُجْتَمَعَات الْمُؤْمِنِين .وَفِيه فُرضت الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَهُو الشَّهْرِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ لَنَا قَوْلٌ اللَّهِ : 

"إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (56الأحزاب) . 

أَمَّا بَعْدُ . 

مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ عِنْدَ رَبِّهِ 

إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ فُرضت فِي لَيْلَةٍ الْإِسْرَاءِ وَالمِعْراجُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِعَام ، وَأَمْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وتعالى‏ حَبِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَّجَه وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ تُجَاه بَيْتِ الْمَقْدِسِ تأليفاً لأَهْلِ الْكِتَابِ…

 فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَكَانَ ذَلِكَ متاحاً فِي مَكَّةَ ـ يُصَلِّي تُجَاه الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَخَلْفَه بَيْتِ الْمَقْدِسِ . 

فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَّجِهَ إِلى الِاثْنَيْن معاً ، لِأَنَّ مَكَّةَ فِي جِهَةِ ، وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي جِهَةِ أُخْرَى ، وَهُنَاك تقَوَّل الْيَهُود وَقَالَ اللَّهُ فِيهِمْ : { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ } (142البقرة) الَّذِين عِنْدَهُم طيشٌ وخفةٌ فِي الْعَقْلِ ، فَقَالُوا : أَنَّه اِتَّجَهَ إِلَى قِبْلَتِنَا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ دِينِنَا هُوَ الْحَقُّ… 

 فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاتِّجَاه إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَأَرَاد بِقَلْبِهِ أَنَّ يَتَّجِهَ إِلى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ قِبْلَةَ أَبِيهِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ . 

لَكِنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَفْعَلُ شيئاً مِنْ نَفْسِهِ ، لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ شيئاً إلَّا بإذنٍ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } (64مريم) وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَصْفِه مَوْلَاه : أَعْظَم الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَالنَّبِيِّين وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْخَلْق أَجْمَعِين حياءاً وأدباً مَعَ اللَّهِ : "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (4القلم) .

 فَاسْتَحَى أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ فِي ذَلِكَ . 

وَنَزَلَ عَلَيْهِ الْأَمِين جِبْرِيل يوماً فأْتنس بِه وسامره وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَدِدْت لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ صرفني عَنْ قُبْلَةٍ الْيَهُودِ ، فَقَال الْأَمِين جِبْرِيل : إنَّمَا أَنَا عبدٌ مِثْلُك لَا أَمْلِكُ شيئاً ، وَلَكِنْ سَلْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يحوِّلك عَنْ قُبْلَةٍ الْيَهُودِ إلَى قِبْلَةِ أَبِيك إِبْرَاهِيم ، لَكِنَّ النَّبِيَّ عَلَّمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ بِلَا طَلَبٍ . 

أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُله الْكِرَام يَسْأَلُون اللَّه فيُعطيهم ، سَيِّدُنَا مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ فَقَالَ : "رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي" (25طه) . لَكِن نَبِيِّنَا يَقُولُ لَهُ رَبُّهُ بِدُونِ سُؤَالِ : "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" (1الشرح) . 

وَمُوسَى يَقُول لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ : "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" (84طه) . 

لَكِن نَبِيِّنَا يَقُولُ لَهُ رَبُّهُ بِدُونِ سُؤَالِ : "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (5الضحى) . 

تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ 

فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مدعُواً إلَى مَائِدَةٍ غَدَاء فِي قَبِيلَةٍ بَنِي سَلمَةَ مِنْ الْأَنْصَارِوَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَرِيمٍ سَجَايَاه إذَا دَعَاهُ قومٌ إلَى غَدَاءٍ أَوْ عِشَاءً لَا يُتْرَكُ مَحِلَّتِهِم إلَّا بَعْدَ أَنْ يُصلي فِيهَا فَرِيضَةً لِلَّهِ مَعَهُم إكراماً لَهُم ، وَيَأْمُر أَحَدُ أَصْحَابِهِ أَنْ يُصلي بِالنِّيَابَة عَنْهُ فِي مَسْجِدِ الله

 وللمسجدالنَّبَوِيّ ، خصالٌ علَّمها لَهُ رَبُّ الْبَرِيَّةِ عَزَّ وَجَلَّ . 

