الشخص بوصفه قيمة - للبكالوريا، مسلك العلوم الإنسانية للفيلسوف الألماني كانط حلل النص وناقشه
الشخص بوصفة قيمة
حلل(ي) النص وناقشه(يه)
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ الشخص بوصفه قيمة - للبكالوريا، مسلك العلوم الإنسانية للفيلسوف الألماني كانط حلل النص وناقشه
الإجابة هي كالتالي
الشخص بوصفة قيمة
ورد هذا النص في الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، مسلك العلوم الإنسانية[ الدورة العادية: 2009 ]، وهو
للفيلسوف الألماني كانط Emmanuel kant ( 1724-1804 )، مأخوذ من مؤلف له بعنوان: " أسس ميتافيزيقا الأخلاقFondemends de La Metaphysique des Moeurs ، ترجمة عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل، ألمانيا ص 109-110.
" إن الشخص الذي يفكر في الانتحار، سيسأل نفسه إن كان من الممكن أن يتفق مسلكه مع فكرة الإنسانية، بوصفها هدفا في ذاته، فإذا لجأ إلى تحطيم نفسه ليهرب من حالة مؤلمة، فإنه يستخدم بذلك شخصا كمجرد وسيلة تهدف إلى المحافظة على حالة محتملة إلى نهاية الحياة.
ولكن الإنسان ليس شيئا، وبالتالي ليس موضوعا يمكن ببساطة أن يُعامل معاملة الوسيلة، بل ينبغي النظر في كل أفعاله بوصفه دائما هدفا في حد ذاته، ومن ثم فلست أملك حق التصرف في الإنسان الكامن في شخصي، سواء كان ذلك بتشويهه، أو إفساده أو قتله...
إن الذي ينوي أن يعطى وعدا كاذبا للغير، سيدرك على الفور، أنه يريد أن يستخدم إنسانا آخر كوسيلة فحسب، بغير أن يحتوي هذا الإنسان الأخير في نفس الوقت على الغاية في ذاته ".
حلل(ي) النص وناقشه(يه)
1-مطلب الفهم:
إن وجود الإنسان كشخص ليس بالوجود العبثي، الفاقد لكل معنى، بل وجود له قيمة، أي وجود مرغوب فيه، وإذا كانت الأشياء والكائنات غير العاقلة تمتلك هي أيضا قيمة، أي خاصية ثابتة تجعل الإنسان يرغب فيها ويفضلها عن غيرها، فإن قيمتها هذه لا يمكن أن تكون لها وجود إلا بوجود الإنسان، فهو الذي يمنح الأشياء والكائنات غير العاقلة قيمة، حسب ما تملكه من خاصية تسمح بتحقيق أغراضه الخاصة، ويفقدها تلك القيمة حين تفتقر لما يحقق له أغراضه، بخلاف ذلك نجد الإنسان كشخص، يحمل قيمة في ذاته، قيمة أصيلة كامنة فيه، إلا أن البحث عن هذه القيمة السامية التي يحملها الإنسان كشخص، يصطدم بمشكل المعيار أو الخاصية الثابتة في الشخص التي تشكل هويته، وتجعله ذا قيمة وجديرا بالاحترام والتقدير، فمنذ اليونان حتى الآن، لم يتم الحسم في ما يشكل الهوية الحقيقية للشخص وبالتالي قيمته، فمواقف الفلاسفة والعلماء على السواء متباينة في هذا الشأن، ومتعددة بتعدد مكونات الشخص، وهاهو مضمون السؤال الذي أمامنا، يعيد طرح سؤال قيمة الشخص من جديد، متسائلا عن ما يحدد هذه القيمة، وهو الأمر الذي يجعل من موضوع هوية الشخص وقيمته موضوعا إشكاليا، يحمل مفارقات يمكن تبينها في التساؤل التالي:
إذا كانت القيمة la valeur في دلالتها العامة، هي الميزة الخاصة بشيء، والتي تجعل منه موضوع رغبة وتفضيل، فما هي هذه الميزة الخاصة أو الخاصية الثابتة في الشخص la Personne، والتي تجعل من وجوده كذات واعية ومريدة، ومسؤولة عن أفعالها، وجودا ذا قيمة، أي وجودا مرغوبا فيه، جديرا بالاحترام والتقدير؟ هل يستمد هذه القيمة من ذاته، أي من مكوناته الباطنية، الممثلة في الوعي والإرادة، أم من خارج الذات، أي من مكونات ظاهرية، متمثلة في الجسد وتركيبته البيولوجية والمحيط البيئي والاجتماعي، أم أن الفهم الحقيقي لمصدر هذه القيمة، لا يمكن أن يَتَأتى لنا إلا بالنظر إلى كل مكونات الشخص الظاهرية منها والباطنية، في تكاملها وتضافرها ؟
2-مطلب التحليل:
بالرجوع إلى مضمون هذا النص، يتبين أن الأطروحة التي تحكمه، هي تلك التي ترى في الشخص غاية في ذاته، لذا يستدعي الاحترام والتقدير، أي معاملته لا كوسيلة، وإنما كغاية في ذاته معنى هذا، أننا نستطيع أن نتخذ من الأشياء وسائل نستخدمها لتحقيق أغراضنا، لكن ليس من حقنا أن نعامل الأشخاص كوسائل ذاتية نفعية، لأن الإنسانية أو الذات البشرية، هي غاية في ذاتها Fin En Soi وليست وسيلة لتحقيق أغراض الآخرين، وهنا تكمن القيمة الأخلاقية للشخص، يبدو هذا الأمر واضحا من خلال القول التالي: " ولكن الإنسان ليس شيئا، وبالتالي ليس موضوعا يمكن ببساطة أن يُعامل معاملة الوسيلة، بل ينبغي النظر في كل أفعاله بوصفه دائما هدفا في حد ذاته يستدل النص على قوله هذا، بمجموعة من الحجاج أتت على شكل أمثلة من واقع الأنا كشخص، أمثلة تبين كيف ينبغي أن يحترم الشخص ذاته وذات الآخرين، المثال الأول الذي يسوقه صاحب النص، يتعلق بظاهرة الانتحار، قد تبدو هذه الظاهرة في منظور البعض عملا فرديا خالصا، ينتج عن أسباب نفسية مرضية أو اجتماعية اقتصادية، أو ما شابه ذلك، لكن صاحب النص، يرى فيها أنانية وجبن، وإساءة للإنسانية التي تجثم داخل ذاته، حقا يقول صاحب النص، أن الشخص الراغب في الانتحار، يود من خلال هذا الفعل أن يتخلص من حالة مؤلمة أصابته، لكنه بإقباله على هذا الفعل يكون قد عامل الإنسانية في شخصه، لا كغاية في ذاته وإنما كوسيلة، وبانتحاره يكون قد أساء للآخرين، وجرد بالتالي من ذاته، صفة الإنسان، ليصبح مجرد شيء أو بضاعة فاسدة لا تصلح لشئ، لهذا يقول صاحب النص، ليس من حقنا أن نتصرف في الإنسان الكامن في شخصنا، سواء كان ذلك بتشويهه أو إفساده أو قتله، فإذا كان الانتحار وسيلة لدى البعض، للانتهاء من شقاء الدنيا، فإنه ليس من الصواب أن أعامل نفسي، بطريقة تجعلها وسيلة للحصول على غاية أخرى، لذا لا ينبغي على الشخص تدمير ذاته، ومهما كانت دوافع هذا التدمير، فإن في ذلك تدمير للإنسانية جمعاء، خاصة حين يحاول الشخص أن يشرع بعقله لهذا الفعل، ليصبح قانونا كونيا.
فالشخص إذن، في منظور صاحب النص، لا يمكن أن يكون شخصا حقيقيا ويمتلك قيمة أخلاقية، إلا إذا جَنَّبَ نفسه تدمير ذاته والإنسانية التي تسكن داخله، والأمر ينسحب أيضا في تعامله مع الآخرين، وتعزيزا لموقفه هذا، قدم صاحب النص المثال الثاني المتمثل في الوعود الكاذبة التي يعطيها البعض للآخرين، فعندما يقوم شخص ما بهذا الفعل، فإنه يُظهر عدم احترامه للإنسانية التي تسكن ذوات الآخرين، فقد عامل في هذه الحالة الأشخاص الآخرين، لا كغايات في ذاتها، وإنما كوسائل تحقق منافع ذاتية، وفي هذا إنزال بالشخص إلى مستوى الكائنات غير العاقلة، هكذا يثبت صاحب النص، على أن البعد الأخلاقي القائم على مبدأ احترام الواجب نحو الذات والآخر، أي معاملته لا كوسيلة وإنما كغاية في ذاته، هو المحدد الجوهري لقيمة الشخص الأخلاقية، لكن هل يمكن الاطمئنان لهذا التصور كحل لإشكالية قيمة الشخص ؟ أفعلا أن البعد الأخلاقي بدلالته السالفة الذكر، هي المحدد الأساسي لقيمة الشخص، أم أن الأمر يستدعي منا البحث عن أبعاد أخرى لها دورها الوازن في تحديد هذه القيمة ؟