النظام الاجتماعي في البحرين قديماً من خلال النقوش الحسائية
كيف كان النظام الاجتماعي في البحرين قديماً من خلال النقوش الحسائية
مرحباً بكم أعزائي الزوار في صفحة موقعنا النورس alnwrsraby.net العربي نرحب بكل زوارنا الكرام الناشطين في البحث عن الحلول والاجابات والمعلومات الصحيحة في شتى المجالات التعليمية والثقافية يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم الأن النظام الاجتماعي في البحرين قديماً من خلال النقوش الحسائية
غالبية النقوش الحسائية التي عثر عليها عبارة عن شواهد قبور، وبعض النقوش كانت قد نقشت على عملات نقدية (قزدر وآخرون 1984) وهذا يؤكد ما ذكرناه سابقاً أن هذه الجماعات العربية التي سكنت المنطقة كونت كياناً سياسياً تولى السلطة في فترة معينة من الزمن، ويؤكد ما رجحه الباحثون أن مملكة هجر التي سبق الحديث عنها والتي قلدت نقود الإسكندر قامت في شرق الجزيرة العربية، وأن كيان هذه المملكة كان جماعات من عرب الشمال. ومن خلال تحليل الأسماء التي وردت في النقوش الحسائية التي تمثل شواهد قبور يستدل على وجود نظام قبلي داخل الثقافة المدنية وهي ظاهرة عرفت في الثقافة السبأية في جنوب الجزيرة العربية وكذلك في المدن والقرى العربية في الحجاز وغيرها وذلك في حقبة قبل الإسلام وبعده (قزدر وآخرون 1984). ومن هنا يتضح زيف تقسيم البعض مجتمع جزيرة العرب ما قبل الإسلام لمجتمع قبلي مبني على النسب ومجتمع مدني، حيث تستطيع جماعة مستقرة مسيطرة على السوق أن تتحكم بالقبائل ويحتمل أن تستقر قبيلة مسلحة مئات السنين في المدن والقرى دون أن تفقد تنظيمها القبلي الأساسي وتزودنا النقوش الحسائية بحالة وثيقة الصلة بالموضوع تتعلق بمجتمع قبلي يحيا في شروط حضرية وأحياناً مدينية كما في ثاج والتي تتشابه إلى حد ما مع مدينة تدمر (بوتس 2003: ج 2، ص 770 - 771).
تحديد القبائل في النقوش الحسائية
هناك العديد من الأدلة التي تثبت أن شرق الجزيرة مجتمع حضري، أما الدليل على وجود تنظيم قبلي ضمن هذا المجتمع الحضري فقد وصل لنا عبر النقوش الحسائية، حيث إن صيغة النقوش التي كتبت على شواهد القبور تذكر أسماء الأشخاص المتوفين، فتبدأ صيغة النقش بصيغة استهلالية عادة ما تكون «وجر/ وقبر» ويؤتي بعدها مباشرة اسم الشخص المتوفى (بوتس 2003: ج 2، ص 758)، وعادة ما يكون اسم الشخص ثلاثياً ويكون الاسم الأخير في الغالب اسم القبيلة، فيكتب الاسم في حالة كون المتوفى ذكراً على سبيل المثال (قزرد وآخرون 1984):
(فلان) بن (فلان) ذءل (اسم القبيلة)
وفي حالة المؤنث:
(فلانة) بنت (فلان) ذتءل (اسم القبيلة)
ويلاحظ هنا أن الاسم الوحيد المستعمل في النصوص الحسائية للتعبير عن وحدة اجتماعية سواء كانت قبيلة أو عشيرة أي فرع من قبيلة هو ءل أي (آل) بمعنى «أسرة» والذي يسبقه دوماً اسم الإشارة ذ (للمذكر) و ذت (للمؤنث) فتصبح ترجمة الكلمة (من عائلة) أو (من قبيلة) أو (من أسرة) وهذه الأداة استخدمت في النقوش الصفوية والثمودية للدلالة على القبيلة ولكن انفردت الحسائية بالأداة ذت للمؤنث (قزدر وآخرون 1984 وبوتس 2003: ج 2، ص 764). وأحياناً تكون هناك فروع للقبيلة أو العشيرة وفي هذه الحالة يذكر اسم المتوفى والعشيرة والقبيلة معاً بهذه الصورة (قزرد وآخرون 1984):
(فلان) ذءل (اسم العشيرة) ذءل (اسم القبيلة)
وفي حال ذكر ءل بعد الاسم مباشرة فإنها تلفظ إيل بمعنى إله.
