مفهوم الغير أقوال الفلاسفة عن العلاقة بالغير أو الآخر
مفهوم الغير المحور الثالث: العلاقة بالغير
أقوال الفلاسفة عن العلاقة مع الغير
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ مفهوم الغير أقوال الفلاسفة عن العلاقة بالغير
الإجابة هي كالتالي
مفهوم الغير أقوال الفلاسفة عن العلاقة بالغير
تـــمهـــيد:
رغم الاختلاف الحاصل بخصوص مدى إمكانية معرفة الغير وإداركه من طرف الأنا، إلا أنها تجد نفسها في مواجهة هذا الغير، سواء في تأملها أو تعاملاتها اليومية، لذلك نتساءل:
مالعلاقة التي قد تجمع بين الأنا والغير؟ هل العلاقة تقوم على التنافر والحيطة والعداء والصراع، أم تقوم على التعاون والصداقة والتكامل؟
موقف "ألكسندر كوجيف"
يعتقد "كوجيف" أن العلاقة بين الأنا والغير ليست قائمة على الصداقة، ولا على الشفقة، وإنما على مبدأ الهيمنة. فالإنسان إما سيد الغير أو عبد له، وهو لا يخرج عن هذه العلاقة التراتبية القائمة على الصراع من أجل نيل الاعتراف وفرض الهيمنة.
يقول: ينبغي للمرء أن يعترف بالآخر دون أن يعترف الآخر به. والحال هكذا معناه الاعتراف بالآخر كسيد، والاعتراف بالذات كعبد لذلك السيد.
إن الإنسان ومنذ نشأته دائما وبالضرورة إما عبد وإما سيد.
تساؤل:
إلى أي حد يمكن الاتفاق مع هذا الطرح؟ هل بالضرورة أن تكون العلاقة هي صراع بين الأنا والغير؟
موقف "م.ميرلوبونتي"
إذا كان "سارتر" يعتبر أن العلاقة بين الأنا والغير تشييئية مما يستحيل معه قيام علاقة وجدانية بينهما؛فإن "ميرلوبنتي"عكس دلك، يدعوا إلى ضرورة النظر إلى الغير كذات مماثلة تتمتع بكامل وعيها وحريتها وإنسانيتها.وبالتالي قيام علاقة اعتراف متبادل بينهما على أساس التعاطف والتعاون والمشاركة الوجدانية، و"ميرلوبنتي" بهذه الأطروحة يرفع ذلك العدم وتلك الهوة التي أقامها " سارتر" بين الأنا والغير، ليضع مكانها روابطا تربط بينهما، وتحقق نوعا من التواصل الوجداني والعاطفي، إنه يؤكد على ضرورة الحفاظ على خصوصياته كغير مختلف، مع احتضانه والتعايش معه، وعدم اعتباره موضوعا للإقصاء.إن "بونتي" يؤكد على ضرورة فتح قنوات للحوار مع الغير والتواصل معه، وعدم اعتباره موضوعا قابلا للأقصاء.
3-موقف "أفلاطون" و "أرسطو" : - الغـــــير كصــــديــق
يمكن اعتبار الصداقة من العلاقات الإيجابية التي تربطنا بالغير، حيث يمكن أن تسمو بالأفراد إلى علاقات من الود تصل إلى التآخي والتضحية والإيثار... فما هو الدافع إلى الصداقة ؟ هل هو دافع المنفعة ؟ أم دافع الفضيلة ؟
**أطروحة "أفلاطون":
يرى "أفلاطون" أن الصداقة علاقة من المحبة والمودة، لا يمكنها أن توجد بين الشبيه وشبيهه، ولا بين الضد وضده. فالطيب لا يكون صديقا للطيب، ولا يكون الخبيث صديقا للطيب. فلكي تكون هناك صداقة بين الأنا والغير، لابد أن تكون الذات في حالة من النقص النسبي الذي يجعلها تسعى إلى تحقيق الكمال مع من هو أفضل. ولو هيمن الشر على الذات فإنها ستكون في حالة نقص مطلق لا تستطيع معه أن تسمو إلى الخير. ولو كانت الذات في حالة خير مطلق لعاشت نوعا من الاكتفاء الذاتي. فالدافع إلى الصداقة هو الرغبة في تحقيق سمو الذات وكمالها من خلال الغير.
