في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

تحضير الدرس الثاني حول اللغة والفكر . 

الدرس الثاني حول اللغة والفكر

مقدمة : طرح المشكلة

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ الدرس الثاني حول اللغة والفكر

الإجابة هي كالتالي 

الدرس الثاني حول اللغة والفكر

مقدمة : طرح المشكلة

هل اللغة هي ما يصدر عنا من أصوات فقط ؟ هل تعتبر الإشارات لغة ؟ أليست اللغة عبارة عن إشارات ورموز نبدعها لتساعدنا على تنظيم حياتنا الداخلية ، وعلى تحقيق التواصل مع غيرنا ؟ 

I ـ طبيعة اللغة

إذا لم تكن اللغة مجرد تعبير انفعالي و لا نشاط حيوي ، ففيم تتمثل طبيعتها ؟

أولا : أشكال التعبير 

( حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) . النمل 18. كيف حدث التواصل بين النبي سليمان و النملة ؟ الغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها وتبسم ضاحكاً من ذلك وهذا أمر عظيم جداً ، في هذه الآية إشارة إلى حوار بين النمل ينتقل من مرسل إلى مستقبل حاملا رسالة ، ثم انتقل محتوى الرسالة إلى الإنسان ممثلا في شخص النبي سليمان . فهل للنمل لغة ؟ وما هي طبيعتها ؟ وهل هناك قواعد تحكمها ؟ وهل يمكن فهمها من قبل كائنات أخرى ؟  

التعبير يتم عادة بـ : 

1 ـ الأصوات ( ألفاظ ، صياح ..الخ )

2 ـ إشارات ، حركات ، إيماءات 

مقارنة بين لغة الحيوان ولغة الإنسان

الدراسات العلمية أثبتت إن ما تفعله النحلة حين تخبر أفراد مملكتها بمكان الطعام وبعده عن الخلية و الاتجاه الذي ينبغي عليها إن تطير فيه، من خلال الرقصات الدائرية ، لا يعدو كونه نظاما اشاريا مغلق من نوع بدائي، فلم يثبت أن النحل لديه طرائق يشير بها إلى كمية الطعام أو نوعه أو لون الأزهار أو غير ذلك من المعلومات التي تتصل بالطعام أو بغيره ، والصيحات التي يطلقها قرد مثلا إذا كان أمام ثعبان ، هل يعني بصيحاته " ثعبان " أو "خطر " أو احذر ثعبان " أو أن هذه الأصوات مجرد صيحات تنبيه من دون أن تحمل أي معنى محدد؟ . أنها في جميع الحالات لن ترقى إلى لغة البشر ، إن لغة الإنسان من اعقد مظاهر السلوك ، لهذا لا يمكن التعامل مع اللغة عند الكائنات جميعها بنفس المستوى من الفهم .

إن التعبير عند الكائنات الحية متنوع ، فالحيوانات تختلف وسائل الاتصال بينها حسب أنواعها ، فمنها ما يعتمد على الصياح وإصدار الأصوات المختلفة ، وبعضها يعتمد على الحركات والتغيرات الفزيولوجية على مستوى الجسم ، والبعض الآخر يستخدم الروائح ، أما الإنسان فانه وان كان في حاجة إلى كل ما سبق ذكره ، فانه يوظف فضلا عن ذلك الرموز بمختلف أنواعها سواء كانت طبيعية يتقاطع فيها مع الحيوانات الأخرى، أو رموز اصطلاحية اتفق مع غيره على دلالاتها .

ثانيا : تطور أشكال التعبير 

اللغة تستعمل بغرض التكيف وحفظ استمرار النوع ، لكنها قد تتجاوز هذه الأغراض البيولوجية إلى أغراض معنوية عند الإنسان ، وذلك عندما يريد التعبير عن أفكاره وأحواله النفسية. ومنه تصنيف أشكال التعبير إلى قسمين .

