السلطان سنجر تاريخياً :الدولة السلجوقية في عهد اخر السلاجقة العظام وتألق الدولة في زمن السلطان سنجر
القصة كاملة حول أحمد سنجر آخر السلاجقة العظام
من أعظم سلاطين الدولة السلجوقية الأمير سنجر ملك شاة
السلطان سنجر آخر السلاجقة العظام
الدولة السلجوقية في عهد أحمد سنجر
تألق الدولة السلجوقية في زمن السلطان سنجر
زمن خلافة السلطان أحمد سنجر سنجر
صراع سنجر مع الباطنية الإسماعيلية حسن الصباح
من هو السلطان سنجر #
هو معز الدين أحمد سنجر، واسمه أبو الحارث سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق، واسم سنجر يعني يطعن. وسمي سنجر لأنه ولد في مدينة سنجر على عادة الأتراك آنذاك أن يسمى الوليد باسم مسقط رأسه. وقد ولد في سنجر عندما كان والده السلطان ملكشاه نازلًا فيها بعد اجتيازه لديار بني ربيعة متوجهًا إلى غزو بلاد الروم. وسنجر في الفارسية الطير الجارح.
واختلفوا في سنة ولادته رغم اتفاقهم على اليوم، فمنهم من قال إنها كانت في 25 من شهر رجب سنة 479 هـ، ومنهم من قال في سنة 477 هـ وقال البنداري في سنة 471 هـ، وقد توفي والده السلطان ملكشاه في سنة 485 هـ، لذلك فجميع الروايات التاريخية متفقة على أن سنجر كان صغيرًا عند وفاة والده.
وكانت والدته امرأة فاضلة صالحة متدينة متصدقة وكثيرًا ما كانت ترسل الجمال إلى طريق مكة وهي محملة بالصدقات لغرض توزيعها على الحجاج في موسم الحج. وقد تعرضت للأسر خلال الحرب التي اندلعت بين أبناء ملكشاه حول العرش، حيث أسرها بركياروق، وافتداها سنجر بما لديه من أسرى وفك أسرها.
وتزوّج السلطان سنجر من تركان خاتون بنت أرسلان خان صاحب سمرقند، ولم يذكر له زوجة غيرها، وكانت تصاحب زوجها في جميع أسفاره وحروبه، مما عرضها للأسر مرتين، الأولى عند هزيمته في معركة قطوان سنة 536 هـ/ 1141 م أمام القراخطائيين الصينيين فافتداها بخمسمائة ألف دينار. والمرة الثانية عندما أُسرت مع زوجها السلطان على إثر هزيمته أمام الغز سنة 548 هـ / 1153 م.
ومما يذكره المؤرخون أن السلطان سنجر لم يحاول الهروب طول مدة أسره وفاءً لزوجته التي مكثت في أسرها ثلاث سنين حتى توفيت هناك سنة 551 هـ.
وكان السلطان سنجر بارًا بأبناء إخوانه وأخواته، فبعد توليته محمود بن محمد ولاية العهد، ثم توفي بعد ذلك، استخلف على خراسان ابن أخته محمود بن محمد بن بغراخان، وهو على فراش الموت، واستدل المؤرخون بذلك على أن سنجر لم يكن له أبناء ذكور يوليهم السلطنة من بعده بينما أشارت المصادر إلى وجود بنات للسلطان إذ تزوج السلطان محمود بن محمد من ماه ملك خاتون ابنة سنجر سنة 513 هـ/ 1118 م. وكذلك تزوّج الخليفة العباسي المسترشد بالله 512 هـ- 529 هـ من ابنة سنجر، سنة 518 هـ/ 1124 م وبنى لها دارًا فاخرة على نهر دجلة.
وتشير بعض المصادر إلى أن لسنجر ابن واحد أُسر في معركة قطوان مع والدته سنة 536 هـ /1142 م ولم يظهر له أثر بعد ذلك.
الدولة السلجوقية في عهد أحمد سنجر
تمت مبايعة محمود بن محمد بن ملكشاه للسلطنة بعد وفاة والده وكان حينئذ في الرابعة عشرة من عمره، ووافق الخليفة العباسي المستظهر بالله على إقامة الخطبة له ببغداد في سنة 512 ﻫ.
لكن عمه سنجر لم يكن ليقبل بهذا الأمر، كونه اعتبر نفسه أحق منه بالسلطنة بعد وفاة أخيه محمد، فأعلن نفسه سلطانًا على السلاجقة وغير لقبه من ناصر الدين إلى معز الدين وهو لقب أبيه ملكشاه وأدى ذلك إلى انقسام الدول السلجوقية واندلاع القتال بين سنجر وابن أخيه محمود وجمع كل منهما جيشه وقوته.
وبالفعل التقى الجمعان بالقرب من مدينة ساوة سنة 513 ﻫ، واستعمل سنجر في هذه المعركة الفيلة فرجحت كفة النصر لصالحه، لكن مع ذلك أبرم اتفاق الصلح بين العم وابن أخيه، حيث أن محمود توجه إلى عمه سنجر، فأكرمه وصفح عنه وسامحه عما بدر منه، وعامله معاملة حسنة وقبل شفاعته في آخرين وقبل محمود كل شروط عمه، وأطاعه واحترمه، فقرر السلطان سنجر اختياره وليًا لعهده ونائبًا عنه في العراق سنة 513 ﻫ، وسمح له بالتلقب بلقب سلطان.
