خطبة الجمعة الثانية بعد رمضان خطبة ١٠ شوال ١٤٤٥ه الموافق ١٩ / ٤/ ٢٠٢٤ م خطبة بعنوان رسالة إلى التجار ملتقى الخطباء
خطبة مكتوبة ومؤثرة عن التجار والاحتكار
خطبة الجمعة ١٠ شوال ١٤٤٥ه الموافق ١٩ / ٤/ ٢٠٢٤ م للشيخ ثروت سويف
• تحت عنوان : "رسالة الي التجار "
( التاجر الصدوق ومنزلته )
• اقرأ في هذه الخطبة
• أولا : التاجر الصدوق
• ثانيا : آداب التاجر
• ثالثا : الثناء على الصالحين
• رابعا : إياك والاحتكار
الإجابة هي كالتالي
خطبة الجمعة الثانية بعد رمضان خطبة ١٠ شوال ١٤٤٥ه الموافق ١٩ / ٤/ ٢٠٢٤ م خطبة بعنوان رسالة إلى التجار ملتقى الخطباء
• الخطبة الاولي
• الحَمْدُ للهِ الذي أسْكَنَ عِبادَه هذه الدَّار، وجعلها لهم سَفَرًا من الأسْفَار، وجعل الدَّار الآخِرَة هي دَار القَرار، وجَعَلَ بين الدُّنيا والآخِرَة بَرْزَخاً يَدُلُّ على فَناء الدنيا باعْتِبَار، وهو في الحقيقة إما رَوْضَةٌ مِن رِيَاض الجَنَّة أو حُفْرَةٌ مِن حُفَر النَّار، أحْمَدُه على نِعَمِه حَمْدًا يَليق بِجَلاله وعَظيم سُلْطانه ما تعاقب الليل والنهار
• وأشهد أن لا إله إلا الله وَحْدَه لا شَرِيكَ له الواحِدُ القَهَّار سُبْحَانه يَخْلُق ما يَشاء ويَخْتَار وكل شيء عنده بمقدار، ويَرْفِق بِعِبَاده في جميعِ الأقطار، وسَبَقَت رَحْمَتُه بِعِبَاده غَضَبَه وهو الرَّحيم الغَفَّار.
• وأشهد أن مُحَمَّدًا عَبْدُه ورَسُولُه النَّبي المُخْتَار، والرَّسُولُ المَبْعوثُ بالتَّبشيرِ والإنْذَار، وعلى آله وصَحْبِه الطيبين الاخيار.
• أما بعد
• فاتقوا الله ـ عباد الله تنالون الدرجات، وتزكوا أعمالكم وأكثروا من ذكر الله وشكره، فبذكره تطمئن القلوب، وبشكره تحفظ النعم، وتزودوا من الصالحات فخير الزاد التقوى.
• عباد الله: لقد امتن الله تعالى على قريش، وذكر رحلاتهم التجارية التي يقومون بِها إلى اليمن والشام، فقال جل في علاه { لإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ } [قريش:1، 2].
• أولا : التاجر الصدوق ورسالة الي التجار
• إن ما حدث في الايام الاخيرة من احتكار قوت الناس وغلاء الاسعار بلا داع ومخالفة لقنون الدولة يدعونا لمحاربته والتكاتف والتصدى لتلك الظاهرة وعلينا ان نعلم ان الجشع والإحتكار واستغلال حاجة الخلق لها إثم كبير عند الله، والصادق من التجار هو الذي يتجاوز عن الناس أو يكتفي بالربح المعقول فكما أن المال نعمة وزينة ويحبه الإنسان هو كذلك فتنة فعَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ لكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ» احمد.
• فهذه رسالة للاخوة التجار...
• لا ينبغي للتاجر أن يشغله معاشه عن معاده
• وَصَدَقَ مِصْباحُ التَّوحيدِ سيّدُنا عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنهُ حينَ قالَ: « الدُّنْيا حَلالُها حِسَابٌ وحَرَامُها عِقابٌ ».
