في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

تحضير درس الحرية و المسؤولية في الفلسفة للسنة الثانية ثانوي

درس الحرية والمسؤولية خاص باقسام الثانية اداب وفلسفة

درس الحرية في الفلسفة

تحضير نص الحرية والمسؤولية

مقدمة حول الحرية والمسؤولية

أقوال الفلاسفة عن الحرية والمسؤولية

بحث حول الحرية والمسؤولية

خاتمة عن الحرية والمسؤولية

مذكرة درس الحرية والمسؤولية

شرح درس الفلسفة الحرية والمسؤولية

ملخص الحرية والمسؤولية

مقال عن الحرية في الفلسفة طلاب وطالبات الفلسفة الجزائرية 2022 بك 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحضير درس الحرية و المسؤولية في الفلسفة للسنة الثانية ثانوي

الإجابة هي كالتالي 

درس الحرية والمسؤولية خاص باقسام الثانية اداب وفلسفة

الحرية والمسؤولية

مقدمة : طرح الإشكالية

أيهما يعتبر مبدأ للأخر، الحرية أم المسؤولية ؟ هل المسؤولية مرتبطة في وجودها بتوفر عنصر الحرية؟ وهل يمكن وجود حرية بغض النظر عن المسؤولية؟ كيف يمكن اختزال المشكلة في الشرط لا في المشروط؟ وكيف يمكن رد حقيقة المشكلة إلى المشروط لا إلى الشرط؟ ألا يتمثل مصدرُ المشكلة وحلُّها في عظمة الإنسان ؟

1 ـ عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا ـ اقترعوا ـ على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا فإذا تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري إن ركاب هذه سفينة عليهم ألا يسمحوا لأحدهم أن يحدث ضررا في السفينة ، لأنه لو حدث ذلك ستغرق السفينة بمن عليها بدعوى حرية التصرف . ومنه يمكن القول إن الحرية الشخصية يجب أن تكون مقيدة بقيود لحماية المجتمع. فما هي الحرية وما علاقتها بالمسؤولية الحرية بين الإثبات والنفي

إثبات وجود الحرية

حرية الإنسان عند من يؤمن بوجودها تتحقق عندما يقوم الفرد بأفعاله دون أن يكون واقعا تحت أي ضغط أو إكراه خارجي أو داخلي وهذا ما نجده عند أفلاطون والمعتزلة وديكارت وكانط وسارتر. فما هي أدلة إثبات وجود الحرية عن هؤلاء؟ 

الحرية والمسؤولية عند 

أفلاطون : 

يعتقد أفلاطون أن الإنسان حر ، وأنه هو الذي اختار أن يكون حرا ، إلا أن الإنسان حسب أفلاطون، عندما نزل من عالم المثل نسي أمر اختياره ، وأصبح يتذمر من مصيره وما يحدث له ، على أساس انه لا دخل له فيما يحدث له . ويوضح هذا الموقف بأسطورة الجندي (آر) الذي عاد إلى الحياة بعد الموت ، وكيف اخذ يروي ما شاهده في العالم الأخر ، حيث شاهد الناس وهم يختارون مصيرهم قبل مجيئهم إلى الأرض ، لكن لا يلبثون أن ينسوا أمر اختيارهم عند مجيئهم إلى هذا العالم 

المعتزلة : 

المعتزلة فرقة إسلامية كلامية مؤسسها واصل بن عطاء الغزال توفي سنة 131 هـ / 748 م. ترى هذه الفرقة أن الإنسان حر في سلوكه ، وانه خالق لأفعاله ، وأن تصرفاته ناتجة عن إرادته الحرة واختياره الحر ، معتمدين على حجة نفسية مفادها أننا نشعر بحريتنا ، عندما ندرك أن الفعل صدر عنا ، وهو شعور يمكن التأكد منه متى أراد الإنسان ذلك . وأورد الشهرستاني (توفي 548 هـ/ 1153 م ) كلام نسبه للمعتزلة ، جاء فيه " الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف ، فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن ، ومن أنكر ذلك جحد الضرورة ، فلولا صلاحية القدرة الحادثة لإيجاد ما أراد ، لما أحس من نفسه ذلك " فوجود الدواعي والصوارف ، يوجد العزم الذي هو شرط أساسي للفعل الاختياري ، لأن الإرادة ليست سوى ميل النفس إلى الفعل . 

أما أدلتهم على ثبوت الحرية ، فهي أولا كوننا نخاطب بعضنا البعض بأوامر ونواهي، وهذا يعني أننا مقتنعون بحرية المخاطب ، وإلا لا معنى لمخاطبته . والثاني نشأ من موقفنا من أفعال غيرنا فبعضها تغضبنا وبعضها تفرحنا ، ولو لم تكن هذه الأفعال ناتجة عن حرية ، لما أحدثت فينا الشعور بالفرح أو الغضب . والدليل الثالث أخذ من الجزاء ، فالجزاء يدور حول الأفعال الإرادية ، وليس الأفعال اللاإرادية لأن هذه الأخيرة بعيدة عن التصرف الحر .

كما انه من الضروري التأكيد على وجود الحرية حتى تصبح أوامر الشرع ونواهيه لها معنى . ثم أن تكاليفه في العبادات والمعاملات تتطلب حرية الإنسان أيضا . والحرية يبررها أيضا الوعد والوعيد الصادر عن الله ، والحساب والعقاب ، وإرسال الرسل الذين بينوا لنا طريق الخير وطريق الشر وعلينا أن نختار ، ولو كنا مجبرين على اتخاذ طريق ما ، فما هو دور الرسل ؟ والتكليف هو افعل ولا تفعل، فإن كان الفعل لا يمكن ان يصدر من الشخص ومع هذا يكلف ، يكون المكلِّف سفيها. 

هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الآيات في القرآن ، التي تشير إلى حرية الإنسان صراحة مثل { من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } فصلت 46 و{ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } الكهف 29 . ان المعتزلة بهذا تكون قد تجاهلت كل ما يمكن أن يقف في وجه الإنسان من موانع وتجاوزت كل الحتميات فكانت الحرية عندهم مطلقة 

الحرية والمسؤولية عند 

ديكارت 

اثبت الفيلسوف الفرنسي رينه ديكارت (1596ـ 1650 ) حرية الإنسان انطلاقا من التجربة النفسية ، فدليل وجودها عنده هو الشعور بها ، ويعتبر وجودها عنده من أكثر الأمور وضوحا وبداهة ، يقول : " فالواقع أن تجارب وجداني تشهد بأن لي إرادة صافية لا تحصرها حدود أو تحبسها قيود " إلا أن ديكارت لا يعني بالحرية ، حرية اللامبالاة أو حرية الاستواء ، وهي الحالة التي تكون عليها الإرادة مترددة ، فلا تُقبل و لا تُدبر. بل الحرية عنده تتطلب الموازنة والمفاضلة وبعده ، يأتي الاختيار ( بناء على مبررات ذاتية ) يقول ديكارت : "إن حريتي لا تقتضي أن أكون غير مبال أي يستوي عندي الضدان بلا رجحان ، بل الأولى أن يقال إن حريتي في اختيار احد الطرفين وإثاره على الآخر تزيد بمقدار ما يكون عندي من الميل إليه " ويضيف ديكارت قائلا " إن حرية إرادتنا يمكن التعرف عليها بدون أدلة وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها ". وفي هذا الاتجاه يقول بوسويه ( مفكر ولاهوتي وواعظ فرنسي ولد في 1627 ومات في باريس في 1704 ) كلما ابحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما اشعر انه ليست لي قوة غير إرادتي ومن هنا اشعر شعورا واضحا بحريتي " 

الحرية والمسؤولية عند 

كانط 

يرى الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط ( 1724 ـ 1804 ) أن الحرية هي أساس الأخلاق وانعدامها يعني انعدام الأخلاق ، وبالتالي تزول المسؤوليات . خاصة في مستوى العقل العملي الذي نتعامل به في حياتنا اليومية 

الحرية والمسؤولية عند برغسون

الحرية عنده معطى مباشر للشعور يقول برغسون : (1859 ـ 1941 ) : " إن الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي والتبصر ، إنه ذلك الفعل الذي يتفجر من أعماق النفس ". إن الفعل الحر عنده يصدر عن النفس كلها . والأحوال النفسية نشاط وتيار نفسي متجدد ، فهي لا تقبل التجزئة، ولا تقبل التكرار وبالتالي لا يمكن التنبؤ بها. فأفعال الإنسان حرة ، إنها ديمومة متجددة ومتدفقة، وحيوية لا تخضع للحتمية مطلقا والى مثل هذا ذهب كل من مين دي بيران ، و وليام جيمس ، فالحرية عند هذا الأخير هي قوة فاعلة نشعر بها ،

الحرية والمسؤولية عند 

سارتر :

ودافع عن حرية الإنسان بشدة جون بول سارتر ( 1905 ـ 1980 ) . فقال : " إن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا ، وإنما ليس ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا " و" إنه كائن أولا ، ثم يصير بعد ذلك هذا أو ذاك " . وبالتالي الإنسان مضطر إلى الاختيار بمعنى انه حر ولا يمكن تصور الإنسان بمعزل عن الحرية .

مناقشة رأي أنصار الحرية"النقد" 

إذا كان المقصود من وجود الحرية عند أنصارها مقترن باستبعاد كل إكراه داخلي أو خارجي عن أي من الأفعال التي نقوم بها ، فليس من المبالغة في شيء إذا وصف هذا التصور للحرية بالتصور الميتافزيقي الذي لا يصف لنا الحرية في لتعامل اليومي ، ذلك لان أفعال الإنسان لها أسبابها الظاهرة كما لها أسباب يجهلها الفاعل ، كما أن اغلب الأدلة المقدمة هي أدلة نفسية ، تطلب منا العودة إلى داخل أنفسنا وتأمل الفعل الصادر عنا ، فتشعر عندئذ انك تقف أو تجلس بكل حرية ، وتلتفت يمينا أو يسارا بكل حرية، لكن هذا مجرد شعور وهو غير كافي لإثبات وجود الحرية لأنه قد يكون شعورا مخادعا . وهذا النقد نجده خاصة عند ليبنتز عندما قال : "ولهذا ضعفت الحجة التي قدمها السيد ديكارت لإثبات استقلال أعمالنا الحرة بواسطة شعور قوي داخلي مزعوم ، إننا لا نستطيع أن نحس بالضبط استقلالنا ونحن لا نشعر دائما بالأسباب التي غالبا ما يمتنع إدراكها " ونفس النقد نجده عند الفيلسوف الفرنسي لاشولي ( 1822 ـ 1919) الذي أنكر القول بالحرية المطلقة أو حرية الاستواء ، يقول : " انه لا يمكن ملاحظتها ـ الحرية ـ كحالة شعورية ...إنها بالتالي كاذبة في نظر علم النفس ، فالفعل الحر المحض يكون بموجب ذلك فعلا مستقلا عن كل كيفية نظرية أو مكتسبة في التفكير والإحساس فيكون ذلك إذن أجنبيا عن كل ما يكون طبعنا الشخصي فلا يكون لدينا ما يوجب نسبته ألينا وما يحملنا على الاعتقاد بأننا مسؤولون عنه ." أما الأدلة الشرعية التي وظفتها المعتزلة وتكون قد أخذتها من القرآن، فيمكن الرد عليها بآيات أخرى من القران تؤكد على الطابع الجبري للإنسان وخضوعه التام للقضاء والقدر. ويلاحظ أن برغسون أهمل تماما الدوافع المسؤولة عما نقوم به من أفعال .