أسماء القبائل من خلال النقوش الحسائية
من خلال النقوش الحسائية تمكن الباحثون من التعرف على مجموعة من القبائل التي سكنت شرق الجزيرة العربية في فترة تلك النقوش. ولا نعلم بالتحديد مدى انتشار هذه القبائل في شرق الجزيرة العربية وإذا ما كانت قد وصلت لجزر البحرين أم لا، ولكن من خلال ما عثر عليه من آثار وخاصة العملات والفخار العربي والذي يؤكد وجود قواسم مشتركة بين جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية.
وفي ما يخص أسماء القبائل التي ذكرت في النقوش الحسائية فيعرف حالياً قبيلتان كبيرتان يتفرع منهما مجموعة من العشائر وهما قبيلة خذن وقبيلة شوذب. وقد ذكر قزدر وزملاؤه تفاصيل التوزيع الجغرافي للقبائل والعشائر التي تم التعرف عليها ويمكن إيجازها هنا:
1 - قبيلة خذن
وقد عثر عليها في النقوش الحسائية التي عثر عليها في ثاج. وتتفرع منها أربع عشائر هي: طبت (ثاج)، جبسي (ثاج)، لي (ثاج)، صبحن.
2 – قبيلة شوذب
وقد عثر عليها في النقوش الحسائية التي عثر عليها في القطيف وثاج. وتتفرع منها ثلاث عشائر هي: عور (رأس تنورة، عين جوان)، يدعب (ثاج، القطيف)، شمت (القطيف).
3 - قبائل أخرى
من القبائل الأخرى التي عرفت وهي قليلة التكرار في النقوش الحسائية هي: ينخ ءل (ينخ إيل) (ثاج)، سعد ءل (سعد إيل)(القطيف)، ءب سعد ءب (رأس تنورة)، كرو (ثاج).
مصير القبائل البائدة
يرى مكدونالد في بحثه السابق الذكر أن اللهجات العربية الشمالية التي عرفت بالبائدة هي مجموعة مستقلة من اللهجات العربية عن اللغة العربية الفصحى واللهجات العامية المعاصرة (Macdonald 2008)، فإذا كان الحال كذلك أين اختفت هذه اللهجات والقبائل التي تتحدث بها؟ هل ممكن للهجة أن تختفي فجأة؟ أم أنها تتطور وتذوب في لهجات أخرى؟ إن حياة الحضر التي عاشتها تلك القبائل واندماجهم مع شعوب وقبائل مختلفة أدى في نهاية الأمر لنشوء لهجة عربية جديدة قريبة الشبه بالفصحى لكن بها تأثيرات للهجات القديمة، على سبيل المثال اللهجة البحرانية بفرعيها في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية وأقصد بها اللهجة القطيفية، كلا اللهجتين تشترك في سمات أساسية مميزة لها ويرجح الباحثون أن تلك الميزات نشأت بسبب التأثر باللغة الآرامية (راجع جزء بناء النموذج). ويرى جواد علي أن العرب البائدة كان لهم أكثر من مصير محتمل فيقول: «هذا ويلاحظ أن هلاك العرب البائدة كان بسبب كوارث طبيعية نزلت بهم مثل انحباس المطر جملة سنين مما يؤدي إلى هلاك الحيوان وجوع الإنسان، واضطراره إلى ترك المكان والارتحال عنه إلى موضع آخر، قد يجد فيه زرعاً وماءً وقوماً يسمحون له بالنزول معهم كرهاً لقوته ولتغلبه عليهم، أو صلحاً بأن يسمح الأقدمون له بالنزول في جوارهم لاتساع الأرض وللفائدة المرجوة للطرفين. وقد يتفرق ويتشتت بين القبائل، فيندمج فيها بمرور الزمن ويلتحق بها في النسب والعصبية، فيكون نسبه النسب الجديد. وبذلك ينطمر ذكر القبيلة القديم والأصل الذي كان منه. وقد لا يبقى منه غير الذكريات، كالذي رأيناه من أمر القبائل البائدة