في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

أحكام صيام الست من شوال عند الشافعية

حكم صيام ست من شوال عند الشافعية المذهب الشافعي 

حكم صيام ست من شوال عند الشافعي 

نرحب بكم زوارنا الاعزاء على موقع النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل المعلومات والحلول الثقافية عن اسالتكم التي تقدمونها ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول............أحكام صيام الست من شوال عند الشافعية

وتكون اجابتة الصحيحة هي الأتي ..

أحكام صيام الست من شوال عند الشافعية 

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلامُ على سيدنا رسول الله، أمَّا بعدُ؛ فهذا إجمالٌ لأحكام صيامِ الستِّ من شوال على مذهب الشافعية، كنتُ قد نشرتُ أصلَه قبل سبع سنين مختصرًا، وأنشرُهُ الآنَ مع زيادةٍ في النقولِ، وقد ذيلتُهُ بخلاصةٍ لمن يريد الإلمامَ بأطراف المسألة إجمالًا. 

وهو مشتمل على مقاصد ستة:

المقصد الأولُ: حكمُ صيامِها.

المقصد الثاني: معنى قول النبيِّ ﷺ: «كصيام الدهر».

المقصد الثالث: أحوال صائم ستٍّ من شوال.

المقصد الرابع: ما يُنْدب في صيامِها.

المقصد الخامسُ: فواتُها.

المقصد السادس: حصولُ الفضل الوارد ببدل الصوم.

وهاكَ تفصيل المقاصد.

المقصد الأول: حكم صيامِ الستِّ من شوال.

• الأصلُ استحبابُ صيامِ ستةِ أيام من شوال، وذلك لقوله ﷺ عند مسلم: «مَنْ صامَ رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال .. كان كصيام الدهر»، وقوله ﷺ عند النسائيِّ في «الكبرى»: «صيامُ شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيامُ ستة أيام من شوال بشهرين، فذلك صيامُ سنة»، وفي روايةٍ له أيضًا: «جعل الله الحسنة بعشرٍ، فشهرٌ بعشرةِ أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمامُ السنة»، وفي روايةٍ للإمام أحمد في «مسنده»: «من صام رمضانَ فشهرٌ بعشرة أشهر، وصيامُ ستة أيام بعد الفطر، فذلك تمامُ صيام السنة».

• هذا هو الأصل، أي: ندبُ صيامِ الستِّ من شوالٍ، وقد يعرضُ لها ما ينقلُها إلى التحريم، أو الكراهة، أو الوجوب، أو خلاف الأولى.

• فيحرمُ صومُها على: من أفطرَ يومًا أو أكثر من رمضانَ تعديًا، ولم يَقْضِه بعد؛ لأنَّ واجبَهُ صرفُ الزمان لقضاء ما عليه، فإذا قضـى ما عليه زال التحريم، ومحلُّ التحريمِ: إن صامَ الستَّ استقلالًا كما حققه ابنُ قاسمٍ رحمه الله، أمَّا إن صامَ القضاءَ وقصدَها معه فلا تحريمَ. 

• ويُكره صومُها في حقِّ من عليه قضاءُ أيامٍ من رمضانَ قد أفطرها بعذرٍ، وعليه اقتصرَ في «التحفة»، وفي «فتح الجواد»: «ولا يُنافي ما ذكرته من الندب كراهة التطوع بالصوم لمن عليه قضاء رمضان؛ لإمكان حمل الندب على من لم يلزمْهُ قضاءٌ لنحو صبا أو كفر، وتختصُّ الكراهة بغير هذه الصورة، أو يُقال: هو ذو جهتَيْن، فالكراهة من حيث تأخيرُ القضاءِ، والندبُ من حيث إحياء تلك الأيام بالصوم»، ونحوُه في «النهاية». 

