في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

تحليل نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي

تلخيص درس  نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي لغة عربية بكالوريا 

تحليل نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي سنة 3 ثانوي بكالوريا 

تحليل قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي

   مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي سنة 3 ثانوي بكالوريا 

الإجابة هي كالتالي 

تحليل نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي

   في سياق التحولات التي عرفها الشعر العربي الحديث، تولد عند ثلة من شعراء التجديد الوعي بأن وقوف التيار الإحيائي عند حدود تقليد القدماء، والاكتفاء بالنسج على منوال قصائدهم من شأنه أن يسقط الشعر في مهاوي التصنع. ليبرز على الساحة الأدبية اتجاه سؤال الذات بقوة كثورة على الكلاسيكية في الشعر، وما تحتفي به من أصول وقواعد جافة، تحد من الحرية في التعبير. وقد اعتبر أصحاب هذا الاتجاه أن التعبير الصادق عن الذات، هو المقياس الوحيد للإبداع، والطبيعة مصدر إلهامهم. فالشعر عندهم، يكمن في مدى قدرته على التعبير عن ذات الشاعر وأحواله النفسية، متأثرين في ذلك بكبار الرومانسيين في الأدبين الفرنسي والانجليزي، وبظروف العصر المزرية؛ من تخلف وفقر وجهل واندثار للقيم، واستعمار أجنبي استبد بمناحي الحياة. فكان الشعر ثورة على هذه الأوضاع وعلى كل ما هو قديم، وتطلعا نحو التغيير والتجديد. وقد برزت ثلاث جماعات شعرية، حملت لواء التجديد الشعري في هذا الاتجاه، هي: جماعة أبولو، والديوان، والرابطة القلمية. ونبغ فيها شعراء كثر كإبراهيم ناجي وأبو القاسم الشابي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وعبد الكريم بن ثابت وإدريس الجاي وأحمد زكي أبو شادي. هذا الأخير الذي يعد أول من أطلق الشرارة الأولى لتأسيس جماعة أبولو، عاش مهاجرا متنقلا مابين مصر وانجلترا؛ طلبا للعلم واكتشافا للعالم. وقصيدته متعة العذاب التي بين أيدينا، هي من صنو اتجاه سؤال الذات، فمن خلال عنوانها والبيتين الأول والأخير منها، نفترض أن الشاعر يتغنى بمعاناته وآلامه، متوحدا بها، ومعبرا عن شعوره باللذة والمتعة إزاء تعذيبه لنفسه. فإلى أي حد وفق الشاعر أحمد زكي أبو شادي في تمثل سمات وخصائص اتجاه سؤال الذات؟ وما هي خصائص قصيدته الدلالية وأبعادها الفنية؟

       الشعر وحي والهام وتجسيد لتجارب الإنسان، وأحمد زكي أبو شادي في قصيدته يسرد شريط حياته؛ يعاتب نفسه، يلومها بلين حينا، وبقسوة حينا آخر، يسترضي العذاب ويهيم به، فلا يستطيع أحد إنقاذه مما فيه، فحتى الطبيعة بمباهجها، لم تنسه شدة العذاب، فنراه يصرف نفسه عن مباهجها؛ ليتحد وعذاباته. وعلى ضوء ذلك يمكننا تقسيم القصيدة إلى ثلاث وحدات شعرية:

الوحدة الأولى: الشاعر يعاني و يتألم، يغوص في أعماق النفس؛ يتذوق جراحها، فيصرف نفسه عن مباهج الطبيعة على الرغم من هيامه بها، فيشتاق تعذيب نفسه والقسوة عليها.

الوحدة الثانية: يستمر الشاعر في سرد معاناته، فينفر هذه المرة من الأصدقاء والأحبة. حتى المرأة لم يعد لها مكان في حياته، فلا يهم إن هي أقبلت أو صدت؛ بل نراه يطلب منها الاستمرار في صدودها؛ فشاعرنا قد تعود الحرمان ونكران الجميل.

الوحدة الثالثة: يعلنها الشاعر في آخر القصيدة دعوة صريحة، فهو قد استرضى العذاب والجفاء والشقاء. فلا شيء في الدنيا يثيره أو يهتم له؛ فالشقاء أفنى يسامره، ولا شيء سواه مجفف لدموعه.

