تحليل نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه جذع مشترك آداب وعلوم إنسانية
النص الإخباري - تحليل نص 'إبراهيم عليه السلام يناظر قومه', دروس النصوص : الدورة الأولى, اللغة العربية: الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانية,
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه جذع مشترك آداب وعلوم إنسانية
إجابة السؤال هي كالتالي
ابراهيم عليه السلام يناظر قومه
أولاـ تــمـهــيــد:
1) تعريف الحجاج:
الحجاج خطاب استدلالي صريح أو ضمني من مرسل يدافع عن رأيه وأفكاره ومواقفه، ويسعى إلى التأثير في المتلقي وإقناعه بصحة رأيه، ودفع الرأي المخالف معتمدا في ذلك على الحجج والبراهين،وغالباً ما يراعي صاحب الخطاب الحجاجي ثقافة المتلقي ومعتقداته من أجل بناء نسق استدلالي مناسب لكل مقام.
ويتخذ النص الحجاجي أنواعا مختلفة : منها الإخبار والتفسير والإقناع.
والنص الذي سندرسه ينتمي إلى نوع " الإخبار" وهو نص قراني.
فما هي مقومات النص الإخباري وخصائصه؟
2)مصدر النص:
النص آيات قرآنية من سورة الأنبياء، وهي سورة مكية طويلة، وهي آخر حزب المئين، آياتها 112، وترتيبها في المصحف 21، في الجزء السابع عشر، نزلت بعد سورة إبراهيم. اهتمت بتأصيل مفهوم التوحيد والدعوة إلى تطبيقه عمليا، بعد الاهتداء إليه بالعقل والبصيرة، والنص يعمل على شحذ هذه البصيرة وإنارة ذلك العقل بما يعرضه من حقائق وأخبار حملت في طياتها أنواعا من الإلهام (الرشد) التي ألهم الله به رسله، ومنهم إبراهيم، لإقامة الحجة على الناس حتى لا يكون لهم عذر من جهل أو التباس.
تحضير نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه.
ثانيا:مـــلاحــظــة الــنــص
أ- نوعية النص:
بناءً على مجموعة من المؤشّرات من قبيل: بداية النص " قال لأبيه وقومه، قالوا، والفقرات، يتبين لنا أننا إزّاء نصّ حجاجي إخباري.
ب- قراءة في العنوان:
جملة خبرية بسيط، تتكون من:
إبراهيم عليه السلام: هو إبراهيم الخليل، أحد الأنبياء والرسل. ويعتبره المسلمون نبيًا وأبًا ورمزًا للمسلم المثالي. والرائد الأول للإسلام. وأن هدفه ورسالته طوال حياته كانت لإعلان وحدانية الله. وقد خرج إبراهيم -عليه السلام- بنفسه، وزوجته سارة، وابن أخيه لوط -عليه السلام- إلى بلاد الشام، وقِيل إنه نزل حرّانَ فارّاً بدينه يدعو إلى الله، ويعبده، فأقام فيها مدّة، إلّا أنّ هذه البلاد تعرّضت للقحط، والجوع، فارتحل -عليه السلام- وأهله إلى مصر.
يناظر/المناظرة: الجدل الذي يدور بين شخصين حول قضية ما، ويستدعي من كل طرف تقديم الحجج والبراهين القوية لتعزيز موقفه.
قومه: كان قوم سيّدنا إبراهيم -عليه السلام- يعبدون الأصنام، وكان أبوه آزر ممّن يصنعونها، فبدأ إبراهيم دعوته بدعوة أبيه، وتذكيره بأنّ هذه الأصنام لا تضرّ، ولا تنفع.
تحضير نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه.
ج- فرضيّة النصّ:
انطلاقا من المشيرات السابقة، نفترض أن النص القراني قيد الدراسة نص حجاجي اخباري، يصور الجدل الذي دار بين إبراهيم وقومه الذين عجزوا عن محاججته بعدما اتضح زيف دعواهم فلجؤوا إلى جبروتهم لتصفية الخليل عليه السلام.
تحضير نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه.
ثالثا: فـــهــم الــنــــص
1- المضمون العام :
يحكي النص القرآني قيد الدراسة عما وقع لإبراهيم عليه السلام مع قومه في سياق دعوتهم إلى الملة القويمة والعقيدة الصحيحة بالحجة المنطقية الواضحة والدليل العملي التجريبي.
2- وحدات النص:
يتمفصل النص القرآني موضوع تأملنا إلى جملة من المفاصل الخبرية والبرهانية، نورد منها:
- إلهام الله إبراهيم عليه السلام الهداية والرشد ومعرفة الحق والقدرة على الاستدلال عليه.
