نموذج إجابة عن سؤال فلسفي حسب الإطار المرجعي
الموضوع :
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ نموذج إجابة عن سؤال فلسفي حسب الإطار المرجعي الموضوع : *"هل تقوم دولة الحق على العنف
الإجابة هي كالتالي
*"هل تقوم دولة الحق على العنف؟"*
*مطلب الفهم* :
إن السياسة هي عملية تدبير وتسيير وإدارة شؤون تجمع بشري، فهي من أهم الممارسات البشرية الجماعية التي تهدف الى جعل الوجود الانساني وجودا منظما وخاضعا لمبادئ عقلية وأخلاقية، فالسياسة اذن هي تدبير لشؤون المجتمع وعليها يتوقف نشر وتثبيت القانون، وتعد الدولة الاطار المنظم للممارسة السياسية وهي عبارة عن مجموعة من الاجهزة والمؤسسات السياسية والقانونية، والعسكرية والادارية والاقتصادية التي تمارس السلطة والحكم في بلد ما، فالدولة اذن هي ممارسة السلطة الدائمة داخل مجال عمومي ينظم علاقات الناس، وتعمل على ضمان حقوقهم والحفاظ على كرامتهم، لكن نجد أن الدولة تلجأ في كثير من الاحيان الى التدخل بالعنف للحفاظ على استمراريتها، وضبط المجتمع وإعادة التوازن إليه،وهو ما يطرحه السؤال الفلسفي قيد المناقشة، فهو يتأطر ضمن مجزوءة السياسة وتحديدا يناقش مفهوم الدولة، حيث يعالج إشكالية الدولة بين الحق والعنف.
وبذلك يطرح مفارقة مفادها إمكانية قيام الدولة على العنف وإمكانية قيامها على أسس أخرى كالحق والقانون، وهذا ما يجرنا إلى صياغة جملة من التساؤلات التي تصب في الإشكال ذاته :
- ما الأساس الذي تقوم عليه الدولة؟
- هل عل أساس القوة والعنف أم على أساس الحق والقانون؟
-أم تقوم على كل ذلك بشكل من المزج السياسي الغائي؟
*التحليل* :
قبل الخوض في غمار الإشكالية نرى ضرورة الوقوف عند تحليل ألفاظ ومفاهيم عبارة السؤال المطروح، فهل: أداة استفهامية تخيرية بين قضيتين متقابلتين، قد يصرح بهما معا وقد يصرح بإحداهما ويتم إضمار الأخرى كما في حالة السؤال، أن الطابع الاستفهامي لهذه الأداة يفترض إجابتين محتملتين هما، أساس الدولة هو العنف من جهة، وأساس الدولة هو الحق القانون من جهة ثانية. أما المفاهيم المركزية، فالدولة بداية هي مجموعة من المؤسسات والأجهزة تسهر على تنظيم شؤون المجتمع داخل مجال ترابي محدد وضمن مفهوم السيادة وتضم أيضا شعبا. ومفهوم الحق فهو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره أي اليقين وما يجب أن يكون، ويقصد به كل ما هو مطابق لقاعدة محددة ومشروعه سواء كانت قانونية، أخلاقية، أم اجتماعية. وهو أيضا ما تسمح به القوانين الوضعية بفعله سواء كان نتيجة مبدأ يسوغ كل فعل محضور أو ما تسمح العادات والأخلاق بفعله. في حين نجد أن العنف يعني عموما استخدام القوة استخداما غير مشروع أو غير مطابق للقانون فهو مضاد للرفق والاعتدال ومرادف للقسوة والشدة.
و السؤال الذي بين أيدينا ينطوي على أطروحة مفترضة تقول بأن أساس الدولة هو العنف، حيث أنه لا يمكن قيامها بالاعتماد عليه أو التوسل به، فالعنف شرط ضروري لقيام واستمرار الدولة.
