هل الذاكرة ذات طبيعة مادية فيزيولوجية أم ذات طبيعة نفسية روحية مقالة حول الذاكرة
الطريقه الجدلية
تحليل نص السؤال،، هل الذاكرة ذات طبيعة مادية فيزيولوجية أم ذات طبيعة نفسية روحية
اهلآ ومرحباً بكم أعزائي طلاب وطالبات الباك في صفحة موقع النورس العربي alnwrsraby.net يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم من المقالات المقترحة والمتوقعةفي bac 2023 جميع الشعب لبكالوريا وهي المقال الأكثر بحثا عنها وهي مقالة جدلية حول الذاكرة نص السؤال الفلسفي القائل // هل الذاكرة ذات طبيعة مادية فيزيولوجية أم ذات طبيعة نفسية روحية
وتكون الإجابة هي كالتالي
مقالة فلسفية حول الذاكرة
هل الذاكرة ذات طبيعة مادية فيزيولوجية أم ذات طبيعة نفسية روحية ؟
الطريقة : جدلية :
مقدمة :
إذا كانت الذاكرة عملية حفظ الصور و الأحداث الماضية واسترجاعها عند وقت الحاجة ،وإذا كانت الإصابة في خلايا الدماغ تعرضها للضعف أو الزوال , هل هذا يعني أن الذاكرة ذات طبيعة مادية فيزيولوجية ، ولكن إذا كانت الصدمة النفسية العنيفة قد تجعل الإنسان الفاقد لذاكرته يسترجع بعضا من ذكرياته ، هل هذا يعني أن الذاكرة ذات طبيعة نفسية روحية؟
و الإشكال المطروح هنا هو هل الذاكرة ذات طبيعة فيزيولوجية أم طبيعة نفسية ؟
العرض :
يرى العالم البيولوجي الفرنسي تيودول ريبو في كتابه إمراض الذاكرة الذي أصدره سنة 1881 بان الذاكرة ذات طبيعة مادية و هي حالة فيزيولوجية يقوم بها الجسم الذي يحتفظ بالصور و الأحداث و يسترجعها عند وقت الحاجة على شكل ذكريات ، يقول ريبو إن الذاكرة حالة جديدة تغرس في الجسم الذي يحتفظ بها لإعادتها و عملية الاحتفاظ هذه يقوم بها الجهاز العصبي المتمثل في الدماغ ، إن الذاكرة عند ريبو تختزن آليا في الدماغ بفعل التكرار و تستدرج آليا إذا ما أثير الدماغ ، إن الأشياء و الأفعال في نظر ريبو تنطبع في الدماغ كما تنطبع الأفعال في الجسم ، وقد شبه بهذا الذاكرة بالعادة التي تنطبع في الجسم ، وكذلك شبهها بالاسطوانة التي تحفظ الصور و الأفلام .
والدليل عند ريبو هو أن كل أمراض الذاكرة تخضع لفانون التراجع حيث نفقد أولا الذكريات الغير راسخة ثم بعد ذلك الراسخة أكثر.. و هكذا ، فمثلا نفقد ما هو جديد ثم الأكثر قدما ، كما نفقد أسماء الأشياء التي لم نكررها كثيرا ، مما يدل على أن المرض يحدث تدريجيا نتيجة لإصابة تحدث في الدماغ تدريجيا .
وقد أيدت التجارب التي قام بها الطبيب الفرنسي بروكا صحة النظرية المادية لريبو حيث اثبت أن أمراض الذاكرة ترجع إلى إصابة في منطقة التلفيف الثالث من الجهة اليسرى للدماغ التي سميت بعد ذلك بمنطقة بروكا ، وكذلك اثبت طبيب الأعصاب الأمريكي بيفيلد سنة 1954* نظرية ريبو من خلال اكتشافه أن التنشيط الكهربائي لبعض الأجزاء من الدماغ قد يجعل الإنسان الفاقد للذاكرة يسترجع بعضا من ذكرياته .