نفي وجود الحرية

القول بان الإنسان حر يعترضه عائقان ، الأول الإيمان بالجبرية والثاني هو الإيمان بالحتمية . وفي الفلسفة اليونانية نلتقي مع أنصار الجبر ممثلين في المدرسة الرواقية فكيف رفضت القول بحرية الانسان؟  

الرواقية 

مؤسس الرواقية هو زينون الكيتومي فيلسوف من أصل فينيقي كتب باليونانية مؤسس المدرسة الرواقية ولد في كيتوم في قبرص نحو عام 336 ق م ، ومات في أثينا نحو 264 ق م . والرواقية كلمة مشتقة من الرواق وهو بهو ذو أعمدة كان زينون يعلم فيه في أثينا ، وطور هذه المدرسة فيما بعد شيشرون مرقس توليوس كاتب وخطيب وفيلسوف لاتيني ولد في 106 ق م ، ومات سنة 64 ق م . وسنيكا، ومارك اوريل .

يميز الرواقيون بين عالمين ، عالم داخلي قوامه الحرية ، والتي يستطيع بمقتضاها الإنسان اتخاذ القرارات الخاصة بما له من فضيلة ورذيلة وعالم خارجي قوامه الضرورة ، لا قدرة للإنسان على التأثير فيه ، لأن جميع ما في الكون دقيق التركيب وأن الظاهرات الطبيعية تسير وفق قوانين عجيبة ، ويقولون أن نار إلهية هائلة ستلتهم العالم في نهاية السنة الكبرى وتعادل عندهم 18000 سنة ، ثم تعمل على تكوين عالم جديد يعرف نفس الأحداث التي شهدها العالم السابق . 

وحاولوا التوفيق بين الحرية والضرورة ، فوصلوا إلى القول بأن الإنسان يكون حر الإرادة لكن في طريق حدده له القدر . ومنه إذا أراد أن يكون الإنسان حرا ، فعليه أن يتقبل كل ما يحدث له من خير وشر، لأنها أمور حتمية ، وما على الإنسان إلا أن يعيش على وفاق مع الطبيعة ولا يبالي بمباهج الحياة ، ولتحقيق عليه العمل بهذه الحكمة " إن كانت السعادة هي أن تصنع ما تريد ، فعليك أن لا تريد إلا ما تستطيع فعله " لكن إذا كانت الحرية هي مسايرة الضرورة فلا معنى لها بل تحل مكانها فكرة الجبر .

تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي. تحضير درس الحرية و المسؤولية في الفلسفة للسنة الثانية ثانوي

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة

الحرية والمسؤولية

الجهمية 

الجهمية فرقة إسلامية كلامية ، أسسها جهم بن صفوان الراسبي السمرقندي المتوفي سنة 128هـ / 745 م . تنفي هذه الفرقة حرية الإنسان ، وترى أن لا فعل لأحد إلا الله وحده ، فهو الفاعل ، وإنما تنسب الأفعال إلى الإنسان مجازا . ويستندون في ذلك إلى آيات من القرآن مثل قوله تعالى " والله خلقكم وما تعملون " الصفات 96 وقوله "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " الانفطار 29 . فاعتقدوا أن القول بأن الإنسان هو الذي يختار أفعاله عن حرية ، وبعيدا عن مشيئة الله ، يعتبر كفر وشرك، لأننا في هذه الحالة حسب اعتقادهم نكون أمام قادرين ، الله والعبد ، وهذا شرك .

لهذا رفضوا القول بحرية الإنسان ، بل ذهبوا ابعد من ذلك ، فنجدهم لا يفرقون بين القول ، أثمرت الشجرة وتحرك الحجر ، وطلعت الشمس ، وقام الرجل . ففي كل هذه الحالات ، الله هو الذي قام بالفعل . 

الحرية والمسؤولية عند 

لايبنتز 

يرى الفيلسوف الألماني غوتفريد فلهلم لايبنتز ( 1646 ـ 1716) أن أفعال الإنسان خاضعة لضرورة مطلقة مثلها مثل الظواهر الطبيعية ، والإنسان مبرمج ليقوم بأفعال معينة بحيث لا يختلف في ذلك عن الساعة ، فعقاربها تتحرك وفق ما سطره مخترعها . لذلك يعتقد بوجود سبب غالب يحمل الإرادة على اختيارها . أما القول بحرية الإنسان عند البعض فيرده إلى الشعور فقط ، فإبرة المغناطيس عنده لو كانت تشعر مثل الإنسان ، لظنت أنها مختارة في اتجاه الشمال الذي تفضله . ومنه لا مجال للقول بوجود الحرية .

الحرية والمسؤولية عند 

سبينوزا 

أفعال الإنسان سبينوزا (1632 ـ 1677 ) مجرد ظواهر آلية تسير وفق قوانين ضرورية وثابتة يقول : " يظن الناس أنهم أحرارا ، لأنهم يدركون رغباتهم ومشيئاتهم ولكنهم يجهلون الأسباب التي تسوقهم إلى أن يرغبوا أو يشتهوا " و يرى أن الشعور بالحرية لا يكفي لإثباتها ، لأنه لو كان للحجر شعور مثل الذي للإنسان ، سيظن انه حر في حركته ، جاهلا انه قُذف به من طرف قوة خارجة عنه ، هكذا الإنسان انه مقذوف به في هذا الكون .

إن هذه الآراء رغم اختلاف المرجعية المذهبية والثقافية لأصحابها ، إلا أنها تجزم بنفي وجود حرية الإنسان ، وانه مجبر في أفعاله ، ولا مجال أمامه للاختيار ، وهذه الآراء تدعمت بجهود بذلها الحتميون .