• ومعنى « حَلالُها حِسابٌ » أنَّ الإنْسانَ يُسأَلُ عَنِ المالِ الحَلالِ الذي دَخَلَ عليهِ في الدُنْيا مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ حَلالٍ نَجا ومَا عليهِ عُقوبَةٌ، وإِنْ كانَ جَمَعَهُ مِنْ حَرامٍ فإنَّه يَسْتَحِقُّ العِقابَ ولَوْ صَرَفَهُ في طُرُقِ الخَيْرِ، إنَّمَا المؤْمِنُ السَّالِمُ هو الذي اتّقَى ربَّهُ عزَّ وجَلَّ وجَمَعَ ما وَصَلَ إليْهِ مِنَ المالِ بِطَريقٍ حلالٍ وصَرَفَهُ في طَريقٍ مُباحٍ.
• التاجر الصدوق ولماذا هو مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ؟
• فالتاجر الصدوق الأمين هو من تحرى الصدق والأمانة
• فيكون في زمرة الأبرار من النبيين والصديقين ومن توخى خلافهما كان في قرن الفجار من الفسقة والعاصين قاله الطيبي....
• فالتاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة.
• والتاجر الصدوق لا يحجب من أبواب الجنة.
• أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ قَتادَةَ قالَ: التِّجارَةُ رِزْقٌ مِن رِزْقِ اللَّهِ، وحَلالٌ مِن حَلالِ اللَّهِ لِمَن طَلَبَها بِصِدْقِها وبِرِّها، وقَدْ كُنّا نُحَدَّثُ أنَّ التّاجِرَ الأمِينَ الصَّدُوقَ مَعَ السَّبْعَةِ في ظِلِّ العَرْشِ يَوْمَ القِيامَةِ، وهي من أفضل طرق الكسب وأشرفها ، وان تسعة أعشار الرزق في التجارة .
• لذلكَ إِخوةَ الإيمانِ فإننا نُذَكّرُكُمْ بِالتَّاجِرِ الصَّدوقِ، فَلَقَدْ قالَ الصَّادِقُ المصْدوقُ حبيبُنا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فيما روي الترمذي عن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "التَّاجِر الصدوق الْأمين مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء" رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن
• أما لماذا هو مع النبيين ؟
• فلأن من الواجب في حق الأنبياء الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة فكذا التاجر الصدوق أخذ من صفتهم فكان معهم
• اليومَ نَحنُ في أَشدِّ الحاجةِ في أسواقِنا إلى التَّاجرِ الأمينِ الصادقِ
• لقد أَمرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَولاهُ أن يَشتريَ له فَرساً، فاشترى له فَرسَاً بثلاثمائة درهمٍ، وجَاء به وبصاحبِه ليَنقُدَه الثمنَ، فَقالَ جَريرٌ لصاحبِ الفَرسِ: "فَرسُك خيرٌ من ثلاثمائة درهمٍ"، فقالَ البائعُ: أتشتريهُ بأربعمائةِ درهمٍ؟، قال له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، فقالَ البائعُ: أتشتريهُ بخمسمائةِ درهمٍ؟، قال له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، فما زالَ يزيدُ في السِّعرِ، وهو يقولُ له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، حتى بلغَ ثمانمائة درهمٍ، فاشتراهُ بها، فَقيلَ له في ذلكَ فقالَ: "إني بايعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- على النُّصحِ لكلِّ مسلمٍ".
• يقول الشاعر محمد الاسمر في قصيدة رسالة الي التجار
• بني وطني دعوتكم فكونوا إذا الداعِي أهاب بكم رجالا
• عليكم بالقناعة فهي كنزٌ ولا تتجاوزوا الربح الحلالا
• فليس بتاجرٍ من ليس يخشى من الله العقاب أو النكالا
• وليس بتاجرٍ لصٍ جريء على القانون يحتال احتيالا
• يهربُ أو يخبئُ ما لديه وإن تساله أنكر أو تغالا
• فيظمئ أمةً لم تجن ذنباً ليشرب وحده الماء الزلالا
• فيا تجار مصرَ اللهُ فيها وعدل المنصفين والاعتدلا
• فمن تخذ التجارة بآب سلب رأى عقب الدخول به وبالا
• ...............