       إن أحمد زكي أبو شادي قد خص قصيدته، للحديث عن نفسه دون سواها. فيفصح لنا عن أحواله النفسية، وسر معاناته. فهو يقصي الآخر، ويفر منه نحو ذاته، ينغلق عليها، وينطوي على أحزانها وشقائها. وهو في تجسيده لهذه المعاناة وتعبيره عن أحواله النفسية، نجده يستعين بمعجم ذاتي صرف، يصور عذاباته وكيف استلذ الشقاء، فلم يعد يرى سواه مجففا لدموعه. ومن بين الألفاظ الدالة على ذلك ( رضيت نار فؤادي- صدفت عن قلق النسيم...وعن الرياض... وعن المباهج...- اشتقت تعذيبي و تبتلي- للشقاء نزوعي- خلي صدودك يستطيل- يعيش بالوجد الأليم- أسترضي العذاب- يسامرني الشقاء...). فهذا المعجم يجسد لنا مدى المعاناة التي يعيشها شاعرنا ويصورها أبلغ تصوير. وهو معجم سهل بسيط مستلهم من لغة الحديث اليومية، يستطيع القارئ فهمه، وبالتالي التجاوب بسهولة مع الشاعر، ومشاطرته تجربته الوجدانية.

      وإذا انتقلنا إلى دراسة الصور الشعرية، نجدها تعمق من جو العذاب الذي يعيشه الشاعر، وهي موغلة في التخييل مقارنة مع الصور التي ألفناها في الشعر الإحيائي، تنزع نحو أنسنة الموصوفات. من أمثلة ذلك (بددت آهاتي. نثر دموعي. لهيب الشاعر. يسامرني الشقاء. قلق النسيم. نار فؤادي...)

  لقد وردت هذه الصور الشعرية على شكل استعارات مكنية، فالشاعر خرق المألوف في تعابيره الشعرية، فأسند الكثير من الصفات والأفعال إلى غير فاعلها، موغلا بذلك في التخييل؛ ففي عبارة "لهيب الشاعر" يستعير كلمة اللهيب من النار على سبيل الاستعارة المكنية؛ ليبين لنا شدة معاناته حتى استحالت عذابا من 

نار. وفي عبارة "يسامرني الشقاء"، يستعير كلمة يسامرني من الإنسان على سبيل الاستعارة المكنية؛ ليبين استرضاءه الشقاء حتى صار جزءا من سمره وسهره، وفي عبارة "نثر دموعي" يشبه الدموع بالحب في تناثرها وغزارتها، فلا تكاد تنقضي أو تتوقف...، وفي عبارة قلق النسيم، ينزع نحو أنسنة الطبيعة - وهو أمر آنسناه عند شعراء هذا الاتجاه- فالشاعر يستعير صفة قلق من الإنسان، ويسندها إلى النسيم على سبيل الاستعارة المكنية. لبين كيف صارت الطبيعة لا تعكس سوى معاناته حتى مباهجها صارت رمزا لعذابه.

      الملاحظ أن شاعرنا قد بالغ في تخيلاته لدرجة التوحد مع معاناته يؤنسنها، ويستعير من الطبيعة موصوفات تزيد إذكاء لعذابه. فيعيد تشكيل عناصر الصورة في قالب فني مثير، تنقاد فيه اللغة بسهولة؛ فيخلق عوالم مدهشة تستعصي على الخيال، وتثير القارئ، وتدفعه لمشاطرة الشاعر تجربته الوجدانية، والتوحد مع عذاباته.

    وإذا ما انتقلنا إلى الأساليب، نجدها لا تقل دورا في تجسيد معاناة الشاعر وغرقه في عذابه وتوحده معه لدرجة الشعور بالمتعة واللذة في ذلك، وهي أساليب متنوعة تنضوي تحت ضربين من الكلام؛ الخبر والإنشاء. فالشاعر بهذه الأساليب يفجر أحاسيسه ومشاعره الكئيبة، عله يلمس تجاوبا من القارئ، فيشاطره معاناته وعذاباته، لهذا نلمس طغيانا واضحا للأسلوب الخبري الذي يترجم معاناته الشاعر وعذاباته؛ فهو صرف نفسه عن المباهج، وحرم نفسه متع الحياة، ليعيش الألم ويتلذذ به حتى الثمالة؛ عله يشفى من جراحه. والملفت في هذا الأسلوب الخبري مبالغة الشاعر في توظيف ضمير المتكلم، تناسبا مع ما يعيشه من معاناة؛ فقصيدته بمثابة سيرة ذاتية تؤرخ لتجارب الحياة القاسية التي مر بها، فصروف الدهر امتحنته، وضروب القدر قضت عليه، فهو الآن يعيش العذاب ويتلذذ بطعمه، بل صار العذاب عنوانا لحياته.

