في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

تحليل قصيدة سوف يبين الحق لمحمود سامي البارودي ثالث ثانوي بكالوريا أحياء النموذج 

.تحضير درس نص قصيدة سوف يبين الحق لمحمود سامي البارودي

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل قصيدة سوف يبين الحق لمحمود سامي البارودي ثالث ثانوي بكالوريا 

الإجابة هي كالتالي 

إحــيــاء الــنــمــوذج

 تحليل قصيدة "سوف يبين الحق" ل"محمود سامي البارودي"

        

لقد عرف العالم العربي في مستهل القرن التاسع عشر الملامح الأولى لنهضة وتجديد، مسا كثيرا من جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية بشكل عام. وقد كان وراء هذه النهضة عوامل متعددة، يأتي في مقدمتها الاتصال الحضاري الذي تم بالغرب عن طريق حملة نابليون سنة 1789، وما رافق تلك الحملة من مستجدات؛ منها: إرسال البعثات العلمية إلى أوربا، وظهور المطبعة، ونشاط حركة الترجمة، ونشأة الصحافة. وفي هذا السياق دعا قسم كبير من الأدباء والشعراء لإنقاذ الشعر مما آل إليه من إسفاف وابتذال؛ بالعودة إلى الماضي، وإحياء الصورة النموذجية للموروث الشعري، فأصبحت القصيدة عندهم جديدة، تستوحي الأساليب والمعاني القديمة؛ للتعبير عن قضايا ووقائع جديدة. من هؤلاء الشعراء نذكر أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وعلال الفاسي، ومحمد الحلوي، ومحمود سامي البارودي. ويعد هذا الأخير (1838-1904) خير ممثل لهذا الاتجاه، فهو أول من نهض بالشعر العربي بعد كبوته. كان شعره صورة لحياته، وتأريخا لتجربة المنفى التي عاشها في جزيرة سرنديب. وقصيدته التي بين أيدينا "سوف يبين الحق"هي صورة طبق الأصل لقصائد شعر الانبعاث. وهذا يظهر على مستوى شكلها الخارجي؛ من خلال اعتمادها على التصريع، ووحدة القافية، والروي، والمعجم التراثي القديم. ومن خلال عنوانها والبيت الأخير من القصيدة، نفترض أنها تمثل جزءا من تجربة المنفى القاسية التي عاشها الشاعر، وتبين قوة عزيمته وصموده. فإلى أي حد وفق محمود سامي البارودي في تمثل خصائص وسمات اتجاه إحياء النموذج؟ وما هي خصائص قصيدته الدلالية وأبعادها الفنية؟

     لقد استطاع البارودي في قصيدته أن يحول المأساة التي يعيشها إلى قيمة ايجابية، تتمثل في غرض الفخر، لكن بعدما مهد لذلك بالحديث عن طيف ابنته الوسطى "سميرة"، وهو بالمنفى. وعلى ضوء ذلك يمكننا تقسيم القصيدة إلى أربع وحدات دلالية:

 الوحدة الدلالية الأولى: تمتد من البيت الأول إلى البيت الخامس، وهي عبارة عن مقدمة وجدانية، يعبر فيها الشاعر عن تعلقه بابنته سميرة، فهو يتمثل طيفها، وكأنه حقيقة بادية لعينيه، ويمني نفسه بلقائها عما قريب.

الوحدة الدلالية الثانية: تمتد من البيت السادس إلى البيت العاشر، ويعبر فيها الشاعر عن تشبثه بالصبر لمواجهة مأساته.

الوحدة الدلالية الثالثة: فتمتد من البيت الحادي عشر إلى البيت الخامس عشر، ويؤكد من خلالها الشاعر أن مأساته وما تعرض له من نفي، هو بسبب عدم خيانته لوطنه وعدم مساومته عليه.

الوحدة الدلالية الرابعة: تمتد من البيت السادس عشر إلى آخر القصيدة، و يفتخر فيها الشاعر بذاته مستعرضا قيمه وشيمه، من شرف وعزم وفروسية وفصاحة، مبرزا تشبثه بالأمل في غد مشرق منير، تنجلي فيه مصيبته، وتنتهي معاناته مع المنفى والغربة والوحشة.