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• 

فَكَانَ يُصَلِّي عِنْدَهُم وَمَعَهُم الظُّهْرِ وَفِي روايةٍ الْعَصْر ، وَبَعْدَ أَنْ صلَّى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ تُجَاه بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَزَل وَحْيٌ السَّمَاء عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ : 

"قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ" (144البقرة) . 

وَالْحَظّ مَعِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : لَمْ يَقُلْ (فلنولينك قَبْلَه نرضاها) وَذَاكَ حَقٌّ لِأَنَّ اللَّهَ يَرْضَاهَا ، لَكِنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُ : لِإِبْرَاز مَكَانَتِه وَإِعْزَاز قَدَّرَه وَشَرَفِه ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : 

{ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَرَى رَبَّكَ إِلا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ } [3] 

اللَّه يُسَارِع فِي تَنْفِيذِ كُلُّ مَا تَهْوَى وَكُلُّ مَا تُرِيدُ ، وَلَيْسَ لَهُ هَوًى وَلَا إرَادَةَ إلَّا فِي ذَاتِ اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ .

وَبِمُجَرَّد نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومَن خَلْفَه إلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ ، فحوَّل وَجِهَتُه مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ، ومَن خَلْفَهُ مِنْ الصُّفُوفِ تَحَوّلُوا جميعاً إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ . 

سِمْوٌ الْمُؤْمِنِينَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ 

وَحَتَّى نُدْرِك مَدَى حُبّ الْمُسْلِمِين الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِلسَّمْع وَالطَّاعَةُ لِلَّهِ ، لَمْ يَسْمَعْ بِأَمْر تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، فَقَالَ : "أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ"[4] . 

تَحَرَّكُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ، لَمْ يَنْتَظِرُوا حَتَّى يَنْتَهُوا مِنْ الصَّلَاةِ ، وَلَم يناقشوا وَلَم يجادلوا وَلَكِن كَمَا قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ : "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (285البقرة) . 

حكْمُة التَّوَجُّهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ 

وَهُنَا يَبْدُو سؤالاً : لِمَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوَدُّ أَنْ يَتَّجِهَ إِلى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ؟ أولاً : لِأَنَّهُ يَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ بِمَا علَّمه اللَّهُ أَنْ هَذِهِ قِبْلَةً أَبِي الْمُسْلِمِين سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ جميعاً الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . 

ثانياً : لِأَنَّهُ كَرِهَ مُوَافَقَة الْيَهُود وَهُمْ أَهْلُ لددٍ وعنادٍ وَبُهْتَانٌ وَكَذَّب كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ . 

ثالثاً : كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْعَرَبَ وَأَهْلُ مَكَّةَ بِالذَّات يُحِبُّون بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ويعتبرونه رمزاً لَهُم ، وَفِي ذَلِكَ تأليفاً لِقُلُوبِهِم ودعوةً لَهُمْ إلَى دِينِ اللَّهِ وَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . 

الْكَعْبَة وَالْعِلْم الْحَدِيث 

أَمَّا مَا أَثْبَتَهُ الْعِلْمِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ فَذَاكَ الْعَجَبَ الْعُجَابَ ، فَقَد عَكَف مَجْمُوعِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَجِلَّاءِ فِي الرِّيَاضِ فِي السَّعُودِيَّة عَلَى دِراسَةِ الْكَعْبَةِ وَلَمْ كَانَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ؟ واستخدموا لِذَلِك الْأَسَالِيب الْعِلْمِيَّة والتكنولوجية الحَدِيثَة ، وَفِي عَامِ 1978م خَرَجُوا بِهَذِه القَراَرَات : 

الْكَعْبَة تَتَوَسَّط الْأَرْضِ فَهِيَ مَرْكَز الْأَرْض ، وفي دِرَاسَة فِي عَامٍ 2002 ميلادية أَنَّ الْكَعْبَةَ مَرْكَز الإِشْعاع الوَحِيدَ فِي الْكَوْنِ كُلُّه ، تَأْتِي إلَيْهَا جَمِيع الإشعاعات ، وَتَصَدَّر مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعُ الإشعاعات . 

وَلِذَلِك رَأَى روَّاد الْفَضَاءِ أَنْ الْأَرْضَ كُلُّهَا كرةٌ مُظْلِمَة لَيْسَ فِيهَا إلَّا مكانٌ واحدٌ مُشعٌ ، يَخْرُج شعاعٌ وضوءٌ وَهُوَ بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامِ . 