- سؤال إبراهيم قومه عن معبوداتهم المنحوتة تحقيرا وإذلالا لها، وتوبيخا لهم على إجلالها.
- إجابتهم له بما لا يعتد به عقلا من تقليد الآباء وتحميلهم مسؤولية اختيار هذا السلوك العقدي المنحرف.
- تأكيد إبراهيم فساد تصور قومه وآبائهم لعدم استناده إلى دليل معقول وفطرة مقبولة.
- محاولة القوم صرف مقالة إبراهيم وحجته إلى مجال المداعبة والمزاح بعد ثبوت رجحان برهانه.
- إقامة إبراهيم البرهان على قومه بإرشادهم إلى المعبود الحق الخالق للسماوات والأرض وما فيهن، بخلاف معبوداتهم التي صنعوها بأيديهم مماثلة لبعض المخلوقات.
- انتهاز إبراهيم فرصة انصراف القوم إلى عيدهم، وكسره الأصنام، وتعليقه الفأس على عاتق كبيرها.
- سؤال القوم عمن حطم آلهتهم على سبيل الإنكار والتوبيخ والتشنيع، وتقريرهم أن من تجرأ على إهانتها بهذا الشكل ظالم لها، معرض نفسه للهلكة.
- استقدام إبراهيم عليه السلام لسؤاله أمام الملأ عما أصاب آلهتهم.
- نسب إبراهيم الفعل إلى كبيرهم استدراجا لقومه للاعتراف بعجزها عن النطق للإخبار بمن فعل بها ما فعل، فأحرى السمع والعقل والحركة.
- مراجعة القوم عقولهم، واعترافهم بحال أصنامهم العاجزة، وبظلمهم أنفسهم بعبادتها
- انقلاب القوم إلى المجادلة، وإنكارهم على إبراهيم طلبه سؤالها، وهو يعلم، وهم يعلمون أنها لاتنطق.
- تبكيت إبراهيم قومه، وتقبيحه لهم ولأصنامهم، إذ عقلوا عجزها عن النفع والضر فعبدوها من دون الله، وكان أجدر بهم تجنب ما هم فيه من الخضوع لها.
- عزم القوم بعد العجز عن محاجة إبراهيم إلى الانتقام منه وقتله وحرقه.
- أمر الله تعالى النار أن تنقلب هواء طيبا لا يؤذي إبراهيم عليه السلام.
- هجرة إبراهيم وابن أخته لوط عليهما السلام من العراق إلى الشام البلد المبارك الذي بعث فيه أكثر الأنبياء، وفيه كثرة النعم والخصب.
- من الله عز وجل على إبراهيم بإسحاق نبيا، ومن بعد إسحاق يعقوب، وإكرامهم بالصلاح في الدين والدنيا، وجعلهم أئمة يقتدى بهم يدعون إلى الحق ويفعلون الخيرات ويلزمون الطاعات والعبادات لا يشغلهم عنها شاغل.
رابــعــا: تــــــحــلـــيــل الــنــص:
1- عناصر النص وبناؤه:
1-1: بنية النص:
يشتمل النص الإخباري الحجاجي قيد الدارسة على بنيتين : بنية خبرية + بنية حجاجية:
أ - البنية السردية:
نقل الخبر وتقديمه إلى المخاطب.
مادة السرد هي: الأحداث – الشخصيات – الفضاء الزمني والمكاني- المغزى والبعد من الحدث.
الأحداث: جدال إبراهيم مع قومه حول المعبود.
الشخصيات: إبراهيم – قومه.
المكان: قبيلة إبراهيم.
الزمان: الزمن الذي عاش فيه الخليل.
ب - البنية الحجاجية:
يرتكز الحجاج في النص بين إبراهيم وقومه على موقفين:
موقف قومه (الأطروحة المدحوضة): الإصرار على عبادة الأصنام.
موقف إبراهيم عليه السلام (الأطروحة البديل) : يدعو إلى عبادة الله.
ج- الحجج والبراهين المعتمدة:
* الدعوة إلى التأمل في طبيعة الأصنام وماهيتها ( مادة صنعها – صانعوها- عجزها المطلق عن الإدراك والحركة ...).
* الإقناع بواسطة حجج عملية (تكسير الأصنام، ونسبة الفعل إلى كبيرهم)
* استنفار العقل والحواس والتوجه إلى آيات الله في الكون للوصول من خلالها الحقيقة الأبدية والصانع العظيم.
بالنظر إلى سيرورة الحجاج القائم على الانتقال من نسف الموقف السلبي الذي تمثله الأطروحة المدحوضة إلى تثبيت الموقف الإيجابي الذي تجسده الأطروحة البديل والخيار الصحيح، من خلال تصحيح المعتقدات الخاطئة، ودفع الباطل عن عقول الناس وسلوكهم، وتوجيههم إلى دروب السمو والتحرر من الأوهام وكل الضلالات التي يختلقها الناس ويتوارثونها
تحضير نص ابراهيم عليه السلام يناظر قومه.
1-2: الخطوات العملية التي سلكها إبراهيم:
لقد سلك إبراهيم عليه السلام خطوات عملي لإقناع قومه، طالما أن المناظرة بالفكر المجرد لم تفض إلى الهدف، فكان كسر الأصنام واتهام كبيرها خطة ذكية حركت عقول القوم وأتاحت لهم مراجعة قناعاتهم والاعتراف ببطلانها، ويستثمر إبراهيم هذا المنحنى المنطقي العملي فيوجه قومه إلى القناعات الصحيحة والحقيقة الساطعة؛ بدحض أطاريحهم الباطلة، لكنهم استمروا في كبرهم وعنادهم، وخافوا من افتضاح حالهم فعدلوا عن الجدل والمناظرة، وعمدوا إلى القوة ( حرقوه وانصروا آلهتكم )، وآلت المناظرة إلى ما آلت إليه من خسران الجاحدين بعدما تدخلت القدرة الإلهية لتنجي إبراهيم من النار، فيخرج منها سالما منتصرا مأمورا بالهجرة إلى الأرض المباركة فلسطين.
2- لغة النص وبلاغته:
أ- الحوار في النص القرآني:
يلعب الحوار في النص دورا أساسيا في تأمين البعد التواصلي بين المتناظرين، ويعتمد على أدوات إبلاغية تمنحه القدرة على تحقيق وظيفته، وهو يتكئ على الاستلزام الحواري والأسلوب الاستجوابي، حيث شكلت الأسئلة والأجوبة المؤثرة حافزا لمتابعة الحوار بين إبراهيم وقومه، بين طرفين غير متكافئين، أحدهما يملك الحقيقة والإلهام الإلهي (الرشد)، والآخر يمتلك الضعف البشري والسلوك العنيف.
ب- طبيعة لغة النص
اتسم أسلوب النص بصبغة تقريرية إخبارية سردية، ذات كثافة دلالية واستدلالية. كما وردت فيه أيضا جمل إنشائية أخرى مباشرة، ولكنها مشبعة بالمبالغة في التحريض والقسوة في الانتقام ( حرقوه ...) أو صادعة بالأمر الإلهي الخارج عن مألوف البشر ومستطاعهم ( يا نار كوني بردا وسلاما...)، والاستفهامات التي اتسمت بانزياحها عن غرض السؤال المباشر إلى خلخلة أحوال وفكرية استدعت دلالات السخرية والتقبيح والتشنيع والتعريض وغيرها.
3. مقاصد النص وأبعاده:
يسعى النص القرآني قيد الدراسة بشكل أساسي إلى تحقيق مجموعة من الأبعاد والمقاصد منها:
- البعد الديني: التأكيد على وحدانية الله تعالى، فهو الأحق بالعبادة دون سواه. فالآلهة الأخرى بكماء صماء لا تسمن ولا تغني من جوع. .
- البعد التاريخي يصور لنا الصعوبات التي واجهها الأنبياء والرسل في تبليغ دعوتهم.
- البعد الحجاجي: أهمية توظيف الحجاج للدفاع عن قضية أو رأي معين.
خامــســا: تــــــركـــــيــب الــنــص:
نصل أخيرا إلى النص المدروس آنفا هو نص قرآني ذو طابع حجاجي إخباري يتمحور حول المناظرة التي دارت بين إبراهيم عليه السلام وقومه في سياق دعوتهم إلى الملة القويمة والعقيدة الصحيحة. وقد اتخذت البنية الحجاجية في النص مسارا تصاعديا، بدءا من إنكار إبراهيم عبادة قومه للتماثيل، لينتقل إلى الاعتراض على هذا السلوك الشركي وتعييبه، باعتماد الحجة المنطقية الواضحة والدليل العملي التجريبي الذي أفحم قومه، ودحض أطاريحهم الباطلة. ونجد أن هذه البنية الحجاجية الإخبارية عرضت بأسلوب قرآني معجز جمع بين السرد والحوار، والخبر والإنشاء، واتسم بتكثيف دلالي بليغ ومؤثر، نابض بكثير من الأبعاد والمقاصد، من تأكيد على وحدانية الله تعالى، وإثبات عجز الاصنام، فهي بكماء صماء لا تسمن ولا تغني من جوع، وتصوير الصعوبات التي واجهها الأنبياء والرسل في تبليغ دعوتهم، وكذا أهمية توظيف الحجاج في الدفاع عن قضية أو رأي معين.