     وإذا ما حاولنا رصد طبيعة الجمل الموظفة في القصيدة، فإننا نلاحظ هيمنة مطلقة للجمل الفعلية في القصيدة بأكملها، فقد تواترت الأفعال للدلالة على الحركة والتحول (بددت، رضيت، صدفت، اشتقت، خلي، مضه، تذكي، يذوب، يضوع، أصبحت، أفنى، يسامرني...). فكلها أفعال تدل على التحول والتقلب في مشاعر الشاعر وأحاسيسه؛ فهو في غربة عن واقعه، قد مضه الحرمان، واعتصر الألم قلبه؛ فصار الحياة عنده رحلة من العذاب والمعاناة.

    وليكون التعبير أكثر إبلاغا وتأثيرا في النفوس، نجد شاعرنا يستعير لغرض معاناته وعذاباته من البحور الخليلية ما يزيد نار فؤاده لهيبا، ويحرك النفوس لسماع إنشادها. فوظف بحر الكامل، وهو من البحور الصافية الصعبة المراس والسهلة في الغناء، مدخلا عليه بعض التغييرات، لتوليد إيقاع موسيقي يتجاوب وطبيعة عذابه. ومعتمدا قافية موحدة مطلقة موصولة بالياء ومردفة بالواو رويها ثابت لا يتغير هو حرف العين.

      وليزيد إيقاع القصيدة انسيابا وتأثيرا في النفوس، نجد شاعرنا يوظف ظاهرة التكرار بأشكالها المختلفة صوتا وكلمة وصيغا صرفية. فعلى مستوى الصوت يكرر الشاعر حروف( العين والشين والدال والنون والفاء والقاف...) إضافة إلى حروف المد. أما على مستوى الكلمة، فنميز في تكرارها مابين تكرار التطابق، وهو الممثل في الألفاظ الآتية:(الطبيعة- فؤاد- الشقاء-دموعي...) وتكرار الترادف( نار=لهيب، العناء=العذاب، تحرق=ولوع، الرياض=الطبيعة، الوجد الأليم =الحزين...) وتكرار التجانس(ويندرج في هذا النوع بكثرة ما يسمى جناس الاشتقاق) ( الشاعر/الشعر، العذاب/تعذيبي، أحيا/حياة...)، إضافة إلى تكرار الصيغ الصرفية( صيغة "مفعول": مطبوع، مفزوع، مفجوع. صيغة "فعول":دموع، نزوع، خشوع، ولوع، هجوع...). لقد ساهمت ظاهرة التكرار في إغناء القصيدة دلاليا، والتكثيف من دلالة الحزن وتيمة العذاب في القصيدة، كما خدمت هذه الظاهرة المستوى الإيقاعي للقصيدة، حيث ولد التكرار موسيقى تتناسب وطبيعة الموضوع. لدرجة تستميل أذن السامع، وتجعله يذوب مع معاناة الشاعر ويتوحد وعذاباته.

     نصل أخيرا إلى أن أحمد زكي أبو شادي، قد استطاع تصوير تجربته الوجدانية القاسية وتخبطات مشاعره في قالب شعري جديد، استحدث فيه بعضا من الخصائص الشعرية الحديثة، وحافظ على أخرى قديمة لم يستطع التخلص منها، لكونها تشكل نخاع الشعر وأساسه، فحافظ على نظام الشطرين ووحدة الوزن "بحر الوافر" ووحدة القافية والروي. لكن من جهة أخرى، نجد يستغني عن موضوعات الشعر القديمة، ويلغي ظاهرة تعدد الأغراض؛ ليفرد شعره للحديث عن ذاتية وتصوير آهاته وعذاباته في الدنيا بعيدا عن كل غرض تقليدي آخر، قد يعيقه في التعبير متوسلا في ذلك بمعجم شعري سهل وبسيط مستلهم من لغة الحديث اليومية؛ ليسهل على المتلقي تقبله والتجاوب معه. ولا ننسى الصور الشعرية التي ابتعدت عن وظيفة الزخرفة والتزيين التي ألفناها في الشعر الإحيائي، فأصبح لها دور أكبر من ذلك، هو التعبير عن انفعالات الشاعر، وتجسيد تجربته الوجدانية. ليكون بذلك أحمد زكي أبو شادي وفيا لما قام عليه التيار الذاتي من أسس جمالية في التعبير.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
شرح تحضير وتحليل نص قصيدة متعة العذاب أحمد زكي أبوشادي سنة 3 ثانوي بكالوريا

اسئلة متعلقة

...