في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

خطبه جمعة ربيع ثاني 1444 

خطبة الجمعة الأولى والثانية من شهر ربيع ثاني ملتقى الخطباء خطبة جاهزة عن شهر ربيع ثاني 

خطبة ربيع ثاني 

**الخُطْبَةَ الأُوْلَى:الحَمْدُ للهِ .... **

**أَيَّهَا المُسْلِمُونَ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللهُ عنهُ: يا رسولَ اللهِ قد شِبتَ، قالَ ﷺ: «شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»، سُوَرٌ عَظِيمَةٌ تَصِفُ بِوُضُوحٍ مَشْهَدَ الآخِرَةِ، يَحْفَظُهَا النَّبِيُّ ﷺ وَيَشِيْبُ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنْهَا، مِنْ عِظَمِ مَسْؤُولِيَّاتِهِ، وَعِظَمِ الحِمْلِ الَّذِي يَحْمِلُهُ، وَمِنْ كَثْرَةِ المَهَامِّ وَالأَمَانَةِ الَّتِي يَحْمِلُهَا، مَعَ أَنَّهُ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؛ إِلَّا أَنَّ شَيْبَهُ يَأْتِي حِينَ يَحْمِلُ هَمَّ الآخِرَةِ وَيَتَفَكَّرَ فِيهَا.**

**فَرَسُولُ اللهِ شَيَّبَتْهُ ﷺ هُودٌ، وَشَيَّبَتْهُ الوَاقِعَةَ وَشَيَّبَتْهُ المُرْسَلَاتُ، وَشَيَّبَتْهُ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَشَيَّبَتُهُ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، أَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الأَكَارِمُ مَاذَا شَيَّبَنَا:**

**لَقَدْ شَيَّبَتْنَا كَذَلِكَ الوَاقِعَةُ وَالمُرْسَلَاتُ، وشَيَّبَتْنَا عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَشَيَّبَتْنَا الأَنْظِمَةُ المُجْرِمَةُ وَعَمَالَتِهَا وَظُلْمِهَا، وَشَيْبُنَا دُوَلِ اَلِاسْتِعْمَارِ اَلْغَرْبِيَّةِ، وَشَيَّبَتْنَا الجَمْعِيَّاتُ النِّسَائِيَّةُ، وَشَيَّبَتْنَا المَنَاهِجُ التَّعْلِيمِيَّةُ، وَشَيَّبَنَا عُلَمَاءُ السُّلْطَانِ، وَشَيَّبَتْنَا قِلَّةُ الوَعْيِ السِّيَاسِيِّ، وَشَيَّبَنَا الفَقْرُ وَارْتِفَاعُ الأَسْعَارُ، وَشَيَّبَنَا غِيَابُ الإِمَامِ الجَنَّةِ، وَشَيَّبَنَا غِيَابُ الخِلَافَةِ الرَّاشِدَةِ، وَشَيَّبَتْنَا الأَفْكَارُ العَقِيمَةُ وَالتَّضْلِيلُ، هَذَا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا مِنْ هُمُومٍ وَظُلْمٍ وَغَيْرِهَا.**