هَذِه الإشعاعات هِيَ الَّتِي تَجْذِبُ بَنِي الْإِنْسَانِ إلَى هَذِهِ الْبِنْيَةِ وتجعلهم يَتَعَلَّقُونَ بِهَا ويودُّون زِيَارَتُهَا وَالطَّوَاف حَوْلَهَا ، وَإِذَا طَافُوا حَوْلَهَا امْتَلَأَت قُلُوبِهِم وَأجْسَامِهِم مِن إشعاعاتها فَتَغَيَّر حَالِهِم وَتَبَدُّل شَأْنُهُم عَنْ طَرِيقِ هَذِهِ الإشعاعات الْإِلَهِيَّة النورانية والروحانية الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ الَّتِي يُشعِّها عَلَيْهِم رَبَّ الْبَرِيَّةِ مِنْ هَذَا الْمَوْقِع . 

هذا.. و تُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ… 

تابع قراءة الخطبة الثانية مع الدعاء في الأسفل 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ في شعبان

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَه

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

 يوالينا دوماً بنعمائه ، وَيَتَفَضَّل عَلَيْنَا أَنْ دَعَوْنَا بِإِجَابَة دُعَائِه وَإِن شَكَرْنَا بِعَظِيم نِعْمَة وَوَافِر جُزْأَيْه .

وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يُحِبّ عُبَادَة التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ نَكُونَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا محمداً عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ سنَّ سُنن الْهُدَى وَعَلِمْنَا مَا بِهِ مَا يُحِبُّنَا اللَّه وَأَرْشَدَنَا إلَى مابه نَكُونُ فِي حياةٍ طيبةٍ فِي الدُّنْيَا ، وَمَا بِهِ نَكُونُ فِي سَعَادَة وسرورٍ وهناءة يَوْم لِقَاءَ اللَّهِ .

اللَّهُمّ صلِّ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِين ، وَصَحَابَتِه المباركين وَكُلُّ مَنْ اهْتَدَى بِهَدِيَّة إلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَلَيْنَا مَعَهُم أَجْمَعِينَ آمِينَ يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ . •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أَيُّهَا الْأَحِبَّة جَمَاعَةٌ الْمُؤْمِنِين :

مِنْ خَيْرٍ اللَّيَالِي الَّتِي يَنْبَغِي عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُوَفِّق تَرَقَّبَهَا وإحيائها بِطَاعَةِ اللَّهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

{ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، فَقُومُوا لَيْلَهَا ، وَصُومُوا يَوْمَهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُ : أَلا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ ، أَلا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ ، أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ } [6]

وَتَنْزِل اللَّه - حَاشَا لِلَّهِ - لَيْس تنزلاً حسياً أَو مكانياً ، لَكِنَّه يَتَنَزَّل بِعَطَائِه وبفضله وَإِكْرَامِه وَإِنْعَامِه وَأَجَابَه لِلدُّعَاء ، يَتَنَزَّل فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كُلِّهَا بِكُلّ أَنْوَاع الْإِكْرَام مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ . •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 

لذا كان سلفنا الصالح يحبون هذه االليله وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُكثر فِيهَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ التَّوْبَة ، وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِكُلِّ الْمُؤْمِنِينَ التَّائِبِين لحضرته فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ

وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُكثر فِيهَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ التَّوْبَة ، وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِكُلِّ الْمُؤْمِنِينَ التَّائِبِين لحضرته فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَة .

فَعَلَى كُلِّ مؤمنٍ كَرِيمٌ يُوَفِّقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا أَنَّ يُحيي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِأَعْمالِ الخَيْرِ الْمُقَرِّبَة لِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَعَلَيْه قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ يُطِّهر قَلْبِهِ مِنْ الْأَضْغَان وَالْأَحْقَاد والأحساد وَالْبَغْضَاء لِجَمِيع خَلَقَ اللَّهُ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رِوَايَةِ مَنْ رِوَايَاتٍ هَذِهِ اللَّيْلَةِ :

{ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ اطَّلَعَ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ لِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ } [11] •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فَنَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِطَاعَتِه ، وَإِن يُعيننا عَلَى ذَكَرِهِ وَشُكْرُه وَحُسْن عِبَادَتِه ، اللَّهُمَّ يَا مُوَفَّق الطائعين لِنُعَيْم مُنَاجَاتِك وَفَّقَنَا للذيد مُنَاجَاتِك فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• .

اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لَنَا كُلَّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْنَا دائماً وأبداً أهلاً لِفِعْلِ الْخَيْرَات ، وَاِحْفَظْنَا بِحِفْظِك مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَات ، وَاجْعَلْنَا دئماً وأبداً مَلْحُوظِين بِعَيْن عنايتك ، مرعيِّين برعايتك مِمَّن تَسْتَجِيب لَهُم الدُّعَاء وَتَحَقَّق لَهُم الرَّجَاء .

اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ولا حدٍ مِنَّا ذنباً إلَّا غَفَرْته ، وَلَا هماً إلَّا فَرَّجْته ، وَلَا كرباً إلَّا كَشَفَتْه ، وَلَا ديناً إلَّا سدّدته ، وَلَا تَدَعُ لَنَا حَاجَةٌ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا وَقَضِيَّتُهَا وَيَسْرَتَهَا بِفَضْلِك وَجُودك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••  

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِلْمُسْلِمِين وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ إِنَّك سميعٌ قريبٌ مُجِيبٌ الدَّعَوَات يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

عِبَادِ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ :

"إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (90النحل) .

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
بواسطة
دعاء الخطبة الثانية
اللهمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وعلَى آلهِ وصحْبِهِ أَجْمَعِينَ اللهمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَراتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَتَرْحَمَنَا، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ....

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدَيْنَا واجْزِهِمْ عَنَّا خَيْرًا، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا فَبَارِكْ فِي عُمُرِهِ وَعَمَلِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا فَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ....اللَّهُمَّ لُطْفَكَ ورَحْمَتَكَ بِعِبَادِكَ المسْتضعَفِينَ في كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ سَكِّنْ لَوْعَتَهُمْ وامْسَحْ عَبْرَتَهُمْ وَوَفِّرْ أَمْنَهُمْ وابْسُطْ رِزْقَهُمْ ووَحِّدْ صَفَّهُمْ واجْعَلْ مَا قَضَيتَ عَلَيْهِمْ زِيَادَةً في الإِيمَانِ واليَقِينِ وَلا تَجْعَلْهُ فِتْنَةً لَهُمْ عَنِ الدِّينِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُو عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيانَا الَّتي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتي إِلَيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَياةَ زِيَادَةً لَنَا في كُلِّ خَيرٍ، وَالْمَوتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ... اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ... اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا، وَارْحَمْ مَوتَانَا.

اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِهُداكَ، واجْعَلْ عملَه في رِضاكَ. اللهُمَّ اجعلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخاءً رَخاءً وسائِرَ بلادِ المسلمينَ ...﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
0 تصويتات
بواسطة
خطبة عن فضل صيام شعبان ..

خطبه الجمعه

الخطبة الأولى

نحمد الله تبارك وتعالى على أن مد في أعمارنا وأنعم علينا حتى أظلنا شهر شعبان ، ذلك الشهر الكريم الذي أحاطه الله عز وجل بشهرين عظيمين هما : شهر رجب الحرام ، وشهر رمضان المبارك ، وقد قيل أن شعبان سمي بهذا الاسم لأنهم كانوا يتشعبون في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام أو لتشعبهم في طلب الماء ، والأول أولى وأرجح .

وشهر شعبان من الأشهر القليلة التي يهتم بها المسلمون الآن ، أما سلفنا الصالح فكانوا يهتمون به .. بصومه وقراءة القرآن وغير ذلك من أعمال رمضان ، اقتداءً برسول الله صل الله عليه وسلم ، و باعتباره مدخلا لشهر رمضان ، ثم درج الخلف على الاهتمام فيه ببدع ما أنزل الله بها من سلطان ، خاصة في ليلة النصف من شعبان ، فينبغي للمسلم ـ شكرا لنعمة الله عليه ــ اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة ، بالأعمال الصالحة ، وأن يضع في ميزان أعماله اليوم ، ما يسره أن يراه فيه غدا ، "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً..."( [1] ) مخلصا لله تبارك وتعالى ، متأسيا فيها برسول الله صلي الله عليه وسلم

فما هو هديه صل الله عليه وسلم فى هذا الشهر ؟

هديه صل الله عليه وسلم فى صيام شعبان :