أ ـ اللغة الطبيعية : 

وهي التي لا تحتاج إلى تعلم ، لأنّ للإنسان ملكة فطرية تساعده على فهمها ، فهي مجرد انعكاس شرطي لمنبه داخلي أو خارجي . فالتبسم وبشاشة الوجه ، أو عبوسه والصراخ والبكاء ، تعتبر عند اللغويين علامات طبيعية . فنحن نفسر التبسم وبشاشة الوجه على أنّه علامة على السرور والفرح والرضا ، بينما يعني الصراخ والبكاء التألم والحزن . 

لكن بالرغم من كون هذه العلامات تحمل معنى غير ظاهر ، إلاّ أنّ هذا لا يبرر اعتبارها علامة لغوية ، وسبب ذلك أن التبسم والضحك أو الصراخ والبكاء علامات غير قابلة للتحليل والتفكيك ، أي أنها كتلة واحدة لا تتجزأ ، ولو حاولنا تفكيكها ستفقد قدرتها على الدلالة، فلا تصير ذات معنى ، فالصوت (أيْ) لو جزء إلى : ( أ ) و ( يْ ) ، لما فهما منه أنه يشير إلى الألم . 

ب ـ اللغة الاصطلاحية : 

وهي نسق من الرموز الاتفاقية المكتسبة بالتعلم ، وهذه الرموز والإشارات يتواضع عليها البشر ويتفاهمون من خلالها ولا نجد لها مثيلاً في عالم الحيوان الأمر الذي يبرر حصر اللغة في الإنسان ، والإقرار بوجود لغة عند الحيوان أمر فيه توسع مبالغ فيه وغير مقبول. 

ثالثا : خصائص اللغة الإنسانية

ويمكن حصر مميزات اللغة الإنسانية فيما يلي : 

1 ـ تتسع لغة الإنسان للتعبير عن تجاربه و خبراته و معارفه .

2 ـ اللغة الإنسانية رموز عرفية اصطلاحية.  

3 ـ لدى الإنسان وعي بالعلامات التي يستخدمها قصدا، على أنها وسائل لتحقيق الإغراض .

4 ـ يستخدم الإنسان اللغة للتعبير عن الأشياء العيانية كما يستخدمها في التعبير عن أشياء أو أحداث بعيدة عن المتكلم زمانا ومكانا. 

5 ـ يعمم الإنسان الألفاظ التي يستخدمها في الإشارة إلى أشياء متشابهة .

6 ـ لغة الإنسان مركبة تتألف من وحدات ومن قواعد .

7 ـ يستطيع الإنسان أن يبدل كلمة بأخرى في منطوق معين إذا تغير الموقف علي ضرب محمد . محمد ضرب علي .

8 ـ لغة الإنسان محكومة بقواعد يفرضها عليه المجتمع الذي ينتمي إليه.

9 ـ تتنوع لغة الإنسان بتنوع الجماعات التي يستخدمها بفعل عامل الزمان و المكان

10 ـ يكتسب الإنسان لغته من المجتمع الذي يعيش فيه .

11 ـ مفردات لغة الإنسان كما تشير إلى الأشياء في الواقع تشير إلى الأفعال والأفكار المجردة، ويمكنها تعميم الاسم على الأشياء المتشابهة في الجوهر والمختلفة في التفاصيل وهذه صفة لا تتوفر لأي حيوان .

12 ـ اللغة البشرية قابلة للانتقال من السلف إلى الخلف عن طريق الاكتساب، أما لغة الحيوان فانتقالها تتكفل به آلية الوراثة في الغالب . 

والصفة الأساسية للغة حسب تشومسكي هي مقدرة لغة البشر على الخلق أو الابتكار والمقصود بهذه الصفة هو انه بمقدور الإنسان لا أن يركب من الأصوات المفردة مئات الألوف من المفردات فحسب، بل أن يركب من مفردات اللغة المختلفة عددا لا يحصى من الجمل وأشباهها مما لم يسمع به من قبل وذلك حسب الموقف والظروف التي تتطلب الكلام، كما باستطاعته أن يفهم عددا لا حصر له من الجمل وأشباهها عندما يسمعها .