وعلى التوجيهَيْنِ هل يُثابُ عليها إذا صامَها، أو لا يثابُ؛ لقولهم: «المكروه لا ثوابَ فيه»؟ لم أرَ لهم فيه نصًّا بخصوصِه، وينبغي أنه يثابُ عليها؛ إذ هذا ليس من المكروه لذاتِهِ، وقولهم: «المكروه لا ثواب فيه» مرادُهم به المكروه لذاتِه، وليس صيامُ هذه الأيام في هذه الصورة من المكروه لذاتِه.

• ولم أرَ لهم صورة يصرحون فيها بوجوبِها، وينبغي على ما ذكره في «باب النذر» وجوبُها إذا نذرها، وعليه: فإمَّا أن يكونَ قد شرطَ تتابعَ الستَّ، أو شرط تفريقَها، أو أطلقَ. 

فإنْ شرطَ التتابُعَ لزمَهُ؛ عملًا بالملتزم، ولا يَجُوزُ تفريقُها كما في صوم الشهرين المتتابعين. 

وإن شرطَ التفريقَ لزمَهُ تفريقها فيما يأتي على معتمد ابن حجر والرمليِّ في نذرِ صيامِ أيامٍ، لأنَّ التفريقَ مَرْعِيٌّ في صوم التمتع شرعًا، فلا يُجزئُ عنه المتتابع، وردَّ ابنُ حجر في «الإيعاب» ما نصَرَهُ الأذرعيُّ والبلقينيُّ من عدم وجوبِ التفريق، أي: في صورة نذرِ صيام أيامٍ، فقال: «وقول جمع كالأذرعي والبلقيني ومن تبعهما: ‹المختار قول الإمام والغزالي أنه لا يجب؛ لأن التتابع أفضل وأغلظ، سيما إن حث على تتابعه كصوم ثلاثة أيام من كل شهر وستة شوال وعشرة الحجة› .. يُرَدُّ بأن الغرضَ من الصوم كسر النفس كما صرحوا به، وهو مع التفريق أظهرُ منه معه التوالي كما أشاروا إليه في تفضيل صيام داود على صيام الدهر، فاندفع زعمُ أنَّ التتابعَ أفضل وأغلظ على الإطلاقَ».

وإن أطلقَ .. لم يقيد بتفريقٍ ولا موالاةٍ .. جازَ كلٌّ منهُما، والموالاة أفضلُ؛ مسارعةً إلى براءة ذمتِه.

• ولم أرَ لهم صورةً يصرحون فيها بأنَّها خلافُ الأولى، وقد يقالُ: صومُها خلافُ الأولى أيام الزِّفاف؛ أخذًا من قولِ ابن حجر ﵫ في «الإيعاب»: «(ومن اعتادَ صومَ تطوُّعٍ، فزُفَّت إليه امرأةٌ .. سُنَّ له تركه أيام الزفاف) كما ذكره الماوردي، وعلله بأنها أيام بطالةٍ كأيام التشريق».

• فالحاصلُ أنَّ الأصلَ فيها الندبُ، وقد يعرضُ لها ما ينقلها إلى الكراهةِ، أو التحريمِ، أو الوجوب.

المقصد الثاني: معنى قولِ النبيِّ ﷺ في الحديثِ: «كصيام الدهر» وبيانُ من يحصلُ له هذا الفضل.

قول النبي ﷺ: «من صام رمضان ، ثم أتبعه ستًّا من شوال ؛ كانَ كصيام الدهر» معناه كما قالَ أئمتنا: أن من صامَها كلَّ سنةٍ مع رمضان كان كمن صام الدهر كله فرضًا، وثوابُ الفرضِ أعظمُ من ثواب النفل؛ ولو لم يكن هذا هو المراد لم يكن لخصوصية ستة شوال معنى؛ إذ من صامَ مع رمضانَ ستة غيرها يحصلُ له ثوابُ الدهر ، فلا تتميز الستُّ من شوالٍ إلا بذلك.

ومن ثمَّ من داوم عليها كلَّ سنة كان كمن صام الدهر كله فرضًا، ومن صامها في سنة دون سنة حصل له ثواب صيام سنة فرضًا في السنة التي صامها مع رمضان، ومن صام ستة غيرها مع رمضان حصل له ثواب صيام سنة نفلًا.