الحتمية ونفي الحرية

الحتمية هي الاعتقاد بأن جميع حوادث الطبيعة بما فيها الإنسان خاضعة لقوانين ، ويعبر عنها بـ : كلما توفرت نفس الشروط ستؤدي إلى نفس النتائج . ومعرفة شروط الأفعال مسبقا يتيح فرصة التنبؤ بنتائجها . فإذا كان الحجر تتحكم في سقوطه قوانين الجاذبية ، فالأمر نفسه ونفس بالنسبة للإنسان ، إلا أن الإنسان متعدد الجوانب فقط ، وهذا ما دفع العلماء إلى الكشف عن حتميات تتحكم في الإنسان بدل حتمية واحدة .

1 ـ الحتمية البيولوجية 

لا يستطيع الإنسان أن يتجاوز الحتميات البيولوجية مثل التنفس والتغذية ، وإن فعل سيعرض حياته للخطر بل من العلماء من يرى أن شخصية الإنسان ظاهرة بيولوجية تتحكم فيها الوراثة ، وكل هذا يُفقده حريته ، ويؤكد وقوعه تحت رحمة حتميات بيولوجية طبيعة متعددة .

2 ـ الحتمية النفسية 

أفعال الإنسان معلولة بأسباب سابقة ، وهذه الأفعال نفسها ستكون علل لما يلحقها ، ومنه لسنا أحرار في تصرفاتنا ، وما تصرفاتنا إلا مجرد ردود أفعال آلية . هذا ما تنادي به المدرسة السلوكية وتحديدا واطسون (1878 ـ 1958)أما مدرسة التحليل النفسي وعلى رأسها فرويد ، فإنها ترى بدورها أننا لسنا أحرارا في ما نقوم به من أفعال . لان أسبابها الحقيقية موجودة في اللاوعي ، وجهلنا به هو الذي يجعلنا نعتقد أننا أحرار .

3 ـ الحتمية الاجتماعية 

ذهب علماء الاجتماع إلى نفي الحرية الفردية ، على أساس أن الإنسان خاضع للضمير الجمعي كما هو الحال عند إميل دور كايم ( 1858 ـ 1917) فهو القائل : "إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم " وبالتالي كل مبادرة منك ، هي في الحقيقة تعبير عن إرادة المجتمع ، ومنه تعتبر ناتجة عن حتمية اجتماعية . والى هذا ذهب الفيلسوف الفرنسي اوغست كونت (1798 ـ 1857 ).

وما نخلص إليه أن جميع هذه الحتميات المحيطة بالإنسان والمتعلقة بكل جوانبه تفرض عليه سلوكاته وتجرده من كل حرية .

مناقشة مواقف منكري الحرية

وهي كالتالي على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية تابع القراءة 

0 تصويتات
بواسطة

مناقشة مواقف منكري الحرية 

القول بنفي الحرية واعتبار الإنسان كغيره من الكائنات مجبر على القيام بكل أفعاله، لا ينسجم مع ما يمتلكه من قدرات عقلية تتيح له إمكانية الاختيار . وبالنسبة للجهمية ومن سار على نهجها ، فإنهم يقفون عاجزين عن الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالحساب والعقاب في اليوم الآخر ، لأنه يفترض أن يحاسب ويعاقب من كان وراء هذه الأفعال ، وبالتالي يكون الإنسان خارج دائرة المساءلة إذا كان غير مختار فيما صدر عنه من أفعال ، وهذا لا يستقيم مع العدالة الإلهية. 

وفي ما يخص الحتميات ، فإنه إذا كانت الحتميات البيولوجية والطبيعية واقع لا مفر منه ، نتساءل بدورنا ألا يمكن أن يتعامل الإنسان معها فيكشف أسرارها ، وعند ذلك يتحرر منها . أما علماء النفس عندما يتكلمون عن حتميات نفسية لا فكاك منها فإنهم بذلك ينفون دور العقل والذكاء . 

وبالنسبة لعلماء الاجتماع فإن التطورات التي مست المجتمعات على مختلف الأصعدة، لدليل على التغير الذي من ورائه تكمن الحرية . ثم أن الاستسلام لهذه الحتميات والتحجج بها ما هو إلا تهرب من المسؤولية عما نقوم به أو لا نقوم به . 

ويرد كارل ياسبيرس (1883 ـ 1969) على الذين ينفون الحرية على أساس وجود الحتميات والقوانين فيقول : " إن القانون ليس إلا تعبيرا عن ضرورة معايير الفعل تلك المعايير التي يمكن أن أسير عليها أو لا أسير عليها ، ولكنني أحيل الضرورة القانونية إلى حرية وذلك بان أشعر بان هذه المعايير إنما تتساوى مع نفسي وتتجاوب معها فأطبع عمومها بطابع شخصيتي الخاصة ومن ثمة نقبلها دون اعتبارها قيد " . 

الإنسان بين الحرية والجبرية : لاحظ الفلاسفة والمفكرين على مر التاريخ التضارب الكبير في قضية الحرية بين الوجود والعدم ، فظهرت محاولات توفيقية ونجدها بشكل خاص في الفكر الاسمي في محاولة منه للتوفيق بين النصوص الشرعية التي تؤكد وجود الحرية وفي نفس الوقت تنفيها ومن هؤلاء

الحرية والمسؤولية عند 

الأشعري 

يرى هذا المتكلم ـ عالم كلام ـ أن الله هو خالق كل شيئ بما فيها أفعال العباد ، لكن هذا لا يعني عدم مسؤولية الإنسان عن الأفعال التي يقوم بها ، بل هو مسؤول لأنها صادرة عنه من حيث أنه اكتسبها بعد أن خلقها الله تعالى ، يقول الأشعري : "إن أفعال الإنسان لله خلقا وإبداعا وإنها للإنسان كسبا ووقوعا عند قدرته ، فالإنسان يريد الفعل وتتجرد له همته والله يخلقه " .

رأي ابن رشد 

الحرية والمسؤولية

عارض أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد ( ولد في قرطبة سنة 520 هـ / 1126 م وتوفي في مراكش في سنة 595 هـ / 1197 م ) موقف الجبريين كما لم يتفق مع أنصار حرية الاختيار . ويرى بدل ذلك ، أن الله خلق للإنسان قدرة على القيام بمختلف الأفعال التي تمكنه من التكيف مع مختلف المواقف ، لكنه جعل لهذه القدرة قوانين وشروط خارجية تحيط بها فيكون للإنسان القدرة على الاختيار في إطار النظام الثابت أو الجبر ( أي في حدود القضاء والقدر ) فقال : " إنه يظهر إن الله تبارك وتعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي أضداد ، لكن لما كان الاكتساب لتلك الأشياء ليس يتم لنا إلا بمواتاة الأسباب التي سخرها الله لنا من الخارج ، وزوال العوائق عنها كانت الأفعال المنسوبة [ لنا ] تتم بالأمرين جميعا، وإذا كان كذلك فالأفعال المنسوبة إلينا أيضا يتم فعلها بإرادتنا وموافقة الأفعال التي من خارج لها وهي المعبر عنها بقدرة الله " ويقدم مثالا فيقول :" مثل ذلك أنه إذا ورد علينا أمر مشتهى من خارج ، اشتهيناه بالضرورة من غير اختيار فتحركنا إليه " لكن ابن رشد يجعل حرية الإنسان مشروطة بالقضاء والقدر ، وبهذا يقترب من رأي نفاة الحرية ( الجبريين ) ومع هذا عد رأيه حلا لمشكلة الحرية ، لأنه حاول أن يبعدها عن الطرح الميتافزيقي ويضعها في إطار آخر ، ونعني به الطرح الواقعي للحرية . 

الحرية والتحرر الطبيعة مند نشأتها وهي تسير وفق قوانين ثابتة فيزيائية كيميائية ، والإنسان يتواجد فيها وما يقال عنها يصدق عليه وفي محاولته التكيف معها ، واجهته بحتمياتها ، إلا انه استطاع أن يسيطر على بعضها ، ليس بإزالتها وإنما بالتعايش معها. وذلك من خلال اكتشاف القوانين التي تتحكم فيها ، وبهذا المعنى ينبغي فهم التحرر ، مع التوقف عن مواصلة الجدل ، حول وجود الحرية من عدمه . وفي هذا الإطار نجد فريدريك انجلز (1820 ـ 1895 ) الذي كان يعتقد أن حرية الإنسان تزداد بتزايد معارفه العلمية واختراعاته التقنية فقال : " الإنسان لم يكن يتميز عن الحيوان ، فإن سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت ، وبالتالي فإن حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها ، ولكن من المؤكد أن كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره " . فها هو يتخلص من الأمراض الوبائية ، وهو في طريق للتحرر من طبيعته البهيمية القائمة على الشهوة والغريزة ومحاولة الرقي بإنسانيته . ويرى سبينوزا في هذا الصدد أن أفعال الإنسان هي ظواهر آلية تسير وفق قوانين ضرورية ثابتة ، ولكن هذا لا يلغي حريته ، فهو يحققها بالتدرج فكلما أزداد عقله علما ، أزداد فهما لقوانين الطبيعة ، ومنه لا تنافي بين الحرية والحتمية . يقول بول فاليري :(1871 ـ 1945 ) في هذا المعنى : " كلما أعترف ـ الإنسان ـ وأعاد إنشاء هذه الضرورة ثانية ، أكتشف الوسائل التي تساعده على تحويلها لصالحه " ويقول إيمانويل موني :(1905 ـ 1950 ) : " إن الحرية لا تكتسب بمضادة الطبيعة وإنما تكتسب بالانتصار عليها وبها " . وكان الإنسان يتقبل أشكال الظلم الذي يمارس عليه في المجتمع الذي يعيش فيه وكأنه قدر محتوم لا سبيل إلى رده ، وعندما أدرك أن بيده التغيير ، أعلن العصيان والتمرد على الحكام الظالمين وأوضاعه المزرية ، فتحرر من تلك القيود التي أثقلت كاهله لعصور ، حسب ما ورد في مؤلفات كارل ماركس ( 1818 ـ 1883 ) . وفي هذا قال ايمانويل موني :" إن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزاد إلى سلم أنغام حريتنا " . وقال انجلز: " القوانين التي تفرض ووجودها في المجتمع هي حتى الآن معتبرة كقوانين طبيعية غاشمة ، تفرض على الإنسان سلطة غريبة ولكن من الآن وصاعدا يتفهم هذه القوانين تفهما واعيا في مسبباتها ومن ثم يصبح هو سيدها ". إن التحرر هو إكساب الفرد لحريته بالفعل ، بعيدا عن التفسيرات الميتافزيقية ، ولن يتأتى ذلك إلا بمعرفته للقوانين التي تحيط به في بيئته الطبيعية والاجتماعية ويتحرر من داخله المتمثل في الغرائز البهيمية ، بأن يصعدها فتتحول إلى مصدر للأفعال المعقولة . 

إن الحرية لا تعني اللامبالاة ، كما لا تعني الخضوع الأعمى إنها تكتسب تدريجيا بالتحرر الذي يؤمن بان حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الأخر . ومع هذا مشكلة وجود الحرية أو عدمها ، تبقى موضوع دائم للجدل والنقاش ، وحتى أصحاب الحلول الوسطى التي تحاول التقريب بين الرأيين ، الرأي الذي يثبتها ، والرأي الذي ينفيها ، لم توفق فيما سعت إليه .كما أن الحديث عن التحرر فيه إشارة واضحة لجبرية الإنسان وأنه يقع تحت اكراهات يعمل على تجاوزها فهو في النهاية غير حر . 

وهنا نتساءل مادمت الحرية في طور البحث والإنسان لم يصل إلى رأي واضح وأكيد ومقبول عند السواد الأعظم من المفكرين، وإذا كان هذا هو واقع الحرية ، فكيف نبني على افتراض وجودها قضايا أخرى ، وكيف يتم بناء موقف فكري أو فلسفي أو قضائي على شيء غير موجود أصلا ، أو انه في أحسن الأحوال غير مفصول في أمره؟ ونعني بذلك الحرية التي تعتبر عند رجال القانون الأساس الذي يجب أن يتوفر حتى يتحمل الشخص المسؤولية ، ويتحمل عواقب أفعاله . لكن كيف تكون الحرية شرط للمسؤولية ، في ظل هذا الخلاف القائم في شأنها ؟ ولكن قبل الإجابة على هذا لسؤال ، ما هي المسؤولية ؟

الحرية والمسؤولية

تعريف المسؤولية

هي الوضع الذي يسأل فيه الشخص عن أفعاله ، ويتحمل النتائج المترتبة عنها أخلاقيا اجتماعيا 

شروط المسؤولية

الإنسان لا يكون مسؤولا في جميع الأوضاع وفي كل الأحوال، إن مسؤوليته تفترض وجود شروط ، أهمها النية والحرية والتمييز أو الرشد ، وللمسؤولية أنواع 

أنواع المسؤولية

تتنوع المسؤولية بحسب السلطة التي يحاسب أمامها الفرد الفاعل، فإن كانت السلطة داخلية كانت المسؤولية أخلاقية، وإن كانت السلطة خارجية كانت المسؤولية اجتماعية.

أ ـ المسؤولية الأخلاقية : و تكون أمام سلطة الضمير ، وخاصة تلك الأفعال التي لا

يعاقب عليها القانون ، أو الأفعال التي يقوم بها الإنسان دون أن يُكتشف أمره.

  المسؤولية الاجتماعية : وتخص الأفعال التي يعاقب عليها القانون ، وتنقسم إلى نوعين بحسب طبيعة المخالفة:

مسؤولية جنائية : وتقع على الشخص الذي ارتكب مخالفة أو جنحة أو جناية، وعقوبتها القصاص ، بالنظر لدرجة الجرم ، ومدى ضرره الاجتماعي. 

مسؤولية مدنية: وتقع على الشخص الذي أحدث ضررا بإرادته أو بإهماله أو بغفلته، و ذلك بفعله مباشرة أو بفعل من هم تحت مسؤوليته. وعقوبتها هي التعويض .

المسؤولية لا تشترط وجود الحرية :كثير من القوانين تجعل من توفر الحرية شرط أساسي في تحمل المسؤولية ، لكن البعض يرى أن الإنسان مسؤول ، وأن تحمله للمسؤولية لا يحتاج إلى شروط مادام الشرط الأساسي متوفر ، والمقصود بهذا الشرط هو أننا إزاء إنسان وليس أمام كائن أخر . فخصائص الإنسان تفرض عليه أن يتحمل المسؤولية في كل الظروف، وهذا ما يفسر تعنيف الآباء لأبنائهم إذا صدر منهم ما يستحق التعنيف ، دون أن يلتفت الآباء لشروط توفر المسؤولية من عدم توفرها ، وهذا أيضا ما ذهب إليه رجال الدين وبعض فلاسفة الأخلاق إن الإنسان مسؤول عند هؤلاء لأنه كائن عاقل وكفى .

خاتمة : حل المشكلة

إن موضوع المسؤولية والحرية يرتبط أشد الارتباط بجوهر الإنسان . فكما أننا نقول في مجال الفلسفة ، إن الإنسان حيوان عاقل ـ مهما كانت حدوده الزمانية والمكانية ، ومهما كانت ظروفه وسنه ـ نقول أيضـا إنه كائن مسؤول ، بقطع النظر عن وضعه وأحواله .

0 تصويتات
بواسطة
مقال حول الحرية والمسؤولية

مقالة استقصاء بالوضع

نص الموضوع : قيل إن الحتمية أساس الحرية أثبت بالبرهان صحة هذه الأطروحة ؟

طرح الإشكالية

يقول أحد الفلاسفة " أعطيني حلا لمشكلة الحرية أعطيك حلا لكل المشاكل الفلسفية " إذا فربما هذه المقولة أكبر دليل يدفعنا إلى القول بأن الحرية من أعقد و أقدم المشكلات الفلسفية فهي لها صلة مباشرة بما وراء الطبيعة ولقد شاع بين بعض الفلاسفة من أنصار الحتمية أنه لا مجال للحديث عن الحرية في عالم تحكمه مجموعة من الحتميات الصارمة إلا أن هناك من يعتقد عكس ذلك وهم فريق أنصار التحرر الذين يروا أن التسليم بوجود الحتميات و إدراكها شرط لممارسة الحرية فإلى أي مدى يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة ؟ وهل يمكن إثباتها بحجج ؟ وبالتالي الأخذ برأي مناصريها ؟