II ـ اللغة بنية رمزية

يتصل الناس فيما بينهم و يخاطبون بعضهم بعض عن طريق اللغة ، فهل يمكن استبدال اللغة بكلمة " اللسان "؟ وهل الكلام مرادف للغة ؟ ما الأسس التي تقوم عليها اللغة بوصفها بنية رمزية تطبع نشاط الفكر وتترجم إبداعه ؟

أولا : اللسان والكلام واللغة 

1 ـ مفهوم اللسان 

إذا كانت اللغة تطلق على كل وسيلة يمكن استخدامها كوسيلة للتواصل ، فاللسان يطلق على لغة خاصة بجماعة معينة .فنقول " بلسان عربي مبين " اللسان الانجليزي، اللسان الفرنسي ، واللسان بهذا يكون اخص من اللغة ، انه الموروث اللفظي من مفردات وكلمات وما يتصل بها من قواعد نحوية وصرفية ، ويذكر القرآن اللسان بهذا المعنى في سورة إبراهيم الآية 4 " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " . " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ " الروم 22 " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ " (103) النحل .

 2 ـ مفهوم الكلام 

الكلام ما كان مُكْتَفِياً بنفسه وهو الجملة، و لا يكون إلا أَصواتاً تامة مفيدة .فالكلام هو القدرة على التفاهم بين الناس عن طريق علامات صوتية تتيحها لغة معينة .لذلك يتطلب الكلام وجود اللغة واللسان بالإضافة إلى سلامة الجانب البيولوجي الذي له صلة بالكلام. 

3 ـ مفهوم اللغة 

اللغة مشتقة من اللغو وهو الكلام الفارغ . واصطلاحا هي مجموعة من الإشارات والرموز ذات صبغة اجتماعية للدلالة على معنى من المعاني لأجل التواصل بين البشر فهي تتميز عن إشارات التواصل الموجودة عند الحيوان بتجددها وتنوعها، أما عند الحيوان فهي ثابتة . يعرفها الجرجاني بقوله " هي ما يعبر به كل قوم عن أغراضهم " أو هي مجموعة من الكلمات والأصوات والقواعد الثابتة، وبها يتحقق الكلام وقد تكون بطرق أخرى غير الكلام مثل الحركات . وهي ظاهرة معقدة وموضوع دراسة عدة علوم ( الفيزيولوجيا ، السوسيولوجيا ، السيكولوجيا ، اللسانيات و الانتربولوجيا ) ويعرفها لالاند بقوله : " هي كل جملة من الإشارات والتنبيهات يمكن أن تكون وسيلة للاتصال " وللغة شروطها فلابد من متكلم ومخاطب ولابد من سلامة الجملة العصبية لثبوت العلاقة بين اللغة والدماغ فالحبال الصوتية وحركة اللسان والشفتين تتحكم فيها المراكز العصبية. ويعرفها دو سوسير 1857 ـ 1913 " بأنها نتاج اجتماعي لملكة اللسان ومتواضعات ملحة وضرورية للمجتمع ، لتسهيل ممارسة هذه الملكة عند الأفراد.

وتتكون لغة الإنسان من وحدات صوتية أساسية خالية من المعنى وتعرف بالفونيمات ومن وحدات صوتية أعلى ذات معنى تعرف بالمورفيمات ، وتنتج عن اجتماع الفونيمات جمل متعددة وفقا لقواعد النحو والصرف. 

ثانيا : الرمز والدلالة 

الرمز : 

الرمز مثير بديل ، يستدعي لنفسه نفس الاستجابة التي قد يستدعيها شيء أخر عند حضوره ، وهو نوعان : رمز لغوي ، ورمز غير لغوي. 

والرمز يكون بناء على اصطلاح بين جماعة من الناس مثل اصطلاحهم على إشارات المرور الضوئية، وعلامة صح √ وعلامة خطأ X وعلامات الموسيقى ♫ ومفردات اللغة مثل: شجرة، حصان، كتاب، صدق، قتل. وأصوات الأبواق والأجراس.فهذه و أمثالها هي ما يعرف بالرمز . واللغة مجموعة من الرموز . 

