تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة
تحليل المشكلة الجزئية الرابعة
هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة
الإجابة هي كالتالي
تحليل المشكلة الجزئية الرابعة هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة
تحليل المشكلة الجزئية الرابعة :
هل الفلسفة ترشدنا الى الحقيقة ؟ واذا كان اهلها يتفاوتون في البعد او القرب عنها ، فهل كلهم يلزمهم الكفر ؟
*...ثم اني ابتدأت بعد الفراغمن علم الكلام ، بعلم الفلسفة ،وعلمت يقينا ، انه لا يقف فساد نوع من العلوم ، من لا يقف على منتهى ذلك العلم ، حتى يساوي اعلمهم في اصل العلم ، ثم يزيد عليه ويجاوز درجته ، فيطلععلى ما لم يطلع عليه صاحب العلم من غور وقائلة .واذ ذاك يمكن ان يدعيه من فساد حقا . ولم ار احدا من علماء الاسلام صرف عنايته وهمته الى ذلك ولم يكن كتب المتكلمين من كلامهم ، حيث اشتغلوا بالرد عليهم ، الالا كلمات معقدة مبددة ، ظاهرة التناقض والفساد ، لا يظن الاغترار بها بعاقل عامي ، فضلا عمن يدعي دقائق العلوم فعلمت ان رد المذهب قبل فهمه والاطلاع على كنهه رمي في عماية . فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب ، بمجرد المطالعة من غير استعانة بأستاذ . واقبلت على ذلك في اوقات فراغي من التصنيف والتدريس في العلوم الشرعية وانا ممنو بالتدريس والافادة لثلاثمائة نفر من الطلبة ببغداد.
فاطلعني الله سبحانه وتعالى بمجرد المطالعة في هذه الاوقات المختلسة ، على منتهى علومهم في اقل من سنتين . ثم لم ازل اواظب على التفكر فيه بعد فهمه من خداع وتلبيس ، وتحقيق وتخييل ، اطلاعا لم اشك فيه. *
فاسمع الان حكايتهم وحكاية حاصل علومهم : فاني رايتهم اصنافا، ورأيت علومهم اقساما ؛ وهم على كثرة اصنافهم ، يلزمهم وصمت الكفر والالحاد ، وان كان بين القدماء منهم والاقدمين وبين الاواخر منهم والاوائل ، تفاوت عظيم في البعد عن الحق والقرب منه .
اولا :اصناف الفلاسفة
اعلم انهم ، على كثرة فرقهم واختلاف مذاهبهم ، ينقسمون الى ثلاثة اقسام :
الدهريون ، والطبيعيون ، والالهيون
1- الصنف الاول : الدهريون : وهم طائفة من الاقدمين جحدوا الصانع المدبر ، العالم القادر وزعموا أن العالم لم يزل موجودا كذلك بنفسه بلا صانع ، ولم يزل الحيوان من النطفة ، والنطفة من الحيوان كذلك كان ، وكذلك يكون أبدا . وهؤلاء هم الزنادقة .
2- والصنف الثاني : هم الطبيعيون : وهم قوم اكثر بحثهم عن عالم الطبيعة ، وعن عجائب الحيوان والنبات ، واكثروا الخوض في علم تشريح اعضاء الحيوانات ، فراوا فيها من عجائب صنع الله تعالى وبدائع حكمته ، ما اضطروا معه الى الاعتراف بفاطر حكيم ، مطلع على غايات الامور ومقاصدها، ولا يطالع التشريع وعجائب منافع الاعضاء مطالع ، الا ويحصل له هذا العلم الضروري بكمال تدبير الباني لبنية الحيوان ، لا سيما بنية الانسان . الا ان هؤلاء ، لكثرة بحثهم عن الطبيعة ، ظهر عندهم – لاعتدال الميزاج – تأثير عظيم في قوام قوى الحيوان به . فظنوا ان القوة العاقلة من الانسان تابعة لمزاجه ايضا ، وانها تبطل ببطلان مزاجه فتنعدم . ثم اذا انعدمت ، فلا يعقل اعادة المعدوم كما زعموا . فذهبوا الى ان النفس تموت ولا تعود ، فجحدوا الاخرة ،وانكروا الجنة والنار ، والحشر والنشر ، والقيامةوالحساب ، فلم يبق عندهم للطاعة ثواب ، ولا للمعصية عقاب ؛ فانحل عنهم اللجام وانهمكوا في الشهوات انهماك الانعام .