**أَيَّهَا المُسْلِمُونَ: الهَمُّ هَمَّانِ: هُمُ الدُّنْيَا وَهُمُ الآخِرَةِ، وَكُلَّمَا كِبُرَ أَحَدُهُمَا صَغُرَ الآخَرُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي القَلْبِ أَحَدُهُمَا خَرَجَ الآخَرُ؛ فَهُمَا نَقِيضَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن جعلَ الهمومَ همًّا واحدًا، همَّ آخرتِهِ، كفاهُ اللَّهُ همَّ دُنْياهُ، ومَن تشعَّبت بِهِ الهمومُ في أحوالِ الدُّنيا لم يبالِ اللَّهُ في أيِّ أوديتِها هلَكَ»، فَكَانَ ﷺ قُدْوَةً لِأُمَّتِهِ فَيَشِيبُ رَأْسُهُ مِنْ هَمِّ الآخِرَةِ، رُبَّمَا دَعَا رَبَّهُ كَثِيرًا، وَهُوَ يَقُولُ: «اللهمَّ لَا تَجْعَلْ الدنيا أكبرَ هَمِّنَا، ولَا مَبْلَغَ عِلْمِنا»، وَيَرِثُ أَصْحَابُ الرَّسُولِ ﷺ هَذَا الهَمَّ؛ فَعَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: "كَوْنُوا أَبْنَاءَ الآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا أَبْنَاءَ الدُّنْيَا، فَيَأْتِيهِ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ عَقْدُ شِرَاءِ دَارٍ، فَيَرَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الهُمُومُ فِي الدُنْيَا، فَيَكْتُبُ لَهُ: اشْتَرَى مَيِّتٌ مِنْ مَيِّتٍ أَرْضًا فِي دَارِ المُذْنِبِينَ، لَهَا أَرْبَعَةُ حُدُودٍ: الحَدُّ الأَوَّلُ يُؤَدِّي إِلَى المَوْتِ، وَالحَدُّ الثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى القَبْرِ، وَالحَدُّ الثَّالِثُ يُؤَدِّي إِلَى الحِسَابِ، وَالحَدُّ الرَّابِعُ يُؤَدِّي إِلَى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا لِهَذَا جِئْتُكُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَالَ:**

**النَّفْسُ تَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ**

**أَنَّ اَلسَّلَامَةَ فِيهَا تَرْكُ مَا فِيهَا**

**لَا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوْتِ يَسْكُنُهَا**

**إِلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ المَوْتِ يَبْنِيهَا**

**فَإِنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهَا**

**وَإِنْ بَنَاهَا بَشَرٌ خَابَ بَانِيهَا**

**فَقَالَ الرَّجُلُ: هِيَ وَقْفٌ لِلَّهِ تَعَالَى**

**وَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ قَدْ تَرَكُوا اَلدُّنْيَا وَجَعَلُوا هَمْهَمَ اَلْآخِرَةَ فِي كُلِّ إِهْمَالِ الدُّنْيَا، وَرَبَطُوا كُلَّ قَضَايَاهُمْ لِقَضِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رِضْوَانُ اللهِ، كَمَا عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ الَّذِي مَا تَرَكَ فُسْحَةً إِلَّا وَأَرْشَدَ أَصْحَابَهُ مِنْ خِلَالِهَا إِلَى ذَلِكَ، فَقَدْ أَعْطَوْنَا دَرْسًا فِي مَا هُوَ الأَهَمُّ، وَمَا هِيَ الأَوَّلَوِيَّاتُ وَمَا هِيَ القَضِيَّةُ المَصِيرِيَّةُ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو نَعِيمٍ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ النَّاقَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ ﷺ:«لكَ بهَا يَومَ القِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ، كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ»، فَنَرَاهُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَنْقُلُهُ مُبَاشَرَةً إِلَى الآخِرَةِ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ وَهُوَ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ، وَكَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى نُوقِهِ السَّبْعمِائَةَ فِي الجَنَّةِ وَهُوَ بَيْنَهَا يَرْكَبُهَا وَيَحْلِبُهَا.**

**لَقَدْ جَعَلَ الصَّحَابَةُ لَهُمْ هَمًّا وَاحِدًا أَلَا وَهُوَ الآخِرَةُ فَعَمِلُوا وَقَدَّمُوا، فَكُونُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الإِسْلَامِ فَلَا يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ، وَاجْعَلُوا لَكُمْ قَضِيَّةً وَرِسَالَةً وَاجْعَلُوا لَكُمْ بَصْمَةً فِي صَرْحِ الخِلَافَةِ القَائِمَةِ قَرِيبًا بِإِذْنِ اللهِ.**