• أيها التجار ابتغوا من فضل الله ....
• كان عراك بن مالك رحمه الله إذا صلى الجمعة انصرف، فوقف على باب المسجد، فقال: اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
• وورد أن عبد الله بن بُسْر المازني صاحب رسول الله كان إذا صلى الجمعة خرج فدار في السوق ساعة، ثم رجع إلى المسجد، فصلى ما شاء الله أن يصلي، فقيل له: لأي شيء تصنع هذا؟ قال: لأني رأيت سيد المرسلين يصنع هكذا، وتلا قوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10]. رواه الطبراني وغيره.
• وقال سعيد بن جبير رحمه الله: إذا انصرفت يوم الجمعة فاخرج إلى باب المسجد، وساوم بالشيء وإن لم تشتره.
• ثانيا : آداب التاجر وما ينبغي أن يتجنبه
• وقد ذكر العلماء أن أكثر أسباب الرزق متعلق بالتجارة، وبينوا فضلها وآدابها المتعلقة بها، فمن أهم آداب التاجر ما يأتي:
• أولا : أخلاق التاجر المسلم
• من آداب التاجر النية الصالحة
• أن يهدف من تجارته وبيعه وشرائه عفة نفسه والاستعانة بالمال على إقامة الواجبات وامتثال الأوامر وترك المنهيات وصون أولاده وأهله عن الحاجةِ إلى الناس وسؤالهم واستجدائهم.
• روي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيدِه ، لأن يأخذَ أحدُكم حبلَه فيحتطبَ على ظهرِه خيرٌ له من أن يأتيَ رجلًا أعطاه اللهُ من فضلِه ، فيسألَه أعطاه أو منعه ) متفق عليه.
• وعَن الْمِقْدَام بن معد يكرب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَا أكل أحد طَعَاما خيرا من عمل يَدَيْهِ، إِن نَبِي الله دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُل من عمل يَده" أخرجه البُخَارِيّ.
• وعَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "ثَلَاثَة فِيهِنَّ الْبركَة، البيع إِلَى أجل، والمقارضة، وإخلاط الْبر بِالشَّعِيرِ للبيت لَا للْبيع" رَوَاهُ ابْن مَاجَه.
• روي البخاري عن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْرِ .
• ثانيا : من آداب التاجر التبكير في طلب الرزق
• ينبغي التبكير في طلب الرزق روي الإمام الترمذي روى بإسناده عن صخر الغامدي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال: وكان -أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سريةً أو جيشاً بعثهم أول النهار وكان صخر رجلاً تاجراً وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار فأثرى وكثر ماله) الترمذي
• ثالثاً: من آداب التاجر أن يذكر الله تعالى إذا دخل السوق
• ينبغي لمن دخل السوق سواء تاجر او متسوق أن يذكر دعاء دخول السوق ففي سنن الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة. وفي رواية أحمد وابن ماجه وبنى له بيتاً في الجنة.
• رابعاً : من آداب التاجر طرح السلام ورده
• طرح السلام -أي التسليم- من السنن الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد صح في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) رواه البخاري ومسلم.
• وثبت في الحديث أيضاً عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر الضعيف وعون المظلوم وإفشاء السلام وإبرار المقسم) رواه البخاري ومسلم.
• وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم
• خامساً: من آداب التاجر السماحة في البيع والشراء وإنظار المعسر
• السهولة والسماحة في البيع والشراء أمر مطلوب شرعاً وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك منها:
• عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) رواه البخاري.
• وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء) رواه الترمذي.
• وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى سهلاً إذا اقتضى) رواه الترمذي
• وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أدخل الله عز وجل رجلاً كان سهلاً مشترياً وبائعاً وقاضياً ومقتضياً الجنة) رواه النسائي
• أخي التاجر اطلب حقك برفق ولين فهذه هي السماحة في الاقتضاء.
• وأما إنظار المعسر فقد قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة الآية ٢٨٠
تبع في الاسفل على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية