في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

خطبة الجمعة بعنوان: 

العلاقة بين الإخوة والأخوات 

  وَقَائِعُ مُخزِيَة ونماذِجُ مُشرِقَة"

خطبة الجمعة عن الإخوة في الإسلام 

ملتقى الخطباء 

خطبة الجمعة بعنوان: العلاقة بين الإخوة والأخوات وَقَائِعُ مُخزِيَة ونماذِجُ مُشرِقَة"

الحمد لله الوليّ الحميد، الفعّال لما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة صدق نرجو بها النّجاة من يوم الوعيد، وأشهد أنّ سيّدنا مُحمّدا عبده ورسوله، صاحب الخلق الرّشيد والنّهج السّديد، صلّى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليما كثيرا.

أَمَّا بَعْدُ -عباد الله-: اتّقوا الله فإنّ تقوى الله خيرُ زاد، وأفضلُ وسيلةٍ إلى إرضاءِ ربّ العباد، ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)).

أيُّها المُباركون: إنَّ قضيّةَ علاقةِ الإخوة والأخوات في البيْت الواحد هي قضيّةٌ في غاية الأهميَّة، خصوصا مع ما نحنُ فيه مِن غَمرَةِ التَّكالُب على المادّيّات، والتّحاسد، والتّباغض، وكلّ أنواع المُنكرات الموجودة في هذا الزَّمان، والتي أفسدت كثيرا من العلاقات الأخويَّة.

ولأنّ ديننا أمَرَ بتَمْتِين الصّلات بين الإخوة والأخوات، فقال ربُّنا لنا: ((واتّقوا الله الذي تسَّاءلون به والأرحام))، ونهانا عن قطيعة هذه العلاقة أو الإساءة إليها، فقال: ((فهل عسيتم إن تولَّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم))، ورتّب على ذلك العقوبة الشّديدة فقال بعدها: ((أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم)). وقال في الحديث القُدُسيّ: "أنا الرّحمن، وهذه الرّحم، شققت لها اسما من اسمي، فمَن وَصَلَها وَصَلتُهُ، وَمَن قطَعَها بتَتُّه" أي: قطعتُه.

ولأنَّ قطيعة هذه العلاقة هيَ مِن أعظمِ أسبابِ تفكُّكِ المُجتمعات، لأنّ فيها نقضًا لعهد ربّ البريّات، قال سبحانه: ((والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقِهِ ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل)).

ولأنَّ حالَ كثيرٍ مِن الإخوةِ والأخواتِ يصدُقُ فيهم قولُ القائل:

وإخوانا حَسِبْتُهُمُ دروعا ** فكانوها، ولكن للأعادي

وخِلتُهُمُ سِهامًا صائِبَاتٍ ** فكانوها، ولكِن في فُؤادي

وقالوا: "قد صَفَتْ مِنَّا قلوبٌ" ** لقَد صَدَقُوا، ولَكِن مِن وِدَادِ

وقالوا: "قد سعينا كلّ سعي" ** فقلت: "نعم، ولكن في فساد"

ولأنّ الموضوع يكتسي كلّ هذه الأهمّيّة، وَجَبَ عليْنا إعادةُ الحديثِ فيهِ لعلّها تنتفعُ بذلك القلُوبُ الحَيَّة.

عباد الله: لمّا علِمَ ربَّنا خطورة الخلافِ والعداوةِ بيْنَ الإخوة، قصّ علينا نبأً عظيمًا وخبرًا أليمًا لعلَّهُ يكونُ لنا تذكرةً وعبرة، فحدّثنا عن الجريمة الأولى التي ارتُكبت على وجْهِ الأرض، حين قتل الأخُ أخاه: ((واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق))، قصّ علينا قصّة ذلك الأخ اللّئيم الذي قال لأخيه: ((لأقتُلنّك))، ووثّق لنا قول الأخ الكريم وهو يقول: ((لئن بسطت إليَّ يدكَ لتقتلني ما أنا بباسطٍ يديَ إليك لأقتلك إنّي أخاف الله ربّ العالمين))، وكأنّ خِتامَ هذه الآية يقولُ لكلّ أخٍ كريمٍ: "خف ربّك في أخيك، وراقب مولاك في ابن أمّك وأبيك". بل جاء في الأثر أنّ نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنّ ابني آدم عليه السلام ضربا مثلا لهذه الأمّة، فخذوا بالخير منهما".