    والملاحظ أن شاعرنا في تصوير لهذه التجربة القاسية التي عاشها، لم يخرج على إطار القصيدة العربية القديمة من حيث الموضوعات؛ فقد نوع في أغراض قصيدته، مستلهما الكثير من المعاني القديمة التي تغنى بها القدماء في غرض الفخر؛ من شجاعة وفروسية وفصاحة.

    وإذا ما انتقلنا إلى دراسة معجم القصيدة، نجد شاعرنا البارودي يستعين بلغة القدماء مضاهاة لهم في جزالتها ودقتها، وكان معجمه نابضا بحر المأساة التي عاشها، والمعاناة التي تؤرق خاطره. وعلى هذا النحو جاء معجم قصيدته موزعا على الحقول الدلالية الآتية:

- حقل المعاناة والشوق: (تأوب طيف-الخواطر-الذكرى-أهيم- تغشى مقلتي السمادر- يا بعد ما بيني وبين أحبتي-كره لما قد أصابني...)

- حقل الصبر والتفاؤل (صبرت على كره- أماني النفس- يصبر على ما أصابه- ناصر- سوف يبين الحق- ما هي إلا غمرة ثم تنجلي...)

- حقل الفخر: ( ملكت عقاب الملك- أبت نفسي الكريمة سوأة-أنا المرء لا يثنيه عن درك العلا نعيم-لا تعدو عليه المفاقر- قؤول - صؤول ...)

    الملاحظ من خلال الحقول الدلالية السابقة، أن البارودي استطاع الإفصاح عن مشاعر متباينة ومتأرجحة؛ مابين معاناة البعد ووطأة المنفى، وبين غربة ووحشة تدمي القلب، وتزيد من لهيب الأسى والوجد. لكن مع ذلك فالشاعر صابر مرابض يواجه الأزمة، ويتحداها بالصبر والفخر بنفسه.

       إذا ما انتقلنا إلى دراسة الصور الشعرية وجدناها هي الأخرى تعكس مأساة البارودي في المنفي، وتشي بشدة معاناته. هذه الصور لم تخرج عن التشبيه، كما هو موظف في البيت الثاني؛ حيث شبه نفسه بالناظر القريب من ابنته حين يتذكرها. والاستعارة التصريحية في البيت التاسع؛ حيث شبه أيام الزمان السعيدة بالأشياء الحلوة، ومصائبه بالأشياء المرة. وفي البيت السابع عشر استعارة مكنية؛ حيث استعار الشاعر للمنايا أفواها وصفة 

فواغر تشبها بالحيوان المفترس، مظهرا نفسه في صورة الفارس المغوار الذي لا يهاب الموت. هذه الصور الشعرية، تبقى صورا تقليدية حسية مستقاة من الموروث الشعري القديم، استطاع من خلالها الشاعر البارودي الإحاطة بتجربته الوجدانية، وشرح تفاصيلها بشكل يجذب انتباه المتلقي.

     وإذا ما انتقلنا إلى الأساليب، نجدها تزيد في التأكيد من معاناة الشاعر في ديار الغربة، وقدرته مع ذلك على التحمل و الصبر. وهي أساليب متنوعة، تنضوي تحت ضربين من الكلام الخبر والإنشاء، مع طغيان واضح للأسلوب الخبري الذي يترجم معاناته وشوقه إلى أهله وبلده، ومن خلاله يستعرض لنا فضائله وشيمه، ويزيد في تقريرها في ذهن القارئ، والتأكيد عليها موظفا روابط الشرط والنفي. (الأبيات:8-9-17-18-19-20). والملفت في هذا الأسلوب الخبري مبالغة البارودي في توظيف ضمير المتكلم، تناسبا مع ما يعيشه من معاناة؛ فقصيدته بمثابة سيرة ذاتية تؤرخ لتجربة المنفى وقسوة الدهر عليه، وصبره على ما أصابه بالفخر بنفسه، وهذا ما يؤكده توظيفه لبعض صيغ المبالغة(قؤول-صؤول)، وصيغ اسم الفاعل(حاضر-باسر-ساتر-شاهر...)الدالة عليه. ولا ننسى الإنشاء، وهو قليل مقارنة مع الخبر، ينحصر في صيغ ثلاثة وهي النداء(يا بعد)والنهي(لا تحسبن.)والاستفهام(أي حسام.). وهو يلفت انتباه المتلقي إلى معاناة الشاعر في المنفى، ويزيد من ترسيخ شيمه وخصاله في ذهنه.

