ملخص شامل لمدخل العلاقات الدولية؟ دراسة علم العلاقات الدولية وتطوره؟
دراسة علم العلاقات الدولية وتطوره
تعود نشأة العلاقات الدولية كفرع دراسي إلى أوائل القرن العشرين. وتحديدا خلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولقد تطور هذا الحقل الجديد من المعرفة منذ نشأته بحيث مر بعدد من المراحل.
المرحلة الأولى:/ دراسة التاريخ الدبلوماسي/
بدأت هذه المرحلة قبل الحرب العالمية الأولى وتواصلت بعدها. حيث كانت دراسات العلاقات الدولية تقوم علي تتبع التاريخ الدبلوماسي بحيث لم تكن تختلف عن دراسة التاريخ بشكل عام. ولقد اتسمت الدراسات خلال تلك المرحلة بالمعرفة التاريخية والاهتمام بالمنهج التاريخي وبأصول وقواعد التاريخ. ولم تكن هناك أي جهد لتطوير اطر نظرية حتى يمكن تحليل المعلومات المتوفرة وتنظيمها ضمن هذه الأطر. . . . بحيث كان هناك غياب كامل لأي شيء يمكن أن يكون بمثابة نظرية في العلاقات الدولية.
ألمرحلة الثانية: دراسة الأحداث الجارية
نشأت هذه المدرسة في الفترة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية كردة فعل على دراسة التاريخ الدبلوماسي ونتيجة ازدياد الاهتمام بالسياسة الدولية خارج الأوساط الرسمية . . . وصار هناك تركيز على دراسة الحاضر. ونشأ تيار اهتم بدراسة الأحداث الجارية. وتحولت دراسة العلاقات الدولية إلى تحليل وشرح الأبعاد والمعاني والانعكاسات للأحداث الجارية.
ألمرحلة الثالثة: دراسة القانون الدولي والمنظمات الدولية.
تزامنت نشأة هذه المدرسة مع مدرسة الأحداث الجارية. وجاءت كردة فعل على الحرب العالمية الأولى وكمحاولة لإيجاد وسائل لإلغاء النزاعات نتيجة ما يترتب عليها من ويلات ولتنظيم المجتمع الدولي على أسس جديدة. وقد عرفت هذه المدرسة في العلاقات الدولية بتيار المثالية [الذي سوف يدرس لاحقا ضمن النظريات]. . . [ولقد] صار الباحث أو المتخصص في إطار هذه المدرسة صاحب دعوة إصلاحية أو تغيرية يحث على إقامة منظمات دولية وتطبيق أحكام القانون الدولي.
ألمرحلة الرابعة: دراسة السياسة الدولية.
وقد بدأت هذه المرحلة بعد الحرب العالمية الثانية بحيث انتقل الاهتمام من دراسة المنظمات الدولية إلى دراسة السياسة الدولية. وجاء ذلك ضمن ما عرف بمدرسة الواقعية السياسية (Real Politik) التي [سوف تدرس لاحقا ضمن حقل النظريات].
فلم يعد الاهتمام منصبا على تقيم ظاهرة أو حدث سياسي من زاوية مثالية، بل تحول الاهتمام نحو دراسة وفهم الأحداث والظواهر السياسة. وانتقل الاهتمام مما يجب أن يكون علية العالم إلى دراسة ما هو قائم فعلاً. إذن، لم تعد نقطة الانطلاق من البنية التنظيمية الدولية بل صارت أهداف ومصالح الدول هي الأساس في الدراسة.
ولم يعد ينظر إلى ممارسات وسياسات المنظمات بشكل مجرد ومستقل عن الدول بل صارت تعتبر كمحصلة لسياسات ومصالح دول مختلفة وصارت المنظمات تعتبر فقط بمثابة منتدى لتفاعل هذه السياسات وليست كطرف ذات دور مختلف ومتميز عن دور الدول. وقد أدى ذلك عمليا إلى ربط دراسة العلاقات الدولية بدراسة العلوم السياسية.
ألمرحلة الخامسة: مدرسة السلوكية .