المقصد الثالث: أحوالُ صائمِ ستٍّ من شوالٍ

• إذا صامَ الشخصُ ستة أيامٍ من شوالٍ: فإمَّا أن ينوِي بها الستَّ المستحبَّةَ الواردةَ في الحديثِ، أو أن ينوِي غيرَها، وإذا نواها .. فإمَّا أن ينوِيها مُفْرَدَةً، أو أن يُشَرِّكَها مع غيرها، وإذا نوى غيرَها فإمَّا أن ينفِيَها، أو لا.

• فالأحوالُ اثنتانِ بالإجمال، أربعة بالتفصيل.

الحال الأولى: أن ينوي الستَّ من شوالٍ بلا تشريكٍ مع غيرِها.

إذا صامَ المرءُ ستًّا من شوالٍ بنيةٍ مفردةٍ، أي: بلا تشريكٍ بينها وبين غيرِها .. فله صورتانِ: إمَّا أن يكونَ قد صامَ جميعَ رمضانَ، أو لا.

• فإن كانَ قد صامَ جميعَ رمضانَ .. حصلَ له الثوابُ المخصوص المذكورُ في الحديثِ.

• وإن لم يكن قد صامَ جميعَ رمضانَ فتفصيلٌ ..

فإن كانَ قد أفطرَ لعذرٍ، أو كان في رمضانَ كافرًا فأسلمَ، أو مجنونًا فأفاقَ .. نُدِبَ له صومُها، ولكن لا يحصلُ له الثوابُ المخصوص المذكور في الحديثِ؛ لترتبه في الحديث على صيامِ رمضانَ، أي: جميعِهِ.

وإن كانَ قد أفطرَ تعديًا حرم عليه صومُها استقلالًا؛ لأنه يلزمُهُ القضاءُ فورًا، فواجبُهُ صرفُ الزمان لقضاء ما عليه، فإن قضـى ما عليه ارتفع التحريم.

قال ابنُ حجر رحمه الله في «الإمداد» والرمليُّ رحمه الله في «النهاية»: «قضيةُ كلام ‹التنبيه› وكثيرين أن من لم يَصُم رمضان لعذرٍ أو سفرٍ أو صبا أو جنون أو كفر لا يُسَنُّ له صومُ ستة من شوال، قال أبو زرعة: ‹وليس كذلك›، أي: بل يحصل أصلُ سنةِ الصومِ وإن لم يحصل الثواب المذكور؛ لترتبه في الخبر على صيام رمضان، وإن أفطر رمضان تعديًا حَرُمَ عليه صومها، وقضية قول المحاملي تبعًا لشيخه الجرجاني: ‹يكره لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع بالصوم› كراهةُ صومها لمن أفطره بعذر، فينافي ما مر إلا أن يُجمع بأنه ذو وجهين، أو يحمل ذاك على من لا قضاء عليه كصبي بلغ وكافر أسلم، وهذا على من عليه قضاء»، وكتب عليه الرشيدي رحمه الله: «قوله: ‹وإن أفطر رمضان تعديًا حرم عليه صومها› أي: ما لم يقضِ رمضانَ كما هو ظاهرٌ؛ لأن الواجب عليه صرف الزمن لقضائه».

وعبارة «التحفة»: «(وستة) في نسخة: ‹ست› بلا تاء كما في الحديث، وعليها فسوغ حذفها حذف المعدود (من شوال) لأنها مع صيام رمضان، أي: جميعِه، وإلا لم يحصل الفضل الآتي، وإن أفطرَ لعذرٍ .. كصيام الدهر، رواه مسلم»، ثم قال بعد أسطر: «وقضية المتن ندبُها حتى لمن أفطر رمضان، وهو كذلك إلا فيمن تعدى بفطره؛ لأنه يلزمه القضاء فورًا، بل قال جمعٌ متقدمون: يكره لمن عليه قضاء رمضان - أي: من غير تعدٍّ - تطوع بصوم».