**أطروحة "أرسطو":
أما أرسطو فهو أكثر واقعية من "أفلاطون"، حيث يرى أن الدوافع إلى الصداقة ثلاثة هي : المنفعة، والمتعة، والفضيلة. لكن الصداقة الحقيقية هي صداقة الفضيلة لما تتسم به من نبل أخلاقي، وخصوصا لأنها تحقق التلاحم الاجتماعي بين أفراد المجتمع، باعتبار الإنسان "حيوانا مدنيا" ؛ لذا يقول "أرسطو" : "إن المواطنين لو تعلق بعضهم ببعض برباط الصداقة لما احتاجوا إلى العدالة". إن صداقة الفضيلة هي ذلك الوسط الذهبي الذي لا يمنع تحقق المنفعة والمتعة، في حين أن الصداقة القائمة على المنفعة أو على المتعة صداقة زائلة بزوال نوعية الرغبة في الغير...
نقد:
إن قيام هذا النوع من الصداقة التي يدعو إليها أرسطو، قد يكون سهل التحقق في مجتمعات صغيرة، ويصعب تحققه في المجتمعات المعاصرة حيث تكثر الكثافة السكانية، ويسود فيها الشعور بالغرابة. فمن هو الغريب ؟
-الغـــير الــغريــب
4-أطروحة "جوليا كريستيفا":
تحدد كريستيفا الغريب في مفهومين أساسين ؛ أحدهما ذلك الذي يفيد الافتقار إلى حق المواطنة. وهذه دلالة حقوقية تحاول بها الجماعة أن تمنع انحشار الغير الغريب في شؤونها الداخلية. وهذا في اعتقادها تعريف سطحي للغريب، لأنه هو تلك القوة الخفية التي تسكننا جميعا والتي تعبر عن التناقضات والاختلافات الداخلية التي غالبا ما يتم السكوت عنها، لأن هذا الغريب " يجعل ال"نحن" إشكاليا وربما مستحيلا ". إن الغريب إذن يوجد فينا، " إن الغريب يسكننا على نحو غريب ".
تساؤل:
إذن، وإذا كان هذا الغير غريبا عن الجماعة، فكيف يتم التعامل معه؟ هل يتم قبوله داخل الجماعة،أم أنه يتعرض للأقصاء والنبذ؟
جواب:
إنه من هذا المنطلق تكون الغرابة شعورا قد يدفع الأنا (الفردية والجماعية) إلى إقصاء الغير أو تدميره أو الشعور بالعدوانية تجاهه أو على الأقل مقابلته باللامبالاة والتهميش... إن الدوافع نحو الغريب هي في الغالب دوافع سلبية... إنها تلك المواجهة الدائمة التي تؤدي إلى إذابة الاختلاف لصالح الذات، وقد كان آخر ما التجأت إليه المجتمعات الغربية في إقصاء الغير هو الاستعمار والاستيعاب الثقافي. هكذا أصبحت "عملة الغيرية" عملة مفقودة. وهذا فيما يرى كل من "جيوم "Guillaume و"بودريار" Boudrillard وضع لابد من القضاء عليه. حيث لابد أن يعيش كل "كائن مبدأ نقص وعدم كفاية"، لأن الشعور بالنقص يولد بالضرورة "الغيرية الجذرية". فالاحتفاظ بهوية الغير ينعش وعي الذات لنفسها. وهذا يستدعي ـ حسب ليفي ستروس ـ احتفاظ الكل بهويته الثقافية، ويجب القضاء على أسطورة التفوق القومي القائمة على اعتبارات إتنية .
فالتراكم الثقافي ليس ملكا خاصا لبعض الإتنيات ولا لبعض الثقافات، فليس هناك ثقافة معزولة. ومن ثمة لابد أن تنشأ بين الأنا والغير علاقة من الاحترام المتبادل وبالتالي الاعتراف للغير بخصوصيته الثقافية ونوعيتها وتميزها. أي لابد من الاعتراف بشرعية الاختلاف حتى في الحالة التي لا ندرك فيها طبيعة ذلك الاختلاف.