أيّها المُباركون: والله إنّ البيوت لا زالت تئنّ من أفعال كثير من الإخوة مع إخوانهم وأخواتهم، وَيْكأنّهُ داءٌ عُظالٌ لم تعُـدْ تنفَعُ معَهُ الزَّواجِرُ القُرآنيّة ولا التّحذيرات النّبويّة. فما زال فينا الأخُ الذي يُوقِفُ أخاهُ في المَحكَمَةِ لأجلِ عرَضٍ مِنَ الدُّنيا قليل!، وما زال فينا الأخُ الذي يُخاصِمُ إخوتهُ ويُنغّصُ عليهم اجتماعهم بسببِ عراكٍ بين الصّغارِ، أو بسبَبِ سماعِهِ لزوجَتِهِ وكلامِهَا فيهم وتفتينها بينهُم!، مازال فينا الأخُ الذي يُماطل في قسمَةِ الإرثِ الذي حكم بقسمته ربّنا من فوق سبع سماوات، ويجعلُ الحديثَ في قِسمَتِهِ بما يرضي الله سببا لنشوب الخلافات وإضمار العداوات، بل إنّ مِنَ الإخوة مَنْ يُقاطع أخوته لتلكم الأسباب وغيرها بالأشهر والسّنوات!. وما خفي أعظم.

أإلى هذا الحدّ استحْكَم حبّ الدّنيا في النّفُوس؟!، أإلى هذا الحدّ صِرنا ننتصر إلى حظّ النّفس ولو على حساب تهديمِ صِلَةِ الأخُوّة؟!، ولو على حسابِ تعريضِ هذه النّفسِ لغضَبِ المَوْلى -جلّ جلالُه-؟!.

فيا مَن تهجُـرُ أختك وأخاك: اتّق الله، ولا تُقَدّمْ على إخوَتِكَ زوجةً ولا ابنًا ولا مالًا. إذا كنت ترفع صوتك أو يدك على أخيك وأختك وتهجرهما من أجل زوجةٍ، أو من أجل ابن، أو من أجل مال، فاعلم أن الله يُحذّرك ويقول لك ولأمثالك: ((يا أيّها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوٌّ لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم * فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)). 

ورَحِم اللهُ زوجةً أمَرَت زوجها بصِلَةِ أخوته وأخواته، ورحم الله زوجا أعان زوجته على برّ إخوتها وأخواتها، ورحم الله من عصى الشّيطان وهواه، ووصل أخته وأخاه.

وختاما عباد الله: اعلموا أن لقاءكم بإخوانكم جلاء لأحزانكم، فأديموا صلتهم، بل اجعلوا صِلَتَهُم عِبادَةً كيْ تُؤجَرُوا وتُثابوا عليها، فاستُروا عَورَاتِهِم، واغفروا زلّاتِهِم، "فما ازداد عبد بعفو إلا عزا"، وما ازداد واصل لرَحِمِهِ إلّا بركةً في أهْلِهِ ومالِهِ وعُمُرِه.

نسألُهُ -سبحانه- أن يرحمنا جميعا، وأن يُصلح أحوالنا، ويغفر تقصيرنا مع إخواننا، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

أقول ما سمعتم..

             **//**

الحمد لله.. 

وبعدُ -عبادَ الله-: تُحدّثُنا كتُبُ السّيَر، بأنّهُ كان في مصر توْأمان، لم يكن يُفرَّقُ بينهُمَا لشدّة الشَّبَهِ، فوَجَبَ على أحَـدِهِما ديْنٌ فحَبَسَهُ القاضي، وكانَ أخوهُ التّوأم يجيءُ إليهِ زائرًا، فإذا به يجلسُ في الحبس بَدَلَهُ، ويخرُجُ أخوه الأوَّل، فلمَّا اشتَهَرَ ذلك وبلَغَ القاضي، أحضرَهُمَا فقالَ لهُمَا: "أيُّكُمَا المَحْـبوس؟!"، فكلاهما قال: "أنا"، كلّ أخٍ كان يؤثر السجن مكان أخيه الآخر، فأطلقهما القاضي، ثمَّ طلبَ الغريبَ، ودفَعَ لَهُ الدَّيْنَ الذي لَهُ فِرَارًا مِن الشُّبهَةِ والغلَطِ في الحُكم أوّلًا، وعرفانًا بصِدقِ أخوَّتِهِما ومحَبَّتِهِما لبعضِهِمَا ثانيًا.