عَنْ َ أُمُّنَا عائشة رضي الله عنها قالت : " مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صل الله عليه وسلم فِي شَـهْرٍ أَكْثَرَ صـِيَامًا مِنْهُ فِي شـَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا بَلْ كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ" ( [2] )والمعنى أنه صل الله عليه وسلم كان يكثر من الصوم تطوعا فى شعبان وغيِِرِه , وكان صيامه في شعبان أكثر من أى شـهر فى العام خلاف رمضان طبعا ، بل إنه فى بعض السنوات كان يصوم شعبان كله ، فقد أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه فى مسنده عن أم سلمة رضي الله عنهاعن النبي صلي الله عليه وسلم : " أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا يُعْلَمُ إِلا شَعْبَانَ يَصِلُ بِهِ رَمَضَان "( [3] )

وأخرج أيضا الإمام مسلم عن أبى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فِي الشَّهْرِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ "( [4] )

وحديث أبي سلمة هذا يبين أن المراد في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه صل الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما ــ غير رمضان ــ إلا شعبان ، كان يصومه كلَّه يصله برمضان فى بعض السنوات ، وفى بعضها الآخر يصومه إلا قليلا ( [5] )؛ وذلك رحمة بأمته ، حتى لا يظنوا أن صيام شعبان فرض عليهم ، ولذلك ختم صلي الله عليه وسلم الحديث بقوله : " خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلّ".

ففي الحديث إشارة إلى أن صيامه صل الله عليه وسلم لا ينبغي أن يتأسى به فيه إلا من أطاق ما كان يُطيق , وأن من أجهد نفسه في شيء من العبادة خُشي عليه أن يمل فيفضي إلى تركه , والمداومة على العبادة وإن قلت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت , فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع " فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا "

والإملال هو استثقال النفس من الشيء ونفورها عنه بعد محبته ، وقيل إن معناه أن الله لا يمل أبدا وإن مللتم .. ولو مللتم ، وقيل معناه أن الله لا يمل من الثواب ما لم تملوا من العمل ، أي لا يقطع الإقبال عليكم بالإحسان " حَتَّى تَمَلُّوا "في عبادته.

فـ " خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا ..."والمعنى والله أعلم : اعملوا حسب وسعكم وطاقتكم , فإن الله تعالى لا يعرض عنكم إعراض الملول ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط ، فإذا فترتم فاقعدوا ؛ فإنكم إذا مللتم من العبادة وأتيتم بها على فتور كانت معاملة الله معكم حينئذ معاملة الملول. ( [6] )

وقيل المراد بقولها : " كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ " أنه كان يصوم من أوله تارة ، ومن آخره تارة أخرى ، ومن أثنائه طورا ، فلا يخلى شيئا منه من صيام ، ولا يخص بعضه بصيام دون بعض , وأصحاب هذا الرأى يؤيدونه برواية عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها عند مسلم ولفظه : " وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلا أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ "( [7] )

الحكمة في إكثاره صل الله عليه وسلم من صوم شعبان :

اختلف في الحكمة في إكثاره صل الله عليه وسلم من صوم شعبان وقد ورد على لسان أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه قال : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ"( [8] )

ففى هذا الحديث بَيّنَ رسول الله صل الله عليه وسلم الحكمة من إكثاره من الصيام فى شعبان فذكر لذلك أمرين :

1 - الأمر الأول : أن شعبان شهر يغفل الناس عن فضله ؛ لأنه يقع بين رجب وهو شهر حرام يعرفه كل الناس ، وبين رمضان وفضله يعرفه الخاص والعام ، ومن هنا جاءت غفلة الناس عن فضل شعبان ، فيقَصِّرُون فى العبادة فيه ، رغم أنه عند الله عظيم ، فالرسول صلي الله عليه وسلم يصومه ليعبد الله فى زمن يغفل الناس عن العبادة فيه .

ومعلوم أن العبادة في وقت غفلة الناس يحبها الله تعالى ويثيب عليها أكثر من غيرها ؛ ولهذا كان ذكر الله تعالى في الأسواق وقت اللغط والبيع والشراء له اجر عظيم ، وكانت الصلاة في جوف الليل حين ينام الناس أفضل ألصلوات بعد الفرائض ، وكذلك كان الصبر في الجهاد حين انهزام الأصحاب له أجر عظيم ، ومنه الصدقة مع قلة الزاد، ومن هذا الباب كذلك أن للمتمسك بدينه في زمان الصبر أجر خمسين من الصحابة ومثل هذا كثير.

