هل تعتقد ان الحياة النفسية حياة شعورية فقط
تحليل نص السؤال الفلسفي هل تعتقد ان الحياة النفسية حياة شعورية فقط
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ هل تعتقد ان الحياة النفسية حياة شعورية فقط
الإجابة هي
**هل تعتقد ان الحياة النفسية حياة شعورية فقط ؟.**
**طرح المشكلة : اذا اعتبرنا ان الانسان كائن حي يشترك مع غيره من الكائنات الحية في مجمل الوظائف الحيوية ، فان هذا الاخير يمتلك قدرة المعرفة ، حيث يطلع على جميع جوانبه داخليا او خارجيا . مما يجعله يضيف على سلوكه طابع من المعقولية نتيجة الوعي، وهذا ما يُعرف بالشعور. الا انه في بعض الحالات تحصل له حوادث لا يمكن معرفتها لأنها خارجة عن نطاق الشعور. وهوما جعل الظاهرة النفسية تحتل موضع الخلاف بين السيكولوجيين ، فمنهم من ردها الى الحياة الشعورية في حين ردها البعض الاخر الى الحياة اللاشعورية باعتبار انها عماد الحياة النفسية . وبناء على هذا يمكننا ان نتساءل : هل يُفهم من ذلك ان الوعي هو عماد الحياة النفسية ؟. هل الانسان دائم الوعي ، ام ان هناك جانب عميق ينطلق من حياتنا النفسية لا يمكن وعيه؟. بعبارة اوضح الا يمكن الحديث عن اللاشعور في حالة التسليم بمطلقية الشعور في حياتنا ؟.**
**التحليل محاولة حل المشكلة :**
**الاطروحة الاولى : راي انصار المدارس النفسية التقليدية : اعتقد الكثير من الفلاسفة ومن بعدهم علماء النفس ان الشعور قوام الحياة الانسانية ولعل اوضح اتجاه فلسفي اكد هذه الحقيقة وبشكل قطعي هو الاتجاه العقلاني الذي ارسى دعائمه "ديكارت"من خلال " الكوجيتو." اناافكر اذن انا موجود" غير ان الفكرة اخذت عمقها مع علم النفس التقليدي خاصة مع براغسون مؤسس علم النفس الاستبطاني مع وليام جيمس الذي كتب يقول :" ان علم النفس هو وصف وتفسير للأحوال الشعورية من حيث هي كذلك " . كما اعتبر"ديكارت"الحياة النفسيةحياة شعورية ، حيث بين ان النفس لا تنقطع عن التفكير الا اذا انعدم وجودها ومن هذا استطاع ان يميز بين الجسم والروح ، واكد على ان نشاط الجسم نشاط بيولوجي غير واعي ، بينما نشاط النفس فينصب من التفكير الذي هو شعوري ، هذا وقد اعطت المدرسةالظواهرية تعزيزا لفكرة الشعور كأساس للحياة النفسية مع ادموند هوسرل الذي اعطى بعدا جديدا للمبدأ الديكارتي"انا افكر اذن انا موجود" وحوله الى مبدا جديد سماه :"الكوجيتاتوم" ونصه " اناافكر في شيء ما ، فذاتي المفكرة اذن موجودة " . ومعناه ان الشعور لا يقوم بذاته وانما يتجه بطبعه نحو موضوعاته ، اما هيجل فقد قال :" ان الانسان شعوري فقط" . في حين رأى براغسون ان الشعور مستديم لا يمكن ان يتوقف الا مع توقف الروح الانساني . يقول بُومْكَة :" ان جوهر الوجود هو الشعور وان الظاهرة النفسية اللاشعورية لا توجد الا بالكف عن هذا الوجود ، فالشعور والوجود مفهومان مترادفان" . وفي نفس الاتجاه ذهب بن سينا الى التدليل برايه حيث اعتبر الانسان السوي اذا ما تأمل في نفسه شعر ان ما تتضمنه من احوال في الحاضر هو امتداد لما كان عليه في الماضي . فالشعور بالذات لا يتوقف ابدا . اذ اهم ما تؤكد عليه هذه المدرسة هو ان الحياة النفسية للإنسان قوامها الشعور فهو كالوعاء الذي يحوي جميع النشطات النفسية اي ان الشعور شرط ضروري في كافة الفعاليات الذهنية على حد تعبير ميندوبران.**
**النقد والمناقشة: لكن نلاحظ ان هذا الموقف يفسر بعض الجوانب فقط ويعجز عن تفسير الكثير من الحالات الاخرى التي قد يتعرض لها الانسان في حياته فلا يوجد شيء يؤكد ان الحياة النفسية حياة شعورية ، وهذا ما توصل اليه علم النفس المعاصر . حيث اثبت العكس وبين ان الحياة النفسية اوسع بكثير من الحياة الشعورية ، اذ لو كانت الحياة النفسية حياة شعورية فقط وواعية . فكيف نفسر قيامنا ببعض السلوكيات التي لا نفهمها حيث تخرج عن ارادتنا ؟.