وقوله: «وإن أفطرَ بعذرٍ» غايةٌ في ندبِ صومِها لا في كونِها كصيام الدهر كما هو ظاهرٌ.

الحالُ الثانية: أن ينويَها مُشَرِّكًا بينها وبين غيرِها.

إذا نوى الشخصُ صومَ الستِّ من شوالٍ مشرِّكًا بينها وبين غيرها، كأن صامَ نذرًا ستًّا من شوالٍ جامعًا بين النيتينِ .. صحَّ صومُهُ، ولم يكُ هذا الجمعُ بين النيتينِ مبطلًا للصومِ على المعتمد عند ابن حجر والرمليِّ خلافًا للإسنويِّ، لكن ينبغي ورودُ تفصيلٍ في ترتب الثواب المخصوص، فهنا حالان:

• فإذا كانَ ما نواه معها قضاءَ رمضان الذي سبقها .. فقضية النصين السابقين عن «التحفة» و«النهاية» عدمُ ترتب الثواب المخصوص في الحديثِ؛ لأنه لم يصدق عليه أنه صامَ جميع رمضانَ، ثم أتبعه بستٍّ من شوالٍ.

• وإن كان ما نواه معها غيرَ قضاءِ رمضان الذي سبقها، كأن نوى معها قضاءَ رمضان آخر، نذرًا أو كفارةً .. ترتب الثوابُ المخصوصُ إذا كان قد قضى جميع رمضان الذي سبقها كما يُعلم من عبارتي «التحفة» و«النهاية». 

الحال الثالثة: أن ينوي في شوالٍ غيرَها كقضاءٍ بلا نفي لها بالنيةِ.

فإذا صامَ ستة أيام من شوال، ونوى نحوَ القضاءِ، ولم يصرفها بالنيةِ .. فقد اختلفَ ابنُ حجر والرمليُّ رحمهما الله في حصولِ ثوابِ التطوُّعِ بستةِ أيامٍ له.

• فاعتمدَ الرمليُّ رحمه الله أنه يحصُلُ له ثوابُ التطوعِ بصيام ستة أيام، ولكن لا يحصل له الثوابُ الكاملُ المرتبُ على المطلوب. 

وعبارة «النهاية»: «ولو صام في شوال قضاءً أو نذرًا أو غيرَهما، أو في نحو يوم عاشوراء .. حصل له ثواب تطوعها كما أفتى به الوالد - رحمه الله تعالى - تَبَعًا للبارزي والأصفوني والناشري والفقيهِ علي بن صالح الحضرمي وغيرِهم، لكن لا يحصُل له الثواب الكامل المرتب على المطلوب، لا سيما من فاته رمضان وصامَ عنه شوالًا؛ لأنه لم يصدُق عليه المعنى المتقدم».

• أمَّا ابن حجر رحمه الله فاعتمد أنه لا يحصلُ له ثوابُ التطوع بصيامِ ستة أيامٍ؛ لأنه لم ينوِ الستَّ.

وعبارته في «فتح الجواد»: «أفتي جمعٌ متأخرون بحصول ثواب عرفة وما بعده بوقوع صومِ فرضٍ فيها، وقال الإسنوي: ‹القياس أنه إن لم ينوِ التطوع حصلَ له الفرضُ، وإن نواهُمَا لم يحصل له شيءٌ منهما›. انتهى، وإنما يتم له إن ثبت أن الصومَ فيها مقصودٌ لذاته، والذي يتجه أنَّ القصدَ وجودُ صوم فيها، فهي كالتحية، فإن نوى التطوعَ أيضا حَصَلَا، وإلا سقط عنه الطلب، وبه يجمع بين العبارات المختلفة في ذلك».

وقوله فيه: «وما بعده» أي: مما ذُكر في «الإرشاد»، وهو عاشواء وتاسوعاء والست من شوال والأيام البيض والاثنين والخميس.