غير أن إرجاع الذاكرة إلى الجسم فقط الدماغ أمر مبالغ فيه و فيه نوع من الإهمال لجانب آخر مهم الا وهو الشعور في التعرف على الذكريات ، إن الذاكرة ليست عملية تخزين و استرجاع الذكريات فقط بل كذلك عملية التعرف عليها ، بالإضافة إلى أن هذا الموقف عجز عن تفسير فقدان بعض الذكريات في حال إصابة الدماغ ، فليست الإصابة في الدماغ دائما تعرض لفقدان الذاكرة .
وعلى خلاف الموقف الأول نجد موقفا آخر يفسر طبيعة الذاكرة تفسيرا مختلفا يقوم على اعتبار أن الذاكرة ذات طبيعة نفسية روحية ، على هذا الأساس بنى الفيلسوف الفرنسي *هنري برغسون * نظريته في الذاكرة ، إن الذاكرة عنده حالة نفسية وهذا ما وضعه في كتابه * المادة والذاكرة * الذي أصدره سنة * 1898* حيث ميز بين نوعين من الذاكرة ، الأولى هي العادة التي ترسخ في الجسم آليا و تسترجع آليا وهذه الذاكرة العادة هي التي أشار إليها * ريبو * ، أما الثانية فهي في نظره الذاكرة الحقيقية و هي التي تترسخ في النفس على شكل شعور ، كذلك استدل برغسون * على صحة نظريته من خلال الصدمة النفسية العنيفة التي قد تجعل الإنسان يفقد أو يسترجع ذاكرته ، يقول برغسون * إن التذكر في جوهره يحمل تاريخا * ، هذا بالإضافة إلى أن الإنسان يتذكر دائما الأشياء التي يميل إليها و يرغب فيها فهذا الميل هو عبارة عن شعور نفسي .
غير أننا لو تأملنا في هذا الموقف لوجدنا أن * برغسون * نظر إلى الذاكرة نظرة فيلسوف وليس نظرة عالم لذلك كانت أدلته غامضة و غيبية على عكس أدلة * ريبو * التي كانت علمية واقعية كذلك الصدمة النفسية ليست دائما تؤدي إلى فقدان الذاكرة ، هذا بالإضافة إلى انه لا يمكن اغفال دور الدماغ في عملية حفظ الذكريات .
انه من الخطأ اعتبار الذاكرة عملية آلية محضة تابعة للدماغ فقط ، ولا اعتبارها عملية نفسية فقط ، فكلا الجانبان هما أساس لمعرفة جوهر وطبيعة الذاكرة ، بالإضافة إلى عامل آخر مهم في بناء الذكريات و التأثير فيها ، وهذا العامل هو عامل المجتمع ، الذي اعتبره عالم الاجتماع الفرنسي * هالفاكس * أهم مؤثر في عملية التذكر فالمجتمع في نظره هو من يساعد الإنسان على التذكر من خلال العادات و التقاليد الاجتماعية التي سماها الأطر الاجتماعية للذاكرة ، وألف في شانه كتابه الشهير * الأطر الاجتماعية للذاكرة * حيث يقول في هذا الكتاب * إن الماضي لا يحتفظ به ، إنما يعاد بناءه من الحاضر ، و الذاكرة تكون قوية عندما تنبعث من نقطة التقاء الأطر الاجتماعية * ، كذلك يؤيده في هذا الفيلسوف الفرنسي * جون دولاي* الذي يعتقد أن الذاكرة الاجتماعية عبارة عن لغة أنشاها المجتمع لمقاومة شروط الغياب .
خاتمة :
وخلاصة القول هو أن الذاكرة ليست ظاهرة مادية فيزيولوجية بحتة ، وليست ظاهرة
نفسية بحتة ، بل هي تكامل ومزيج بين الجسم و النفس لربط الإنسان بماضيه الخاص و
ماضي الجماعة التي يعيش في وسطها .