وقد نشأت هذه المدرسة في منتصف الخمسينات وقامت على انتقاد غياب البحث العلمي عند المدرستين الواقعية والمثالية وكذلك انغلاقهما أمام النتائج والمعلومات والمناهج البحثية التي توصلت إليها العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى. واستفادت هذه المدرسة [والتي سوف تدرس لاحقاً]. . . من مفاهيم ونظريات ومناهج كثيرة من حقول أكاديمية بعضها قديم وبعضها جديد نسبياً ومنها الاقتصاد، وعلم النفس، وعلم الانثربولوجيا، وعلم الاجتماع . . . واعتمدت مناهج بحث كمية ومقارنة. وحاولت المدرسة السلوكية إيجاد روابط بين المفاهيم والنظريات المختلفة الجديدة وتصنيفها ومقارنتها وإعادة تعريفها في إطار نظري مندمج جديد.
ألمرحلة السادسة: مدرسة ما بعد السلوكية .
وقد نشأت هذه المدرسة أساسا في أواخر الستينات كردة فعل على السلوكية. وهي في أهدافها تمثل عودة إلى المدرسة المثالية من حيث ضرورة توظيف العلوم الاجتماعية والبحث الأكاديمي من أجل تطوير المجتمع الدولي والتغلب على النزاعات وخدمة أهداف السلام والعدل.
ألمرحلة السابعة: مدرسة الواقعية الجديدة.
ونشأت في أواخر السبعينات، وهي وان أبقت على المفاهيم الأساسية في الواقعية كدور الدولة وأهمية القوة وميزان القوى والمصلحة القومية، إلا أنها تعتبر تطوراً عن الواقعية القديمة من حيث انفتاحها على حقول العلوم الاجتماعية الأخرى واستفادتها منها وعدم اعتبار الحقل السياسي كحقل مستقل ذاتياً، كما كان الحال مع كتاب المدرسة الواقعية القديمة.
المنتظم الدولي
يقصد بالمنتظم الدولي أي مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة –دولة المدينة، الدولة، أو الإمبراطورية- التي تتفاعل في تكرار يمكن اعتباره وفقا لعملية منظمة. لذا فلكي يكون هناك منتظم لابد من توفر مجموعة من الوحدات تعمل ككل بمقتضى التوافق (الاعتماد المتبادل) بينها.
ثم أن العمل أو التفاعل بين تلك الوحدات والتي تكون كل واحدة منها جزءا من الكل يجب أن يتكرر تكرارا يمكن اعتباره. فالتفاعل أو الاحتكاك مرة أو مرتين بين الأجزاء (الوحدات السياسية المستقلة) لا يكفى لإيجاد المنتظم فقد يكون هذا التفاعل طارئا لا يلبث أن يقف ثم يتحول الجزء إلى وحدة مستقلة بحد ذاته وفي مثل هذه الحالة يقف المنتظم وينتهي وجودة.
أخيرا أن التفاعل المتكرر لابد أن يحدث وفق عملية منظمة تعطي انطباعاً للملاحظ بان المنتظم يعمل كأجزاء متكاملة ضمن نسق معين.
النظام الدولي
يعرف بأنه عبارة عن ترتيب للعلاقات بين الدول في وقت معين. كذلك يعرف بأنه أنموذج لعلاقات القوة بين اللاعبين الدوليين له القدرة على تأمين القيام بالفعاليات المختلفة طبقا لمجموعة من القواعد.
للنظام الدولي عدد من الخصائص، منها:
الشمولية: العالمية وليس القارية.
عدم التجانس: يقوم على مجموعة من دول تنتمي في نظمها . . . إلى قيم وأيدلوجيات متباينة وبالتالي: مصالح متباينة.
التفاعل بين الوحدات و رفض العزلة: العالم بمثابة قرية صغيرة.
انعدام السلطة الدولية: عدم وجود حكومة عالمية.
وحدات النظام الدولي
أولا: الدول:
وهي الفاعل الرئيس في المسرح الدولي. وذلك لأنها في الأصل تتمتع بالسيادة والتي تعني: عدم الخضوع لأية سلطة خارجية. تصنيف الدول حسب عدد من المعايير، مثل: السكان، الوضع الجغرافي، الموارد الاقتصادية، القوة العسكرية، كفاءة الحكومية. فهناك:
أ. دول عظمى: مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
ب. دول كبرى: مثل الصين، بريطانيا و فرنسا.