وعبارة «الإمداد»: «أفتى البارزي، ووافقه الأصفوني وغيرُه، بأنَّ من صام نحوَ عرفة وغيرَهُ مما مرَّ عن قضاء أو نذرٍ حصل له ثواب تطوعها ضمنًا، وقال الإسنوي: ‹القياسُ أنه إذا لم ينوِ التطوع حصل الفرض، وإن نواه لم يحصل له شيءٌ منهما›. انتهى، وأنت خبيرٌ بأنَّ قياسَ التحية أنه إذا لم ينوِ التطوع سقط عنه الطلبُ؛ لأن القصد صومٌ في هذه الأيام، وقياسها وقياس ما لو كان عليه غسل جنابة وجمعة أنه إذا نوى التطوع أيضًا حصل له ثوابه، فاندفع قوله: ‹القياس ما ذكر›، وعلم أن إطلاق البارزي وغيره حصول الثواب مخالفٌ للقياس المذكور، فالأوجه ما قلتُه».

ويوافق هذين النصين نصُّهُ في «الإيعاب» على أنه لو وقع الاثنين والخميس في الستِّ من شوالٍ، وقد نوى أحدهما .. فإنه يسقط طلب الآخرِ، ولكنه لا يَحوزُ ثوابَه؛ إذ لم ينوِه، وعبارته فيه: «قال شيخ الإسلام السراجُ ابنُ الملقن: (وقد يُوجَد للصوم سببانِ كوقوع عرفة أو عاشوراء يوم اثنين أو خميس، وكوقوعِهِما) أي: الاثنينِ والخميسِ (في ستة شوال، فيتأكد) صومُ ما له سببانِ؛ رعاية لكل منهما (فإن نواهُمَا حَصَلَا كالصدقةِ على القريب صدقةٌ وصلةٌ، وكذا لو نوى أحدهما فيما يظهر) انتهى. وقدمتُ الكلام على ذلك في بحث ‹نية الصوم›، والذي يتجه ما قدمتُه من الخلاف ثَمَّ أنَّ من قال بحصولِهِما فيما إذا نواهُمَا أرادَ به حيازةَ ثوابِهِما كما لو نوى تحية المسجد وسنةَ الظهرِ، أو الجنابةَ وغسلَ الجمعة، وفيما إذا نوى أحدَهُما أرادَ به إسقاطَ الطلب النسبة لغير المنوي دون حيازة ثوابه؛ لاستحالة حصولِه بدون نية، ومن قال: ‹لا يحصلان› أو ‹لا يحصل أحدُهما› أراد به عدمَ حيازةِ الثوابِ الكاملِ نظير ما مَرَّ في تحية المسجد»، ونحوُها في «حاشيته على العباب».

فالحاصلُ أنه إذا صام الشخصُ ستة أيام من شوال، ونوى قضاءً أو نذرًا أو نفلًا آخرَ كالاثنينِ، ولم ينوِها بخصوصِها، ولم يصرفْها بالنيةِ .. حصل له ثوابُ التطوع بستة أيامٍ دون الثوابِ الكامل عند الرمليِّ، أمَّا ابن حجر فمعتمدُهُ أنه لا يحصلُ له ذلك؛ لأنه لم ينوِه.

وممن حكى الخلاف بينهما العناني رحمه الله في «حاشيته على شرح المنهج» فقال بعد إيراد عبارة الرملي: «واعتمد ابن حجر عدمَ الحصول».

يتبع في الأسفل .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
أحكام صيام الست من شوال عند الشافعية

الحال الرابعة: أن يصوم ستًّا ناويًا نحوَ قضاءٍ مع نفي الستِّ من شوال بالنية.

إذا صام الشخصُ ستة أيام من شوال، ونوى قضاءً أو نذرًا أو نفلًا آخرَ، ونفى الستَّ من شوالٍ بالنيةِ .. فلا خلاف بين ابن حجر والرمليِّ رحمهما الله أنها لا تحصلُ له..

وعبارة «النهاية» في ذلك: «وما أفتى به الوالد - رحمه الله تعالى - أيضًا أنه يُستحَبُّ لمن فاته رمضان وصام عنه شوالًا أنْ يصومَ ستًّا من ذي القعدة؛ لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب .. محمولٌ على من قصدَ فعلَها بعد صوم شوال، فيكون صارفًا عن حصولِها عن الستة، فسقط القول بأنه لا يتأتى إلا على القول بأن صومها لا يحصل بغيرها، أما إذا قلنا بحصوله - وهو الظاهر - فلا يستحب قضاؤُها».

أمَّا ابن حجر فقولُهُ في النصين السابقين في «فتح الجواد» و«الإمداد» في نحو عرفة والست من شوالٍ: «إنه كالتحية» قضيتُهُ أنه إن صرفَها بالنيةِ لم تحصل له، بل هو معلومٌ بالقياس الأولوي على كلامِهِ فيما إذا لم ينوِها، فإنه إذا لم يقل بحصول ثوابها فيما إذا لم ينوِها أصلًا، فأولى أن لا يحصل عنده ثوابُها فيما إذا نفاها.

وممن حكى الخلافَ بينهما الكرديُّ رحمه الله في «فتاويه»، فقال رحمه الله: «فتلخص أنه عند ابن حجر: إنْ نوى الكلَّ حَصَلَ ما نواه، وإن نوى البعضَ .. حَصَلَ ما نواه، وسقط طلبُ التطوع الذي لم ينوِهِ، لكن بلا حصولِ ثوابٍ له، وعند الجمال الرملي ومن تبعه: يحصُل ثواب سائر التطوعات وإن لم يَنْوِها ما لم تُصْرَفِ النيةُ عن شيءٍ منها، فلا يحصل ذلك حينئذ، والله أعلم»، وإلى الخلاف أشارَ في «المواهب المدنية» كذلك.

المقصد الرابع: ما يُندب في صيامها

نصَّ أئمتنا رضي الله عنهم على ندبِ أمرينِ في صيامِ الستِّ:

الأولُ: كونُها متتابعة.

والثاني: اتصالها بيوم العيدِ.

وذلك مبادرةً للعبادةِ؛ إذ لا يُؤمَن الفواتُ.

قال ابن حجر رحمه الله في «الإيعاب»: «(ويُسَنُّ فيها التتابعُ والاتصال بالعيد) مبادرة بالعبادة، فإن فرَّقها، أو لم يوصلها بالعيد .. فاتَهُ ثوابها الكامل، وكره بعضُ العلماء وصلها به؛ لأنه يُوهِمُ العامَّةَ وجوبَها، وهو مردودٌ؛ فإن هذا لا يخفى الآن على أحد ممن هو مخالط للمسلمين، وعلى التنزل: فاعتقادُ النفلِ واجِبًا لا محذورَ فيه».

ثُمَّ وجدتُ باعشن رحمه الله يستحبُّ إيقاعَ صومها في أيام البيضِ؛ لما في التأخير من الكمال الذي لا يشتملُ عليه التقديمُ، فقال رحمه الله في «المواهب السنية»، وهو أصلُ «بشرى الكريم»: «وهل الأفضل اتصالها بالعيد أو صومها في أيام البيض والسّود ليحصل له فضيلتهما مع فضل السّت؟ الذي يظهرُ الثاني؛ لما مَرَّ في الصلاة: أن كلَّ كمالٍ اشتملَ عليه التأخير، وخلى عنه التقديم .. يكون التأخيرُ أفضلَ، وهذا إن قلنا: ‹لا يضرُّ التشريك في الصوم› كما مَرّ في مبحث التعيين في النيّة».