وهؤلاء ايضا زنادقة ، لان اصل الايمان هو الايمان باللهواليوم الاخر . وهؤلاء جحدوا اليوم الاخر ، وان امنوابالله وصيفاته .
3- والصنف الثالث : الالهيون : وهم المتأخرون منهم ، مثل سقراط وهو استاذ افلاطون وافلاطون استاذ ارسطاطليس ، وارسطاطليس هو الذي رتب لهم المنطق ، وهذب لهم العلوم وحرر لهم ما لم يكن محررا من قبل ، وانضج ما كان ضجا من علومهم ، وهم بجملتهم ردوا على الصنفين الاولين من الدهرية والطبيعية ، واوردوا في الكشف عن فضاحهم ما اغنوا به غيرهم . " وكفى اللهالمؤمنين القتال " . بتقاتلهم . ثم رد أرسطاطليس على افلاطون وسقراطومن كان قبلهم من الالهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرا عن جميعهم . الا انه استبقى ايضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزوع منها ، فوجب تكفيرهم ، وتكفير شيعتهم من المتفلسفة الاسلاميين ، كابن سينا والفارابي وغيرهما على انه لم يقم بنقل علم ارسطاطليساحد من المتفلسفة الاسلاميين كقيام هذين الرجلين . وما نقله غيرهما ليس يخلو من تخبيط وتخليط يتشوش فيه قلب المطالع حتى لا يُفهم . وما لا يفهم كيف يرد او يقبل ؟ ومجموع ما صح عندنا من فلسفة ارسطو طاليس ، بحسب نقل هذين الرجلين ، ينحصر في ثلاثة اقسام : قسم يجب التكفير به وقسم يجب التبديع به ؛ وقسم لا يجب انكاره اصلا ، فلنفصله.
ثانيا : اقسام علومهم
اعلم ان علومهم بالنسبة الى الغرض الذي نطلبه ستة اقسام : رياضية ، ومنطقية ، وطبيعية والهية ، وسياسية ، وخلقية .
-1 اما الرياضية : فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم ، وليس يتعلق شيء منها بالأمور الدينية نفيا واثباتا ، بل هي امور برهانية لا سبيل الى مجاحدتها بعد فهمها ومعرفتها . وقد تولدت منها افتان:
ا/ احداهما ، من ينظر فيها يتعجب من دقائقها ومن ظهور برهانها ، فيحسن بسبب ذلك اعتقاده في الفلاسفة ، ويحسب ان جميع علومهم في الوضوح وفي وثاقة البرهان كهذا العلم . ثم يكون قد سمع من كفرهم وتعطيلهم وتهاونهم بالشرع ما تداولته الالسنة فيكفر بالتقليد المحض ويقول : لوكان الين حقا لما اختفى على هؤلاء مع تدقيقهم في هذا العلم . فاذا عُرف بالتسامع كفرهم وجحدهم ، استدل على ان الحق هو الجحد والانكار للدين . وكم رأيت من يضل عن الحق بهذا العذر ولا مستند له سواه . واذا قيل له : الحاذق في صناعة واحدة ليس يلزم ان يكون حاذقا في كل صناعة ، فلا يلزم ان يكون الحاذق في الفقه والكلام حاذقا في الطب ولا ان يكون الجاهل بالعقليات جاهلا بالنحو ، بل لكل صناعة اهل بلغوا فيها رتبة البراعة والسبق . وان كان الحمق والجهل قد يلزمهم في غيرها . فكلام الاوائل في الرياضيات برهاني ، وفي الالهيات تخميني ، لا يعرف ذلك الا من جربه وخاض فيه. فهذا اذا قرر على هذا الذي الحد بالتقليد ، لم يقع منه موضع القبول ، بل تحمله غلبة الهوى ، والشهوة الباطلة وحب التكايس ن على ان يصر على تحسين الظن بهم في العلوم كلها .فهذه افة عظيمة لأجلهايجب زجر كل من يخوض في تلك العلوم ، فإنها – وان لم تتعلق بأمر الدين ، ولكن لما كانت من مبادئ علومهم – سرى اليه شرعهم وشؤمهم ، فقل من يخوض فيها الا وينخلع من الدين وينحل عن راسه لجام التقوى
ب/ الافة الثانية ، نشأت من صديق للإسلام جاهل ، ظن ان الدين ينبغي ان ينصر بإنكار كل علم منسوب اليهم ؛ فانكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها ، حتى انكر قولهم في الكسوف والخسوف ، ورغم ان ما قالوه على خلاف الشرع . فلما قرع ذلك سمع من عرف ذلك بالبرهان القاطع ، لم يشك في برهانه ، ولكن اعتقد ان الاسلام مبني على الجهل وانكار البرهان القاطع ، فيزداد للفلسفة حبا وللإسلام بغضا . ولقد عظم على الدين جناية ، من ظن ان الاسلام يُنصر بإنكار هذه العلوم ، وليس في الشرع تعرض لهذه العلوم بالنفي والاثبات ، ولا في هذه العلوم تعرض للامور الدينية . وقوله صلى الله عليه وسلم : " ان الشمس والقمر ايتان من اياتالله تعالى لا ينخسفان لموت احد ولا لحياته . فاذا رايتم ذلك فافزعوا الى ذكر الله تعالى والى الصلاة ، ليس في هذا ما يوجب انكار علم الحساب المعرف بمسير الشمس والقمر واجتماعهما أو مقابلتهما على وجه مخصوص . اما قوله عليه الصلاة والسلام : " لكن الله اذا تجلى لشيء خضع له ". فليس توجد هذه الزيادة في الصحاح أصلا . فهذا حكم الرياضيات وافتها .
