مقالة جدلية حول طبيعة الذاكرة
مقالة فلسفية حول طبيعة الذاكرة 2023
أهلاً بكم اعزائي طلاب وطالبات علم الفلسفة وكل تخصصات البكالوريا شعبة آداب و فلسفة في موقع النورس العربي alnwrsraby. التعليمي المتميز بمعلوماته الصحيحة والمتفوقة في جميع مواضيع الفلسفة يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم أروع المقالات الفلسفية المقترحة لهذا العام لكل الشعب الجزائري كما نقدم لكم الأن إجابة السؤال الفلسفي بمنجية صحيحة بطريقة مقالة وهي إجابة السؤال ألذي يقول.....هل الذكريات ذات طابع إجتماعي أم فردي؟ مقترح بك 2022 حيث وقد قمنا بنشر جميع المقالات ودروس الفلسفة المتوقعة لهذة العام في صفحة موقعنا النورس العربي alnwrsraby. يمكنكم البحث عن أي مقال أو أي سؤال فلسفي تبحثون أو يمكنكم طرح أسئلتكم المتنوعة علينا في موضعها اعلا الصفحة أو من خلال التعليقات ومربعات الاجابات اسفل الصفحة ونحن سنقدم لكم الأجابة على سؤالكم على الفور والان أحبائي الطلاب والطالبات كما عودناكم أن نقدم لكم إجابة سوالكم هذا وهي كالتالي......مقالة جدلية حول طبيعة الذاكرة
. الإجابة هي
مقالة جدلية حول طبيعة الذاكرة
مقدمة:
من المعروف أن الإنسان كائن ذو أبعاد ثلاث " الماضي ،الحاضر و المستقبل" فهو يتواصل مع حاضره بواسطة الإحساس و الإدراك و يستشرف لمستقبله بإستعمال التخيل و يعود إلى ماضيه معتمدا على ذاكرته التي تعمل على حفظ كل ما مر به من تجارب خاصة و معارف سابقة و إسترجاعها عند الحاجة قصد تحقيق التكيف مع وضع راهن حيث يعرفها لالاند "إنها وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك" و تقوم الذاكرة بوظيفتين أساسيتين هما التثبيت و الإسترجاع و هذا ما أثار جدال الفلاسفة و المفكرين حيث إختلفوا حول طبيعة الذاكرة و كيفية تثبيت الذكريات و إسترجاعها و أدى هذا الجدال إلى ظهور تيارين متعارضين تيار يرى أن الذاكرة ذات طبيعة فردية مرتبطة بدماغ الفرد و شعوره الخاص و تيار يرى أنها ذات طبيعة إجتماعية نتيجة لتفاعل الفرد داخل المجتمع و تأثره به
هذا الجدال الواقع بينهم دفعنا إلى طرح الإشكال التالي: هل الذاكرة خاصية فردية أم ظاهرة إجتماعية؟أو بمعنى آخر هل الفرد هو المسؤول عن تكوين ذكرياته و حفظها أم أن المجتمع هو أساس تكوين الذكريات؟ هل الذكريات ذات طابع إجتماعي أم فردي؟
الموقف الأول :
يرى بعض الفلاسفة والعلماء أن عملية حفظ الذكريات و إستحضارها عملية فردية مرهونة بحضور الجانبين النفسي و الفيزيولوجي للفرد و سلامتهما ،فأي عطب عضوي على مستوى القشرة الدماغية و غياب الوعي و الشعور ينجر عنه بالضرورة عجز الذاكرة في أداء وظيفتها و يمثل هذا الموقف الإتجاه الفردي " النظرية المادية و النظرية النفسية " فرغم الإختلاف الموجود بينهما إلا أنهما يجمعان على الطبيعة الفردية للذاكرة و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين الآتية:
