النظام الاجتماعي السياسي والحياة الاقتصادية في الدولة السعودية الثانية
نسعد بزيارتكم متابعينا في موقعنا النورس العربي نرحب بكل زوارنا الأعزاء الباحثين عن المعلومات الثقافية والأحداث التاريخية للدول العربية الإسلامية ويسعدنا أن نقد لكم معلومات وحلول تبحثون عنها في مجال التاريخ الإسلامي ونسعد أن نقدم لكم الكثيرمن المعلومات العامة في شتى المجالات ولكم الأن المعلومات والحلول الذي تبحثون عنها كالتالي....
النظام الاجتماعي السياسي والحياة الاقتصادية في الدولة السعودية الثانية
كان أمير الرياض ، مثلما في الدولة السعودية الأولى ، إماما للمسلمين ، أي أنه قائد عام وحاكم أعلى وكذلك رئيس السلطة التنفيذية . وكان يبت شخصيا في أهم مسائل السياسة الداخلية والخارجية والقضايا المالية والحربية ويتخذ القرارات بشأن الغزوات أو الصلح ويشرف بنفسه على تنفيذها ويراقب استقبال وإرسال الممثلين المتعلقة بالحلفاء والأتباع والجيران والقبائل البدوية .
ولم يكن بلاطه كبيرا ، كما لم يكن مثقلا بالرسميات وبالجهاز البيروقراطي . وفي أهم المسائل كان الأمير يتشاور مع أقرب أقربائه الذين يعتبر ولاءهم له أسمى من المصالح المحلية . ولعبت عائلة آل الشيخ كذلك دورا هاما مع أن، أحدا منها لم يبلغ منزلة الشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه .
وكان توزيع المناصب المربحة والرفيعة قد ساعد على تلبية المطالب المتعارضة لأفراد العائلة . وأعلن فيصل أن عبد الله وريثه وأشركه في الشئون الحربية وفي حكم الرياض والمناطق الوسطى . ومنح فيصل إبنه الثاني سعود المنافس لعبد الله استقلالا كبيرا في حكم المناطق الجنوبية . وسلمت إلى محمد ، الإبن الثالث ، المناطق الواقعة شمالي العاصمة . ومال محمد إلى عبد الله في خلافه مع سعود ، وكان الإبن الأصغر عبد الرحمن الذي كان سيغدو فيما بعد أب مؤسس الدولة السعودية الجديدة قد ولد في عام 1850 وكان آنذاك صغير السن لا يصلح لوظيفة مستقلة . إلا أن تقسيم الإمارة بين أبناء فيصل ساعدهم على كسب أنصار في مناطقهم ، الأمر الذي هيأ أساسا للنزاعات المرتقبة التي أدت إلى تمزيق الدولة السعودية الثانية .
وتدهورت صحة فيصل في السنوات الأخيرة من حياته . فعندما كان في مصر أصيب بالرمد ، وربما بالتراخوما ، وغدا أعمى كليا عندما قام العقيد بيلي ممثل الإدارة الإنكلوهندية بزيارته الثانية إلى الرياض . وكان فيصل آنذاك في حوالي السبعين من العمر فلم يتمكن من تصريف شئون دولته بنشاط فسلم زمام الأمور إلى عبد الله . وكتب رسالة. ويندر يقول (إن عائلة السعوديين أفرزت في اللحظات الحاسمة أقوى الأشخاص الذين يتمتعون بالفطنة وقوة الطباع والذين تمكنوا من السيطرة على مختلف العناصر الإنفصالية في مملكتهم الشاسعة واستطاعوا أن يؤمنوا العدالة الصارمة) . وكان من هؤلاء الرجال الأشداء فيصل بن تركي . ورغم موقف الإنجليز المعادي لإمارة السعوديين اعترف المقيم بيلي قائلا : (ماكان بوسعي إلا أن ألاحظ أن الأمير فيصل ، في رأي الجميع ، كان حاكما عادلا صارما وموفقا إلى أقصى حد في قمع العادات الوحشية للقبائل . وكان يريد أن يغرس بينها عادات أكثر تنظيما وتوجيه اهتمامها إلى الزراعة والتجارة . وكان يخيل لي أنه لا أحد يحب الأمير ، ولكن الجميع معجبون به . وكانوا يتحدثون عنه برهبة اختلط فيها الاحترام بالكراهية على نحو طريف) .
