دليل السببية و كيف يستدل به على الخالق مفهوم السببية، متى تنهدم السببية
أدلة على وجود الله عند الفلاسفة
نرحب بكم زوارنا الاعزاء على موقع النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل المعلومات والحلول الثقافية عن اسالتكم التي تقدمونها ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول...........................ما هو دليل السببية و كيف يستدل به على الخالق مفهوم السببية، متى تنهدم السببية
وتكون اجابتة الصحية هي الأتي
دليل السببية و كيف يستدل به علي الخالق
السببية هي أحد أهم مظاهر فقر كل شيء وعجزه وغنى الله عز و جل فهي تجسد معنى قيومية الله وغناه عن كل شيء من جانب، ومن جانب آخر تجسد فقر وحاجة كل المخلوقات وأنها مقهورة مربوبة مهما كان حالها. ومعنى السببية هو أن لكل شيء في هذا الوجود خصائص وحدوداً يعجز عن تجاوزها، فخصائصه الذاتية يفقدها إذا فقد أسباب وجودها. والخصائص التي عجز عن الاتصاف بها هي الخصائص التي لم يُحصّل أسبابها، فهو في الحالتين مُعلنٌ عن فقره وحاجته للأسباب سواء أسباب الخصائص التي اتصف بها أم التي لم يتصف بها. بخلاف القيوم القائم بنفسه الغني عن كل سبب الذي لا تزول صفاته ولا تتبدل ولا تتغير، لأن وجودها ليس قائماً على أسباب تفتقر إليها فيكون وجودها أو زوالها مرهوناً بوجود علة وجودها. وهذا الغنى التام هو الكمال المطلق، وهو الفرق بين القيوم سبحانه و تعالي وبين ما سواه، ولذلك كانت هذه الصفة عَـلماً على الله واسماً من أسمائه . فإذا تفكرت في أن الله وحده هو القيوم سهُل عليك أن تعلم أن كل ما سواه لا بد وأن يكون محتاجاً مفتقراً لغيره. فهذا الذي تعارفنا عليه بالسببية ما هو إلا انعكاس لشيئين:
الأول: أن لكل شيء في هذا الكون حدوداً وخصائص وصفات لو زالت أسباب وجودها لزالت، ولو فقد الشيء كل الأسباب التي تقيمه لتلاشى ولكان عدماً، فهو ناقص مفتقر دائماً إلى أسباب وجوده.
الثاني: أن أي شيء في هذا الكون فقد السبب فلن تحصل له النتيجة، فكل شيء عاجز عن تحصيل ما لا يملك أسبابه، وبالتالي فهو عاجز عن تجاوز قدره.
السببية إذاً تعني العجز والنقص والفقر وتدل على القيوم الواحد القهار. ولو أردنا أن نبحث عن معنى مرادفٍ لمفهوم السببية لكان القانون الحاكم الذي فرضه الله على كل شيء، وهذا هو ما نسميه اليوم بالقوانين الفيزيائية، فهذه القوانين عبارة عن شروط معينة تحكم الظواهر الفيزيائية، فلا يمكن أن توجد الظاهرة Phenomenon إلا إذا وجدت قبل ذلك الشروط Conditions وإذا زالت الشروط تلاشت الظاهرة الفيزيائية.
ولذلك كان خضوع الأشياء للقوانين الفيزيائية وتغيرها وفقاً لتلك القوانين دليلاً على حدوثها. لأن التغير ينافي القيام بالنفس إذ إن التغير هو فقد الصفة لفقد سبب قيامها ولو عاد السبب لعادت الصفة، والقيام بالنفس هو قيام الصفات بدون حاجة إلى أي سبب يقيمها، وكذلك التغير وفقاً للقوانين ينافي الأزلية لأن الأزلي هو الذي «ليس قبله شيء» ومَن كان ليس قبله شيء فهو قائم بنفسه مُستغنٍ عن كل سبب وعن كل شيء في قيامه؛ بخلاف الحادث المحتاج في وجوده إلى أسباب تسبقه، والذي يتغير وجوده بتغير تلك الأسباب وجوداً وعدماً، فمثل هذا الشيء قد سبق وجوده أسباب قيامه ولا بد، فيجب أن يكون «قبله شيء»، فهو إذاً حادث وليس أزليّاً ويكون الدليل على حدوثه هو خضوعه للأسباب أو للقوانين الفيزيائية وتغيره وفقاً لحكمها.
وهذا الضابط الذي أشرت إليه آنفاً كضابط لإثبات حدوث الأشياء هو نفسه ما كان يسميه شيخ الإسلام ابن تيمية بالأسلوب القرآني في إثبات الحدوث. وضرب له أمثلة من آيات الله في التحول من جنس لآخر وفقاً للأسباب كخروج الحي من الميت والميت من الحي وما إلى ذلك. فالآن يمكن تسميته بالقوانين الفيزيائية الحاكم والتي ما هي إلا بيان لتغير الأشياء والظواهر بتغير أسباب وشروط معينة، وما من شيء في هذا الكون إلا وهو محكوم بالقوانين مما يجعلنا نعلم افتقار كل شيء وحدوث هذا الكون بما فيه.
يقول ابن تيمية: «من المعلوم أن بعض أجزاء العالم يشاهد عدمه بعد الوجود ووجوده بعد العدم، كصور الحيوان والنبات والمعدن وأنواع من الأعراض، وهذا معلوم بالحس أنه ليس واجب الوجود بل هو ممكن الوجود لقبوله العدم».
ويقول رحمه الله : «الموجودات إما أن تكون كلها حادثة أو كلها قديمة أو منها الحادث والقديم، فالأول ممتنع لأن الحوادث تفتقر لمَن يُحدثها، ومُحدِث الموجودات لا يكون معدوماً وهذا معلوم بالضرورة، والثاني ممتنع أيضاً لأنه خلاف المشاهد والضرورة الحسية، فلو كانت الموجودات كلها قديمة لما طرأ عليها التغير أو الفناء، فثبت إذاً أن الموجودات تنقسم لقديم ومُحدَث، ولا بد للمحدَث من مُحدِث قديم»
ويقول أيضاً: «فالاستدلال على الخالق بخلق الإنسان في غاية الحسن والاستقامة، وهي طريقة عقليّة صحيحة. وهي شرعيّة؛ دلّ القرآن عليها، وهدى النّاس إليها، وبيّنها وأرشد إليها. وهي عقليّة؛ فإنّ نفس كون الإنسان حادثاً بعد أن لم يكن، ومولوداً ومخلوقاً من نطفة، ثمّ من علقة، هذا لم يُعلم بمجرّد خبر الرسول، بل هذا يعلمه النّاس كلهم بعقولهم؛ سواء أخبر به الرسول، أولم يُخبر. لكنّ الرسول أمر أن يُستدلّ به، ودلّ به، وبيّنه، واحتجّ به؛ فهو دليل شرعيّ؛ لأنّ الشارع استدلّ به، وأمر أن يُستدلّ به؛ وهو عقليّ؛ لأنّه بالعقل تُعلم صحته. وكثيرٌ من المتنازعين في المعرفة هل تحصل بالشرع أو بالعقل لا يسلكونه. وهو عقليّ شرعيّ، وكذلك غيره من الأدلة التي في القرآن؛ مثل الاستدلال بالسحاب والمطر؛ فإنه مذكور في القرآن في غير موضع، وهو عقليّ شرعيّ؛ كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّاْ نَسُوْقُ الْمَاْءَ إِلَىْ الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعَاً تأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَاْمُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُوْنَ}؛ فهذا مرئيّ بالعيون. وقال تعالى: {سَنُرِيْهِمْ آيَاْتِنَاْ فِيْ الآفَاْقِ وَفِيْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّىْ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}، ثمّ قال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيْدٌ}. فالآيات التي يُريها الناس، حتى يعلموا أنّ القرآن حق، هي آيات عقليّة؛ يستدلّ بها العقل على أنّ القرآن حقّ، وهي شرعيّة؛ دلّ الشرع عليها، وأمر بها. والقرآن مملوء من ذكر الآيات العقليّة التي يستدلّ بها العقل، وهي شرعيّة؛ لأنّ الشرع دلّ عليها، وأرشد إليها».
تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي
متى تنهدم السببية