حيث ترى النظرية المادية أن الذاكرة ذات طبيعة فردية تتمثل في الجانب العضوي للفرد ، فالذكريات و الأحداث التي عاشها الإنسان في الماضي تخزن على مستوى الدماغ في شكل آثار مادية عصبية الذي يعتبر تحفظ فيه الذكريات ولكل ذكرى ما يقابلها من خلايا عصبية و تثبت هذه الذكريات عن طريق التكرار الذي يعتبر العامل الأساسي في حفظ الذكريات و تثبيتها حيث يرى ريبو أن تثبيت و حفظ الذكريات و إسترجاعها يعود إلى أجهزة عضوية موجودة على مستوى الدماغ يقول ريبو" الذاكرة بيولوجية بالماهية " ،فالدماغ في نظر ريبو هو مكان حفظ الذكريات لأنه وعاء لها و كل إصابة أو خلل يصيب الدماغ يؤدي إلى زوال الذكريات بشكل كلي أو جزئي فحفظ الذكريات يشبه حفظ الموسيقى في القرص المضغوط أو الأسطوانة و أي تلف يصيب الأسطوانة يتبعه تلف في الموسيقى يقول تين"المخ وعاء لحفظ الذكريات" ، ويستدل ريبو أيضا بقوله أنه عندما تحدث إصابة لأحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم فإنه كثيراً ما تعود إليه الذاكرة بنفس الصدمة وهذا من أكبر الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها، يقول ريبو" إن الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي تنشأ عن إتصاف العناصر الحية بخاصية الإحتفاظ بالتبادلات التي تطرأ عليها و بقدراتها على ربط هذه التبادلات بعضها ببعض".كما يقسم إبن سينا الدماغ إلى ثلاث تجاويف " المقدم ،الأوسط والمؤخر" و جعل الذاكرة في التجويف الأخير يقول "الذاكرة هي قوة محلها التجويف الأخير من الدماغ"
إن الدماغ هو المسؤول عن تثبيت الذكريات و ذلك عن طريق التكرار فالذكريات تحفظ في البداية في الذاكرة قصيرة المدى و ذلك بسبب الإنتباه و التركيز لمدة قصيرة فهذه الذاكرة تقوم بالتخزين السريع للمعلومات والخبرات و هي معرضة للنسيان، لكن إذا قمنا بتكرار هذه المعلومات و الخبرات فإنها تنقل إلى مخزن آخر يعرف بالذاكرة ذات المدى الطويل وهناك تخزن في منطقة مخصصة للذكريات على مستوى الدماغ لذلك يقول ريبو "إن الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل"، و يرى ديكارت أن الذكريات تترك أثرا على مستوى الجهاز العصبي يسهل علينا عملية تكرارها من جديد مثل الطية أو الثنية فالورقة التي قمنا بطيها يسهل علينا إعادة طيها من جديد لأنها تركت آثارا تسهل علينا ذلك يقول ديكارت " الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم "،أما عملية الإسترجاع فتتم عن طريق منبهات خارجية "تداعي الأفكار" و هي ،قانون التشابه فالذكريات المتشابهة يدعو بعضها بعض مثلا شخص يشبه شخصا آخر نعرفه يذكرنا به، و قانون التضاد فالأشياء والأمور المتضادة قد ترتبط صورها في أذهاننا، فالنهار يذكرنا بالليل، والعلم بالجهل ، و كذلك قانون الإقتران الزماني و المكاني فالذكريات تسترجع بطريقة عفوية إذا ما تكرر زمانها أو مررنا بمكان حدوثها
