في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة

تحليل المشكلة الجزئية الرابعة

هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة

الإجابة هي كالتالي 

تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة

تحليل المشكلة الجزئية الرابعة :

هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة ؟ واذا كان اهلها يتفاوتون في البعد او القرب عنها ، فهل كلهم يلزمهم الكفر ؟

*...ثم اني ابتدأت بعد الفراغمن علم الكلام ، بعلم الفلسفة ،وعلمت يقينا ، انه لا يقف فساد نوع من العلوم ، من لا يقف على منتهى ذلك العلم ، حتى يساوي اعلمهم في اصل العلم ، ثم يزيد عليه ويجاوز درجته ، فيطلععلى ما لم يطلع عليه صاحب العلم من غور وقائلة .واذ ذاك يمكن ان يدعيه من فساد حقا . ولم ار احدا من علماء الاسلام صرف عنايته وهمته الى ذلك ولم يكن كتب المتكلمين من كلامهم ، حيث اشتغلوا بالرد عليهم ، الالا كلمات معقدة مبددة ، ظاهرة التناقض والفساد ، لا يظن الاغترار بها بعاقل عامي ، فضلا عمن يدعي دقائق العلوم فعلمت ان رد المذهب قبل فهمه والاطلاع على كنهه رمي في عماية . فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب ، بمجرد المطالعة من غير استعانة بأستاذ . واقبلت على ذلك في اوقات فراغي من التصنيف والتدريس في العلوم الشرعية وانا ممنو بالتدريس والافادة لثلاثمائة نفر من الطلبة ببغداد.       

فاطلعني الله سبحانه وتعالى بمجرد المطالعة في هذه الاوقات المختلسة ، على منتهى علومهم في اقل من سنتين . ثم لم ازل اواظب على التفكر فيه بعد فهمه من خداع وتلبيس ، وتحقيق وتخييل ، اطلاعا لم اشك فيه. *

فاسمع الان حكايتهم وحكاية حاصل علومهم : فاني رايتهم اصنافا، ورأيت علومهم اقساما ؛ وهم على كثرة اصنافهم ، يلزمهم وصمت الكفر والالحاد ، وان كان بين القدماء منهم والاقدمين وبين الاواخر منهم والاوائل ، تفاوت عظيم في البعد عن الحق والقرب منه .  

اولا :اصناف الفلاسفة 

اعلم انهم ، على كثرة فرقهم واختلاف مذاهبهم ، ينقسمون الى ثلاثة اقسام :

الدهريون ، والطبيعيون ، والالهيون 

1- الصنف الاول : الدهريون : وهم طائفة من الاقدمين جحدوا الصانع المدبر ، العالم القادر وزعموا أن العالم لم يزل موجودا كذلك بنفسه بلا صانع ، ولم يزل الحيوان من النطفة ، والنطفة من الحيوان كذلك كان ، وكذلك يكون أبدا . وهؤلاء هم الزنادقة .

2- والصنف الثاني : هم الطبيعيون : وهم قوم اكثر بحثهم عن عالم الطبيعة ، وعن عجائب الحيوان والنبات ، واكثروا الخوض في علم تشريح اعضاء الحيوانات ، فراوا فيها من عجائب صنع الله تعالى وبدائع حكمته ، ما اضطروا معه الى الاعتراف بفاطر حكيم ، مطلع على غايات الامور ومقاصدها، ولا يطالع التشريع وعجائب منافع الاعضاء مطالع ، الا ويحصل له هذا العلم الضروري بكمال تدبير الباني لبنية الحيوان ، لا سيما بنية الانسان . الا ان هؤلاء ، لكثرة بحثهم عن الطبيعة ، ظهر عندهم – لاعتدال الميزاج – تأثير عظيم في قوام قوى الحيوان به . فظنوا ان القوة العاقلة من الانسان تابعة لمزاجه ايضا ، وانها تبطل ببطلان مزاجه فتنعدم . ثم اذا انعدمت ، فلا يعقل اعادة المعدوم كما زعموا . فذهبوا الى ان النفس تموت ولا تعود ، فجحدوا الاخرة ،وانكروا الجنة والنار ، والحشر والنشر ، والقيامةوالحساب ، فلم يبق عندهم للطاعة ثواب ، ولا للمعصية عقاب ؛ فانحل عنهم اللجام وانهمكوا في الشهوات انهماك الانعام .

