في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

الظاهرة النفسية

نص السؤال: هل يمكن دراسة الظاهرة النفسية دراسة علمية موضوعية؟

إن أبسط تعريف لعلم النفس أنه العلم الذي يدرس الإنسان في بعده النفسي، كيف يفكر؟ وكيف يتم إحساسه بالأشياء؟ وما هي طبيعة العواطف التي تثور في نفسه؟ وكيف تنطلق ذكرياته؟...ومعنى ذلك أن الحادث النفسي يشكل موضوعا خصبا لعلم النفس. ونظرا لما تتميز به الظاهرة النفسية من خصائص يميزها عن غيرها من الظواهر خاصة الفيزيائية منها. نشأ عن ذلك اختلاف بين الفلاسفة والعلماء في نظرتهم إلى موضوع هذه الظاهرة وإمكانية دراستها تجريبيا، وظهر بذلك اتجاهان: أحدهما ينفي إمكانية الدراسة التجريبية للحادث النفسي، والآخر يؤكد إمكانية دراسته علميا بواسطة المنهج الاستقرائي. من هنا حق لنا أن نتساءل: هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي في مجال الدراسات النفسية؟ وهل يصلح الحادث النفسي لأن يكون موضوعا للمعرفة العلمية؟

يرى عدد من المفكرين والفلاسفة والعلماء أمثال "وليام جيمس" و" ج.س.مل" أنه لا يمكن أن تكون الحوادث النفسية موضوعا للدراسة العلمية التجريبية. ويؤسس أنصار هذا الطرح موقفهم على مسلمة مفادها: أن الدراسة العلمية التجريبية للظواهر ترتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة العلاقة القائمة بين الذات الدارسة وموضوع الدراسة. فإذا كانت هذه العلاقة منفصلة حيث تكون الذات مستقلة عن الموضوع، كما هو الحال في مجال العلوم الطبيعية تكون الموضوعية ممكنة. أما إذا كانت العلاقة متصلة حيث تكون الذات مندمجة في الموضوع وجزء منه، كما هو الحال في مجال الدراسات النفسية يكون الموضوعية متعذرة. ولقد دعموا موقفهم أيضا بأدلة وحجج منها: أن الحادثة النفسية لا تشبه الأشياء المادية (الظواهر الطبيعية)، فهي تتميز بجملة من الخصائص تحول دون الدراسة العلمية لهذه الظاهرة، وتجعل من الوقوف على القوانين التي تحدد صورتها أمرا مستحيلا. ولعل أبرز هذه الخصائص هي أن الحادثة النفسية موضوع لا يعرف السكون فهي متغيرة، ولا تشغل حيزا مكانيا معينا كما هو الشأن في الظواهر الطبيعية، فلا مكان للشعور أو الانتباه، ولا حجم للتذكر أو الحلم. إنها سيل لا ينقطع عن الحركة والديمومة، كثيرة التغير والتبدل لا تثبت على حال. فلو طبقنا عليها الدراسة التجريبية لقضينا على طبيعتها....وتكون النتائج أيضا غير دقيقة. بالإضافة إلى أن الحادثة النفسية شديدة التداخل والتشابك، فالإدراك يتداخل مع الإحساس، والذكاء مع الخيال، والانتباه مع الإرادة...كما أنها فريدة من نوعها لا تقبل التكرار، فالحادث النفسي يجري في الزمن النفسي الذي لا ينعكس على نفسه عكس الزمن الفيزيائي. ثم إن النتائج المستخلصة بعد دراستها تكون لها صبغة ذاتية يعوزها التعميم. توصف الحادثة النفسية أيضا بأنها كيفية يمكن وصفها باللغة فقط، ولا يمكن قياسها، فالعواطف والأفراح والأحزان مشاعر تتميز بالكيف لا تقبل الكم أو القياس، وما لا يقاس ليس فيه من العلم شيء.

زيادة على أنها حادثة باطنية داخلية لا يدركها مباشرة سوى صاحبها، فلا يمكن الإطلاع عليها بالملاحظة الخارجية وهو ما يرفضه العلم. أضف إلى ذلك، أنها شخصية تتعلق بالذات التي تعانيها لا بالذوات الأخرى. هذه الخصائص وغيرها تشكل عقبات أمام تطبيق المنهج التجريبي المعروف في العلوم الطبيعية على الحادثة النفسية.