**
**الاطروحة الثانية : يرى انصار المدرسة المادية " السلوكية" بزعامة واطسون ان الشعور مجرد خرافة ميتافيزيقية لا وجود لها ، وفي مقابل ذلك اعتقد بعض الاطباء ذوي النزعة النفسيةان الاضطرابات النفسية تعود الى علل نفسية مخبئة ، وهذا راجع الى الاعتقاد بوجود قوة مغناطيسية تحكم النفس ، حيث ان المرض ينتج عن اختلال في هذه القوة ومن ثمة كان جهد الطبيب ينصب على اعادة التوازن لهذه القوة ، ومن اشهر الاطباء الذين استخدموا التنويم المغناطيسي في علاج الامراض فرويد ، شاركو ، بروير ، برنهايم . كما يؤكدايضامودلسي ان الشعور يشهد الحالة النفسية لكنه لا يحدثها ، فاذا كنا نعي بعض النشاطات التي تصدر عنا فإننا نستغرب البعض الاخر لجهلنا بأسباب حدوثها او عدم شعورنا بها. ولعل هذا ما دفع ببعض المدارس النفسية الى التأكيد على وجود جانب واسع من الحياة النفسية متمثلا في اللاشعور . اذ يؤكد " ليبنتز"ان هناك دلالات كثيرة تثبت وتأكد بان ادراكات نُقلت منا لا حصر لها اما لكونها متناهية في الصغر او لكثرتها ، كما ان بعض العلماء قد اثبتوا عن طريق بعض التجارب امكان حدوث نشاطات وافعال من الانسان دون ان يكون واعيا بها فلقد بينت اعمال بيار جاني و شاركووجود بعض الاضطرابات الذهنية التي مردها الى اسباب نفسية بحتةويُضاف الى هذا اعمال فرويدوملاحظاته التي مفادها ان فتاة في الثالثة والعشرين "23" من عمرها كانت تعاني من اضطرابات في الحنجرة والحدقتين وعند اخضاعها للتنويم المغناطيسي صرحت بما حدث لها عن مرض والدها وبمجرد ان استفاقت زالت عنها تلك الاعراض ، هذه الملاحظة فتحت المجال واسعا امام "سيغموند فرويد"الى التحليل النفسي والتداعي الحروما كان لفرويد ان يبدع النظرية اللاشعوريةلولا شعوره بعجز التفسيرالعضوي للاضطرابات النفسية . وكذا عجز النظرية الروحية، ويمكن تبيين وجهة النظر اللاشعورية وصحتها من خلال الاجابة عن الاسئلة التالية : بحسب فرويد اذا كان هناك لاشعور ما الدليل على وجوده ؟. كيف يمكن ان يتكون ويشتغل؟. وكيف يمكن النفاذ اليه لهذا حرص "فرويد"على بيان المظاهر المختلفة لوجوده " الاحلام ، فلتات اللسان ، زلات القلم النسيان ...الخ " التي يبدو من خلالها البعد اللاشعوري للسلوك والتي تُعطي المشروعية التامة لفرضية اللاشعور اذ يقول فرويد:"ان فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة ولناعدة ادلة على وجوداللاشعور". ومن الامثلة التي يستشهد بها "فرويد"افتتاح رئيسالمجلس النيابي الجلسة بقوله :" ايها السادة اعلن عن رفع الجلسة ..وبذلك يكون قد عبر لا شعوريا عن عدم ارتياحه اثناء الجلسة . وهو ما مكن فرويدمن الوقوف على حوادث نفسية متصلة باللاوعي ففي حالة النوم يكون الرقيب اقل تحكما مما يتيح الفرصة للمكبوتات لتغشى المجال الشعوري .**
**النقد والمناقشة : لكن نلاحظ ان فرضية اللاشعور وبالرغم من انها تعتبر اكتشاف اقام ثورة في علم النفس الحديث الا انه واجه رفضا من قبل بعض العلماء ، على اساس انه لا يملك الادلة القطعية على وجوده ، كما ان طغيان فكرة الجنس عند "فرويد" فكرة سلبية " ان سيكولوجية فرويد هي سيكولوجية الرجل العاطل عن العمل ، ولهذا غلبت فيها الدوافع الجنسية ثم ان تعميم اللاشعور تعميم غير مبرر . كما انه يضل فرضية لا يمكن التحقق منها وخاصة اذا علمنا ان اعمال "فرويد" شملت غير الاسوياء وبالتالي لا يمكن تعميمها.**
**التركيب :وعموما ورغم الانتقادات الموجهة الى التحليل النفسي ، فان علم النفس اليوم يسلم بان حياتنا النفسية تتقاسمها تفسيرات كثيرة ، منها النفسية الشعورية واللاشعورية ، ومنهاالعضوية السلوكية ، ومنها الاجتماعية الثقافية. كما يجب ايضا ان نعتبر النفس كثنائية متناقضة تتكون من الشعور واللاشعور ، لانهما متكاملان وجهان لشيء واحد وهو الانسان لان شخصية الانسان مرآة عاكسة تحكم فيها جميع الوظائفالعقلية والبيولوجية والنفسية.**
**حل المشكلة:**
**الخاتمة : وختاما لهذه المقالة نقول ان حياتنا النفسية حياة شعورية ولا شعورية فالشعور يجعل الانسان يتصل بالعالم الخارجي ، بحيث اللاشعور يستطيع تبريد لهيب المكبوتات التي تحرق اناه ، فاللاشعور عبارة عن سراب لا يطفئ نار العطش ولكنه يصور الحقيقة وبدقة التي يمكنها ان تطفئ نار العطش. وكجواب على سؤالنا نقول: ان الحياة النفسية حياة شعورية قوامها الشعور الواعي الذي ينظم الحياة النفسية ، لكن على الرغم من ذلك يبقى فينا جانب هام من النفس البشرية خفيا ولا يمكن تفسيره الا باللاوعي واللاشعور والنتيجة الصحيحة ان القول باللاشعور يبقى مجرد فرضية وان بدت لها الكثير من الدلالات النفسية .**