وهؤلاء ايضا زنادقة ، لان اصل الايمان هو الايمان باللهواليوم الاخر . وهؤلاء جحدوا اليوم الاخر ، وان امنوابالله وصيفاته .

3- والصنف الثالث : الالهيون : وهم المتأخرون منهم ، مثل سقراط وهو استاذ افلاطون وافلاطون استاذ ارسطاطليس ، وارسطاطليس هو الذي رتب لهم المنطق ، وهذب لهم العلوم وحرر لهم ما لم يكن محررا من قبل ، وانضج ما كان ضجا من علومهم ، وهم بجملتهم ردوا على الصنفين الاولين من الدهرية والطبيعية ، واوردوا في الكشف عن فضاحهم ما اغنوا به غيرهم . " وكفى اللهالمؤمنين القتال " . بتقاتلهم . ثم رد أرسطاطليس على افلاطون وسقراطومن كان قبلهم من الالهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرا عن جميعهم . الا انه استبقى ايضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزوع منها ، فوجب تكفيرهم ، وتكفير شيعتهم من المتفلسفة الاسلاميين ، كابن سينا والفارابي وغيرهما على انه لم يقم بنقل علم ارسطاطليساحد من المتفلسفة الاسلاميين كقيام هذين الرجلين . وما نقله غيرهما ليس يخلو من تخبيط وتخليط يتشوش فيه قلب المطالع حتى لا يُفهم . وما لا يفهم كيف يرد او يقبل ؟ ومجموع ما صح عندنا من فلسفة ارسطو طاليس ، بحسب نقل هذين الرجلين ، ينحصر في ثلاثة اقسام : قسم يجب التكفير به وقسم يجب التبديع به ؛ وقسم لا يجب انكاره اصلا ، فلنفصله.

 ثانيا : اقسام علومهم

اعلم ان علومهم بالنسبة الى الغرض الذي نطلبه ستة اقسام : رياضية ، ومنطقية ، وطبيعية والهية ، وسياسية ، وخلقية . 

 -1 اما الرياضية : فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم ، وليس يتعلق شيء منها بالأمور الدينية نفيا واثباتا ، بل هي امور برهانية لا سبيل الى مجاحدتها بعد فهمها ومعرفتها . وقد تولدت منها افتان:   

ا/ احداهما ، من ينظر فيها يتعجب من دقائقها ومن ظهور برهانها ، فيحسن بسبب ذلك اعتقاده في الفلاسفة ، ويحسب ان جميع علومهم في الوضوح وفي وثاقة البرهان كهذا العلم . ثم يكون قد سمع من كفرهم وتعطيلهم وتهاونهم بالشرع ما تداولته الالسنة فيكفر بالتقليد المحض ويقول : لوكان الين حقا لما اختفى على هؤلاء مع تدقيقهم في هذا العلم . فاذا عُرف بالتسامع كفرهم وجحدهم ، استدل على ان الحق هو الجحد والانكار للدين . وكم رأيت من يضل عن الحق بهذا العذر ولا مستند له سواه . واذا قيل له : الحاذق في صناعة واحدة ليس يلزم ان يكون حاذقا في كل صناعة ، فلا يلزم ان يكون الحاذق في الفقه والكلام حاذقا في الطب ولا ان يكون الجاهل بالعقليات جاهلا بالنحو ، بل لكل صناعة اهل بلغوا فيها رتبة البراعة والسبق . وان كان الحمق والجهل قد يلزمهم في غيرها . فكلام الاوائل في الرياضيات برهاني ، وفي الالهيات تخميني ، لا يعرف ذلك الا من جربه وخاض فيه. فهذا اذا قرر على هذا الذي الحد بالتقليد ، لم يقع منه موضع القبول ، بل تحمله غلبة الهوى ، والشهوة الباطلة وحب التكايس ن على ان يصر على تحسين الظن بهم في العلوم كلها .فهذه افة عظيمة لأجلهايجب زجر كل من يخوض في تلك العلوم ، فإنها – وان لم تتعلق بأمر الدين ، ولكن لما كانت من مبادئ علومهم – سرى اليه شرعهم وشؤمهم ، فقل من يخوض فيها الا وينخلع من الدين وينحل عن راسه لجام التقوى 

