في تصنيف بحوثات ومذكرات تعليمية وتخصصات جامعية وثانوية جاهزة بواسطة

بحث حول مشروع نيتشه الفلسفي مفهوم الفلسفة عند نيتشه 

ما هو مشروع نيتشه الفلسفي:

هل كان لنيتشه مشروع فلسفي، أم إن فلسفته كانت مجرد كومة من الشذرات والومضات والتبصرات المتنوعة والمتفرقة؟

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ بحث حول مشروع نيتشه الفلسفي مفهوم الفلسفة عند نيتشه 

الإجابة هي كالتالي 

مشروع نيتشه الفلسفي

هل كان لنيتشه مشروع فلسفي، أم إن فلسفته كانت مجرد كومة من الشذرات والومضات والتبصرات المتنوعة والمتفرقة؟

بعد قراءة متأنية لأعماله الرئيسية، أخلص إلى القول إنه كان بالفعل صاحب مشروع فلسفي. وإذا أردت أن أضع عنوانا مختصرا لهذا المشروع، فإني أختار: نقد الحداثة صوب تخطيها.

وقد نقد نيتشه الحداثة بدلالة مفهومات كموت الله، والعدمية، والحقد الدفين، والانحلال الثقافي، وإرادة القوة، والحياة، والروح اللاهوتية، وما شابه ذلك. لكنه لم يعزل ظاهرة الحداثة عن تاريخها. إذ عدها نتيجة لتطورات بدأت بسقراط. وعد مأزقها النتيجة الحتمية لطبيعة التراث السقراطي الأفلاطوني.

لقد عدّ نيتشه التراث السقراطي الأفلاطوني، بما في ذلك اليهودية والمسيحية والمثالية الألمانية، نوعا من المرض الحضاري الذي دب في المجتمع الغربي، وأدى إلى خنق الحياة وطمسها وتزويرها وخفض قيمتها. ولكن، مع نشوء العلم الحديث وما صاحبه من روح نقدية، وجهت طعنة نجلاء إلى قلب هذا الواقع الحضاري السقراطي الأفلاطوني، هذا القلب المتمثل بالله. وهذا ما دعاه نيتشه موت الله. لكن موت الله لم ينهِ هذا التراث السقراطي الأفلاطوني بصورة تلقائية، وإنما استمر هذا التراث بنزف وبخنق الحياة. وأعاد إنتاج نفسه بصور حدثاوية، كالليبرالية والديموقراطية والاشتراكية والميتافيزيقا الحديثة. ولئن كان هذا التراث يضفي نوعا من المعنى على العالم عندما كان بكامل قوته، فإن انهيار معناه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، من دون أن ينهار هو نفسه ومن دون أن ينهار النظام الأخلاقي الذي يفترضه، جرّد العالم والحياة البشرية من كل معنى ومرمى. وهو ما يدعوه نيتشه العدمية. لقد مات الله، لكن ظله وجثته ما زالا يخيمان على العالم الحديث. لذلك، ولكي تتغلب أوروبا على العدمية وعوامل خنق الحياة، فلا بد أن تتخلص من الأخلاقية السائدة ومن الجثة والظل في آن واحد، من أجل استرداد معنى العالم ووهج الحياة.

وبالنظر إلى ذلك كله، وجد نيتشه أن عليه أن يوجه نصل نقده الحاد إلى التراث السقراطي الأفلاطوني برمته، جذوراً ومظاهر حديثة: إلى سقراط، وأفلاطون، والرواقية، والمسيح، وبولس الرسول، وكانط، ويغل، وشوبنهاور، وفاغنر، والليبرالية، والديموقراطية، والاشتراكية، والقومية، الخ… ووجد أن عليه أن يؤكد الحياة ويقول نعم للحياة حتى الثمالة، وأن يؤكد قيمة اللحظة الراهنة المطلقة على حساب المآل، وأن يؤكد أخلاقيات السادة على حساب أخلاقيات العبيد، وأن يؤكد الإنسان العلوي على حساب الإنسان الأخير، وان يؤكد عالم الحواس على حساب المثالات والعالم المثالي، وأن يؤكد التغيير والألم على حساب الثبات والراحة، وأن يؤكد المجابهة والحرب على حساب النكوص والسلام.

وفي هذا السياق، يبرز السؤال: هل يعني موت الله مجرد انعدام الإيمان بكائن ميتافيزيقي أسميناه الله؟ أم إنه موت واقع بكامله؟ ويرتبط هذا السؤال بالسؤال عن معنى الواقع لدى نيتشه؟ هل تبنى نيتشه المنظوراتية، بحيث عد الواقع مجرد تعبير عن منظور ذاتي، وعد المنظورات الذاتية مساوية تماماً لبعضها بعضا؟

إن نيتشه لم ينفِ وجود واقع موضوعي قائم في ذاته. لكنه أدرك صعوبة الوصول إليه. وربما استحالة ذلك. وأدرك أيضا أن اللغة ذاتها تعجز عن التقاط الواقع الموضوعي وتملكه. والأهم من ذلك كله أن الحياة نفسها تستلزم تزييف الواقع وتبسيطه من اجل التعامل معه. لكن نيتشه رأى أن الواقع الموضوعي ليس ذا جدوى بالنسبة إلى ما يسمى الحقيقة الفلسفية. فليست مطابقة الواقع الموضوعي هي ذات الجدوى الفعلية للحقيقة الفلسفية، وإنما مطابقة الحياة. إن المطابقة الأولى ذات جدوى للحقيقة النسبية، الحقيقة العلمية، لكنها ليست ذات جدوى بالنسبة إلى الحقيقة المطلقة، الحقيقة الفلسفية.

وهذا يعني أيضا أن المنظورات المتنوعة ليست متساوية مع بعضها بعضا، لأنها ليست كذلك من باب مطابقتها مع الحياة. فالحياة، لا الواقع الموضوعي، هي الفيصل بين المنظورات المتنوعة.

ويفسر ذلك مفهوم موت الله لدى نيتشه. فموت الله لا يعني مجرد موت الإيمان به بوصفه كائنا ميتافيزيقا علويا. فمن منظور الحياة، شكل الله واقعا حياتيا حقيقيا، أو قلب واقع حياتي حقيقي. ويعني موت الله الموت الحقيقي الفعلي لهذا القلب. ولما انتفى الأمل والرغبة في إنقاذ هذا القلب، بات من الضروري إكمال المهمة بالتخلص من جثته المتحللة وظله المخيم على الإنسان وواقع العدمية الذي تركه وراءه. وعوضا عن ذلك، بات من الضروري خلق واقع جديد ينسجم مع الحياة والحرية وإرادة القوة في نقائها. هذا هو بيت القصيد لدى نيتشه.

"

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
هل كان لنيتشه مشروع فلسفي، أم إن فلسفته كانت مجرد كومة من الشذرات والومضات والتبصرات المتنوعة والمتفرقة؟

اسئلة متعلقة

...