2 - الأمر الثانى : أن شهر شعبان ترفع فيه أعمال العباد ـ طول السنة - إلى الله فأحب أن ترفع إليه أعمالى وأنا صائم ،. قيل ما معنى هذا مع أنه ثبت في الصحيحين أن الله عز وجل يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل ، قال السندى فى شرحه لسـنن النسائى: يحتمل أمران :

أحدهما : أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل يوم ، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة في كل اثنين وخميس ، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان ، فتعرض عرضا بعد عرض ، ولكل عرض حكمة يُطْلع الله سبحانه وتعالي عليها من يشاء من خلقه ، أو يستأثر بها عنده ، مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية .

ثانيهما : أن المراد أنها تعرض في اليوم تفصيلا ثم في الجمعة جملة أو بالعكس .

فكان النبى صلي الله عليه وسلم يكـثر من الصيام فيه ، لتكون أعماله حين ترفع محلا للعفو والمغفرة ، فالصـوم لا مثل له وهو جُـنَّة "وقاية " من عذاب الله ، وقد أجزل الله ثواب الصائمين ، وجعل لهم فرحة عند لقائه عز وجل.

3 - وأورد أهل العلم فائدة ثالثة : في الصيام في شعبان وهي توطين النفس وتهيئتها للصيام ؛ لتكون مستعدة لصيام رمضان ، سهلا عليها أداؤه . فهو كالتمرين على الصيام ( التسـخين قبل المباريات الرياضية )حتى لا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة.

4 - وفائدة أخرى رابعة : في الصيام في شعبان وهي أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض , وليس فى رمضان مجال لصوم التطوع ، فكان يكثر من الصوم في شعبان تعويضا عما يفوته من التطوع في أيام رمضان .

5 - وقيل الحكمة : هى أن صوم شعبان بالنسـبة لرمضان مثل السنن الرواتب بالنسبة للصلوات المكتوبة ، ويكون كأنه تقدمة لشهر رمضان ، أي كأنه سُـنَّة قبلية لشهر رمضان ، ولذلك سن الصيام فى شهر شعبان ، وسن الصيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال كالراتبة قبل المكتوبة وبعدها.

صوم سَِـرر شعبان :

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صل الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ : " هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا ؟؟ "يَعْنِي شَعْبَانَ قَالَ : لا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :" فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ "( [9] )وجمهور العلماء من أهل اللغة والحديث والغريب : المراد بالسرر آخر الشهر , سميت بذلك لاستسرار( اختفاء ) القمر فيها ( [10] )

وأيا ما كان الخلاف فالحديث يدل على حرص الرسول صل الله عليه وسلم على أن يكون للمسلم صيام فى شهر شعبان ، لدرجة أنه أمر الرجل الذى لم يصم من سـرر شعبان ، أن يصوم يومين بعد الانتهاء من صوم رمضان ، بدلا من سرر شعبان التى لم يصمها.

فينبغي للمسلم أن يبادر باغتنام الأيام الفاضلة ، وخاصة في هذا الزمان الذي نعيشه ــ زمان الفتن والعياذ بالله ــ حيث انقلبت الموازين ، وتبدلت المعايير ،وغير ذلك كثير مما لا يخفى على أحد، إنه زمان الفتن التي حذرنا منها النبى صلي الله عليه وسلم حين قَالَ : " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا"( [11] )

فمن جماع ما سبق دليل على فضل الصوم في شعبان ؛ ولهذا كان يكثرصل الله عليه وسلم من الصيام فيه ، ولاشك أن الغرض من ذلك أن تقتدى به أمته صل الله عليه وسلم وها نحن قد جاءتنا الفرصة الكبيرة والمنحة الجليلة ، وأنعم الله علينا بمجيء شهر شعبان الذي اهتم به سلفنا الصالح اهتماما عظيما ؛ إذ هو كالمقدمة لشهر رمضان المبارك ؛ولذلك كانوا يقضونه كله في أعمال رمضان كالصيام وقراءة القرآن وغيرها من العبادات ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين

اسئلة متعلقة

...