بهلول المجنون واعظ هارون الرشيد بين الحقيقة والخيال تعريف شخصية بهلول الحقيقية
. من هو بهلول المجنون والمرشد الإسلامي
. نسعد بزيارتكم متابعينا في موقعنا النورس العربي نرحب بكل زوارنا الأعزاء الباحثين عن المعلومات الثقافية والأحداث التاريخية للدول العربية الإسلامية ويسعدنا أن نقد لكم معلومات وحلول تبحثون عنها في مجال التاريخ الإسلامي ونسعد أن نقدم لكم الكثيرمن المعلومات العامة في شتى المجالات ولكم الأن المعلومات والحلول الذي تبحثون عنها كالتالي.... من هو بهلول المجنون واعظ هارون الرشيد بين الحقيقة والخيال تعريف شخصية بهلول الحقيقية
الإجابة هي
"بهلول المجنون": واعظ هارون الرشيد.. بين الحقيقة والخيال ؟؟!!
.
* تعتبر شخصية بهلول من الشخصيات التراثية المثيرة للجدل؛ مثلها مثل أشعب وجحا وهبنقة وغيرهم، حيث اشتهر بالفكاهة والطرافة الممزوجة بالحكمة والموعظة، في الوقت الذي قيل إنه مجنون، أو أن نوبات من الجنون تصيبه في بعض الأحيان. وعلى مرّ العصور فقد تطورت هذه الشخصية التي عاصرت هارون الرشيد، وزِيد عليها الكثير من القصص، بحيث أصبحت أسطورة تنسج حولها الحكايات ذات طابع المزاح والسخرية.
* هل هو حقا مجنون ؟! : يروى أن اسمه أبو وهب؛ بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي، وقد وُلد بالكوفة في العراق وتوفي عام 197 هجرية الموافق 810م، وتكاد تكون صورته قد طغت على بغداد في عصره بوصفه من مشاهير مجانين المدينة !!!. لكن شهرته الأساسية جاءت في علاقته مع الخليفة العباسي هارون الرشيد، حيث يُروى أنه التقاه، وصار من المقربين إليه، حيث يقوم بدور المهرج مع الرشيد؛ يحكي له الطرائف والملح ويسليه.
لكنه وكما قيل عنه كان لا يأخذ أي هدايا أو منح من الرشيد، فقد كان يكتفي بدوره فقط، في أن يكون قريبًا منه.
* وفي بعض الروايات ثمة زعم بأنه من أقارب الرشيد، بل أنه ابن عم له، لكن لأنه فقد عقله أو أصابه شيء من الخبل؛ فقد ابتعد عن دوره الذي كان يمكن أن يكون رفيعًا في البلاط. والبعض يزعم أن جنونه كان نوعًا من الادعاء الذي كان يداري به تخوف آل الرشيد منه أو تخوفه منهم !! بحيث أن ذكاءه وحنكته كانتا سببًا يدعو للمخافة منه؛ إذ كان موهوبًا في الحنكة.
وقيل أيضا أن الخليفة رأى علمه فكلَّفه بتولي القضاء لتمرير مهام بعينها عبره، وهو لا يريد ذلك، فأدعى الخبل لكي يُخرِج نفسه من هذه المهمة، بحيث لا يكون مسئولًا عن أحكام يصدرها ليس له قناعة بها.
* الصورة الأخرى: هناك صورة مغايرة ترسم "بهلولا" على أنه عالم وفقيه كان من رواة الأحاديث، بل كان له معرفة عميقة بالدين والشرائع وله مجادلات مع فقهاء عصره مثل أبي حنيفة. وبالإضافة إلى ذلك فقد كان يتمتع بسلامة اللغة وجزالتها؛ وهو ما انعكس حتمًا في بناء حِكَمِه وطرائفه التي اشتهر بها، وقد يكون هذا الجانب واقعيًا بعض الشيء.
لكن يُظن بأن الخلافات السياسية في عصره وكالعادة كانت من الأسباب التي رسمت لشخصيته مسارات غير معهودة؛ بحيث أن حكمته وتفرد وعيه قاده لأن يلعب دور المهرج بدلًا من أن يكون ذلك الشخص الرائد في التنوير. كذلك قد يكون الواقع السياسي له دور أيضًا في أن يُعاد إنتاج بهلول، بتصورات عديدة، أفقدته الاتزان وشكلت الشخصية العميقة التي قد تكون هي الحقيقة المفقودة !!!.
* بين اللغة والحقيقة: يُرجح أن اسم بهلول، كان صفة أُطلقت عليه، وليس اسمه الحقيقي، لأن كلمة بُهلول، وحسب المعاجم العربية – جمعها بهاليلُ – وهي تعني السيد الجامع لصفات الخير، المَرِحُ الضحّاك أو الرجل كثير الضحك. لكنها أيضا .. وياللمفارقة قد تعني، المعتوه والأحمق والمجنون والمهرج !!. فالاسم يدل على صفات هذه الشخصية المعقدة المركبة، التي لابد أنها وظَّفت ذخيرتها العلمية والمعرفية والفقهية في أن تعيش هذا الدور، بحيث يصعب الوصول إلى تحديد الهوية الأصلية وراء من هو بهلول في واقعه الافتراضي، الذي يُظن بأنه عاشه، أو فيما رُسم عنه لاحقًا.