عباد الله: من كان له أخٌ فليُكْرِمْهُ حتَّى وإن أساء إليه، ومن كانت له أختٌ فليُكرِمْها، إذا جاءَهَا خاطِبٌ كُفؤٌ زوّجَها، وإذا تزوّجَت فليُحسِنْ مُعامَلَةَ زوْجِهَا كيْ يُحْسِنَ زوْجُها إليْها، وإذا طُلّقَتْ -لا قدَّرَ ﷲُ- فلْيُواسِهَا، وإن تَرَكَ أبُوهُ مِيراثًا فليُعطِها مِن حَقّها كامِلًا غيْرَ منقوص.

ثمّ أقولُ للإخوَة: لا تُؤخّروا تقسيمَ التّرِكَة كما يفعلُ النّاسُ اليوم، لأنّ تاخيرَهُ يؤدّي إلى الخلاف والقطيعة. واعلم -أيُّها المُسلم- أنَّ ما ترَكَهُ أبوكَ ليْس لكَ وحدَك، فالزم توجِيهَ ربّك وهديَ رسولِك، وأحِبَّ لأخيكَ ما تُحبُّ لنفسِك، فإنّه "لا يؤمن أحدُكُم حتّى يُحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه".

وختاما أقول للآباء، أقولُ لكلّ مَن يملِكُ صغارا في بيته: على كلّ أب وأمّ أن يُعلّموا الأخَ مُنذُ الصّغر كيف يُحبُّ أخاه، وكيف يعطفُ عليه، وكيف يساعدُه ويقفُ بجانبه وقتَ الشدّة، فكلّ هذه الأمور تُعلّم وتُغرَسُ في عقولهم وقلوبهم منذ الصّغر. كما أنّ عليهم أن يحرصوا على العدل فيما بينهم حتّى تُثمِرَ هذه المَحَبَّة، فكَمْ وجَدنَا مَن يقول: "أمّي تحبُّ أخي أكثرَ مِنّي"، و"أبي يصحبُ أخي معهُ دومًا ولا يصحبُني"، يقولُ بلسان حاله كما قال الشّاعر:

وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعَى لهَا ** واذا يُحَاسُ الحَيْسُ يُدعى جندُبُ

هذا -لعَمْرُكُم- الصّغارُ بعيْنِهِ ** لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أبُ

بسبَبِ هذه المُمارسات تنشَأُ العداواتُ والأحقادُ والقطيعةُ والعقوقُ مُستقبَلًا، لذا قال نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- لنا ناصحا: "فاتّقوا االله واعدلوا بين أولادكم" [مسلم].

اللهم اجعلنا من عبادك المُتّقين، واكتبنا في زمرة أوليائك وعبادِكَ الصّالحين، اللهم اجعل لنا ولكل المسلمين من كلّ ضيق مخرجا، ومن كلّ همّ فرجا، ومن كلّ بلاء عافية يا ربّ العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــ

كتبه: محضي عبد المالك

 : مسجد الشّيخ العدواني بالزڨم، الوادي، الجزائر 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
خطبة عن الأخوات

خطبة الاخ

خطاب عن الأخوة

خطبة عن القطيعة بين الإخوة

خطبة عن الأخوة في النسب

خطبة سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ

خطبة إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

درس عن الأخوة

نعمة الأخوة

خطبة عن موت الأخ

دروس عن الأخوة في الله

خطبة عن حب الأخوات

قصص عن الأخوة في الإسلام

مكانة الأخ في الإسلام
بواسطة
نعم الخطبة حفظكم الله

اسئلة متعلقة

...