ج. دول متوسطة: (بالعادة تلعب دور إقليمي)مثل مصر ، المملكة العربية السعودية، البرازيل، الخ.
د. دول صغرى: تحاول الحفاظ على الاستقلال وحماية الحدود من الغزو الخارجي.
ثانيا: المنظمات الدولية:
رغم أن التنظيمات الدولية تعتبر في مفهوم بعض أساتذة العلاقات الدولية امتداد للدولة القومية وأداة لسياستها الخارجية، إلا أن هذه التنظيمات ككيانات دولية مستقلة لعبت دوراً ملموساً كعوامل في المجتمع الدولي حيث أثرت في مجرى العديد من الأحداث أو ساهمت في صنعها.
يمكن تقسيم التنظيمات الدولية إلى ثلاثة أنواع من حيث الاعتبار الجغرافي:
التنظيمات العالمية وتكون بالعادة عضويتها مفتوحة - وفق ضوابط محددة مسبقا- لجميع دول العالم مثل هيئة الأمم المتحدة.
التنظيمات الإقليمية والتي تكون العضوية فيها محددة لدول واقعة في إقليم جغرافي معين مثل جامعة الدول العربية والتي ينتمي لعضويتها جميع الدول العربية وكذلك مثل منظمة الدول الأمريكية والتي لا يوجد في عضويتها دول عدا الدول الواقعة في القارة الأمريكية.
التنظيمات عبر الإقليمية و عضوية هذا النوع من التنظيمات مختلفة عن تلك المتبعة في التنظيمات الإقليمية التي تأخذ في الاعتبار الجوار الجغرافي، حيث أن هذا النوع يأخذ باعتبارات أخرى سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافي . . . الخ. ومن الأمثلة البارزة على هذا النوع من التنظيمات منظمة الأقطار المصدرة للبترول والتي معيار العضوية فيها مبني على أساس أن الدول الأعضاء فيها هم في حقيقة الأمر من كبار الدول النفطية المصدرة للبترول.
كذلك يمكن تقسيم التنظيمات الدولية إلى نوعين من حيث نوعية الأعضاء:
منظمات حكومية: يكون أعضائها عبارة عن حكومات دول معينة. وقد تكون عالمية (الأمم المتحدة) أو إقليمية (جامعة الدول العربية) أو عبر إقليمية (اوبك) من حيث الاعتبار الجغرافي.
منظمات غير حكومية: يتكون أعضائها من هيئات أو تنظيمات غير حكومية. وقد تكون عالمية أو إقليمية أو عبر إقليمية من حيث الاعتبار الجغرافي، مثل نقابات العمال والمنظمات الثقافية.
ثالثا: الشركات المتعددة الجنسية:
تعرف الشركات المتعددة الجنسية بأنها أي مؤسسة تجارية يمتد فيها الملكية، الإدارة، الإنتاج و التسويق ليشمل أكثر من دولة. هذه المؤسسات التجارية مثل شركات البترول العملاقة و البنوك العالمية الكبرى تعتبر من العوامل الهامة في المجتمع الدولي. هناك أسباب تعطي هذا العامل أهميته والتي يأتي على رأسها أهداف اقتصادية مثل إزالة البطالة، التنمية الاقتصادية، و الرفاهية الاجتماعية.
أن الحكومات بصفة عامة و في الأقطار النامية بصفة خاصة أصبحت تتردد في إنهاء خدمات أو استثمارات الشركات العالمية المملوكة لأقطار أخرى، لأن هذا العمل يضيع على شعوب هذه الحكومات فرص التوظيف، التنمية، و منافع أخرى توفرها هذه الشركات للأقطار النامية.
رابعاً: حركات التحرير الوطنية:
تعتبر حركات التحرير الوطنية مثل الفيكتونج و منظمة التحرير الفلسطينية [والأعمال التي قامت بها] مثالاً بارزاً للحركات الوطنية. فهذه الحركات لا تتوفر لها عناصر الدولة، إلا أنها تؤثر في توجيه السياسة الدولية.