محاولة حل الإشكالية

عرض منطق الأطروحة : هذا الموقف الفلسفي يرفض الطرح الميتافيزيقي لمشكلة الحرية باعتبارها مشكلة الإنسان الذي يعيش في الواقع ويواجه جملة من الحتميات . وأول من ابتدأ الطرح الواقعي لها الفيلسوف المسلم "ابن رشد " ( 1126 – 1198) ونزع التعارض القائم بين الحرية والحتمية ؛ حيث قدم وجهة نظر جديرة بالاهتمام . فالإنسان عنده حر حرية محدودة في حدود قدرته وعلمه ووعيه حيث يقول في هذا الصدد " ... أن الله تبارك و تعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي أضداد . لكن لما كان الاكتساب لتلك الأشياء ليس يتم لنا إلا بمواتاة الأسباب التي سخرها الله من خارج وزوال العوائق عنها ، كانت الأفعال المنسوبة إلينا تتم بالأمرين جميعا ..." ونفس الموقف نجده يتكرر مع الفيلسوف الفرنسي بول فولكي عندما يقر أن الحرية والحتمية في واقع الأمر متكاملتان والتحرر حسبه يقتضي معرفة القيود و الموانع و الحتميات التي تعترضه . وقد اعتمد هذا الموقف على المسلمة التالية : أن الحتمية والحرية مفهومان غير متناقضين – حسب الطرح الميتافيزيقي - وإنما الحتمية شرط ضروري لقيام الحرية ، أما الحجج المعتمدة في هذا الطرح : نذكر منها الحجة الواقعية التي استخدمها بول فولكي في إثبات علاقة التكامل بين الحتمية والحرية بل رأى أنه انعدام الحتمية يؤدي إلى انعدام الحرية ؛ فعدم وجود قوانين تنظم السلوك الإنساني وتوجهه يؤدي إلى الفوضى في السلوك يفقد من خلالها الإنسان حريته وقد قوى حجته بمثال رائع حينما قال " إنه من السهل علينا أن نذهب حيث شئنا بسيارة لأن حركتها مضبوطة ومدروسة بدقة سلفا ، ولكنه من الصعب أن نستعمل الحصان لأن حركاته كثيرا ما تكون عفوية . وهناك حجة تاريخية تؤكد هذا الطرح : و هو أن الإنسان عندما تعرف كيف يقرأ مجهولات الطبيعة عن طريق العلوم الطبيعية خاصة استطاع بها الكائن البشري أن يتحرر من مجموعة من القيود هذا الذي جعل "مونيي " ( 1905 – 1950) يقول : " إن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تضاف إلى سلم أنغام حريتنا " .

نقد خصوم الأطروحة : يرى هذا الاتجاه أنه من التناقض الجمع بين الحرية والحتمية في آن واحد . فحسب هذا الموقف إما أن تكون الحرية كمفهوم مطلق موجودة [من دون أي إكراه خارجي أو داخلي وبما الإنسان كائن عقلاني كما يؤكد أهل إثبات الحرية بدلالة شهادة الشعور تارة حسب "ديكارت " ( 1596 – 1650) " مين يبيران " ( 1766 – 1824 ) و برغسون ( 1859 – 1941 ) حيث يعتبرها هذا الأخير إحدى مسلمات الشعور والتي ندركها بالحدس ، إنها حسبه ذلك الفعل الذي يتبع من الديمومة أو الأنا العميق أما سارتر ( 1905 – 1980 ) أن الحرية هي جوهر الوجود الإنساني وتارة أخرى يعتمد هذا الاتجاه باسم الحجة الأخلاقية بدعوى مشروعية التكليف ففريق المعتزلة يرى أنه يطلب من المكلف إما الترك أو الفعل و يؤكد على نفس الموقف الفيلسوف الألماني " إيمانويل كانط "( 1724 – 1804 ) حيث يقول " إذا كان يجب عليك فإنك تستطيع " بالإضافة إلى ذلك الحجة الاجتماعية والحجة الميتافيزيقية التي تثبت وجود الحرية ] وإما أن تكون الحرية غير موجودة بمفهوم مطلق أي توجد الحتمية التي تنفيها و يمثل هذه الفكرة " أهل النفي " وهم أنصار الميتافيزيقا الإسلامية ( يمثلها جهم بن صفوان المتوفي سنة 128 ه الذي يرى أن الإنسان مسير بإرادة الله ) في العصور الوسطى وامتداداتها إلى العصر الحديث مع موقف سبينوزا (1632 - 1677) الذي يقول بموقف الضرورة الإلهية. وكذلك نجد أنصار النزعة العلمية الحديثة الذين يقرون بأن الإنسان محفوف بمجموعة من الحتميات تمنعه أن يكون حرا حرية مطلقة وقد عددوها بين حتميات ؛ فيزيائية ( أفعال وأفكار الإنسان تنطبق عليها قوانين الحتمية مثل انطباقها على الظواهر الفيزيائية والكيميائية ) و حتمية بيولوجية ( يرتبط سلوك الإنسان بمكوناته البيولوجية التي تفرض عليه السلوكات التي يفعلها لهذا فهو يتصرف إلا في حدود هذه المكونات يقو العالم الإيطالي لومبرزو " أن المجرمين ليسوا مجرمين بإرادتهم وإنما الطبيعة البيولوجية هي التي أجبرتهم على ذلك " ) وحتمية نفسية ( ترى أن السلوك الإنساني مرتبط بالمجريات النفسية تأتي إما في شكل منبهات طبيعية واصطناعية حسب واطسن ( 1856 – 1939 ) أو تأتي على شكل مكبوتات لاشعورية يستطاع أن يتنبأ بها حسب فرويد و في كلتا الموقفين الإنسان هو محتم أن يعمل وفق هذه الضغوطات كلها وهذا يأخذنا إلى نوع أخير من الحتميات وهو الحتمية الاجتماعية ( ترى أن أفعال الإنسان الفردية إذا لم تلتزم بقواعد المجتمع التي تسير حياته مهما بلغت طموحاته فلا يجب على الإنسان أن يتجاوزها مثل ما يؤكد عليها دوركايم ( 1858 – 1917 ) ) وبعد أن عرضنا كل موقف الخصوم ورغم حججه الدامغة نجد أنه يتعرض إلى عدة انتقادات نكرها فيما يلي :

- نفي الحرية بحجة وجود الحتميات الداخلية و الخارجية ، دعوة إلى السلبية والخضوع والاستسلام وهذا الذي كان حاصلا فعلا في العالمين سواء الإسلامي في أواخر سقوط نهضته عندما لم يستمع لأفكار ابن رشد وانصاع لفكرة الحتمية ، أما العالم الغربي فقد نام طيلة العصور الوسطى بفكرة الحتمية المسيحية التي شللت عقول وجهود الإنسان الغربي .