ب/ الافة الثانية ، نشأت من صديق للإسلام جاهل ، ظن ان الدين ينبغي ان ينصر بإنكار كل علم منسوب اليهم ؛ فانكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها ، حتى انكر قولهم في الكسوف والخسوف ، ورغم ان ما قالوه على خلاف الشرع . فلما قرع ذلك سمع من عرف ذلك بالبرهان القاطع ، لم يشك في برهانه ، ولكن اعتقد ان الاسلام مبني على الجهل وانكار البرهان القاطع ، فيزداد للفلسفة حبا وللإسلام بغضا . ولقد عظم على الدين جناية ، من ظن ان الاسلام يُنصر بإنكار هذه العلوم ، وليس في الشرع تعرض لهذه العلوم بالنفي والاثبات ، ولا في هذه العلوم تعرض للامور الدينية . وقوله صلى الله عليه وسلم : " ان الشمس والقمر ايتان من اياتالله تعالى لا ينخسفان لموت احد ولا لحياته . فاذا رايتم ذلك فافزعوا الى ذكر الله تعالى والى الصلاة ، ليس في هذا ما يوجب انكار علم الحساب المعرف بمسير الشمس والقمر واجتماعهما أو مقابلتهما على وجه مخصوص . اما قوله عليه الصلاة والسلام : " لكن الله اذا تجلى لشيء خضع له ". فليس توجد هذه الزيادة في الصحاح أصلا . فهذا حكم الرياضيات وافتها . 

-2 واما المنطقيات : فلا يتعلق شيء منها بالدين نفيا واثباتا ، بل هي النظر في طرق الادلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكيفية تركيبها ، وشروط الحد الصحيح وكيفية ترتيبه ؛ وان العلم اما تصور – وسبيل معرفة الحد – واما تصديق – وسبيل معرفته البرهان – وليس في هذا ما ينبغي ان ينكر ، بل هو من جنس ما ذكره المتكلمون وأهل النظر في الادلة . وانما يفارقونهم بالعبارات والاصطلاحات ، وبزيادة الاستقصاء في التعريفات والتشعيبات . ومقل كلامهم فيها ، قولهم : اذا ثبت ان الحيوان انسان ويعبرون عن هذا بان الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية . واي تعلق لهذا بمهمات الدين حتى يجد وينكر ؟ فاذا انكر لم يحصل من انكاره عند اهل المنطق ، الا سوء الاعتقاد في عقل المنكر ، بل في دينه الذي يزعم انه موقوف على مقل هذا الانكار .نعم ، لهم نوع من الظلم في هذا العلم ، وهو انهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم انها تورث اليقين لا محالة ، لكنهم عند الانتهاء الى المقاصد الدينية ، ما امكنهم الوفاء بتلك الشروط ، بل تساهلوا غاية التساهل ، وربما ينظر في المنطق ايضا من يستحسنه ويراه واضحا ، فيظن ان ما ينقل عنهم من الكفريات مؤيد بمثل تلك البراهين ، فيستعجل بالكفر قبل الانتهاء الى العلوم الالهية .   

فهذه الافة ايضا متطرقة اليه .

-3 واما علم الطبيعيات ، فهو بجث رعن عالم السموات وكواكبها ، وما تحتها من الاجسام المفردة ، كالماء والهواء والتراب والنار ، ومن الاجسام المركبة ، كالحيوان والنبات والمعادن ، وعن اسباب تغيرها واستحالتها وامتزاجها . وذلك يضاهي بحث الطب عن جسم الانسان واعضائه الرئيسية والخادمة ، واسباب استحالة مزاجه . وكما ليس من شرط الدين انكار علم الطب ، فليس من شرطه ايضا ، انكار ذلك العلم ، والا في مسائلة معينة ، ذكرناها في كتاب "تهافت الفلاسفة" وما عداها مما يجب المخالفة فيها ؛ فعند التأمل يتبين انها مندرجة تحتها؛ واصل جملتها ان تعلم ان الطبيعة مسخرة لله تعالى ، لا تعمل بنفسها ، بل هي مستعملة من جهة فاطرها . والشمس والقمر والنجوم والطبائع مسخرات بأمره لا فعل لشيء منها بذاته عن ذاته .    

-4 واما الالهيات ، ففيها اكثر اغاليطهم ، فما قدروا على الوفاء بالبرهان على ما شرطوه في المنطق ، ولذلك كثر الاختلاف بينهم فيها . ولقد قرب مذهب ارسطوطاليس فيها من مذاهب الاسلاميين على ما نقله الفارابي وابن سينا . ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع الى عشريناصلا ، يجب تكفيرهم فيثلاثة منها وتبديعهم في سبعة عشر . 