كتخريج عام نقول : إن الغير مفهوم فلسفي مجرد وإشكالية فلسفية حديثة، حاول التفكير الفلسفي في إطارها أن يتعامل مع مفهوم الغير كوجود عقلي يتم بناؤه من خلال فردية الأنا أو الدخول معه في صراع من أجل الوعي بالذات ؛ بل الدخول معه في علاقة تتنوع بين تشييئه واعتباره موضوعا، أو باعتباره ذاتا، أو كلية، أو بنية... إن تحديد طبيعة العلاقة مع الغير تدعو إلى الانفتاح على علاقات أخرى، أهمها : علاقتا الصداقة والغرابة
نص السؤال: هل التواصل مع الغير أساس كاف لمعرفة الأنا وإثبات الذات؟
إن الإنسان حيوان اجتماعي بطبعه، وليس في استطاعته أن ينعزل عن الآخرين، لأن حقيقة الأنا لا يمكنها أن تعيش إلا من خلال علاقتها بأنا الغير، فالإنسان يحيا مع الآخرين وبالآخرين وللآخرين، وليس ثمة ذات دون الغير، سواء كان هذا الغير هو الخصم الذي أصارعه وأتمرد عليه، أم كان الصديق الذي أتعاطف معه وأنجذب إليه، وأتواصل معه، وبناء على هذا نتساءل: هل التواصل مع الغير ومشاركته أساس كاف لمعرفة الأنا، وإثبات حقيقة الذات؟ بمعنى آخر: هل معرفة الذات لذاتها متوقف على التواصل مع الغير؟
الموقف الأول: إن الأنا الإنساني ليس منغلق على ذاته، بل يعيش صيرورة الحياة ومسايرة الوجود، كما أنه يعترف أنه ليس الأنا الوحيد، بل معه الأنا الآخر، الذي يشاركه الوجود، وهذا ما يقتضي التفاعل معه والاعتراف به والتواصل معه، مما يعني أن الغير ضرورة لوجود الأنا وأساس حقيقي لمعرفة وإثبات حقيقتها، لهذا يؤكد "سارتر" ذلك قائلا: "لكي أحصل على حقيقة ما عن ذاتي، لزمت واسطة الآخر، فالآخر ضروري لوجودي من جهة، قدر ما هو ضروري من جهة أخرى لتحصيل المعرفة التي لي بذاتي". فالوعي بالمماثلة والتشابه بين الأنا والآخر والإحساس المشترك في الوجود، يدفع للتواصل والحوار، وتبادل الخبرات والتأثيرات، ومعرفة كل "أنا" لنفسه ولـ "الآخر" والتوافق معه، يقول "سارتر": "إني في حاجة إلى وساطة الغير لأكون ما أنا عليه" وكأن الغير شرط لمعرفة الأنا لنفسه، فلا شيء أنفع للإنسان من الإنسان على حد قول "سبينوزا". ويؤكد "برغسون" أن التواصل مع الغير يعتمد غالبا على اللغة كإطار لتبادل الأفكار المشتركة والتعبير عن الأغراض، وبناء العلاقات والتعرف على ذواتنا وعلى الغير. يقول "سارتر": "إننا لا نكشف أنفسنا في عزلة ما، بل في الطريق، في المدينة، وسط الجماهير، شيئا بين الأشياء".
كما يعتقد "ماكس شيلر" أن التعاطف والحب و مشاركة الغير مشاعرهم وآلامهم وأفراحهم، يعبر عن تواصل إنساني حقيقي يمكن لمبدأ الوجود الواحد، وإقرار منطق التعادل بين الأنا والغير واعتراف كلاهما بالآخر كضرورة لمعرفة ذاته...
لأن المشاركة العاطفية عمل قصدي، نزوعي يتجه نحو الغير. وعلى هذا كانت كل ذات سواء أرادت أو لم ترد، تتواصل مع مجتمعها (كغير) الذي تعيش فيه، وتأخذ منه لغته التي تتكلم بها، ومعاييره التي تدافع عنها، وأهدافه التي تعمل من أجلها، وعواطفه التي تحملها في صدرها من هنا كان التواصل أساس حقيقي يمكن لمعرفة الأنا وإثبات حقيقة الذات.
لكن مهما كنا نحيا في المجتمع، ونحقق ضربا من الاتصال بيننا وبين الغير، عن طريق اللغة والتعاطف والمواقف المشتركة، ولكن لا يمكن لأحد أن ينفذ إلى أعماقنا ويعبر عن حقيقتنا ويفهمها، كما أن الآخر أقصى ما يقدموه للأنا قد لا يكاد يتجاوز العلاقات الظاهرية، والمجاملات اللفظية السطحية، كما أن الغير لا يمكن أن يشاركنا عواطفنا حقيقة مهما كان قريبا منا، لأنها مشاعر خاصة لا يحياها إلا صاحبها. ولذلك مهما كان للتواصل من أثر فإنه لا يكفي لمعرفة الأنا وإثبات حقيقة الذات، بل إن الغير قد يصير مواجها للذات ومحاربا لها.
