معرفة الذات بين المغايرة والتناقض
درس الشعور بالأنا والشعور بالغير مادة الفلسفة
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ معرفة الذات بين المغايرة والتناقض
الإجابة هي كالتالي
معرفة الذات بين المغايرة والتناقض:
أولا: معرفة الذات تتأسس على المغايرة:
ـ موقف الفلاسفة العقليين: إن الذات تتعرف على نفسها على أنها فردية مستقلة متميزة عن الآخر عندما تقابل الغير، وهذا ما أكده بركلي، وهذه المعرفة تتم بواسطة العقل، وذلك من خلال أحد عملياته ـ المقارنة ـ بين الذات والغير، حيث تحدد الذات جوانب التشابه والاختلاف بينها وبين الآخر، مما يعني أن وجود الغير قد يكون دافعا أساسيا لضبط وتنمية وعي الذات لذاتها.
إذن:إن أساس التعرف على الذات والشعور بالأنا حسب باركلي قد لا يتحدد إلا من خلال الغير أو الأخر. وذلك عن طريق العقل.
كما يؤكد سارتر أن الأخر هو من يجعلني أعي ذاتي فيقول: "فالآخر ليس شرط لوجودي فقط بل شرط للمعرفة التي أكونها عن نفسي"
ويذهب كذلك أننا نكتشف أنفسنا من خلال المجتمع يقول: "إننا لا نكتشف أنفسنا في عزلة ما، بل في الطريق في المدينة وسط الجماهير" ويقول أنا في حاجة إلى وساطة الغير لأكون ما أنا عليه:
ثانيا : معرفة الذات تأسس على التناقض:
إن معرفة الأنا وإدراك حقيقة الذات من هذه الوجهة التي يمثلها هيجل تقوم على العلاقة الجدلية بين الأنا والآخر، ويمكن توضيح ذلك من خلال جدلية هيجل المعبرة عن علاقة التناقض التي تجمع السيد بالعبد، ومن هنا يصير كل واحد منهما يدرك حقيقة نفسه وقيمة ذاته.
من هذه الجدلية يظهر كل "أنا" مستقل عن الآخر، ومقابل له وجها لوجه، كلا يسعى لإثبات ذاته أمام الآخر، باعتماد الصراع والتناقض. فالسيد لا يستطيع أن يتخلص من العبد لأنه بواسطته يُبرز سيادته، والعبد إذا تخلى عن الخوف وضحى لن يكون للسيد وجود.
إذن: إن معرفة الذات على أساس المغايرة أو التناقض تستلزم وجود الغير كضرورة لوجود الوعي بالذات، لأن كل واحد يحاول التغلب عن الآخر وفي ذلك اكتشاف لهويته، وكذلك اختلاف للفرق والإدراك.
ثالثا : اعتراضات على التفسير بالمغايرة والتناقض:
• إن الصراع ليس مفهوما أخلاقيا خاصة عندما يتحول إلى عنف، وهذا ما نلاحظه في صراع الحضارات.
• النظر إلى الصراع على أنه خلاف وانفصال يؤدي إلى نشر ثقافة اللاتسامح، التنافر الوحشي.
• إن معرفة الأنا لذاته تتم بفضل وجود الغير والآخر المغاير له، والمغايرة هذه ليست على الدوام عامل صراع، فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم يقول تعالى:" لولا دفاع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، ويقول شوفاليه:" الأنا لا يمكنه أن يتحقق إلا مع النحن".
ثالثا: معرفة الذات تتأسس على التواصل مع الغير:
إن الاعتراف بأن " الأنا" والغير"، لكل عالمه الخاص، لا يعني عدم إمكانية تحقيق التواصل بين الأنا والآخر، بل إن التواصل هو الأساس الأنسب لمعرفة الذات، لكن هذا التواصل لا يتم بشكل سوي إلا عن طريق الوعي بالمماثلة والتشابه بيننا وبين الآخر، وكذلك الإحساس المشترك في الوجود والنزوع إلى المستقبل الأفضل، وكذلك اعتماد اللغة كوسيلة للتواصل بالغير، والحوار معه.
لقد أكد برغسون أن الاتصال بالغير غالبا ما يعتمد على اللغة، لكنه يقصرها في تناول الأفكار المشتركة في عالم الأشياء المادية ولا يمكنها ولوج عالم الأفكار الشخصية العميقة.
لقد ذهب ميرلوبونتي إلى أن إدراك الغير والتواصل معه يكون عن طريق الوجود معا، وعليه يمكن القول أن التواصل بين الأنا والغير يمكن لمبدأ التعادل بين الذات والغير، واعتراف كلاهما بالآخر. فإدراك الغير والتواصل معه يكون عن طريق الوجود معا، وعليه يمكن القول أن التواصل بين الأنا والغير يكمن في مبدأ اكتمال التعادل واعتراف كلاهما بالآخر.
يقول {ماكس شيلر} "إن مشاركة الغير مشاعرهم والتعاطف معهم يعبر عن التواصل كضرورة لا كاختيار." وهذا ما تؤكده الدراسات الاجتماعية –علماء الاجتماع- التعرف على ذواتنا في عزلة أمر مستحيل، لآن الحياة تفرض الاجتماع عن طريق المقارنة بين أفعالنا وأفعال الآخر.
نتيجة: ما يمكن استنتاجه هو أن الأسس التي تمكن لمعرفة الذات والآخر، مهما كانت قيمتها وأثرها، فإنها تبقى أطروحة فكرية مجردة تفتقر للممارسة العملية مع الغير.