فلسفة نيتشه باختصار، جماليات التفكير الناقد عند فريدريك نيتشه
. فلسفة نيتشه باختصار
. أقوال نيتشه الفلسفية
. مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ فلسفة نيتشه باختصار، جماليات التفكير الناقد عند فريدريك نيتشه أقوال نيتشه حول السؤال والفكر
الإجابة هي
جماليات التفكير الناقد عند فريدريك نيتشه
ربما كانت اللحظة الأهم في الفلسفة هي لحظة الدهشة التي تعترى الذات أمام موضوع ما أو فكرة أو إشكالية. وعندما تثار الدهشة تتنقل الذات من أفق العادي والمألوف إلى أفق التفكير والتحليل والتأمل والسؤال. وهذا ما يلمسه القارئ لكتابات نيتشه؛ دهشة الفيلسوف أمام العالم ووقائعه وتاريخه.
ونيتشه عبر كتاباته نجده يبجل التفكير ويصفه بالنشوة العارمة التي من خلالها يستيقظ الذهن الإنساني ليتمكن من السؤال والدهشة ومن ثم الإبداع. يقول عبد الغفار مكاوي «لاشك عندي من أن نيتشه مفكر وجد في التفكير وحده كل نشوته وعذابه، وبهجته وألمه، بل ان التفكير المجرد ليبلغ عنده تلك القمة التي يصبح فيها فكرًا غنيًا بالصور الحية التي تليق بفيلسوف الحياة».
ويكفى أن نطلع على فقرة واحدة مما كتب . وأن نتذكر العبارة التي قالها في كتابه الأكبر «إرادة القوة» الذي لم يقدر له أن يتمه وجمع ونشر بعد موته : «إن الفكر هو أقوى شئ نجده في كل مستويات الحياة»، والعبارة التي صرح بها في إحدى كتاباته المتأخرة : «إن التفكير المجرد لدى الكثيرين عناء وشقاء، أما عندي فهو في الأيام المواتية عيد ونشوة» وأخيرًا هذه العبارة التي دونها في أوراقه التي عثر عليها بعد موته وكأنه كان يتنبأ بالغيب ويرد على الأجيال التي شعر أنها لن تفهمه ولن تنصفه : « «إرادة القوة» .. كتاب هدفه التفكير، ولا شئ غير التفكير».(1)
ويمكن القول إن هناك سمة تميز بها نيتشه .. إنها القدرة على السؤال، ولأنه قادر على السؤال فمعنى ذلك لديه قدرة عالية على الدهشة؛ فالدهشة تعنى زلزلة لكل ما هو قائم وما هو معتاد وما هو راسخ، والدهشة بداية المعرفة وبداية الهدم وبداية البناء أيضًا .
يقول «لم يحدث إطلاقًا أن توقفت عند الأسئلة التي ليست أسئلة حقا، ولم يحدث إطلاقًا أنني استنفدت قواي . فعلى سبيل المثال ليست لدى خبرة بالمشكلات الدينية الحقيقية، وأنا لست على ألفة بالشعور «بالخطيئة» وبالمثل ينقصني معيار صادق لتحديد وخز الضمير. ومما يسمعه الإنسان فإن وخز الضمير لا يلوح لي شيئًا جديرًا بالتبجيل. أنا أكره أن أترك فعلا من أفعالي يتسكّع، إنني أحب أن أقتلع كلية النتيجة السيئة، النتائج، من أية مشكلة تتضمن القيم. في وجه النتائج الشريرة من السهل للغاية أن أفقد الوجهة الحقة التي أنظر منها إلى الحدث. إن وخز الضمير يبدو لي نوعًا من «العين الشريرة»(4).
اتسمت أعمال نيتشه المبكرة بخاصية رفض ما هو عقلي -المنظور التعليمي لما بعد الفلسفة السقراطية – لصالح الانفعال الحدسي اللبيدى للفن الديونسيوسي، وهي نظرة جمالية عن الوضع البشرى تؤكد الحياة، غير أنه مع نشر كتابه «إنساني مفرد في إنسانيته» عام 1878 فإننا نرى جانبًا نقديًا منفصلًا أكثر من فكر نيتشه.
وها هنا يظهر السؤال : ما التاريخ ؟ فقد طرح في تحليل زمني، منعكسًا على نجاح العسكرية البروسية في أوربا عام 1870.
في عام 1870 خدم نيتشه فترة قصيرة في الحرب الفرنسية – البروسية بوصفه متطوعًا كمساعد ممرض، لكنه أصيب بمرض الدسنطاريا والدفتريا مما تطلب فترة نقاهة طويلة. ولقد رفض رفضًا تامًا الحماس البطولي «للرايخ الثاني» البروسي، واعتباره انتصارًا للمثل العليا للثقافة الألمانية في هذه الحرب .
«ليس لنا نحن المحدثين ثقافة نقول عنها إنها ثقافتنا؛ فنحن نملأ أنفسنا بعادات وفلسفات أجنبية، وكذلك بديانات وعلوم بحيث نصبح موسوعات جوالة» (استخدام التاريخ وإساءة استخدامه) والمهم هو تمثل الماضي، واستخدامه في صنع حياتنا وثقافتنا. إن التاريخ عبء ميت ثقيل على الحاضر.
ما التربية؟ تقدم لنا التربية قدرًا كبيرًا من المعلومات عن الثقافة، وتكون نتيجتها ما يسمى بالشخص المتعلم الذي يمتلك قدرًا وفيرًا من التاريخ، لكنه لا يستطيع أن يعيش حياة أصيلة من صنعه هو. وتصر التربية على تفصيلات دقيقة، وعلى موضوعية مستقلة، لا تصلح إلا لإضفاء الشلل على المشروع الفردي للتحقق الذاتي والفعل في العالم. يستطيع الإنسان أن يربى تربية جيدة بلا تاريخ على الإطلاق.
ما الثقافة؟ إذا كانت الثقافة هي هدفنا الأقصى، فربما تساءلنا : وماذا عن النظريات الميتافيزيقية التي تتأمل في طبيعة الحقيقة الواقعية مستخدمة العقل وحده؟! «صحيح أنه يمكن أن يكون هناك عالم ميتافيزيقي: فالإمكان المطلق لوجوده يصعب المجادلة فيه. إننا نرى كل شئ في الرأس البشرى وليس في استطاعتنا قطع تلك الرأس، بينما يظل السؤال رغم ذلك قائمًا، ماهو العالم الذي يمكن أن يظل هناك لو أننا قطعنا الرأس؟».
النظريات التي تحاول الإجابة عن هذا السؤال تقع ببساطة خارج مجال البحث البشري، ولقد كان لهذا السؤال دائما من الناحية التاريخية جاذبية خاصة لدى الفلاسفة، لكن ما الذي يمكن أن نربحه إذا قبلنا وجودًا بعد ميتافيزيقي؟(5).
«لِمَ» كان نيتشه فيلسوفًا لا عقليًا، فرديًا ؟ والحق أن الحملة على العقل كانت في وقت ما مظهرًا من مظاهر التحرر الفكري؛ بل من مظاهر تكريس الفكر من أجل التقدم بالإنسانية. ذلك لأن العقل كان في ذلك الحين مبدأ مضادًا للحياة، يحمل على الطبيعة الإنسانية، ويحارب الواقع ويدعو إلى الهروب منه. كان ذلك في الوقت الذي ظُن فيه أن للعقل مبادئه الثابتة التي ينبغي أن يخضع لها الواقع؛ بحيث إنه لو ظهر بينهما تعارض كانت مبادئ العقل هي الصحيحة دائمًا، وكان علينا أن نفسر الواقع تبعا لما تقتضى به هذه المبادئ.
تلك الفترة الكلاسيكية، كان يُنظر إلى العقل إذن على أنه ملكة رفيعة ذات محتوى فطرى، مصدره إلهي مباشر؛ فهو ليس قوة تيسر للمرء سبيل السلوك في هذه الحياة، بل هو قوة تعلو على هذه الحياة وتترفع عنها وترسم لها خطتها مقدمًا. وهكذا أدرك المفكرون الأحرار، في وقت من الأوقات، إنّ العقل قوة مضادة للطبيعة، تعوق الإنسان عن ممارسة ملكاته وإطلاق قواه في هذا العالم، وتربطه بعالم آخر فيه من الجمود، والأزلية، والثبات، مالا تطيقه طبيعة البشر، ولا يعرفه الواقع الإنساني، ومن هنا كانت حملتهم على العقل، ودعوتهم إلى اللامعقول(6).
من هذا المنطلق بدأ نيتشه توجيه النقد للواقع الحضاري في أوروبا لأنه مشوه ويعمل ضد الإنسان الحقيقي أو الإنسان الطبيعي، وإنما هي تعمل على صنع إنسان مسستم مؤدلج مسيطر عليه.
لابد من التمييز بين «عمال الفلسفة» و«العلماء»من جهة، و«الفلاسفة» من جهة أخرى: عمال الفلسفة حسب نيتشه لم تكن لديهم من مهام سوى الوعظ الأخلاقي، وهم من النوع «النبيل» الذي يمثله كانط وهيجل، مهمتهم تمثلت في صياغة كتلة كبيرة من أحكام القيمة؛ أي تثبيتات قديمة للقيم التي باتت سائدة واعتبرت حقائق في المنطق، أو في الأخلاق، أو في السياسة، أو في علم الجمال، لقد مدّنا عمال الفلسفة بملخص للزمن والتاريخ وانتصروا بذلك على الماضي فحققوا الرضا والكبرياء، لكن في الواقع وضمن هذا المنظور النيتشوي لم يفعل عمال الفلاسفة سوى إنتاج أوهام على أنها حقائق ثابتة. إن العودة الفيلولوجية لحضارة هي الأقدم من نوعها جسدت أصالة الفيلسوف والوحدة بين الفكر والحياة مكّنت من تشخيص أمراض الحضارة الآثمة، والتي جعلت من المفكرين عمالًا للفلسفة لا مشرعين لقيم جديدة. إن المرض الكبير الذي يعاني منه تاريخ الفلسفة هو مخلفات الأخلاق والديالكتيك الذي يعبّر عن حياة منقوصة وعن فكر مشوّه، فإن فيلسوف المستقبل – الطبيب – سيشخص باستمرار مرض واحد في علامات مرضية مختلفة؛ فيمكن للقيم أن تتغير؛ فيحل التقدم والسعادة والمنفعة محل الحقيقة أو الخير أو الإلهي.
هل حضارتنا قادرة على أن تنجب فلاسفة يشرعون تكون المعرفة بالنسبة إليهم خلق وعملهم تشريع وإرادة الحقيقة لديهم إرادة قوة ؟ (7).
ونسأل اخيرًا : ما هى هذه الزلزلة؟ وما هو هذا الفجر الجديد؟ ليس من السهل أن نحدد ما يقصده نيتشه بهاتين الكلمتين او بغيرهما من كلماته ومصطلحاته الغنية بالإيحاءات والاشعاعات، ولكن ليس من الصعب كذلك أن نرى أن نيتشه يمثل «صدعًا فى تاريخ البشرية» (والتعبير لفيلسوف الحياة لودفيج كلاجيس)، ولقد أكد تأكيدًا لا مزيد عليه أنه «آخر العدميين»، وأن رسالته هى الكشف عن تصدع عصره «البرجوازي» وانهياره على رؤوس رجاله الجوف، وتعرية وعيه الكاذب بأسره، وتغيير ألواح قيمه التي فقدت قيمتها بعد أن تداعى عامود النظام الميتافيزيقي الذي كان يستند عليه. ولكن من الذي سيطلع هذا الفجر الجديد؟ من الذى سيحول القيم من اللوجس (المنطق والجدل العقلي) إلى البيوس (الحياة وإرادة المزيد من الحياة)؟ واخيرًا من الذى سيبدع هذا العالم الجديد؟ إنه جيل المبدعين من أفراد الإنسان الأعلى (8).
تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي جماليات التفكير الناقد عند فريدريك نيتشه