يتبع في الأسفل 

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
يتبع تحليل المشكلة الجزئية الرابعة

ولإبطال مذهبهم في هذه المسائل العشرين ، صنفنا كتاب (التهافت).

اما المسائل الثلاث ، فقد خالفوا فيها كافة الاسلاميين وذلك في قولهم :

ا/ ان الاجساد لا تحشر ، وانما المُثاب والمُعاقب هي الروح المجردة ، والمثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية ؛ ولقد صدقوا في اثبات الروحانية ، فإنها كائنة ايضا ، ولكن كذبوا في انكار الجسمانية ، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به .   

ب/ ومن ذلك قولهم : " ان الله تعالى يعلم الكليات دون الجزيئات" ، وهذا ايضا كفر صريح ، بل الحق انه : " لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض" .

ج/ ومن ذلك قولهمبقدم العالم وازليته ؛ فلم يذهب احد من المسلمين الى شيء من هذه المسائل .

واما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات وقولهم انه عالم بالذات لا يعلم زائد على الذات وما يجري مجراه فمذهبهم فيها قريب من مذهب المعتزلة ، ولا يجب تكفير المعتزلة بمثل ذلك ، وقد ذكرنا في كتاب : " فيصل التفرقة بين الاسلام والزندقة" ما يتبين فيه ، فساد راي من يتسارع الى التكفير في كل ما يخالف مذهبه.

5-واما السياسيات ، فجميع كلامهم فيها فيرجع الى الحكم المصلحية المتعلقة بالأمور الدنيوية والايالة السلطانية، وانما اخذوها من كتب الله المنزلة على الانبياء ، ومن الحكم المأثورة عن سلف الانبياء .

6- واما الخلقية ، فجميع كلامهم فيها ، يرجع حصر صفات النفس واخلاقها ، وذكر اجناسها وانواعها وكيفية معالجتها ومجاهدتها ، وانما اخذوها من كلام الصوفية . وهم المتألهون المواظبون على ذكرالله تعالى ، وعلى مخالفة الهوى وسلوك الطريق الى الله تعالى بالاعراض عن ملاذ الدنيا .وقد انكشف لهم في مجاهدتهم من اخلاق النفس وعيوبها ، وافات اعمالها ، ما صرحوا بها ، فأخذها الفلاسفة ومزجوها بكلامهم ، توسلا بالتجمل بها الى ترويج باطلهم ، ولقد كان في عصرهم ، بل في كل عصر ، جماعة من التألهين ، لا يخلي الله سبحانه العالم عنهم ، فانهم اوتاد الارض ، ببركاتهم تنزل الرحمة على اهل الارض ، كما ورد في الخبر حيث قالصلى الله عليه وسلم :"بهم تمطرون وبهم ترزقون ومنهم كان اصحاب الكهف" .وكانوا في سالف الازمنة ، على ما نطق به القران ، فتولد من مزجهم كلام النبوة وكلام الصوفية بكتبهم ، افتان : افة في حق القابل وافة في حق الراد :

ا/ اما الافة التي في حق الراد ، فعظيمة اذ ظنت طائفة من الضعفاء ان ذلك الكلام اذا كان مدونا في كتبهم ، وممزوجا بباطلهم – ينبغي ان يُهجر ولا يُذكر ،بل يُنكر على كل من

يذكره ، اذ لم يسمعوه اولا الا منهم ؛ فسبق الى عقولهم الضعيفة انه باطل ، كالذي يسمع من النصراني قوله :"لا اله الا الله عيسى رسول الله ، فينكره ويقول :" هذا كلام النصراني " ، ولا يتوقف ريثما يتأمل ان النصراني كافر باعتبار هذا القول ، او باعتبار انكاره نبوةمحمد عليه الصلاة والسلام. فان لم يكن كافرا الا باعتبار انكاره ، فلا ينبغي ان يخالف في غير ما هو به كافر مما هو حق في نفسه ، وان كان ايضا ، حقا عنده . وهذه عادة ضعفاء العقول ، يعرفون الحق بالرجال، لا الرجال بالحق . والعاقل يقتدي بسيد العقلاء علي ، رضيالله عنه حيث قال :" لا تعرف الحق بالرجال بل اعرف الحق تعرف اهله ". والعارف العاقل يعرف الحق ، ثم ينظر في نفس العقول : فان كان حقا ، قبله سواء كان قائله مبطلا او محقا ؛ بل ربما يحرص على انتزاع الحق من اقاويل اهل الضلال، عالما بان معدن الذهب الرغام . ولا باس على الصراف ان ادخل يده في كيس القلاب ، وانتزع الابريز الخالص من الزيف والبهرج ، مهما كان واثقا ببصيرته ؛ وانما يزجر عن معاملة القلاب القروي دون الصير في البصير ، ويُمنع من ساحل البحر الاخرق ، دون السباح الحاذق ويُصد عن مس الحية الصبي دون المُعزم البارع .