لكن ورغم ما قدمه هؤلاء من أدلة وتبريرات، إلا أن الأحكام التي أصدروها تتميز بالتشدد، خاصة إذا علمنا أنهم أرادوا أن يقيسوا علمية علم النفس بمقياس وضع أصلا لقياس علمية العلوم الطبيعية. بالإضافة إلى هذا، بقي هؤلاء سجناء التصور الكلاسيكي عن المنهج التجريبي وما يتصل به من مفاهيم كالملاحظة والتجربة والقياس والحتمية والموضوعية. كما أن الواقع يثبت أن عددا من العلماء قد استطاعوا اقتحام بعض العوائق وتحقيق قدر من الموضوعية بتكييف المنهج التجريبي مع طبيعة الظاهرة المدروسة.

في المقابل يرى عدد آخر من المفكرين والعلماء أنه يمكن أن تكون الحوادث النفسية موضوعا للدراسة التجريبية، كغيرها من الظواهر الأخرى. ومن المسلمات التي اعتمد عليها هؤلاء أن التقدم الذي أحرزه العلماء في مجال الدراسات النفسية ورغبة الباحثين في تحقيق الدقة والموضوعية، قد مكن علماء النفس من آليات منهجية أكثر ملاءمة لطبيعة الظاهرة النفسية. ويرجع الفضل إلى علماء قدموا خدمات جليلة مهدت لنشأة علم النفس وتطوره. ولعل أبرزهم "فونت .wundt" الذي حاول وضع أسس علم النفس التجريبي، وهو الذي أسس أول معمل لعلم النفس في ألمانيا، واتخذ بعد ذلك علم النفس معنى واتجاها جديدا بازدياد عدد علماء النفس الذين تخلوا عن دراسة الخبرة الشعورية بواسطة الاستبطان إلى دراسة السلوك، وقد بدأ الاهتمام الكبير بالدراسة الموضوعية للسلوك بتجارب العالم الفيزيولوجي "بافلوف. Pavlov"، الذي اكتشف ظاهرة المنعكس الشرطي. وفي نفس السياق أسس "جون واطسون" المدرسة السلوكية. وأكد على أن كل دراسة للسلوك الإنساني ينبغي أن تلاحقه في مظاهره الخارجية التي تظهر لنا في صورة (مثير – استجابة) يمكن تتبع الاستجابات التي يرد بها الإنسان على كل مؤثر، ومن ثمة الوصول إلى قوانين تحدد السلوك والى حتمية تتيح إمكانية التنبؤ. ولا يكون ذلك ممكنا إلا بفضل استخدام المنهج الموضوعي الذي يقوم على دراسة الحادثة النفسية وملاحظتها في وجهها الخارجي بقطع النظر عن باطنها الوجداني الشعوري. وفي هذا يقول "واطسون": "إن علم النفس كما يراه السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع العلوم الطبيعية، هدفه النظري التنبؤ بالسلوك وضبطه...ويبدو أن الوقت قد حان ليتخلص علم النفس من كل إشارة إلى الشعور". بالإضافة إلى كل هذا فقد أدخل العلماء القياس إلى مجال الدراسات النفسية، كقياس بعض القدرات العقلية أو المهارات الحركية وذلك باستخدام الأجهزة وأدوات خاصة تضمن الموضوعية والدقة في القياس. مثال ذلك: قياس قوة التحمل، أو سرعة التعب، أو مهارة الأصابع، أو نسبة الذكاء...إلخ.

لكن ورغم هذا، ورغم الأعمال الجبارة التي قام بها علماء النفس ومساهمتها في تطور علم النفس وانفصاله عن الفلسفة تدريجيا. ومع ذلك فلا غنى للباحث الموضوعي من التعرف على الوجه الباطني للحادثة النفسية إذا أراد إكمال معرفته، لأن الحادثة النفسية في أساسها باطنية، كما أن أعمال التجريبيين والسلوكيين لا تعني بأي حال من الأحوال أن علم النفس تجاوز كل العوائق. إذن لا ينبغي المبالغة في اعتبار الحوادث النفسية موضوعا لمعرفة علمية بصورة مطلقة، لأن ذلك يؤدي بنا إلى إزالة طبيعتها الإنسانية.

يمكننا القول إذن وتجاوزا للانتقادات الموجهة لكلا الاتجاهين، أنه يمكن أن تكون الحوادث النفسية موضوعا للدراسة العلمية مع مراعاة خصوصيتها، وبالتالي نعتبر علم النفس علما على منواله. فالقول بأن علم النفس لا يمكن أن يتأسس كعلم، بدعوى أنه يدرس ظواهر تفتقر إلى الشروط الأساسية التي يقوم عليها العلم أمر مبالغ فيه. كما أن القول بأنه يمكن أن يكون علما موضوعيا و دقيقا في نتائجه، كدقة نتائج علوم المادة الجامدة أمر لا يخلو من المغالاة. ويمكن القول أن الحوادث النفسية من طبيعة خاصة، تختلف جوهريا عن طبيعة موضوعات العلوم الأخرى، فهي حوادث عناصرها متشابكة متشعبة وهو ما يفسر تعدد المدارس في علم النفس وكذا تعدد المناهج. ولهذا الاعتبار فإن علم النفس جدير بأن يعد من مجموع العلوم من حيث اعتماده الدراسة العلمية أسلوبا في البحث والتقصي.

ختاما ومما سبق، وكمخرج للمشكلة يمكننا القول أن الحادثة النفسية بالرغم من أنها ذات طبيعة خاصة تميزها عن غيرها، فإنها قابلة للدراسة العلمية، وبذلك يمكن القول أن علم النفس علم على منواله...

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
مقالة مقترحة لشعبة علوم تجريبية وتقني وتسيير

مقالة علم النفس خليل سعيداني

مقالة علم النفس بالطريقة الجدلية

مقالة علم النفس بالطريقة الجدلية PDF

ملخص مقالة علم النفس

مقالة حول علم النفس 3 ثانوي علوم تجريبية

مقالة علم النفس خليل سعيداني pdf

#شعبة علوم تجريبية ورياضيات : تقني رياضي وتسيير وإقتصاد

#هل يمكن دراسة الظاهرة النفسية دراسة علمية موضوعية ؟

#هل الموضوعية ممكنة لدراسة الحوادث النفسية دراسة علمية ؟

#هل الجانب الواعي من الانسان يمكن دراسته دراسة علمية موضوعية؟

..........إن علمية أي علم تتعلق بالمنهج الذي يقوم عليه ويؤسس لموضوعيته وهو المنهج التجريبي الذي اتى به فرانسيس بيكون ووضع اسسسه في كتابه الاورغانون الجديد ويقوم هذا المنهج على مبادئ وخطوات التي تجعله يمتاز بالدقة واليقين ومن بين مبادئه السببية والحتمية وابرز خطواته الملاحظة والفرضية ومن ثم التجربة وصولا الى القانون الذي يعبر عن حقيقة الظواهر الطبيعية

هذا المنهج اغرى العلوم الاخرى التي نشدت يقينية العلوم الطبيعية ، من بينها العلوم الانسانية وهي العلوم التي تدرس الانسان من جميع ابعاده النفسية والاجتماعية والتاريخية وأهم فروع العلوم الانسانية نجد علم النفس الذي يدرس سلوك الإنسان من أجل فهمه وتفسيره والتنبؤ به والتحكم فيه واذا كانت الظاهرة النفسية تختلف عن الظاهرة الطبيعية من حيث طبيعة الموضوع فإن هذا خلق جدل بين علماء النفس حول إمكانية تطبيق المنهج التجريبي على هذه الظاهرة ومنه انقسم المفكرين والفلاسفة وعلماء النفس بين من يقول انه يستحيل إخضاع الظاهرة النفسية للدراسة العلمية الموضوعية نظر للعوائق الابستيمولوجية التي تقف معرقلة البااحث ولكن هناك طرف نقيض يرى انه بإمكاننا إخضاع الجانب النفسي من الانسان للدراسة العلمية الموضوعية من خلال تجاوز تلك العوائق ومنه لتهذيب هذا الجدل نطرح المشكلة التالية :

#هل يمكن دراسة الظاهرة النفسية دراسة علمية موضوعية ؟ او بصيغة اخرى :

ها يمكن اعتبار علم النفس علما ؟

هل الموضوعية ممكنة لدراسة الحوادث النفسية دراسة علمية ؟

هل الجانب الواعي من الانسان يمكن دراسته دراسة علمية موضوعية؟

#الموقف الاول : لا يمكن اخضاع الحادثة النفسية للدراسة العلمية الموضوعية:

#يؤكد العديد من الفلاسفة والمفكرين انه لا يمكن التجريب على الحادثة النفسية نظرا للخصوصية التي تميزها وتفصلها من ناحية طبيعة الموضوع عن موضوع المادة الجامدة وبالتالي الدراسة العلمية تتعذر هنا أكد على هذا العديد من الفلاسفة من بينهم بيار نافيل واوغست كونت وبرغسون وسارتر وقد أكدوا على موقفهم بجملة الحجج والبراهين:

#إن الظاهرة النفسية متداخلة ومتشابكة يتداخل في الإدراك والاحساس والذكاء والخيال والانتباه والارادة وبالتالي فهي فريدة من نوعها ومترابطة وبالتالي يستحيل ان تكون موضوعا للعلم يقول ويليام جيمس "يستحيل ان تكون النفس موضوعا للعلم ومن الصعوبة وضع قوانين عليها " وأيضا ...

 #الحادثة النفسية شخصية ذاتية ترتبط بالفرد وبالتالي فهي غير قابلة للملاحظة لطابعها المعنوي فلا يمكن ان الاحظ الفرح او الحزن او السعادة او الوعي او الذكاء يقول مونتانييه : "لا أحد يعرف انك جبان او طاغية الا انت فالاخرون لايرونك ابدا " ويقول سارتر : ان الإنسان هو ذلك الكائن المجهول يكون معلوما يوم يكون مجهولا" كما يقول اوغست كونت "من البين في الحقيقة أن الذهن البشري بمقتضى ضرورة لامرد لها يستطيع أن يلاحظ جميع الظواهر باستثناء ظواهره هو إذ من ذا الذي يقوم بالملاحظة؟" بالفرد لا يمكن ان يلاحظ تفكيره يقول كونت : لا يمكن أن نعيش ونرى أنفسنا نعيش ولا يمكن ان نفكر ونرى أنفسنا نفكر"

#ايضا الحادثة النفسية غير قابلة للتعميم فشعور الفرد يختلف من فرد الى اخر فإذا كان عمر سعيد فاحمد قد يكون تعيس وأيضا تتميز بالديمومة والتغير فالحالات النفسية ليست ثابتة فقد يتحول الحزن الى فرح والفرح إلى حزن _الديمومة اتصال الاحوال الشعورية واندماج اللاحق منها بالسابق _ومنه لا يمكن التنبؤ بسلوك الانسان ابدا

#ان الحادثة النفسية لا يمكن إخضاعها إلى التجربة لان من خصائص التجربة التكرار وإعادة الظاهرة في ظروف اصطناعية ومنه يتعذر على الباحث تكرار حالات نفسية من جديد في ظروف اصطناعية وكذلك #يتعذر مبدأ #الحتمية على الحادثة النفسية فقد تكون أسباب الحزن اليوم تختلف عن أسباب الحزن في يوم آخر والفشل لا يؤدي دائما للإحباط يقول جون ايستيوارت ميل :ان الظواهر المعقدة والنتائج التي ترجع إلى علل وأسباب متداخلة لاتصلح ان تكون موضوعا الإستقراء العلمي المبني على الملاحظة والتجربة"

#الحادثة النفسية غير قابلة للتكميم والقياس لانها كيفية وصفية فلا أقول مثلا كم حالك؟ بل كيف حالك ؟ والتعبير عن هذا ليس بلغة علمية بل بلغة إصطلاحية لفظية و لايبوح الفرد.بكل مكنوناته ومايدور بداخله ...

#لا يمكن بلوغ الموضوعية لان الذات الدارسة هي نفسها موضوع الدراسة وغير منفصلان عن بعضهما البعض بالشخص هو الذي يلاحظ نفسه يقول بيار نافيل : كيف يمكنك أن تصف وصفا موضوعيا مالاتراه الا انت " ويقول اوغست كونت "من البين في الحقيقة أن الذهن البشري بمقتضى ضرورة لامرد لها يستطيع أن يلاحظ جميع الظواهر باستثناء ظواهره هو إذ من ذا الذي يقوم بالملاحظة؟"  

#لا يمكن وضع قانون علمي يفسر العلاقة بين الحالات النفسية مثل قوانين الظواهر الطبيعية.....