-2 واما المنطقيات : فلا يتعلق شيء منها بالدين نفيا واثباتا ، بل هي النظر في طرق الادلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكيفية تركيبها ، وشروط الحد الصحيح وكيفية ترتيبه ؛ وان العلم اما تصور – وسبيل معرفة الحد – واما تصديق – وسبيل معرفته البرهان – وليس في هذا ما ينبغي ان ينكر ، بل هو من جنس ما ذكره المتكلمون وأهل النظر في الادلة . وانما يفارقونهم بالعبارات والاصطلاحات ، وبزيادة الاستقصاء في التعريفات والتشعيبات . ومقل كلامهم فيها ، قولهم : اذا ثبت ان الحيوان انسان ويعبرون عن هذا بان الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية . واي تعلق لهذا بمهمات الدين حتى يجد وينكر ؟ فاذا انكر لم يحصل من انكاره عند اهل المنطق ، الا سوء الاعتقاد في عقل المنكر ، بل في دينه الذي يزعم انه موقوف على مقل هذا الانكار .نعم ، لهم نوع من الظلم في هذا العلم ، وهو انهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم انها تورث اليقين لا محالة ، لكنهم عند الانتهاء الى المقاصد الدينية ، ما امكنهم الوفاء بتلك الشروط ، بل تساهلوا غاية التساهل ، وربما ينظر في المنطق ايضا من يستحسنه ويراه واضحا ، فيظن ان ما ينقل عنهم من الكفريات مؤيد بمثل تلك البراهين ، فيستعجل بالكفر قبل الانتهاء الى العلوم الالهية .
فهذه الافة ايضا متطرقة اليه .
-3 واما علم الطبيعيات ، فهو بجث رعن عالم السموات وكواكبها ، وما تحتها من الاجسام المفردة ، كالماء والهواء والتراب والنار ، ومن الاجسام المركبة ، كالحيوان والنبات والمعادن ، وعن اسباب تغيرها واستحالتها وامتزاجها . وذلك يضاهي بحث الطب عن جسم الانسان واعضائه الرئيسية والخادمة ، واسباب استحالة مزاجه . وكما ليس من شرط الدين انكار علم الطب ، فليس من شرطه ايضا ، انكار ذلك العلم ، والا في مسائلة معينة ، ذكرناها في كتاب "تهافت الفلاسفة" وما عداها مما يجب المخالفة فيها ؛ فعند التأمل يتبين انها مندرجة تحتها؛ واصل جملتها ان تعلم ان الطبيعة مسخرة لله تعالى ، لا تعمل بنفسها ، بل هي مستعملة من جهة فاطرها . والشمس والقمر والنجوم والطبائع مسخرات بأمره لا فعل لشيء منها بذاته عن ذاته .
-4 واما الالهيات ، ففيها اكثر اغاليطهم ، فما قدروا على الوفاء بالبرهان على ما شرطوه في المنطق ، ولذلك كثر الاختلاف بينهم فيها . ولقد قرب مذهب ارسطوطاليس فيها من مذاهب الاسلاميين على ما نقله الفارابي وابن سينا . ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع الى عشريناصلا ، يجب تكفيرهم فيثلاثة منها وتبديعهم في سبعة عشر .
يتبع في الأسفل