ولعمري . لما غلب على اكثر الخلق ظنهم بأنفسهم الحذاقة والبراعة ، وكمال العقل وتمام الالة في تمييز الحق عن الباطل ، والهدى عن الظلالة ، وجب حسم الباب في زجر الكافة عن مطالعة كتب اهل الظلال ما امكن ، اذ لا يسلمون عن الافة الثانية التي سنذكرها اصلا ، وان سلموا عن هذه الافقة التي ذكرناها .

ولقد اعرض على بعض الكلمات المبثوثة في تصانيفنا في اسرار علوم الدين طائفة من الذين لم تستحكم في علوم سرائرهم ولم تنفتح الى اقصى غايات المذاهب بصائرهم ، وزعمت ان تلك الكلمات من كلام الأوائل ، مع ان بعضها من مولدات الخواطر ولا يبعد ان يقع الحافز ، وبعضها يوجد في الكتب الشرعية ، واكثرها موجود معناه في كتب الصوفية .
0 تصويتات
بواسطة
يتبع تحليل المشكلة الجزئية الرابعة

وهب انها لم توجد الا في كتبهم ؛ فاذا كان ذلك الكلام معقولا في نفسه ، مؤيدا بالبرهان ، ولم يكن على مخالفة الكتاب والسنة ، فلم ينبغي ان يهجر ويترك ؟ فلو فتحنا هذا الباب وتطرقنا الى ان يهجر كل حق سبق اليه خاطر مبطل للزمنا ان نهجر كثيرا من الحق ، ولزمنا ان نهجر جملة ايات من ايات القران واخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وحكايات السلف وكلمات الحكماء والصوفية ، لان صاحب كتاب " اخوان الصفا " اوردها في كتابه مستشهدا بها ومستدرجا قلوب الحمقى بواسطتها الى باطله ؛ ويتداعى ذلك الا ان يستخرج المبطلون الحق من ايدينا بأيديهم اياه في كتبهم . واقل درجات العالم ، ان يتميز عن العامي الغُمر، فلا يعاف العسل ، ان وجده في حجمة الحجام ، ويتحقق ان المحجمة لا تغير ذات العسل ، فان نفرة الطبع عنه مبنية على جهل عامي منشؤه ان المحجمة انما صنعت للدم المستقذر ، فيظن ان الدم مستقذر لكونه في المحجمة ، ولا يدري انه مستقذر لصفة في ذاته ؛ فاذا عدمت هذه الصفة في العسل – (ب)كونه في ظرفه لا يُكسبه تلك الصفة – فلا ينبغي ان يوجب له الاستقذار . وهذا وهم باطل ، وهو غالب على اكثر الخلق . فاذا نسبت الكلام واسندته الى قائل حسن فيه اعتقادهم قبلوه وان كان باطلا ؛ وان اسندته الى من ساء فيه اعتقادهم ، ردوه وان كان حقا . فإبدا يعرفون الحق بالرجال ولا يعرفون الرجال بالحق ، وهو غاية الظلال . هذه افة الرد .

ب/ والافة الثانية افة القبول، فان من نظر في كتبهم " كإخوان الصفا "وغيرها ، فرا ما مزجوه بكلامهم من الحكمة النبوية ، والكلمات الصوفية ، ربما استحسنها وقبلها ، وحسن اعتقاده فيها ، فيسارع الى قبول باطلهم الممزوج به ، لحس ظن حصل فيما راه واستحسنه وذلك نوع استدراج الى الباطل .  