ومنه لا يمكن إخضاع الحادثة النفسية للدراسة الموضوعية العلمية نظرا العوائق السابقة الذكر المتعلقة بطبيعة الموضوع وشدة تعقيده والمرتبطة ايضا بالمنهج التجريبي في حد ذاته ...........

#نقد : لا أحد.ينكر الخصائص المعقدة للظاهرة النفسية والتي جعلت بلوغ العلمية والموضوعية صعب نوعا ما لكن بما نفسر وجود علم قائم بذاته وهو علم النفس ؟ كذلك هذه الصعوبات تجاوزها العلماء وهي صعوبات كلاسيكية وقد قال لسيغموند فرويد عليهم :" الذين تعلموا شيئا من الفلسفة " ومنه اعتبر فيما بعد رائدا للتحليل النفسي.....

كذلك الذي قال بصعوبة الملاحظة بالذات تعرف وتلاحظ ذاتها حتى سقراط يقول "اعرف نفسك بنفسك "

#الموقف الثاني : الحادثة النفسية قابلة للدراسة العلمية الموضوعية

#في مقابل الطرح الاول يؤكد العديد من الفلاسفه والمفكرين وعلماء النفس ان الحادثه النفسيه يمكننا دراستها دراسه علميه موضوعيه اي يمكننا تكييف المنهج التجريبي مع موضوع الظاهرة النفسية وبما يتلاءم مع طبيعتها بل بامكننا تفسير السلوك الانساني وحتى التنبؤ به ومن ابرز الذين اكدوا على هذا نجد : واطسن وبافلوف وريبو بالاضافة الى رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد وغيرهم كثيرين

وقد اعتمدوا على حجج وبراهين لتبيان موقفهم :

#ان الفرد بامكانه ملاحظة ذاته والتأمل بداخلها وذلك من خلال الاستبطان وهو شعور بالشعور اي تأمل باطني فالفرد بامكانه ملاحظة مايدور بداخله فامكاني ان اعرف انني حزين او انني افكر او انتي امارس التذكر او اي عملية نفسية وهذا ما عبر عنه حتى سقراط قديما :اعرف نفسك بنفسك

وحتى الاطباء النفسانيين يستنطقون المريض من خلال منهج الاستبطان ومنه بامكانهم ملاحظة ما يدور بداخله يقول ريبو "ان الطريقة الباطنية طريقة اساسية في علم النفس وبدونها لايمكن البدء باي ملاحظة"

#ان علم النفس اصبح علما مع المدارس النفسية خاصة السلوكية والتي من خلالها نفسر سيكولوجية الكائن الحي من خلال سلوكه يقول واطسن : ان علم النفس كما يرى السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع علوم الطبيعة هدفه النظري التنبؤ عن السلوك وضبطه " ...

فواطسن يعتبر ان السلوك هو المرآة العاكسة للحادثة النفسية

#لقد ساعدت "واطسن "تجارب العالم الروسي" بافلوف" حول "المنعكس الشرطي "حيث كان بافلوف يقدم الطعام الذي هو مثير طبيعي وفي نفس الوقت يقرع الجرس الذي هو "مثير اصطناعي " للكلب ومع تقديمه للطعام تحدث الاستجابة وهي سيلان اللعاب ومع تكرار العملية عدة مرات لاحظ ان قرع الجرس وحده وهو المثير الاصطناعي كاف لحدوث استجابة وهي سيلان اللعاب ....ومنه من خلال تجربة بافلوف تمكن واطسن من فهم عمليات التعلم من عادة وتذكر وإدراك ...

ورأى واطسن انه لاشيء غريزي بل كل شيء مكتسب حيث قام بتجربة المنعكس الشرطي على طفل صغير :

حيث كان المثير الطبيعي وهو الفأر والنتيجة لم يخف الطفل من الفأر ولكن عندما جمع المثير الطبيعي الفأر مع مثير اصطناعي وهو صوت قضيب حديدي كانت استجابة الطفل الشعور بالخوف ومع تكرار العملية قدم الفأر للطفل بدون صوت القضيب الحديد فخاف الطفل ...

#ان فهم أغوار النفس والتجول بداخلها كان مع الطبيب النمساوي سيغموند فرويد الذي بفضل تحليله النفسي اكتشفت العديد من الأمراض النفسية كالفوبيا والوسواس القهري والرهاب الاجتماعي والاكتئاب والخوف ..الخ فهو اكتشف جانب عميق من النفس وهو اللاشعور وهو الذي يحتوي على الرغبات التي تم كبتها ... وهو وله ما يبرره من احلام وفلتات لسان وزلات قلم ....

يقول : "ان المكبوت هو نموذج للاشعور"

وأسس منهج للتحليل النفسي يقوم على اساس تقسيم النفس الى:

#الهو: وهو الجانب العميق من النفس يعمل وفق مبدا اللذه وتجنب الالم ويمثل الغريزة الجنسية "اللبيدو"

#الأنا الأعلى: ويمثل الضمير يستمد قيمه من المجتمع والأخلاق والدين

#يحصل الصراع بين الهو والانا الاعلى

#الأنا:أكثر صور النفس اعتدالا وهو الذي يوفق بين مطالب الهو والانا الأعلى ......

#يرى فرويد ان معالجة المريض يكون من خلال التداعي الحر وهو إخراج المكبوتات من حيز الشعور حتى تصبح شعورية

ومنه من خلال تحليلنا اصبح علم النفس علم قائم بذاته يمكننا من التنبؤ بسلوك الفرد بل والتحكم فيه

يقول بيار نافيل :"توجد علوم نفس بقدر ما يوجد من علماء النفس "

#نقد : لا أحد ينكر الجهود التي بذلها علماء النفس لتفسير الظاهرة النفسية باعتباره اخر علم استقل عن الفلسفة منهجا وموضوعا لكن رغم كل هذا لم يصلوا الى الدقة واليقين التي وصلت إليها العلوم التجريبية لان الحادثة النفسية تبقى ذاتية متعلقة بالفرد

وكرد على السلوكيين فلا يمكننا أن نفهم كل ماهو سيكولوجي بمجرد ردود فعل للفرد فتلك مجرد آثار السيكولوجية الفرد ولا تعبر عن حقيقته وكذلك طرح سيغموند فرويد يبقى مجرد افتراض فلسفي وليس هناك اي دليل على وجوده

فالنفس الانسانية تتصف بالتعقيد ولها خصوصيتها ...

      #تركيب : من خلال تحليلنا لكلا الموقفين تبين أن الموقف الاول تحدث عن عوائق السيكولوجية معرفية تحول بيننا وبين الدراسة العلمية للظاهرة النفسية والموقف الثاني تحدث عن تجاوز تلك العوائق وانه بإمكاننا دراسة الظاهرة النفسية دراسة موضوعية ولكن كتوفيق بين الموقفين يمكن القول أنه بالإمكان دراسة الحادثة النفسية دراسة علمية موضوعية لكن مع مراعاة خصوصيتها وهذا ما يجب ان يفهم اي عالم نفس فمها توصل العلماء من نتائج وتفسيرات للسلوك تبقى نسبية وقد تتغير يقول شارل نيكول : الخطأ يحيط بنا من كل ناحية ليتسلل بيننا عند اول بادرة فلكل منهج عيوبه "

#حل المشكلة

من خلال ما تقدم يمكن القول ان الحادثة النفسية بالرغم من تعقيداتها وخصوصيتاها من كون أنها ذاتية وتتصف بالديمومة والذاتية الا ان هذا لم يقف عائقا أمام العلماء الذين حاولوا دراسة الانسان دراسة علمية وكانت النفس موضوعا لذلك لذلك ساهم هذا في اكتشاف العديد من الأمراض بل طورت وسائل التعلم حتى اليوم نجد أن لكل أسرة في الشعوب المتقدمة طبيب نفسي وحتى لكل فريق رياضي طبيب نفسي وهذا يدل على النفس جوهر الفرد وبالتالي يجب فهمها والسبيل إلى ذلك كان من خلال المنهج التجريبي وماقدمه علم
0 تصويتات
بواسطة
هل يمكن دراسة الظاهرة النفسية دراسة علمية موضوعية

اسئلة متعلقة

...