وكل رمز له مرموز إليه ، فلا يوجد لفظ إلا وله ما يدل عليه ، بمعنى اللغة تتألف من الدال والمدلول والعلاقة بينهما تسمى الدلالة.

الدلالة : 

الدلالة هي العلاقة القائمة بين اللفظ وما يدل عليه، فلا يوجد لفظ إلا وله ما يدل عليه سواء كان حسيا أو معنويا ، ولكي تكون الدلالة يجب توفر عنصرين احدهما يدل على الآخر، العنصر الأول هو الدال والعنصر الثاني هو المدلول . مثال : الطرق على الباب دال يدل على وجود مدلول ( شخص ). والقلم كلفظ دال ، وما يقابله من شيء يستعمل للكتابة مدلول، والعلاقة بين الدال والمدلول هي ما يعرف بالدلالة . وهي نوعان : 

أولا : دلالة الإشارات : مثل ما نجده في قوانين مرور السيارات .

 .تابع قراءة تحضير الدرس الثاني حول اللغة والفكر

على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
يتبع ملخص درس اللغة والفكر 2

ثانيا : الدلالة اللفظية : نستعمل فيها الألفاظ عند تواصلنا مع الغير . وهي نوعان :

1 ـ الدلالة اللفظية الطبيعية

التي أشار إليها دي سوسير ، وهي ما كان فيها الدال شيئا طبيعيا، فالأنين يدل على الألم، واف تدل على الضجر .

2 ـ الدلالة اللفظية الوضعية

وهي ما كان فيها الدال متواضع ومصطلح عليه ، ولهذه الأخيرة أنواع .

أ ـ دلالة لفظية وضعية تطابقية

وهي دلالة اللفظ على تمام ما وضع له بالاصطلاح، كدلالة لفظ إنسان على الحيوان الناطق .

ب ـ دلالة لفظية وضعية تضمنية

وهي دلالة اللفظ على احد أجزاء المعنى المطابق له ، كدلالة البيت على السقف والجدران .

ج ـ دلالة لفضية وضعية تلازمية

وهي دلالة اللفظ على معنى آخر ليس جزءا منه ولكنه ملازم له، بحيث لا يحصل المعنى الأول بدون حصول المعنى الثاني، كدلالة وجود السقف على وجود الجدران .

العلاقة بين الألفاظ والأشياء

هل العلاقة بين الألفاظ والأشياء تتميز بالضرورة ، بحيث لا يمكن أن نعبر عن ذلك الشيء أو المكان إلا بذلك الاسم أو اللفظ ؟، وبصيغة أخرى هل العلاقة بين الدال والمدلول ، علاقة ضرورية أم علاقة اعتباطية قائمة على الاتفاق العشوائي ؟

1 ـ العلاقة ضرورية : بين اللغة والفكر

يرى البعض أن العلاقة بين الألفاظ والأشياء علاقة ضرورية وسندهم في ذلك التقارب الكبير بين بعض الألفاظ وما يقابلها في الطبيعة، حيث تبدو وكأنها محاكاة لها ، ويبرز ذلك بوضوح في اللغة العربية، مثل خرير المياه، ومواء القطط ، وأغلب أصوات الحيوانات ومظاهر الطبيعة . فاللفظ هنا يطابق ما يدل عليه في العالم الخارجي . وهذا ما يعرف بنظرية محاكاة الإنسان لأصوات الطبيعة.

وبسبب تطور الحياة وتعقدها أبدع الإنسان كلمات وألفاظا جديدة ليدل بها على الأشياء . وهذا ما دافع عنه بعض اللغويين المعاصرين محاولين إثبات الترابط الوثيق بين الدّال والمدلول في العلامة اللّسانية . ومبررهم في ذلك أنّ العلامة اللّسانية بنية واحدة يتّحد فيها الدّال بالمدلول ، وبدون هذا الاتحاد تفقد العلامة اللسانية خاصيتها.