لكن إلى أي حد يمكن قبول التصور؟ هل هناك من مواقف تؤيد أو تخالف هذا التصور؟
*المناقشة* :
من خلال السؤال المطروح نستشف أطروحة مفترضة مؤداها قيام الدولة على العنف، وذلك لتثبيت الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي بالبلد، والحقيقة يمكن تأكيد ذلك من خلال استطلاع وقراءة التاريخ البشري، حيث نجد استخدام القوة من لدن الجهاز الحاكم في كثير من الأمم والدول السابقة، لكن هذه القولة أهملت مسالة أساسية وهي ان الدولة لا يمكن أن تقوم على العنف والقوة وحدهما، بل لا بد من اعتماد الحق والقانون، لأن هذا العنف الذي تستخدمه الدولة يجب أن يكون مؤطرا بالقانون وإلا تحول الى أداة تسلط وأداة للاستعباد والقتل بدل أداة لممارسة السلطة، وإن اعتماد الحق والقانون من شأنه الحفاظ على كرامة المواطن، خاصة إذا كانت هذه القوانين مؤسسة على مبادئ عقلية وأخلاقية.
ومن المواقف التي تؤكد أن كل دولة تقوم وتتأسس على العنف، نجد السوسيولوجي الألماني ماكس فيبر الذي يرى أن الدولة هي الكيان الوحيد الذي يحتكر ممارسة العنف المادي المشروع فهي تستخدمه باسم القانون من اجل تنظيم المجتمع واعاده التوازن اليه، ولتوضيح موقفه أكد انه لا يمكن تعريف الدولة من خلال ادوارها فهي كثيرة ولا يمكن حصرها، ولكن يمكن تعريفها من خلال الوسيلة المميزة والخاصة بها ألا وهي ممارسة العنف الفيزيائي، ويستشهد ماكس فيبر بقول السياسي الروسي تروتسكي الذي يقول إن "كل دولة تنبني على القوة" وذلك لتأكيد أن العلاقة بين الدولة والعنف هي علاقه حميمية لأن استخدام العنف يعد حقا مشروعا للدولة، فالدولة التي لا تمارس العنف يكون مصيرها الزوال والانهيار وان كل عنف يمارس خارج اطار الدولة سواء مارسه فرض على فرض اخر او جماعة على جماعة اخرى فانه يعد عنف غير مشروع.
لكن ألا يمكن أن يكون العنف سببا في تقويض هياكل الدولة ولو بعد حين؟
وهل يمكن تثبيت قواعد النظام والأمن بطرق أخرى غير العنف؟
في هذا الإطار نجد جاكلين روس تؤكد ان الدولة الحديثة تؤدي وظائفها بواسطه الحق والقانون، فدولة الحق والقانون هي حماية لحقوق الافراد وابرزها الحرية والمساواة، ومن هنا يكون الامتثال لمبدا الحق التزاما وليس الزاما بمعنى امتثال عن طواعية ورضى وقناعه عقليه لما تتضمنه تلك القواعد القانونية من ضمانة لحقوق الفرد، تقول جاكلين روس " ان بناء دوله الحق يتطلب ان يكون الانسان ذا قيمة ولا يمكن استعباده من طرف اي كيان او استعباده كوسيله وانما اعتباره على الدوام كغاية" فالإنسان هو جوهر القاعدة القانونية معيار صلاحيتها، ان دولة الحق والقانون هي دولة تتسم بالفصل بين السلط وجعل بعضها يراقب بعضا واحترام المواطن والحفاظ على كرامته الإنسانية والعمل بالحق والقانون.
*التركيب* :
يتبين مما سبق الطابع الإشكالي لموضوع السؤال حيث يمكن القول أنه ينطوي على عدة مفارقات فإذا كان البعض يؤكد على أن أساس الدولة والوسيلة الوحيدة التي تستمد منها مشروعيتها هي العنف فهناك في المقابل من أكد على أن العنف ليس الطريقة السليمة لتسيير وتنظيم الدولة، بل الامتثال للقانون وللحق هو سر قيام دولة تضمن الحريات وتحفظ كيان البلد وتشيع الديمقراطية بوسائل سلمية مشروعة، لكن ألا يمكن الجمع بين الترهيب والترغيب لضمان السلم والاستقرار؟ وهل هناك وسائل أخرى يمكن للدولة أن تستمد مشروعيتها منها وتكون في نفس الوقت الطريقة الأساسية للحكم وكسب رضا المواطنين وفسح المجال أمامهم للإبداع والمشاركة في تطوير البلاد وإصلاح الشأن العام؟