الموقف الثاني: إن علاقة "الأنا" "بالغير" لا تقوم على أساس التواصل، بل الواقع يشهد أنها تقوم على أساس التناقض والصراع والتصادم والمواجهة، لذلك على كل ذات أن تعرف نقيضها لتعرف حقيقتها، وتثبت وجودها بالفعل، لهذا يقول "مان دوبيران": "يفرض الأنا نفسه من خلال معارضته الآخرين". ويؤكد "هيجل" أن الشعور بالأنا يقوم على مقابلته بشعور الغير – كنقيض – وعندئذ يتعين على كل من الشعورين أن يتغلب على الآخر، والدخول في صراع عنيف يحاول فيه كل منهما أن يفرض نفسه على الآخر كموضوع رغبة وانتصار أحدهما هو زوال للآخر. يقول "هيجل": "إن الإنسان مستعد لأن يخاطر بحياته، ويقضي بالتالي على حياة الآخر، كي ينال اعتراف الآخر، ويفرض نفسه كقيمة عليا على الآخر، فإن مواجهتهما لا يمكن أن تكون إلا صراعا حتى الموت". وهذا ما يوضحه "هيجل" في جدليته الشهيرة المعبرة عن علاقة التناقض التي تجمع "السيد" "بالعبد"، فالسيد لا يكون سيدا إلا بإجبار عبده على الاعتراف به، ذلك العبد الذي فضل التخلي عن حريته بدل المخاطرة بحياته، وبذلك يتخلى عن صفته كإنسان، أو يخاطر العبد وينخرط في العمل ويسخر قدراته للتأثير في الأشياء وبمرور الوقت ينسى السيد طريقة التأثير في الأشياء ويصير تابعا لعبده. فالصراع هو منطق الوجود وكل كائن يحاول إثبات ذاته على حساب الآخر كمنازع ومواجه يسعى لتحطيم الذات والقضاء عليها، وسلب حريتها، يقول "سارتر": "إن وجود الآخر على مسرح حياتي، لا يعني إلا شيئا واحدا، هو أنه وجد لكي يسلبني حريتي...فالجحيم هو الآخرون".
وعلى هذا فمعرفة الذات وإثبات حقيقة الأنا يقوم على التناقض بين الأنا والآخر كل يسعى لإثبات ذاته باعتماد الصراع بكل أنواعه.
لكن هذا الأساس لا يسعى لمعرفة الذات بل هو دعوة للصراع وإثارة الفتن والقضاء على الغير، وفق غريزة حيوانية فيها البقاء للأقوى. كما أن كرامة الإنسان وقيمته، وسمو عقله تدعوه للتوافق مع الآخر، ووعي ذاته وقيمتها، وليس العمل للقضاء على أخيه.
ثم إن العلاقات الإنسانية لا تؤسس على منطق الغالب والمغلوب، بل تقوم على مبدأ التعادل في الاعتبار، والعيش المشترك والمصير الواحد وهذا ما يظهر فساد هذا الأساس في معرفة الذات.
التركيب: إن معرفة الأنا وإثبات حقيقة الذات لا تتوقف على أساس التواصل وحده رغم اعتباره من الأبعاد التي تؤسس لمعرفة الذات وانفتاحها على الغير، فهناك أيضا: أساس النقيض المهذب الدافع إلى التنافس النزيه، وإثبات الذات الإيجابية عن طريق ما تبدع، وليس بالقضاء على الآخر، إضافة إلى مبدأ الوعي المصاحب للذات في كل أحوالها والذي يعتبر المحرك لكل تلك الأسس مجتمعة. (الرأي الشخصي)
ختاما ومما سبق نستنتج أن الأنا الإنساني متشابك الأبعاد ويحمل الكثير من المتناقضات والمعرفة الحقة للأنا تتأسس على وعي وتهذيب تلك الأبعاد والمتناقضات في إطار إنساني وأخلاقي سواء كان تواصل أو تناقض و مغايرة.