ثم وجدتُهُ قد خالفَ ذلك في «بشرى الكريم»، فقال: «ويظهر أنَّ اتصالها بالعيد أفضلُ من صومها أيام البيض والسود وإن تأدى بذلك ثلاث سننٍ؛ لما في ذلك من الخلاف القوي، خصوصًا إذا نوى ستَّ شوالٍ مع البيض والسود؛ لِمَا مر في الكلام على التعين في النية عن الإسنوي من عدم حصول شيء منها».

المقصد الخامسُ: قضاؤها إذا فاتت.

اعتمد ابنُ حجر والرمليُّ رحمهما الله أنَّ من فاتَهُ صيامُ الستِّ من شوالٍ نُدِب له قضاؤها في ذي القعدة.

ويُعْلَمُ من كلام الرمليِّ رحمه الله في «النهاية» أنَّ محلَّ ندب قضائها: إذا نفاها في صومِ غيرِها في شوالٍ، فإذا صامَ غيرَها كقضاءٍ، ولم ينفِها في النيةِ .. لم يندب القضاءُ؛ لأنه حاصلةٌ له، أي: يحصُلُ له أصلُ الثوابِ، وقد علمت أنَّ الذي يأتي على معتمد ابن حجر أنه لا يكتفى لحصولِها بأنْ لا ينفيها، بل لا بد أن ينوِيَها لتحصُلَ له.

وعبارة «التحفة» في ذلك: «ولو فاته رمضانُ، فصام عنه شوالًا .. سُنَّ له صومُ سِتٍّ من القعدة؛ لأن من فاته صومٌ راتبٌ يسن له قضاؤه»، وعبارة «الإيعاب»: «يُندب لمن استغرق صومُهُ القضاءَ شوالًا، أو كان له عذرٌ آخرُ منعَهُ من صومها فيه .. أن يصوم الستة من القعدة كما يأتي».

ومرادُهُ بقوله: «كما يأتي» قوله بعد ذلك في «الإيعاب»: «وعُلِمَ من كلامِهم هنا وفي صلاة النفل أن الصوم الراتب يُنْدَبُ قضاؤُهُ، وهو ظاهرٌ، وزَعْمُ أنه لا يُندب كالأضحية، فهو بذات السبب أشبَهُ .. يُرَدُّ بأن الأضحية بخروج وقتها ينسلخُ عنها اسمُ الأضحية، فلما زال اسمها زال طلبها من حيث كونها أضحية، فلم يندب تداركها من تلك الحيثية المذكورة له؛ لتعذرها، بخلافه هنا، فإن بفوات الوقت لا يزول اسم الصوم، فطلب تداركه كتدارك رواتب الفرائض، وأي فرق بينهما؟ ويُفَرَّقُ بينه وبين ذات السبب بأنها لا تختص بزمن، بل تعرض بعروضِ السبب، وتنتفي بانتفائِه، فأشبهت الأضحية، ثم رأيت الزركشـي وغيره صَرَّ حا في ست شوال بأنه يسن قضاؤها»، ونقلَهُ الشيخ محمد الشوبري رحمه الله في «حاشيته على التحرير»، ومنه صوَّبت بعض ما وقع في النسخة.

وعبارة «النهاية»: «وما أفتى به الوالدُ - رحمه الله تعالى - أيضًا أنه يُسْتَحَبُّ لمن فاته رمضان وصام عنه شوالا أن يصوم ستًّا من ذي القعدة؛ لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب .. محمولٌ على من قصد فعلها بعد صوم شوال، فيكون صارفًا عن حصولها عن السنة، فسقط القول بأنه لا يتأتى إلا على القول بأن صومَها لا يحصلُ بغيرِها، أما إذا قلنا بحصوله - وهو الظاهر - فلا يستحبُّ قضاؤُها».

وكتب عليه الشبراملسيُّ رحمه الله: «قوله: ‹فلا يستحب قضاؤها› وبتقدير القضاء فهل يثاب ثواب الفرض على الجميع كما لو صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوالٍ؟ قال سم: ‹فيه نظر›. أقول: والأقرب حصول ذلك؛ لأن القضاء يحكي الأداء، ونقل عن الشهاب الرملي بالدرس أنه يُثاب على الستة ثواب النفل، ويُوَجَّهُ بأن ثواب الفرض في الخبر مقيدٌ بكونها من شوال، وهذه ليست منه».