وبعد اللقاء الأول مع فيصل رسم بيلي صورته على النحو التالي : (وجدت الإمام جالسا في الركن إلابعد للغرفة على سجادة صغيرة جذابة متكئا بظهرة إلى تكية ثقيلة ... وعندما اقتربت منه نهض بصعوبة . أخذ يدي وتلمسها . كان ضريرا ، إلا أن محياه رائع بتقاسيم معتدلة وتعلوه مسحة من الهدوء والصرامة والاطمئنان . كان يبدو في أكثر من السبعين ، وملابسه فاخرة تنم عن ذوق رفيع . وعلى كوفيته عمامة من الحرير أخضر . نبرات صوته عذبة وكلماته هادئة موزونة كانت هيئته تدل على الاعتزاز بالنفس وتكاد تتسم بالرقة . ولكن المرء يشعر بأنه يمكن أن يكون قاسيا دون رحمة) .
إن درجة السيطرة المركزية القائمة في مختلف مناطق وأقاليم الدولة السعودية الثانية ، شأنها شأن الدولة السعودية الأولى ، تختلف من منطقة لأخرى وتتقلص كلما ابتعدت المسافة عن الرياض . ويعود دور للوضع الداخلي في هذه المنطقة أو تلك ولوزنها النسبي وللمعتقدات الدينية عند أهلها . وكان حاكم الرياض يعين الأمراء وكذلك علماء الدين في المناطق الوسطى .
وكانت من أسباب القلاقل في القصيم محاولات أمير الرياض لتقوية سلطته هناك . وقد اضطر إلى ترك أبناء الوجهاء المحليين في أماكنهم . وكانت العلاقات مع جبل شمر معتدلة إلى حد مدهش ، وذلك لأن الرياض لم تحاول بسط سيطرتها بصورة مباشرة على جبل شمر واكتفت بالتبعية الإسمية . وكانت هناك علاقات ودية بين الأسر الحاكمة وقد عززها التزواج بينها وأن كانت تلك الأسر بحاجة إلى مساعدة بعضها البعض عسكريا.
وكان أمراء الهفوف يعينون دوما من بين النجديين . ولم يكن سكان المنطقة الشرقية متعاطفين كثيرا مع الرياض والوهابيين ، إلا أن أهمية هذه المنطقة كبيرة لدرجة جعلت أمير الرياض يرى ضرورة الاحتفاظ بحاميات دائمة هناك .
وكان النجديين حامية في البريمي ، كما عين لها أمير من الرياض . إلا أن مجموعة واحات البريمي احتفظت بسمات المنطقة الجبهوية أكثر من الهفوف . وكما كان الحال في الأزمان السالفة ظل الاحتفاظ بالرهائن في العاصمة وسيلة لإرغام المناطق والقبائل على الولاء . وعندما دعا فيصل بيلي لزيارة السجن قال له بأنه سيرى هناك الآن حوالي سبعين من شيوخ العشائر.
وكانت القبائل البدوية على درجات متباينة من التبعية لأمير الرياض ، إلا أن فيصل لم يتمكن أبدا من السيطرة عليها بالشكل الذي كان في زمن الدولة السعودية الأولى . فقد شهدت سنوات حكمه الكثير من التمردات البدوية المتواصلة . وكانت الوهابية في الدولة السعودية الثانية قد فقدت جزئيا طابعا المتعصب المتشدد . ويبدو أن الخبرة الشخصية التي اكتسبها فيصل في مصر قد أوحت إليه أن المصريين والحكومة العثمانية أقوى بكثير من نجد وأن استفزازهم بإبداء مظاهر التعصب الديني يعني جلب الهلاك لنجد . إلا أن المشاعر الدينية كانت تشتد في بعض الأحيان .
كان التنظيم العسكري لإمارة الرياض في عهد فيصل مثلما كان في عهد السعوديين الأوائل . فقد كان على كل مدينة أو قبيلة أن تقدم في حالة الاستدعاء عددا معينا من المقاتلين والدواب . وكانت تلك الأرقام تسجل في سجلات تعتبر كذلك أساسا لجباية الزكاة . وعندما يصدر الأمير أمرا بالتعبئة يخبر الحكام المحليين بعدد المحاربين الذين يحتاج إليهم ، بينما يتحمل هؤلاء الحكام مسئولية جمعهم وتموينهم . ويشمل الاستدعاء عادة نصف العدد الإلزامي للمحاربين . وفي الحالات الاستثنائية تستدعي كل القوات طبعا . وكان المحاربون يأتون مع سلاحهم الخاص وماشيتهم . وكانت الحكومة ، من الناحية النظرية ، تقدم العتاد اللازم . وكان الفرسان أكبر شأنا ، ولذا كانوا يتمتعون بالامتيازات
كانت كل قبيلة أو مدينة تشكل في عساكر أمير الرياض وحدة خاصة لها رايتها . وعندما تنتهي الحملة الحربية يجري حل العساكر كلها . ولا تستلم المتطوعة رواتب منتظمة ، إلا أن1، أربعة أخماس الغنائم تقسم بين المحاربين – حصة للمشاة أو الهجانة وحصتان للفرسان . ويحال إلى بيت المال خمس الغنيمة . ولدى الأمير فيصل من الحرس الشخصي مكون من حوالي 200 عبد ومعتوق ، كانوا عند الاقتضاء يمارسون وظيفة الشرطة . وكان السكان الحضر يشكلون نواة عساكر نجد .
كانت عند النجديين بضعة مدافع ، ولكن من المشكوك فيه أنهم استخدموها إلا في حالات نادرة جدا . ولم يتخذ فيصل خطوات جدية لتشكيل أسطول حربي . فبدلا من ذلك كان يعول على شبه الأتباع كالبحرين . وبديهي أن حكام السواحل كانوا يجدون الأعذار للتملص من تنفيذ مطالبه . زد على ذلك أن المعاهدات التي فرضها الإنجليز عليهم قيدت إمكانيات العمل بالاشتراك مع الرياض .
ونسعد في موقعنا النورس العربي منبع الثقافة والعلم أن قدم لكم الكثير مالمعلومات المتعلقة بسوالكم وهي
ولم تكن الضرائب في عهد فيصل لتختلف عنها في ظل الدولة السعودية الأولى .. كان الزراع يدفعون زكاة الحبوب فقط والثمار القابلة للكيل والحفظ : 10% من محاصيل الأراضي الديمية و5% من محاصيل الأراضي السيحية . وكان البدو يدفعون زكاة الماشية في حدود 2.5-5% من قيمة الذهب والفضة ، وكذلك نفس النسبة من قيمة بضائع التجار . ويمكن أن يعفى من الزكاة الذين يحصلون على دخل سنوي أقل من الحد المعين . إلا أن ضرائب إضافية تطبق في حالة الحرب .
وكما كان الحال سابقا تتوارد على بيت المال مكوس الحج وأتاوات مسقط والبحرين والإمارات الأخرى وعائدات ممتلكات حاكم الرياض . ولايمكن حساب المداخيل العامة للدولة على وجه التدقيق . وقدم العقيد بيلي أثناء زيارته للرياض جردا تقريبيا للسكان والمداخيل والعساكر . وتفيد حساباته أن سكان نجد والإحساء ، والمقصود على مايبدو الحضر فقط ، بلغوا 115 ألف نسمة ، وإن المداخيل 692 ألف ريال وأن عدد المحاربين 7900 . أما البدو فقد حدد عددهم الإجمالي بـ 20 ألفا ومداخيلهم بـ 114 ألف ريال . وهكذا بلغت مداخيل الدولة ، في رأي بيلي ، 806 آلاف ريال . وهو يضيف إليها أتاوات مسقط وجبل شمر والبحرين والأقاليم الأخرى ، وكذلك مليوني ريال تجبى من الحجاج . وربما كانت هناك مبالغة في أرقام العائدات ، بينما قد يكون عدد الحضر والبدو أكثرمن الرقم المذكور . ولعل بيلي أخذ في الحسبان الذكور الراشدين فقط .
وقدر بلغريف المداخيل العامة للدولة بما يعادل 160 ألف جنيه إسترليني . والمعلومات المتوفرة عن نفقات الدولة السعودية الثانية أقل من تلك . وإذا أهملنا نفقات أسرة الأمير وبلاطه فإن نصف النفقات ، على مايبدو ، يصرف على الأغراض الحربية ، بينما يخصص الباقي للشئون الاجتماعية – صيانة الآبار والمساجد وكذلك معونات المرضى والعجزة ورواتب الموظفين الذين تعينهم الحكومة المركزية ورجال الدين والمعونات المقدمة إلى الشيوخ المحليين وأمراء الأقاليم . وكان قسم كبير من الزكاة يسدد عينا ، ولكنه يدفع نقدا في بعض المناطق .