وقد أثبتت بعض البحوث العلمية الطبيعة الفردية المادية للذاكرة مثل تحديد منطقة بروكا المسؤولة عن حفظ اللغة فكل إصابة مادية في تلك المنطقة تؤدي إلى إتلاف الألفاظ و تجعل الفرد غير قادر على الكلام بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف الأول يولد الصمم اللفظي ،. إضافة إلى التفسير المادي الذي قدمه دولاي عن فتاة في 23 من عمرها أصابتها رصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى ومن جراء هذا أصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى رغم أنها بقيت تحتفظ بالقدرة على مختلف الإحساسات النفسية والحرارية والألمية فإذا أي شيء في يدها اليسرى وصفت جميع خصائصه وعجزت عن التعرف عليه ، وبمجرد أن يوضع في يدها اليمنى تعرفت عليه بسرعة وهكذا تبدو الذكريات كما لو كانت في منطقة معينة من الدماغ . كما تثبت التجربة التي قام بها العالم بينفيلد الطابع الفيزيولوجي للذاكرة فقد قام بتخذير المريض تخذيرا موضعيا يحيث يظل يشعر و يستجيب للمؤثرات و يتحدث ثم قام بإثارة بعض الجهات من القشرة الدماغية بقطب كهربائي ضعيف جدا فبدأ المريض بتذكر بعض الذكريات ، و بعدها قام بقطع التيار الكهربائي عن القطب قال المريض أنه عاجز عن تذكر أي شيء يقول دولاي" يمكن للذكرى أن توجد دون أن تظهر ولكن لايمكنها الظهور دون مساعدة الدماغ
كما ترى النظرية النفسية أن الذاكرة ظاهرة فردية مرتبطة بشعور الفرد و أحواله النفسية فالذاكرة عملية نفسية واعية قوامها الشعور فهي جوهر روحي محض و ديمومة شعورية تسجل كل ما عشناه و ما مر بنا و يبقى محفوظا في أعماق النفس و لا يعود إلى ساحة الشعور إلا عند الحاجة فالذاكرة شعور قبل
كل شيء حيث يرى برغسون أن الذاكرة نوعان : ذاكرة عبارة عن عادة مكتسبة بالتكرار لها جهاز محرك في الجهاز العصبي ووظيفتها استعادة الماضي بطريقة آلية بحتة مثل الذاكرة التي تعي الشعر و النثر المحفوظ أما الأخرى فهي عبارة عن تصور بحت وهي كما تدعى ذاكرة النفس وهي حياة وديمومة تعيد لنا الماضي باعتباره شيئا خالصا ، فإذا كانت الأولى تعيد لنا الماضي إعادة ترديدية فالثانية تتصوره وإذا كان مركز الأولى البدن وأداتها المخ فالثانية تستغني عن البدن من حيث المبدأ ولكنها تتحقق عن طريقه، وهي المعبرة عن حقيقة الذاكرة لأنها تشمل الماضي، وتستحضره وتعيد إحيائه في آن واحد، فهي ذاكرة الصور النفسية المرتبطة بديمومة الشعور، و حسبه أن الذكريات التي تظهر إنما هي الذكريات النافعة للعمل الحاضر أما الباقي منها فيبقى في اللاشعور ولا يتجلى إلاّ متى يضعف انتباهنا للحياة أي في الأحلام حيث يقول برغسون في كتابه ـ الطاقة الروحية ـ "إن الذكريات التي كما نعتقد أنها ذهبت تعود من جديد وبدقة جلية ، فنحيي بكل تفصيل مشاهد الطفولة المنسية ونتكلم لغات التي لا نذكر أننا تعلمناها"
يرى برغسون أننا عندما نحفظ قصيدة و نقوم بإسترجاعها فنحن لا نسترجع القصيدة فقط و إنما كل ما يتعلق بها من زمان و مكان و أحوال نفسية و منه فإن هذا النوع من الذاكرة لا يعيد الماضي بل يستحضره نفسيا و يكون الدماغ أداة مساعدة للشعور فالذكريات حوادث نفسية شعورية يقول برغسون " إننا لا نتذكر إلا أنفسنا"إضافة إلى أننا نجد أن هناك الكثير من حالات فقدان الذاكرة مثل مرض الزهايمر تسببه صدمة نفسية و أن الذكريات التي فقدت سرعان ما تعود بعد التعافي من تلك الصدمة يقول برغسون " الذاكرة ظاهرة نفسية بالجوهر مادية بالعرض"