ومن جهة ثانية ذهن الإنسان لا يستسيغ ولا يقبل الأصوات التي لا تحمل تصورا يمكن معرفته ، ولو كان الأمر كذلك - أي وجود أصوات لا تدل على شيء ولا تحمل مفهوماً يمكن التعرف عليه - لصارت هذه الأصوات غريبة ومجهولة.

إلا أن هذه الأطروحة تصطدم ببعض الحقائق التي أقرّها علماء اللغة ، أولها أنّ اللغة خاصة (الكلام) نسق من الإشارات والرموز أبدعها الإنسان وتواضع عليها، ليستخدمها في التعبير والتواصل ؛ ولو كانت الكلمات تحاكي الأشياء ، فكيف يمكن تفسير تعدد الألفاظ والمسمّيات لشيء واحد ؟

2 ـ العلاقة اعتباطية :بين اللغة والفكر

يذهب اللغوي السيوسري فريدناند دي سوسير إلى الإقرار بانعدام الضرورة أو التلازم بين الدال والمدلول ، بل يعتقد أن الربط وقع بينهما بطريقة عشوائية يقول: " إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية " ويضيف دي سوسير: " إن هذا الحكم لا يعني إمكانية تغيير الإشارة بعد استقرارها في جماعة معينة تبعا لحرية الاختيار" ومع هذا نجده لا ينفي وجود بعض الأصوات على قلتها نحاكي فيها الطبيعة، مثل خرير المياه وهدير الريح . ونجد هذا الموقف عند المعتزلة فقد نقل عنهم الشهرستاني أن " الكلام ليس جنسا ونوعا في نفسه ذا حقيقة عقلية كسائر المعاني بل هو مختلف بالمواضع والاصطلاح والتواطؤ ، حتى لو تواطأ قوم على نقرات وإشارات ورمزات لحصل لهم التفاهم بها كما حصل التفاهم بالعبارات " والتواضع ينفي العلاقة الضرورية بين الدال و المدلول .
0 تصويتات
بواسطة
ثالثا : اللغة والفكر

كثيرا ما يتوقف الإنسان أثناء كلامه باحثا عن الألفاظ المناسبة لمواصلة الحديث ونفس الشيء يحدث له أثناء الكتابة فما هو سبب ذلك ؟ ولماذا لا يكون تطابق بين المعاني والألفاظ ؟ أو هل توجد في أذهاننا معاني من غير ألفاظ تقابلها ؟ وهل توجد في لغتنا ألفاظ دون معاني تقابلها ؟

هذه المشكلة طرحها ادوارد سابير 1885 ـ 1939 مفكر أمريكي عندما قال: "هناك سؤال غالبا ما يطرح نفسه هل يمكن التفكير بدون كلام أو ليس الكلام والفكر مظهرين لعملية واحدة ؟ " والإجابة على هذه السؤال أخذت اتجاهين .

1 ـ الفكر منفصل عن اللغة ( الاتجاه الثنائي )

يرى هذا الاتجاه أن الفكر يمثل العالم الداخلي للإنسان وهو معاني في الذهن مستقل عن الجسم واللغة تأخذ طابع خارجي لأنها متعلقة بالجسم (التنفس والحبال الصوتية ومخارج الحروف ...) ولهذا فصل برغسون 1859 ـ 1941 بين اللغة والفكر ، ويرى أن الفكر اسبق منها يقول : " نحن نفشل عن التعبير بصفة كاملة عما تشعر به روحنا لذلك الفكر يبقى أوسع من اللغة ".

وأدلته على ذلك أن الفكرة كثيرا ما تبرز إلى الذهن، ولكنها لا تجد العبارة المناسبة لها ، وكذلك استعمالنا للغات عديدة للتعبير عن فكرة واحدة . كل هذا يؤيد أسبقية الفكر على اللغة . كما أن الألفاظ تعرقل الفكر وتحد من حريته بل تقتله ، لهذا قيل الألفاظ قبور للمعاني .وقال دونيس ديدرو:" اعتقد أننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا ". ويرى برغسون أننا لا ندرك من عواطفنا سوى جانبها غير الشخصي و يعني بذلك أن الفرد يدرك الجانب الذي استطاعت اللغة أن تميزه فقط ، وهنا قال : " إننا نحيا في منطقة متوسطة بين الأشياء وبيننا ، او نحن نحيا خارجا عن الأشياء وخارجا عن ذواتنا أيضا ". و في هذا الإطار قال أبو حيان التوحيدي " فقد بدا لنا أن مركب اللفظ لا يحوز مبسوط العقل، والمعاني معقولة ولها اتصال شديد وبساطة تامة ، وليس في قوة اللفظ في أي لغة كان، ان يملك ذلك المبسوط ويحيط " وهذا دليل آخر على انفصال الألفاظ عن المعاني

النقد:

أذا كان الإنسان لا يستطيع ان يعبر عن كل المعاني التي تدور في ذهنه ، هل يعني هذا أننا نقر بوجود أفكار لا تحمل اسم معين يميزها عم باقي الأفكار، وإذا كان الأمر كذلك فكيف نميز بينها ؟  

2 ـ الفكر واللغة متصلان ( الاتجاه الأحادي )  

لا يمكن الفصل بين اللغة والفكر وان التفكير الخالص بدون لغة كالشعور الفارغ لا وجود له والفكرة تصاغ دائما في قالب لغوي .هذا هو موقف الاتجاه الأحادي ، يقول لافال : " ليست اللغة كما يعتقد البعض ثوب الفكرة ولكن جسمها الحقيقي " و يقول ميرلوبونتي : " الفكر يحتوي اللغة واللغة تحتوي الفكر " فلا انفصال بينهما ، ألا ترى أن الطفل يجهل ما يحيط به حتى يتعلم اللغة . ويقول هيجل: "اننا نفكر داخل الكلمات " ويمكن العثور على هذا الموقف عند المعتزلة في قولهم: "نحن لا ننكر الخواطر التي تطرأ على قلب الإنسان وربما نسميها أحاديث النفس إما مجازا وإما حقيقة . غير أنها تقديرات للعبارات التي في اللسان " ويقول إميل بنفنيست عن الدال والمدلول : " فكلاهما نقشا في ذهني وكل منهما يستحضر الآخر في كل الظروف ، ثمة بينهما اتحاد وثيق إلى درجة أن المفهوم مدلول هو بمثابة روح الصورة الصوتية (الدال) " إن الذهن عنده لا يحتوي على أشكال خاوية ، أي لا يحتوي على مفاهيم غير مسماة .

لهذا أكد فلاسفة اللغة على الطابع الأحادي الذي يشمل اللغة والفكر ، وان التفكير بدون لغة مستحيل . يقول الان : " الإنسان يفكر باللغة حتى لو كان صامتا " ويقول ميرلوبونتي " إنهما متداخلان ، اللغة علامة للتفكير مثل أن الدخان علامة للنار" ومنه الألفاظ هي الوجود الخارجي للمعاني . يقول وليام هاملتون : "إن المعاني شبيهة بشرر النار لا تومض إلا لتغيب ولا يمكن إظهارها وتبينها إلا بالألفاظ إن الألفاظ حصون للمعاني " أما دي سوسير فشبه العلاقة بين اللغة والفكر بورقة يكون الفكر وجهها الأول والصوت وجهها الثاني ، ولا يمكن بأي حال الفصل بين الوجهين .

النقد: والمناقشة

رغم قوة هذا الطرح الذي قدمه فلاسفة اللغة إلا أن مشكلة صعوبة التعبير عن أفكارنا تبقى مطروحة ولو أنهم يرجعون ذلك إلى عجز في اللغة .

نتيجة

الاتجاه الأحادي عندما ربط بين اللغة والفكر يكون قد أعاد الاعتبار للغة ليصبح حضورها شرط لحضور التفكير وقوته من قوتها ، أما لماذا نعجز أحيانا عن التعبير عن أفكارنا فلا يعني كما ذهب الاتجاه الثنائي أن الأفكار أوسع من الألفاظ بل الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تقصير من المتكلم الذي لم يكتسب ثروة لغوية كافية ليعبر بها عن أفكاره . أما الاتجاه الثنائي وعلى الرغم من الأدلة القوية التي استقاها من علم النفس، خاصة فيما يتعلق بتكوين المعاني عند الأطفال وصلة ذلك باللغة ، فانه لم يتمكن من تجاوز العجز عن التعبير ، ومنه يمكن القول ان اللغة والفكر يتبادلان التأثير والتأثر.

III ـ اللغة والتواصل

أولا ـ التواصل .

مفهوم التواصل

التواصل في اللغة مأخوذ من الصلة ، والتواصل اصطلاحا هو تبادل الحقائق والأفكار والمشاعر بين شخصين أو أكثر، بمختلف وسائل الاتصال. وهناك فارق بين الاتصال والتواصل ، فالاتصال هو إرسال من طرف إلى آخر دون تلقي أي رد ، والتواصل يعني الرد على المرسل و التفاعل مع المتصل .

شروط التواصل

ليتم التواصل لابد مما يلي .

1 ـ المرسل : الطرف المنتج للرسالة ( المتكلم ) .

2 ـ المتلقي : المرسل إليه .

3 ـ الرسالة : وهي الخطاب الموجه إلى المتلقي من المرسل .

4 ـ المرجع : الموضوع الذي تتمحور حوله الرسالة ( مضمون الرسالة ) .

5 ـ روابط الاتصال : او قنوات الاتصال مثالها اللغة قناة لمعاني النص .

6 ـ الشفرة :النظام الرمزي المشترك بين المرسل والمتلقي ، مثل الكلام أو إشارات.

ويستند التواصل حسب رومان جاكبسون إلى ستة عناصر أساسية وهي: المرسل ، والمرسل إليه ، والرسالة ، والقناة ، والمرجع ، واللغة. وللتوضيح أكثر يقول: يرسل المرسل ، رسالة إلى المرسل إليه ، حيث تتضمن هذه الرسالة موضوعا أو مرجعا معينا، وتكتب هذه الرسالة بلغة يفهمها كل من المرسل والمتلقي.

ولكل رسالة قناة حافظة كالظرف بالنسبة للرسالة الورقية، والأسلاك الموصلة بالنسبة للهاتف والكهرباء، والأنابيب بالنسبة للماء. فاللغة قناة ناقلة لمعاني النص الإبداعي. و يهدف التواصل عبر علاماته وإشاراته لتنبيه الآخر والتأثير عليه عن طريق إرسال رسالة وتبليغها إياه .

وظيفة اللغة

من التعريف المقدم للغة يتضح أن الوظيفة الأساسية للغة هي التواصل والتفاهم بين الأفراد داخل الجماعة الواحدة بالإضافة إلى وظائف أخرى .

1 ـ الوظيفة النفسية :

تتخذ اللغة وسيلة للبوح بما يختلج فينا من انفعالات وأحاسيس وعواطف فنُخرج ما يجول في عالمنا الداخلي إلى العالم الخارجي .

2 ـ الوظيفة الاجتماعية:

 بالإضافة إلى كون اللغة وسيلة للتفاهم ، فهي أيضا عامل وحدة وتماسك بين أفراد المجتمع ، هذا ما أكد عليه الفيلسوف الألماني فخته بعد إقراره بوظيفتها النفسية فقال : " إنها تجعل الأمة كلا متراصا " .