وكانت العملة الرئيسية هي الريال الذهبي (ريال ماريا تيريزا) ، ومع ذلك استخدم في التداول الشلن الإنجليزي والنقود العثمانية والفارسية الذهبية والفضية . وفي المنطقة الشرقية غالبا ما كانت تستخدم النقود الهندية . وفي منطقة سواحل الخليج استخدم مايسمى بالنقود الطويلة ، وهي قطع نقدية معدنية مستطيلة تشبه الإبزيم النسوي وعليها كتابة عربية . وكانوا يصكونها من النحاس ويضيفون إليها قليلا من الفضة . وكانت هناك نقود طويلة فضية .
وفي عهد فيصل صار تصدير الخيول العربية الأصيلة بابا لعائدات ثابتة . وكانت خيول جبل شمر تصدر عبر الكويت ، أما الخيول الأخرى فتصدر عبر القطيف والعقير . وفي عام 1863 بيع عن طريق الكويت 600 من الخيول العربية بسعر متوسط قدره 150 ريالا للرأس الواحد . وأرسل عباس باشا من مصر عدة بعثات لشراء الخيول . وكان الرحالتان الأوربيان المعروفان فالين وغوارماني قد زارا الجزيرة العربية بحجة شراء الخيول . إلا أن، عدد الخيول المتبقية كان في عام 1864 قليلا جدا ، واتضح أن الخيول التي أرسلها فيصل إلى الاستانة سيئة للغاية مما آثار استياء الباب العالي الذي منع تصدير الخيول طوال أربعة أعوام . ولم يكن بالإمكان تطبيق هذا المنع عمليا .
وقبل اكتشاف البترول كان صيد اللؤلؤ هو العمل الرئيسي لسكان سواحل الخليج . إلا أن الإحساء أقل شأنا في صيد اللؤلؤ من البحرين وإمارات الصلح البحري وقطر . وكان لؤلؤ الخليج يرسل إلى بومباي ، ومن هناك يباع إلى أوروبا . ونجد عند لوريمير وصفا ضافيا لصيد اللؤلؤ مع قواعده الاجتماعية والمالية الثابتة . ومع أن، ماكتبه لوريمير يخص عام 1906 إلا أن اللوحة التي رسمها من المستبعد أن تكون قد تغيرت منذ ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر . ولئن كان قد مارس صيد اللؤلؤ في سواحل إمارات الصلح البحري 22 ألف شخص ، وفي قطر حوالي 13 ألف شخص وفي البحرين حوالي 18 ألف شخص وفي الكويت 9200 ، ففي واحة القطيف مارسه حوالي 3400 شخص فقط .
تمكنت الدولة السعودية الثانية من الانبعاث والنهوض بسبب توقف التدخل الخارجي في شئون نجد . وكانت مصلحة قسم كبير من وجهاء وأعيان نجد وتجارها وصناعها وزراعها في التوحيد وتأييد الفقهاء الوهابيين وارتفاع منزلة آل سعود قد مكنت فيصل من بسط سيطرة الرياض على قسم كبير من أواسط الجزيرة وشرقيها . إلا أن علائم الضعف والخور ، وأحيانا عجز السلطة المركزية ، والنزعة الانفصالية لدى الإقطاعيين ونزوات القبائل البدوية كانت واضحة لدرجة كبيرة لا تجعل أحدا من المعاصرين يتوقع لإمارة الرياض عمرا مديدا . وكان إقليم جبل شمر القوي حليفا أكثر من كونه تابعا طبعا . ودافعت القصيم عن استقلاليتها في تمردات متكررة . وكانت القبائل البدوية تتحدى فيصل المرة بعد المرة . وخيم ظل الإمبراطورية البريطانية من جهة الخليج وبحر العرب ، وكانت قد ابتلعت في الواقع الإمارات الصغيرة على سواحل شبه الجزيرة . وأضيف إلى ذلك كله تعمق الخلافات والانقسام داخل أسرة أمير الرياض