- الإنسان يملك قوى كالعقل و الإرادة و الشعور تمكنه من إدراك الحتميات وتسخيرها لخدمة مصالحه

- الحرية ليست مشكلة للتأمل الميتافيزيقي بقدر ما هي مشكلة الإنسان وسلاحه لمواجهة كل أشكال الضغط . فعلى الفلسفة أن تواكب طموحات الإنسان لا أن تسكنه في معراج الأحلام الوهمية البعيدة عن التصور ولو تجسد للحظة وهم الحرية المطلقة.

- و ابرز من جسد الفعل النقدي للطرح الميتافيزيقي الفيلسوف كارل ماركس ( 1811 – 1883 ) الذي فضل تغيير العالم بدعوته إلى التحرر أحسن من تفسير العالم كما تعكف الفلسفة على فعله الآن . ولذلك أدرج التيار التقليدي الذي يطرح الحرية طرحا ميتافيزيقيا ضمن التيارات الرجعية الرافضة للتقدم الأمر الذي ساعد على تأسيس فكرا جديدا يمثله التيار التقدمي التنموي في مواجهة الثابت والستاتيكي .

الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا :

إن الأطروحة القائلة بأن الحتمية أساس الحرية نستطيع الدفاع عنها و إثباتها بحجج و أدلة جديدة تتمثل فيما يلي :

أما الحجة الأولى تقول أنه كل دعوة إلى ممارسة الحرية خارج إطار القوانين دعوة إلى الفوضى و التمرد واللامبالاة فلو تركت الأجرام السماوية من دون نظام وقوانين لاختلطت وتصادمت يبعضها البعض ونفس المقياس نقيس به الإنسان فبقدر بحثه عن الحرية بقدر حاجته إلى قوانين تنظم حياته فها هانا حقا سيحصل التوازن لا محالة . أما الحجة الثانية فتقول أن الكائن البشري يسري في طريق تحرر كلما بذل من جهد عن طريق العمل مثل ما أكده الفيلسوف هيجل ( 1770 – 1831) واعتبره منبع للحرية كما بينه في جدليته الشهيرة " جدلية السيد والعبد " حيث تحول العبد بفضل العمل إلى سيد على الطبيعة و سيد سيده ، أما السيد فهو عبد للطبيعة وعبد لعبده لارتباطه بعبده في تلبية حاجياته . أما الحجة الثالثة قائمة على دور العلم في كشف القوانين التي تعتبر قيود تنتظر الفك نحو تحرر الإنسان منها . فقد سجل الإنسان حسب الاستقراءات التاريخية قفزات هائلة في حلقات الانتصار على الطبيعة وظواهرها ( الفيضانات ، البراكين ، الأمراض ...) أنظروا معي في المقابل (أنشئت السدود ، أخليت المناطق البركانية ، اكتشفت كل أنواع المضادات ضد أفتك الأمراض مثل داء الكلب كان يشكل حتمية مخيفة على الإنسانية في فترة من الفترات إلى أن جاءت مضادات باستور وحررت الإنسان من قيد الموت المؤكد...) و نفس الحال يتكرر كلما اشتدت الحمية خناقا على الإنسان جاء العلم ليحل ويطلق سراح الإنسان من خوفه وحيرته . كما أننا يجب أن ننتبه أن إنسان اليوم صار أكثر حرية من إنسان الماضي لأنه أكثر اكتشافا للحتميات فبفضل قوانين الأثير أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة على حد قول عالم الاجتماع الكندي ماك لوهان وصولا إلى فضاء الانترنت و إلى كل أنواع التقدم الحاصل إلى حد كتابة هذه المقالة ، ضف إلى ما توصل إليه الإنسان في معرفة القوانين النفسية التي مكنت الإنسان من التحرر من نقائص الطبع ومختلف الميول والرغبات والعقد النفسية المختلفة ، أما في الجانب الاجتماعي فلقد استطاع علماء الاجتماع أن يحصوا الظواهر التي تؤذي المجتمعات الإنسانية فقاموا بتقليص كل المشاكل التي تهدد انهياراتها مثال حي أنظر سياسة تعامل المجتمعات الغربية مع ظاهرة التدخين أو ظاهرة المخدرات من أجل تقليص أعدادهم وتضمن السلامة الكافية لراسمي مستقبلها . وقس على ذلك كل الممارسات السياسية و الاقتصادية في ظل عملية التأثر والتأثير بين الفرد ومجتمعه في مسائل الالتزام بالقوانين والشعور بالتكليف والمسؤولية وفي نفس الوقت المطالبة بكل أنواع الحقوق و في جميع المجالات .

حل الإشكالية :

وبعد أن صلنا وجلنا في غمار هذه الأطروحة نؤكد على مشروعية الدفاع و الإثبات لأنه يظهر لنا أن القول بأن الحتمية أساس الحرية أمر أكده العلم وأثبت تاريخ العلوم و الاكتشافات و كل الاختراعات ذلك ومنه نخلص إلى أنه كلما زادت وتطورت معارف الإنسان كلما اتسعت دائرة الحرية . وعليه نكثر من تكرار قول لا بد من معرفة الحتميات و القوانين شرط لممارسة الحرية و التأكيد على الطابع العملي لمشكلة الحرية لا يستبعد الجانب الفكري الذي يتمثل في الوعي بالأهداف و الغايات و الأبعاد لفعل التحرر . فنحن نعيش في وقتنا الحاضر لحظة رعب من إفلونزا الخنازير جعل من منظمة الصحة العالمية أن تدق ناقوس الخطر بل جعلت المرض في الدرجة الخامسة لكننا متأكدين أن العلم لن يقبع متفرجا أمام هذا المرض لأن الإنسان مرتبط دائما بآية قرآنية "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " وهي كونية بالنسبة لأي إنسان

اسئلة متعلقة

...