3 ـ الوظيفة الفكرية :

يقوم بها الإنسان بمختلف العمليات العقلية ، من إدراك وتخيل وتحليل وتركيب ومقارنة فاللغة ليست وسيلة للتعبير عن الأفكار فقط فهذا مفهوم فقير وكلاسيكي كما يقول اندري اومبرودان ، لأن استعمالاتها عنده تتراوح بين الاستعمالات الدنيا ويعني بذلك الاستعمال الانفعالي والاستعمال بقصد اللعب والاستعمال العملي . واستعمالات عليا ، وهي الاستعمال التصويري والاستعمال الجدلي .

ومنه يصح القول أن وظيفتها تختلف حسب مستعملها ، وخاصة من حيث تدرجه عبر مراحل النمو التي تتزامن مع تغير وظائف اللغة في شكل صراخ ومناغاة للتعبير عن إحساسه بالراحة أو القلق ، ليعبر عن هذا لا حقا بأصوات انفعالية وفي كلا الحالتين يستعمل أصوات طبيعية غريزية ، ولن يمر وقت حتى يستبدلها بلغة اصطلاحية يتعلمها من المجتمع.

4 ـ الوظيفة النفعية :

 اللغة تسمح للإنسان بإشباع حاجاته سواء البيولوجية الغريزية، أو النفسية الانفعالية ، فالفرد اذا شعر بالجوع أو العطش يطلب ما يدفع عنه ذلك من الغير عن طريق اللغة ، و بها يعلن عن حاجته للراحة أو الترفيه عن النفس .

5 ـ الوظيفة الشخصية :

 اللغة وسيلة يعبر بها الشخص عن ذاته وهذا ما يسمح للغير بمعرفته والتعرف على اهتماماته وتطلعاته ، فيكوّنون فكرة عنه ، ليس هذا فحسب بل بها يثبت الشخص ذاته. وهذا ما نجده عند كبار الأدباء والمفكرين .

6 ـ الوظيفة التفاعلية :

اللغة تستخدم للتفاعل مع الآخرين في المحيط الاجتماعي، وتبادل الآراء والأفكار والمشاركة في الأفراح والأحزان .

7 ـ الوظيفة الاستكشافية :

اللغة وسيلة الإنسان للتعرف على محيطه طبيعياً كان أم اجتماعياً ، حيث أنّه يسأل عن أسماء الأشياء ومكوناتها ووظائفها وكيفية استخدامها ، وعن الظواهر الطبيعية وأسباب حدوثها والقوانين المتحكمة فيها .

8 ـ الوظيفة التنظيمية :

اللغة تنظم سلوك واستجابات الآخرين من خلال الأوامر والنواهي التي نصدرها للطفل أثناء التربية توجّه سلوكه وتنظمه ، ولعلّ اللافتات وإشارات المرور خير ما يثبت ذلك ، حيث أنّها إشارات اصطلاحية وضعها الإنسان لينظم السير من خلال الأوامر والنواهي التي تحملها .

9 ـ الوظيفة التخيلية :

اللغة نسق من الرموز يجرد الواقع المادي في كلمات تغنيه عن إحضارها ، وليس هذا فحسب بل تعطي الفرد القدرة على الانفلات من الواقع والهروب من ضغط الحياة اليومية من خلال ما يتخيله في القصص أو الأشعار أو أحلام اليقظة .

10 ـ الوظيفة الرمزية :

وخير مثال على ذلك الرياضيات التي تتعامل بكائنات عقلية مجردة يتم إدراكها من خلال رموز يضعها الإنسان ، بل أن علماء الطبيعية يجرّدون الظواهر المادية المحسوسة من حركة ، وحرارة ، وضوء ، وتفاعلات كيميائية ، ومعادلات ؛ ويتعاملون بها أثناء البحث والدراسة

خاتمة : حل المشكلة:

الحديث عن اللغة هو حديث عن الإنسان لأنها الخاصية الأساسية التي تميزه عن الحيوان ، ويبقى التواصل بأوسع معانيه هو الهدف من وجودها ، فضلا عن الوظائف الأخرى ، بالإضافة إلى دورها في المحافظة على تراث الإنسانية الثقافي والحضاري.

اسئلة متعلقة

...