وخالفَهُما القليوبيُّ رحمه الله، أي: خالفهما في ندب القضاء، ففي «حاشيته على المحليِّ» في صورة ما إذا صامَ شوالًا عن رمضان قضاءً قال: «فإن صامه عنه .. دخلت فيه، ويحصلُ ثوابُها المخصوصُ، وكذا ثوابُ رمضان المخصوصُ خلافًا للإسنوي، فإن قصدَ تأخيرَها .. لم تدخل، ويصومها من ذي القعدة، وفيه ما يأتي».

ويعني بقوله «وفيه ما يأتي» قوله بعد أسطر: «وتفوتُ بفواتِه، وفي ‹شرح شيخنا الرملي› ما يقتضي أنه يُندب قضاؤها بعد شوال إذا لم يصمها فيه ولو بغيرِ عذرٍ، وفيه نظر؛ لأن جميعَ أنواع هذا الصوم المذكور لا يُقْضَى؛ إذ ليس لها وقت محدود الطرفين كما في الصلاة فتأمله».

ووقع في «حاشية الشرقاوي على التحرير» ما يُوهِمُ متابعته القليوبيَّ حيث قال: «وتفوتُ بفوات شوال»، ولكن أَوَّل عبارتَهُ العلامة الإنبابي رحمه الله في «تقريره على حاشيته» فقال: «لعل المعنى يفوت ثوابَها الكامل؛ أخذًا مما يأتي»، أي: مما ذكره عن الرمليِّ ووالدِهِ من قضائها في ذي القعدة فيما إذا صرفها بالنية، وكذلك أوَّلَهُ الشيخ الذهبيُّ رحمه الله في «تقريره على الحاشية» فقال: «لعله يفوت أداؤها؛ لأنه يستحبُّ قضاء الرواتب».

المقصد السادس: حصول الفضل الوارد في الحديث ببدل الصوم.

بحثَ البرماوي رحمه الله أنَّ من عجزَ عن صومِ رمضانَ، وأطعمَ عنه، ثم شُفِيَ يومَ العيد، ثم صام ستةَ أيامٍ من شوال .. حصل له الثوابُ المذكورُ في الحديث.

وعبارته في «حاشيته على شرح المنهج»: «قوله: ‹ثُمَّ أتبعه› أي: حقيقة إن صامه وحُكْمًا إن أفطر؛ لأنَّ قضاءه يقع عنه فكأنه مقدَّمٌ، ومن هنا يُعلم أن من عجز عن صوم رمضان، وأطعم عنه، ثم شفي يوم العيد مثلًا، ثم صامَ ستة أيام من شوال .. حصلَ له الثوابُ المذكور في الحديث، ولا مانع من ذلك، ونظيره ما قاله العز ابن عبد السلام فيمن فَطَّرَ ستًّا وثلاثين شخصًا كان كمن صام الدهر».

والخلاصة:

يُنْدب صيامُ ستٍّ من شوالٍ متتابعة عقب يوم العيدِ، ويحصلُ أصلُ السنةِ بصيامِ ستة أيامٍ من شوالٍ ولو عن قضاءٍ أو نذرٍ أو نفلٍ آخرَ بشرطِ أن ينوِيَها معه عند ابن حجر، ولكن لا يحصل الثوابُ الكاملُ المذكور في الحديث إلا إذا صامَ جميع رمضان، فإذا أرادَ من عليه أيامٌ من رمضان تحصيل الثوابِ المذكور في الحديثِ صامَ ما عليه أولًا، ثمَّ صامها، وإذا فاتت نُدب قضاؤها.

والحمد لله ربِّ العالمين.

تمَّ ما أردتُ إبانته في هذه المسألة، والله يجزي الخير من دعا لنا ... ومن على دعائه قد أمَّنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اسئلة متعلقة

...