ولأجل هذه الافة ، يجب الزجر عن مطالعة كتبهم لما فيها من الغدر والخطر . وكما يجب صون من لا يحسن السباحة على مزالق الشطوط ،يجب صون الخلق عن مطالعة تلك الكتب وكما يجب صون الصبيان عن مس الحيات ، يجب صون الأسماع عن مختلط تلك الكلمات وكما يجب على المعزم ان لا يمس الحية بين يد ولده الطفل اذا علم انه سيقتدي به ويظن انه مثله ، بل يجب عليه ان يحذره منه ، بان يحذر هو في نفسه ولا يمسهابين يديه ، فكذلك يجب على العالم الراسخ مثله . وكما ان المعزم الحاذق اذا اخذ الحية وميز بين الترياق والسم واستخرج منها الترياق وابطل السم ، فليس له ان يشح بالترياق على المحتاج اليه . وكذا الصراف الناقد البصير ، اذا ادخل يده في كيس القلاب ، واخرج منه الابريز الخالص ، واطرح الزيف والبهرج ، فليس له ان يشح بالجيد المرضي على من يحتاج اليه ؛ فكذلك العالم وكما ان المحتاج الى الترياق ، اذا اشمأزت نفسه منه ، حيث علم انه مستخرج من الحية التي هي مركز السم ، وجب تعريفه . والفقير المضطر الى المال ، اذا نفر عن قبول الذهب المستخرج من كيس القلاب وجب تنبيهه على ان نفرته جهل محض ، وهو سبب حرمانه من الفائدة التي هي مطلبه . وتحتم تعريفه (ب)ان قرب الجوار بين الزيف و الجيد لا يجعل الجيد زيفا ، كما لا يجعل الزيف جيدا . فكذلك قرب الجوار بين الحق والباطل ، لا يجعل الحق باطلا ، كما لا يجعل الباطل حقا .     

فهذا مقدار ما اردنا ذكره من افةالفلسفة وغايتها .

عرض لموقف الغزالي من الفلاسفة

في هذا الفصل نعرض لرأي الغزالي من الفلاسفة والفلسفة وتكفيرهم في مسائل ثلاثة :

1/القول بقدم العالم .

2/القول بان العذاب في النار على الأرواح دون الأبدان

3/القول بان الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات  

يذكرالشهر زوري في " نزهة الارواح" . والبهيقي في " تاريخ حكماء الاسلام" .ان الغزالي اعتمد في رده على الفلاسفة في هذه المسائل على شرح يحي النحوي على مذهب ارسطو.

وفيم يختص بقدم العالم فان الفلاسفة يقولون بان العالم قديم وان تقدم الباري عليه كتقدم العلة على المعلول وهو تقدم بالذات والرتبة لا بالزمان . لأنه لا يتصور ان يصدر حادث عن قديم بدون وسطة اصلا . ولهم في ذلك ادلة منها : استحالة وجود مُرجح لإيجاد العالم في وقت دون اخر وقد رد الغزالي على هذا الدليل بقوله :" ماذا يمنع ان تكون الارادة قديمة واقتضت وجود العالم في الوقت الذي وجدت فيه"؟ لا سيما وان ارادةاللهمطلقة وغير مقيدة تختار اي وقت للإيجاد دون ان يكون لذلك سبب الا الارادة ذاتها .

واما دليل الفلاسفةالثاني :على قدم العالم فمضمونه ان الله متقدم على العالم لا بالزمان بل بالذات كتقدم الواحد على الاثنين وبالمعلولية كتقدم حركة الشخص على حركة ظله . ويرد الغزالي على هذا الدليل بقوله :" هذا الدليل وهو يشير الى تقدم الله على العالم والزمان – انما يعني- ان الله كان ولا عالم ثم كان ومعه العالم ، ففي الحالة الاولى توجد ذات الله وحدها ، وفي الحالة الثانية توجد ذاتاللهوذات العالم ، وفي كلا الحالتين لا وجود للزمان ، فليس من الضروري اذن افتراض وجود حد ثالث بينهما هو الزمان .

ولدى الفلاسفة دليل ثالث على القول بتقدم المادة لانهم يرون انه لابد من سبق وجود المادة الخالصة لكي تكون مستعدة لقبول صورة مرتبطة لها فالمادة اذن ولو انها قديمة الا انها مجردة الا ما كان صرف وليس فعلا تاما او وجودا تاما فيكون مكان اذن وصفا ومن ثمة لا يكون قائما بذاته وهذا هو معنى قوله: بان العالم يمكن معه وهو تمسكهم بقولهم . يرد الغزالي عليهم بقوله :" ان الامكان والوجود والامتناع تعتبر من هذه الناحية تصورا عقليا لا يحتاج الى موجود حتى تجعل وصفا له والا استدعت امتناعه ايضا تبعا لموجود يضاف اليه ومن ثمة فهناك ضرورة تقذف مادة قديمة حتى تكون محلا للإمكان
0 تصويتات
بواسطة
ملخص المشكلة الرابعة في الانتاج الفلسفي

اسئلة متعلقة

...