     إذا ما انتقلنا إلى المستوى الإيقاعي نجد البارودي، يحافظ على شكل القصيدة العربية القديم والذي دأب عليه الشعراء الأقدمين، والمتمثل في نظام الشطرين المتناظرين، وما يرتبط بهذا الشكل من وحدة الوزن والقافية والروي. فنظم قصيدته على وزن بحر الطويل بعروض مقبوضة وضرب مقبوض. واعتمد قافية موحدة، وهي قافية مطلقة، موصولة بالواو مؤسسة بالألف رويها موحد، هو حرف الراء، هذا على مستوى الإيقاع الخارجي. أما على مستوى الإيقاع الداخلي، فنجد الشاعر يعتمد التكرار بمختلف مستوياته؛ فعلى مستوى الصوت، نجده يكرر مجموعة من الحروف(النون-الميم-اللام-الفاء-القاف-الألف-الواو-الياء...).وأما تكرار الكلمة فنميز فيه مابين تكرار التطابق(طائر- المال- المجد- ناظر- حاضر...)وتكرار التجانس(صبرت/صابر- رمت/رام- شهر/شاهر- قؤول/صؤول- باسم/باسر- ناصر/ناظر- فل/فل- حاضر/حاضر...)وتكرار الترادف(الزمان=الدهر- العلا=المجد- العرض=الشرف- النعيم=الوجد- العدم=الفقر- الحسام=السيف...).ولا ننسى التكرار على مستوى الصيغ الصرفية(فواعل=عوازب-فواغر-دوائر-حوافر-خواطر...-مفاعل=مفاقر- معاير- سمادر...-فاعل=طائر-ناصر-خاسر-طائش-نافر-حاضر...).هذا التكرار أسهم بشكل كبير في الاغناء الدلالي للقصيدة، وإبراز معاناة الشاعر في المنفى بعيدا عن أهله، والتأكيد على شيمه وفضائله، وترسيخها في ذهن المخاطب ودعوته إلى مقاسمته هذه المشاعر والأحاسيس. كما أضفى هذا التكرار إيقاعا موسيقيا مطردا ينسجم وهذه المشاعر.

      نصل أخيرا إلى أن الشاعر البارودي، قد أعاد تمثل تقاليد القصيدة العربية القديمة، فحافظ على عمودها الذي تعارف عليه قدامى الشعراء. فعلى مستوى البناء، نوع في أغراض قصيدته معتمدا أغراضا تقليدية(المعاناة والفخر)، ومتغنيا بالمعاني نفسها التى طالما تغنى بها الشاعر القديم. وعلى مستوى المعجم، اعتمد ألفاظا تراثية جزلة. وعلى مستوى الصور الفنية، وظف صورا تقليدية تقوم على التشبيه والاستعارة والمجاز، وهي صور حسية بسيطة وعباراتها متداولة. أما من حيث الإيقاع فيبقى قديما، من حيث اعتماد البارودي على نظام الشطرين المتناظرين وبحر الطويل ووحدة القافية والروي والمطلع المصرع؛ ليكون بذلك البارودي من جهة قد نجح في محاكاة القدامى، وامتحان شاعريته أمامهم. ومن جهة ثانية إنقاذ الشعر العربي مما آل إليه من ضعف وانحطاط، وإسفاف وابتذال؛ ليستعيد جزالته وقوته، ويستأنف مسيرة تطوره في المشرق والمغرب.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
تحليل قصيدة سوف يبين الحق لمحمود سامي البارودي ثالث ثانوي بكالوريا

اسئلة متعلقة

...