وخطب للسلطان سنجر وابن أخيه السلطان محمود معًا في عام 514 ﻫ، على أن يكون محمود تحت حكم عمه سنجر الذي أعاد لابن أخيه كل ما كان تحت سلطانه ما عدا الري، وظل محمود يحكم لمدة أربعة عشرة عامًا حتى توفي عام 525 ﻫ وقال عنه ابن كثير:
كان من خيار الملوك وكان فيه حلم وأناة وبر وصلابة وجلسوا لعزائه ثلاثة أيام، سامحه الله.
وكما جرت به العادة فقد أعلن الخليفة العباسي المسترشد بالله في سنة 513 ﻫ سنجر سلطانًا أعظم للسلاجقة وأقام الخطبة باسمه في كافة أقاليم الدولة السلجوقية، ومن جانبه أكرم السلطان سنجر بن ملكشاه أبناء أخيه محمد، فوزع عليهم حكم مدن وأقاليم إيران والعراق، وتمكن بفضل حنكته القيادية وسياسته في الحكم من بسط نفوذه على كل أراضي ما وراء النهر حيث كان يتنقل بنفسه إلى أقاليم هذه المنطقة للاطمئنان على أحوال سلطنته فيها.
وتمكن السلطان سنجر من إخضاع جميع حركات التمرد في دولته وتأليف قلوب من يطمع في الملك من أسرته، مما أدى إلى استقرار الدولة السلجوقية في عصره، وبذلك استحق لقب سلطان جميع الممالك السلجوقية.
وامتد نفوذه إلى سائر البلاد حتى يقال إن الخطبة له وصلت إلى كاشغر، وأقصى بلاد اليمن ومكة والطائف ومكران وأذربيجان وغزنة وسمرقند، وخراسان وطبرستان، وكرمان، وسجستان، وأصفهان، وهمذان، والري، وآرنيه، وآرمينية، وبغداد والعراقين، والموصل، وديار بكر، وديار ربيعة والشام والحرمين.
وضربت له السكة في جميع هذه الأقاليم، وبذلك تمكن السلطان سنجر من إعادة الهيبة والوحدة والقوة للدولة السلجوقية ولكن لآخر مرة، فسجل عصره آخر حقبة لعصر السلاجقة العظام.
تألق الدولة السلجوقية في زمن السلطان سنجر
ومع ما أُشيع عن سنجر بأنه كان أُمّيًا لا يجيد القراءة والكتابة، إلا أن فترة حكمه عرفت نجاحات مبهرة عسكريًا وثقافيًا، وأصبح عصره من العصور المهمة في تاريخ الأدب الفارسي، بسبب تشجيعه للعلم والكتابة.
ويعد عصره أطول مدة لسلطان سلجوقي، يصفه اليزدي قائلًا:
جلس على مسند العز والرفعة والقدرة منذ سن النشوء والنمو إلى عنوان عهد الصبا وقد أطاعه جبابرة العجم وأكاسرة العالم ودانوا بالطاعة والولاء.
وكان السلطان سنجر شديد الجود والكرم مع الرعية حتى لامه الكثير من خواصه وعاتبوه فقال: “أما رأيتموني أفتح إقليمًا يشتمل على أضعاف ما وهبته من المال، وأهبه بكلمة واحدة لمن أراه قبل السؤال”.
ولعل أبرز صفة اتسم بها السلطان سنجر بعد الحزم والقوة هي صفة الصفح عن خصومه فقد كان كثير الصفح والعفو عنهم وكانت شيمته الحلم كما عرف عنه طيلة حياته.
وقد يتكرر عفوه عدة مرات كما حصل مع خوارزم شاه أتسز صاحب إقليم خوارزم بعد كل تمرد يقوم به ضد سنجر رغم شدة خطورة هذه التمردات. فسبق عفو السلطان سيفه.
إخماده للفتن
لم يستتب الحكم لسنجر ولم تستقر دولته في زمانه حتى تمكن من إخماد جميع الفتن والتمردات التي كانت تهدد وحدة صفوف السلاجقة، فقد أخمد سنجر تمرد ابن عم أبيه الأمير محمد بن سليمان، ويعرف بأمير أميران، وتمرد صاحب سمرقند وما وراء النهر، واسمه قدر خان، وتمرد السلطان الغوري الحسين بن الحسين.
وفي سنة 526 ﻫ خرج على سنجر ابنا أخيه سلجوق ومسعود في إيران فاقتتل الطرفان في الدينور في الأهواز وانتصر سنجر عليهما، فخضع مسعود لعمه واستسلم له، فعفا عنه وأعاده إلى مملكته الأولى.
ومن أبرز مواقفه ما روي عنه في سنة 512 ﻫ حين جاءت إلى السلطان سنجر زوجة أخيه محمد من أصبهان، فلقيها ببلخ فأكرمها، فقالت له: “أدرك ابن أخيك محمود وإلا تَلِف، فإن الأموال قد تمزقت، والبلاد قد أشرفت على الأخذ، وهو صبيٌ وحوله من يلعب بالملك”. وكان وزير محمود قد أنفق في أربعة أشهر ما ورثه محمود في الخزائن عن والده.
فاستجاب لها سنجر وخرج في سنة 513 هـ ليضبط الأمور فتمرد عليه ابن أخيه محمود بن محمد وقاتله وكاد أن يهزم عمه، حتى استدرك الأخير نفسه وقاتل قتال موت فغلب جيش محمود، وانهزم الأخير إلى أصفهان لكن عفو سنجر سبق غضبه فصفح عنه وأعاده ملكاً وزوّجه ابنته.
ورغم ما مر به من خطوب في سنواته الأخيرة نجح سنجر بعزيمته وسياسته في أن يستعيد شيئاً من مكانته وهيبته، وأن يدين له بالولاء أغلب ملوك خراسان، إلا أن الموت كان له بالمرصاد.