**أَيُّهَا المُؤْمِنُوْنَ: أَلَا تَرَوْنَ مَا تَعِيشُهُ الأُمَّةُ الإِسْلَامِيَّةُ مِنْ بَلَاءٍ وَقَهْرٍ وَفَقْرٍ، إِنَّكُمْ تَرَوْنَ هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا قَصِيرَةً وَصَعْبَةً وَقَدِ امْتَلَأَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَهَمًّا، وَالإِسْلَامُ يُحَتِّمُ عَلَيْنَا التَّغْيِيرَ وَيُحَتِّمُ عَلَيْنَا أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا قَضِيَّةً يُؤْمِنُ بِهَا وَيُدَافِعُ عَنْهَا، وَيُضَحِّي مِنْ أَجْلِهَا، بَلْ يَبْذُلُ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِهَا الغَالِيَ وَالنَّفِيسَ، أَلَّا تَرَوْنَ مَا تَعِيشُهُ الأُمَّةُ الإِسْلَامِيَّةُ؟! أَمَا تَرَوْنَ ظُلْمَ الأَنْظِمَةِ العَمِيلَةِ؟! وَظُلْمَ ذَوِي القُرْبَةِ أَشَدُّ مَرَارَةٍ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَفْتَقِرُونَ الوَعْيَ وَالفَهْمَ الصَّحِيحَ لِلْإِسْلَامِ وَدَعْوَتِهِ، أَلَا تَرَوْنَ القَتْلَ وَالدَّمَارَ وَالهَزِيمَةَ مِنْ قِبَلِ الاسْتِعْمَارِ لِأُمَّتِنَا وَتَحَدِّيِهِ لَهَا وَاسْتِعْمَارِهِ لِأَرَاضِينَا وَنَهْبِ خَيْرَاتِنَا.**

**فَيَا أَيُّهَا الأَخُ الكَرِيمُ: اجْعَلْ هَمَّكَ عَلَى مُسْتَوَى هَذِهِ الأُمَّةِ وَاتْرُكْ سَفَاسِفَ الأُمُورِ وَاجْعَلْ لَكَ هَدَفًا عَظِيمًا، فَالمُسْلِمُ عَظِيمٌ مَكَرَّمٌ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهُوَ عَظِيمُ المَسْؤُولِيَّةِ وَحَامِلٌ لِلْأَمَانَةِ الَّتِي شَرَّفَهُ اللهُ بِهَا، بَلْ نَحْنُ وَرَثَةُ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ وَرِثْنَا عَنْهُ حُلُولَ مَشَاكِلِنَا كُلَّهَا، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَبَنَّاهَا وَتُصْبِحَ عِنْدَهُ قَضِيَّةٌ مَصِيرِيَّةٌ، هِيَ قَضِيَّةُ تَحْكِيمِ الإِسْلَامِ فِي الحَيَاةِ العَامَّةِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا العَمَلُ لِإِيجَادِ الخِلَافَةِ الرَّاشِدَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا تَوْحِيدَ البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي دَوْلَةِ الخِلَافَةِ وَتَحْتَ خَلِيفَةٍ وَاحِدٍ وَرَايَةِ رَسُولِ اللهِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا تَحْرِيرَ أَرْضِ الإِسْلَامِ وَعَلَى رَأْسِهَا بَيْتَ المَقْدِسِ وَتَحْرِيرِ المُقَدَّسَاتِ وَعَلَى رَأْسِهَا المَسْجِدُ الأَقْصَى، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا المُحَافَظَةُ عَلَى ثَرَوَاتِ الأُمَّةِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ القَضَايَا عَمَلَ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ وَذَلِكَ بِحَمْلِ رِسَالَةِ الإِسْلَامِ إِلَى الأُمَمِ الأُخْرَى وَإِخْرَاجِهَا مِنَ الظُّلُمَاتِ وَمِنْ شَقَاءِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ إِلَى عَدْلِ وَنُورِ الإِسْلَامِ، لِتَسْعَدَ البَشَرِيَّةُ فِي ظِلِّ الإِسْلَامِ دِينِ الرَّحْمَةِ، الَّذِي ارْتَضَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَأَنَّ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَهُ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَسَيَكُوْنُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ، مِصْدَاقًا لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِيْ الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ﴾، هَذِهِ كُلُّهَا قَضَايَا عَظِيمَةٌ مِنْ قَضَايَا الأُمَّةِ وَلَا بُدَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّخِذَهَا جَمِيعَهَا قَضَايًا لَهُ بَلْ قَضَايًا مَصِيرِيَّةً لَا بُدَّ مِنْ حَلِّهَا، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ الغَفُورَ الرَّحِيمَ لِي وَلَكُمْ.**

**الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:الحَمْدُ للهِ.....**

وهي كالتالي على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية تابع قراءة 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
ربيع 2 //1444

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:الحَمْدُ للهِ.....*

**أَيَّهَا المُسْلِمُونَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ» وَاليَوْمَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اَلشُّهَدَاءَ قَدْ وَضَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ قَضِيَّةً دَافَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْهَا، وَمَاتُوا مِنْ أَجْلِهَا تُذَكِّرُ الأُمَّةَ بِشَجَاعَةِ حَمْزَةَ وَخَالِدٍ وَالقَعْقَاعِ وَصَلَاحِ اَلدِّينِ، وَأَنَّ أُمَّةَ الإِسْلَامِ أُمَّةُ الخَيْرِ وَلَنْ تَعْجَزَ عَنْ وِلَادَةِ الأَبْطَالِ وَالقَادَةِ، وَكَذَلِكَ أَلَّا تَرَوْنَ مَنْ هُمْ فِي سُجُونِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا قَضِيَّتَهُمْ مُحَاسَبَةَ الحُكَّامِ، وَالأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ وَقَوْلِ الحَقِّ لَا يَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، أَلَا تَرَوْنَ أَهْلَ الشَّامِ وَقَدْ جَعَلُوا لَهُمْ قَضِيَّةً وَرَفَعُوا شِعَارَ هِيَ للهِ هِيَ للهِ وَقَائِدُنَا لِلْأَبَدِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدْ، أَلَّا تَرَوْنَ مَنْ حَمَلَ لِوَاءِ التَّغْيِيْرِ لِإِقَامَةِ دَوْلَةِ الإِسْلَامِ وَجَعْلِهَا لَهُ قَضِيَّةً يُحَقِّقُهَا أَوْ تَنْفَرِدُ هَذِهِ السَّالِفَةُ، أَلَا تَرَوْنَ سَالِمَ مَولَى أَبِي حُذَيْفَةَ قَدْ جَعَلَ لَهُ قَضِيَّةً وَهُوَ مَنْ كَتَبَةِ الوَحْيِ وَمِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يُوَبِّخُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ: "بِئْسَ حَامِلُ القُرْآنِ أَنَا إِذَا أُوتِيَ مِنْ قِبَلِي"، وَاليَوْمَ مَا زَالَ الأَبْطَالُ وَالشُّهَدَاءُ يَرْفَعُونَ شِعَارَهُمْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾.**

**أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ مَنْ رَهَنَ نَفْسَهُ لِلْحُكَّامِ وَالأَنْظِمَةِ لَيْسَ لَهُ قَضِيَّةٌ مَصِيرِيَّةٌ، بَلْ جَعَلَ قَضِيَّتَهُ قَضِيَّةَ عَمَالَةٍ وَعَجْزٍ وَنِفَاقٍ، وَإِنَّ مَنْ رَهَنَ نَفْسَهُ لِقَضِيَّةٍ تَافِهَةٍ فَقَدْ رَهَنَ نَفْسَهُ لِلْعَجْزِ وَالكَسَلِ فَاقِدٌ لِرُجُولَتِهِ، إِنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ قَضِيَّةَ تَحْكِيمِ الشَّرْعِ وَإِقَامَةِ الخِلَافَةِ قَدْ رَهَنَ نَفْسَهُ لِلْعِلْمَانِيَّةِ وَالدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ وَأَنْظِمَةِ الجَوْرِ، وَجَعَلَ نَفْسَهُ مِنْ فُسْطَاطِهِمْ، إِنَّ مَنْ يَرْتَمِي فِي حُضْنِ الأَنْظِمَةِ الَّتِي لَا تَحْكُمُ بِالإِسْلَامِ وَتَدَّعِي المُقَاوَمَةَ وَالجِهَهادَ وَالتَّدَرُّجَ قَدْ رَهَنَ نَفْسَهُ وَجَعَلَ قَضِيَّتَهُ قَضِيَّةَ مَالٍ قَذِرٍ وَمَصَالِحٍ آنِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، وَإِنَّ المُسْلِمَ الَّذِي يَذْهَبُ لِلْأُمَمِ المُتَّحِدَةِ وَيَسْتَنْكِرُ وَيَشْجُبُ وَيَحْتَفِظُ بِحَقِّ الرَّدِّ، أَوْ يَسْكُتُ عَنْ أَفْعَالِ الأَنْظِمَةِ وَالدُّوَلِ الكَافِرَةِ، فَهُوَ مُشَارِكٌ لَهَا وَرَهَنَ نَفْسَهُ وَجَعَلَ قَضِيَّتَهُ بَيْنَ أَيْدِي أَعْدَائِهِ الكُفَّارِ، وَاسْتَسْلَمَ لَهُمْ وَحَافَظَ عَلَى انْتِصَارَاتِهِمْ عَلَيْنَا وَوَالَاهُمْ وَأَقَرَّ بِهَزِيمَتِنَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا**

**أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: كُوْنُوا كَأَصْحَابِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَقَدْ نُشِرُوا بِالمَنَاشِيرِ، وَكُونُوا كَأَصْحَابِ الأُخْدُوِد الَّذِينَ قُتِلُوا وَقَدْ وَصَفَهُمُ القُرْآنُ بِالنَّصْرِ الكَبِيرِ، يُرْوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ، فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ، أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَا يَقْضُونَ لَكُمْ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نَصْنَعُ؟، قَالَ: «كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمنَاشِيرَ، وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ»**

**نَعَمْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ قَضِيَّةً مَصِيرِيَّةٌ أُمًّا أَنْ تَتَحَقَّقَ أَوْ أَنْ يَسْتَشْهِدَ مِنْ أَجْلِهَا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الَّذِي قَالَ: «والله إني لا أزال أجاهِدُهم على الذي بعثني الله له حتى يُظهِره الله، أو تَنفرِد هذه السالفة»، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنْ قُدْوَتُنَا الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، الَّذِينَ ضَحُّوْا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَتَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ مُجَاهِدِينَ لِإِعْزَازِ هَذَا الدِّينِ، وَنَشْرِ دَعْوَتِهِ وَاسْتَشْهَدُوا وَمَاتُوا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُدِينَ غَيْرَهُمْ بِالإِسْلَامِ، فَهَذِهِ هِيَ قَضِيَّتَهُمْ، وَاليَوْمَ تَرَى الشُّهَدَاءَ وَالعُلَمَاءَ المُخْلِصِينَ وَالأَبْطَالَ وَالمُجَاهِدِينَ قَدْ جَعَلُوا لَهُمْ قَضِيَّةً، فَاجْعَلْ لَكَ أَخِي المُسْلِمَ قَضِيَّةً تُخْتَمُ بِهَا حَيَاتُكَ وَتُلَاقِي بِهَا رَبَّكَ وَتَجْتَمِعَ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ**

**الدعاء.....**

اسئلة متعلقة

...