كما تثبت التجربة أن الحالة العاطفية و الوجدانية لها أثر كبير على حفظ الذكريات ،فالأحداث و المعلومات المشحونة بالإنفعالات و العواطف يسهل حفظها و إسترجاعها و تبقى محفوظة في الذهن بكل تفاصيلها عكس الأحداث التي تكون فارغة من المحتوى العاطفي كما أن للإهتمام و الرغبة تأثير كبير في تثبيت الذكريات فكل ما يتماشى مع ميولنا و رغباتنا يسهل علينا حفظه و تذكره فالشخص المولع بالشعر تجده ملما بكل تفاصيله و جزئياته يقول بول غيوم "فالمادة ذات الدلالة و المنطقية هي أيسر حفظا بكثير من المادة المجردة من المعنى" ويقول برغسون "الذكريات الصرفة هي ظاهرة روحية"
نقد :
صحيح ان حضور الفرد بجانبيه المادي و النفسي يشكل العامل الأساسي في حفظ الذكريات إلا أن ما يعاب على النظرية الفردية هو تركيزها على الجانب الفردي و إهمالها للجانب الإجتماعي للذاكرة فالواقع يثبت وجود ذكريات جماعية مشتركة تتجاوز حدود الذات و تعبر عن الكثير من المواقف الإجتماعية و ترتبط بمجتمع دون غيره مثل العادات و التقاليد فلولا المجتمع لما كان للإنسان ذاكرة و ماضي فكلا من النظرية المادية و الفيزيولوجية بالغتا في حصر الذاكرة في الفرد فقط و كأن الفرد عبارة عن ذات منغلقة على نفسها تعيش داخل قوقعة ولا تربطها أي صلة بالحياة الإجتماعية .
الموقف الثاني: "يرى بعض العلماء والفلاسفة أن الذاكرة من طبيعة إجتماعية، لأن الفرد ليس حقيقة مستقلة عن المجتمع، بل هو جزء لا يتجزأ من الجماعة التي ينتمي إليها ،يؤثر و يتأثر بها و من خلالها يكتسب مختلف تصوراته وأفكاره ومعتقداته ،فالذاكرة وظيفة إجتماعية تتمثل في إنتقال المفاهيم الإجتماعية من لغة و عادات و تفكير من الجماعة إلى الفرد و يمثل هذا الموقف علماء الإجتماع أمثال " ،هالفاكس ،بلونديل و دوركايم" و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين حيث إن الذاكرة مهما إرتبطت بالفرد فإنها تبقى متينة الصلة بالبيئة الإجتماعية للفرد فالذكريات تبنى و تنتج و تخزن في ذاكرة الفرد إنطلاقا من إندماجه و تفاعله مع الجماعة ،فالمجتمع يشكل الوعاء الذي يعمل على حفظ ذكريات الفرد حيث يرى هالفاكس ، في كتابه (الأطر الاجتماعية للذاكرة) أن الذاكرة ليست حوادث نفسية محضة كما يرى برغسون أو مادية ترتبط بالدماغ، كما يرى ريبو، وإنما لها مدلول اجتماعي وهو ناتج عن التفاعل المستمر بين الأفراد، فالذكريات في أصلها كانت عبارة عن إدراكات مشتركة بين مختلف الأفراد الذين ينتمون إلى جماعة معينة وعملية الإدراك تتأثر بنوعية القيم والمفاهيم والأفكار التي اكتسبها الفرد تحت تأثير النظم الاجتماعية، ذلك أن ماضي الفرد هو في الواقع ماضي الجماعة أي أن الماضي لا نحتفظ به في ذاكرتنا الفردية وإنما في ذاكرة الجماعة ،يقول هالفاكس "ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من خارج....فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها" ويقول أيضا "إنني عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني الى التذكر ونحن عندما نتذكر ننطلق من مفاهيم مشتركة بين الجماعة"
يتبع في الأسفل "