فلقد لعبت حركة الفيكتونج دوراً بارزاً في تقرير مصير الحرب الفيتنامية و في توجيه السياسة الدولية في الجنوب الشرقي للقارة الآسيوية.
و قد لعبت منظمة التحرير الفلسطينية دوراً كبيراً في السياسية الدولية في الشرق الأوسط بصفة عامة و فيما يتعلق منها بالنزاع العربي-الإسرائيلي بصفة خاصة.فغارة من الفدائيين على هدف إسرائيلي قد يؤدي لرد فعل إسرائيلي يتمثل بتوجيه ضربة عسكرية للدولة التي تعتقد أنها معقل للفدائيين. و مثل هذه الضربة العسكرية قد تؤدي إلى اندلاع النزاع المسلح على المستوى الإقليمي و الذي بدوره قد يتطور ليشمل المستوى الدولي.
هذا على الصعيد العسكري، أما على الصعيد السياسي فان اكتساب منظمة التحرير الفلسطينية شرعية تمثيل الشعب الفلسطيني في المجتمع الدولي جعلها طرف أساسي في أي معادلة لإيجاد حل سياسي لأزمة الشرق الأوسط بصفة عامة و للقضية الفلسطينية بصفة خاصة.
مراحل تطور النظام السياسي الدولي
يتفق معظم علماء السياسة على أن العلاقات السياسية الدولية (كما تعرف اليوم) نشأت منذ مؤتمر ويستفاليا عام 1648. ومنذ ذلك التاريخ دخل النظام الدولي في ست مراحل هي:
أولا:
من معاهدة وستفاليا عام 1648 حتى مؤتمر فينا عام 1815. حيث تميزت هذه المرحلة بان العلاقات الدولية فيها كانت محصورة في تلك العلاقات التي تنشا بين الدول القومية ذات السيادة بحيث لا تشمل أي نوع من الهيئات او الجماعات التي لا تتوافر لها مقومات الدولة وخصائصها مهما كان دورها في المجتمع الدولي.
ثانياً:
من مؤتمر فينا عام 1815 حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى. وتميزت هذه المرحلة بتطور العلاقات السياسية الدولية، حيث سُجل تطور نوعي في قرارات المؤتمر والتي انعكست بمجملها في أقرار توازن دولي جديد يأخذ على عاتقة مهمة الأمن والاستقرار في أوربا.
ثالثاً:
من انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1919 حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية. وتميزت ببروز نظام الأمن الجماعي، حيث تبلور هذا المفهوم بإنشاء عصبة الأمم بمقتضى معاهدة فرساي في 28 يونيو 1919.
رابعا:
من عام 1945 (انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس منظمة الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945) حتى انهيار المنظومة الشيوعية وتفسخ الاتحاد السوفيتي ونهاية أزمة الخليج الثانية 1991، والبعض حدده بعام 1989وذلك بانهيار حائط برلين. وأهم ما يميز هذه المرحلة هو ما يسمى بالحرب الباردة الذي تحول أثنائها النظام الدولي إلى القطبية الثنائية (الولايات المتحدة ولاتحاد السوفيتي)، وفي الفكر الأيديولوجي الصدام بين الشيوعية والرأسمالية.
خامساً:
من عام 1992، حتى سبتمبر 2001، وهي الفترة التي أعقبت انهيار المنظومة الشيوعية، وتوحيد ألمانيا الشرقية والغربية، وتفسخ الاتحاد السوفيتي، واندلاع أزمة الخليج الثانية 1990-1991، مما يعني اختفاء احد القطبين و بداية تحول النظام إلى نظام أحادي القطبية باستفراد الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى على هرم السلطة العالمية.
سادسا:
من الحادي عشر من سبتمبر 2001 حتى اليوم. حيث تميزت هذه المرحلة بقيام حرب شاملة تقودها القوة العظمى على هرم السلطة العالمية (الولايات المتحدة) ضد ما سمي بالإرهاب الدولي. ولقد توضح وتجلى في هذه الفترة استفراد الولايات المتحدة بالتحكم بالنظام العالمي الجديد