اولاً :- شرح معنى صفة الحرف وتقسيم صفات الحروف وعددها واختلاف الكتب في تصنيفها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول القاري في المنح عن صفة الحرف : ما قام بالشيء من المعاني كالعلم والسواد ....فالمخرج للحرف كالميزان يعرف به ماهيته وكميته والصفة كالمحك أو الناقد يعرف به هيئته .
ثم يوضح أن الصفات تميز الحروف ذات المخرج الواحد .
هنا نذكر بأن الصفة هي ما يرافق الحرف ويكون جزءا من تكوينه العام لا ينفك عنه ، فالحرف يتكون من : مخرج وصفات . وإذا شبهنا الحرف بالإنسان فإن جسد الإنسان يقابل المخرج أما الطول واللون وما إلى ذلك فهي الصفات .
ثم صفات الحرف فهي تتراوح بين : خروج هواء من الفم مرافق لنطق الحرف ، أو صفير مرافق له ، أو اهتزاز الحنجرة ، أو كونه آنيا أم يمتد زمنيا ، أو كونه مفخما أو مرققا ، أو ترافق صوت الحرف بصوت آخر كالقلقلة .
صفات الحروف إجمالا وما يذكر من تفاصيل لها في كتب التجويد:
عند البحث في صفات الحروف ضمن أمهات كتب التجويد نجد أن الشيخ مكي في الرعاية أوصل الصفات إلى 44 صفة وتبعه ابن الجزري رحمه الله في التمهيد لكنه في منظومة المقدمة هنا يقسم يذكر 17 صفة من هذه الصفات ، وقد سماها مكي باسم ألقاب الحروف وصفاتها وعللها وقد قسمها إلى 34 لقبا وذكر تتمة 10 ألقاب نقلها عن الخليل من كتابه العين ( مبينية على مخرج الحرف ) ، أما الداني فقد ذكر في التحديد 19 صفة ، وقد سماها هناك صفة صراحة .
وشراح الجزرية كالقاري نوه إلى هذا العدد وذكر أن الناظم هنا ذكر الصفات المشهورة اللائقة لمقدمته المختصرة .
وقد قسم مكي في الرعاية هذه الحروف إلى قسمين :
لكن دراسة الصفات المذكورة باستطراد ضمن المراجع الأولى للتجويد كالرعاية نجد أن هذه الصفات تقسم :
صفات هي عبارة عن ملحقات ينطق بها مرافقة للحرف تؤثر في ذاتية الحرف حيث تميز الحروف المتشاركة بنفس المخرج : مثل الهمس ، الجهر ، الإطباق ، القلقلة .
صفات هي عبارة عن ملحقات ينطق بها مرافقة للحرف تؤدي أثرا جماليا في الكلام ولا تؤثر في ذاتية لكنها وجدت مرافقة للحرف أثناء التلاوة أو في لغة العرب : الغنة الزائدة في النون والميم ، المد الزائد .
صفات تصف أثرا سمعيا يحدثه الحرف وبالتالي فهي ملازمة لنطق الحرف فطالما أن الحرف تم النطق به فهي موجودة ثم إن العناية بها تؤدي إلى كمال في الأثر السمعي للحرف ولا يؤثر في ذاته لذلك يؤكد الاعتناء بها : كالشدة والرخاوة ، حروف التفخيم ، الغنة اللازمة للميم والنون ، التفشي ، الصفير ، اللين ، المد اللازم لحروف المد .
صفات تحذر من أمور صوتية سمعية مرافقة لبعض الحروف يجب التحرز عنها (فهي صفات أيضا تؤدي إلى كمال أو لمنع تغيير ذاتيته ) : كاسماع صوت التكرير عند نطق الراء ، التعطيش في الجيم .
صفات تشرح تموضع أعضاء الفم عند النطق بالحرف وهذا التموضع طبعا يؤثر في ذات الحرف لكن العناية به تؤدي إلى كمال الأثر السمعي للحرف : حروف الاستعلاء ، حروف الاستفالة ، الاستطالة .
صفات تحدد موضع خروج الحرف ضمن الفم ( وبالتالي فهي صفات تهدف للتقسيم والفرز قفط ) : كالإذلاق ، الحروف الأسلية ، الحروف الحلقية ، الحروف الجوفية ، لثوية نطعية ، الحروف الصم ( وهي كل ما عدا الحلقية ) ، لهوية ، شجرية .