* وقد صوّرته الدراما الحديثة على أنه ذكي وعارف، يأخذ من معارفه ليصل إلى أهدافه بشيء من الحيلة، فـــ "البهللة" !! عنده كانت تقوم على المزاح القائم على العلم الذي يحقق المُراد، مع مزيج من البلاهة المدعاة !!. غير أن بعض الدراما ربما وقعت في إعطائه صورة أكثر من اللازم، في أنه استخدم ذكاءَه وحيلته في الحصول على مآربه، وهذا قد يخالف صورته الشائعة.
* وضعيته في التراث: ورد بهلول في العديد من كتب التراث، وقد عُرف بـــ "بهلول المجنون" عند الذهبي، في كتابه "تاريخ الإسلام" إذ يقول عنه: "وسوس في عقله، وما أظنه اختلط أو قد كان يصحو في وقت، فهو معدود في عقلاء المجانين، له كلام حسن وحكايات".
ويروي الذهبي كذلك أن هارون الرشيد مرّ به، فقام بهلول، وناداه ووعظه، فأمر له الخليفة العباسي بالمال، قائلًا: ما كنت لأسوِّد وجه الموعظة !!.
وقد أتى النيسابوري على ذكره في مؤلفه "عقلاء المجانين"، وذلك في قصة جمعته مع هارون الرشيد أيضًا في طريقه إلى الحج، وقال: خرج الرشيد إلى الحج فلما كان بظاهر الكوفة إذ بَصُر "بهلولًا المجنون" وخلفه الصبيان وهو يعدو، فقال: من هذا؟! قالوا: بهلول المجنون، قال: كنت أشتهي أن أراه، فأدْعُوه من غير ترويع، فقالوا: له أجب أمير المؤمنين، فلم يستجب !!
فقال الرشيد: السلام عليك يا بهلول
فقال: وعليك السلام يا أمير المؤمنين.
قال: كنت إليك بالأشواق ..
قال بهلول: لكني لم أشتق إليك !!
قال: عظني يا بهلول ...
قال: وبمَ أعِظُك ؟! هذه قصورهم وهذه قبورهم !! قال: زدني فقد أحسنت.
قال: يا أمير المؤمنين من رزقه الله مالًا وجمالًا فعف في جماله وواسى في ماله كُتب في ديوان الأبرار.
فظن الرشيد أنه يريد شيئًا، فقال: قد أمرنا لك أن تقضي دينك ..
فقال: لا يا أمير المؤمنين، لا يُقضى الدين بدين؛ أردد الحقَّ على أهله، واقض دين نفسك من نفسك !!
قال: فإنا قد أمرنا أن يُجري عليك .. { أشبه بمرتب دورى أو شهرى }
فقال: يا أمير المؤمنين أتُرى الله يعطيك وينساني؟! ثم ولى هاربًا!
والقصة بغض النظر عن مدى مصداقيتها، ذات دلالة في رسم شخصية الرجل في كونه باحثا ومكدا ومجدا في إحقاق الحق والعدل عن طريق الحكمة اللطيفة، وأنه كان يجهر بالحق في قولها.
* تصورات العقل الجمعي: من خلال قصة الرشيد الأخيرة وغيرها من القصص الواردة في التراث، يتضح أن هذه شخصية بهلول رسمتها المخيلة الجمعية، لتصاريف معينة ومعلومة؛ في أن المجتمع دائمًا ما "يؤسطر" {من الأسطورة} الشخصيات المعروفة لكي يمرر من خلالها النقد السياسي والاجتماعي.
ويذهب باحثون عديدون إلى أن بهلولا لم يرد ذكره في المصادر الكبيرة للتراث، والغالب أن كل قصته ما هي إلا منحولة أنتجتها الظروف السياسية والتاريخية من الصراعات المحتدمة بين أهل المذاهب والعلم في فترة من فترات التاريخ.؛ وبالتالي كان قد تم توظيف بهلول في سبيل تمرير أغراض كل فئة، بحسب مرادها !!.
* وفي كل الأحوال؛ فكل هذه القصص تنسج لشخصية بهلول، ما هو مثالًا يقترب من "الخرافة" !!، ترتبت عن تعدد أشكال الرؤية إليه سواء من قِبَلِ معاصريه أو في فترات لاحقة من التاريخ.
وتورد بعض المصادر ما يشبه المناظرات قام بها بهلول مع علماء عصره من رجالات الفقه والدين، لكنه ليس هناك ما يثبت أو ينفي ذلك، في حين تبقى شخصية الرجل بهذه الإثارة واللطف والغموض الجميل !!