صفات تحدد الحروف التي لها قابلية لحوق تغيير صوتي أثناء نطق الحرف مما يتعلق بلهجات العرب ( وبالتالي فهي صفات هدفها التقسيم والفرز فقط): كالزاي المشمة ، حروف الإمالة ، حروف الإدغام ، الإقلاب ، الإخفاء .
صفات تحدد موضع بعض الحروف في بناء الكلمات عند العرب أو نحويا (وبالتالي فهي صفات للتقسيم والفرز لا غير ) : حروف العلة ، الإذلاق ، حروف الإصمات ، الحروف الزوائد ، الحروف المذبذبة ، الحروف الأصلية ، حروف الانحراف .
صفات تصف الحرف بشيء يميزه موجود فيه عند تحقيق ذاتية الحرف ( وبالتالي هي صفات تفيد في الفرز والتقسيم والإيضاح ) : الحروف الهوائية ، الحروف الخفية ، الحروف الجرسية ، الحرف المهتوف ، الحرف الراجع (الميم) ، الحرف المتصل ( الواو )
والملاحظ أن ابن الجزري عندما اختار هذه من الصفات 18 صفة ( مع صفة ما بين الرخاوة والشدة ) ، ليضعها في هذه المنظومة إنما اختار الصفات التي ليست للتقسيم والفرز حيث لا يمكن اعتبارها صفات حقيقة فموضع الخروج ليس صفة (كالحروف الأسلية وهي التي تخرج من أسلة اللسان أو غير ذلك ...) فنحن عندما نصف إنسانا بأنه يجلس على كرسي مثلا فهذا ليس وصفا يتعلق بذاته بعكس لون جلده أو طوله ...
ولذلك نجد فإن العديد من المؤلفين في علم التجويد لم يتناول هذه الصفات التي تهدف للفرز والتقسيم واعتبرت صفات استطرادية ، ولذلك نجد أن المرعشي في جهد المقل لم يذكر صفة الذلاقة كما لم يذكرها الشاطبي في ذكر الصفات في حرز الأماني ، والملاحظ في التقسيم السابق للأنواع التسعة للصفات أن بعضها يمكن أن يندرج ضمن ما هدفه التقسيم الفرز فقط ومنها ما يندرج تحت إطار هدفين التقسيم والفرز وضمن الصفات المتعلقة بذات الحرف
ثانياً ما الفرق بين صفات الحروف واحكام الحروف
ولماذا سميتا بصفة واحكام
صفة الحرف هي صفة ملازمة ضمن ذاتية الحرف فلا يكتمل الحرف وينطق وتقوم ذاته إلا بوجودها وهذه الأحكام كالغنة الذاتية في النون والميم ، وكذلك الهمس في حروف الهمس ، والقلقلة في الحروف التي تحوي صفة القلقلة ، والمد الطبيعي والصفات المعروفة وهي أغلب الصفات السبع عشر التي ذكرها ابن الجزري للحروف في منظومته .
أما ( حكم الحرف ) في عبارة عن صفات زائدة عن الصفات الذاتية ولا تؤثر بذاتية الحرف أي أن الحرف تم النطق به صحيحا لكن لم يتم تطبيق الحكم الزائد الذي أتي ضمن قواعد التجويد في الرواية التي يقرأ بها مثل صفة الغنة الزائدة في مواضعها ( عند تشديد النون والميم أو عند الإدغام بغنة ..) وكذلك صفة تفخيم أو ترقيق حرفي اللام والراء وكذلك الإقلاب والإخفاء وأحكام النون والميم الساكنتين وكذلك المد الزائد عن الطبيعي ضمن المد المتصل والمنفصل وغيرهم .
أي إن الأحكام هي صفات زائدة تلحق الحرف أتت ضمن أحكام الرواية التي يقرأ بها ، أما الصفة فيطلق عل ما يؤثر في ذاتية الحرف عند العرب ، على أن العديد من كتاب التجويد يستعمل كلمة ( حكم هذا الحرف كذا ) في موضع تناول الصفة ، لكن العكس لا يستعمل كأن نقول ( صفة الألف قبل الهمز ضمن كلمة هو مدها مدا متوسطا أو طويلا ) فلا يُقال هذا إنما ( حكم الألف قبل الهمز في كلمة واحدة هو المد مدا متوسطا أو طويلا ) .
هذا ما يمكن إيضاحه في هذا المقام على أن العلماء المؤلفين في علم التجويد لم يتناولوا هذا التفريق والمقارنة بين ( الصفات والأحكام) بشكل خاص . مع استعمال كل من المصطلحين في موضعه .
والله أعلم .