مقالة حول فلسفة العلوم الإنسانية
فلسفة العلوم الإنسانية
بكالوريا 2022 فلسفة العلوم الإنسانية
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ مقالة حول فلسفة العلوم الإنسانية
الإجابة هي
فلسفة العلوم الإنسانية
مقدمة : طرح المشكلة
الإنسان مادة وروح إضافة إلى هذا فهو اجتماعي ، وله من القدرات النفسية ما يجعله يعيش الماضي ويتطلع إلى المستقبل ، وكل بعد من هذه الأبعاد على علاقة بالإبعاد الأخرى ، وفي هذه الحالة هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي عند دراسة الظواهر الإنسانية . وهل يمكن التنبؤ بما يصدر عن الإنسان من سلوك ، وهل يمكن التوصل إلى الكشف عن القواعد المتحكمة في سلوكه ؟ وإذا كانت العلوم الإنسانية لا تتمتع بالدقة الموجودة في العلوم التجريبية ، هل يمنع ذلك من قيام علوم إنسانية ؟
العلوم الإنسانية
1 ـ مفهوم العلوم الإنسانية
العلوم الإنسانية هي علوم متخصصة في دراسة الفئات البشرية من حيث أنماطها وصور حضارتها ، في الحاضر أو في الماضي وتتقاطع عدة علوم في دراسة الإنسان منها علم الانتروبولوجيا ، وعلم النفس وعلم التاريخ وعلم الاجتماع وعلم الأخلاق ومهما اختلفت هذه العلوم في مناهجها وأهدافها فهي تجتمع حول موضوع واحد وهو الإنسان . إن العلوم الإنسانية هي مجموع الاختصاصات التي تهتم بدراسة مواقف الإنسان وأنماط سلوكه , وبذلك فهي تهتم بالإنسان , من حيث هو كائن ثقافي , حيث يهتم علم النفس بالبعد الفردي في الإنسان ، ويهتم علم الاجتماع بالبعد الاجتماعي , ويهتم التاريخ بالبعدين الفردي والاجتماعي معا لدى الإنسان .
2 ـ موضوعها
هو كل ما يصدر عن الإنسان من أنواع السلوك ، سواء كفرد مستقل بذاته أو كعضو في المجتمع .
3 ـ العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية والعلوم التجريبية.
إذا كانت العلوم المعيارية تهتم بما ينبغي أن يكون مثل علم الأخلاق الذي يهتم بما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان وحثه على فعل الخير ، وعلم الجمال الذي يضع الأسس والمعايير التي تقاس بها الأعمال الفنية فغايته التمييز بين القبيح والجميل . وهي في هذه الحالة ابعد ما تكون عن الدقة المطلوبة ، ولهذا يوجد من يفي علمية هذه المجالات لأن قضايا العلم الحقيقي عندهم تستمد من الواقع ، وتعبر عما هو كائن بصيغة المضارع كان نقول : الحديد يتمدد بالحرارة ، وهذا يسمى أحكاما "تقريرية " وإذا كان الأمر كذلك ، أي اذا كان العلم يعبر فقط عما هو كائن ، فمن التناقض تصور علم بكل معاني كلمة العلم تكون أحكامه غير مستمدة من الواقع.
لهذا العلوم المعيارية في نظر ليفي برويل فكرة متناقضة ، لأنه لا يمكن أن يجتمع في آن واحد فكرة العلم وفكرة المعيارية ، أي الأحكام التقريرية والأحكام المعيارية فالأخلاق مثلا إن كانت علما بكل معاني الكلمة ، لا يمكن أن تكون معيارية أيضا، اعني أنها تنحصر في استقصاء الوقائع السلوكية للإنسان كما هي حادثة فعلا في المجتمعات ، وتستنبط منها قوانينها كما في العلوم الحقة ، لا أن تشرع قوانين مثالية للسلوك ، وتلزم الناس بها ، لهذا لا يقر ليفي برويل بوجود علم الأخلاق واستبدله بعلم العادات ، لأنها تصبح دراسة للظواهر السلوكية المعتادة في كل مجتمع على حدة . وهذه الخصائص نجد بعضها في العلوم الإنسانية ، لكن هذا لا يسمح بوصفها بالعلوم المعيارية ، لأننا في المقابل نجدها تحاول الاعتماد على المنهج التجريبي ، والاستفادة من نتائج العلوم التجريبية .
ـ إمكانية قيام علوم إنسانية
يرى البعض استحالة قيام علوم إنسانية ، لأن من شان العلم أن يقوم على الموضوعية والملاحظة والتجريب والسببية والحتمية ، وهذا متعذر عند دراسة الإنسان ، بسبب بعض العوائق التي تقف أمام الدراسات الإنسانية . ولم تكن هذه الظاهرة ، هي الوحيدة التي عانت من عوائق تمنع من دراستها بالشكل اللائق ، لقد وجدت مثل هذه العوائق ، وكانت تحد من دراسة المادة الجامدة ، وبشكل أكثر عند دراسة المادة الحية ، لكن هذه العلوم تمكنت من تجاوز هذه العوائق ولو بشكل متفاوت يختلف من علم لأخر , فما المانع من تكرار هذا التجاوز في العلوم التي تدرس الإنسان ؟
عوائق تطبيق المنهج التجريبي على الظاهرة الإنسانية
تختلف الظاهرة الإنسانية عن ظواهر الطبيعة ، إن الظواهر الطبيعية ذات طبيعة تسمح بتطبيق المنهج التجريبي عليها دون صعوبة تذكر ، خاصة عندما يتعامل المنهج مع المادة الجامدة ، لكنه يصطدم بعوائق عندما يتعامل مع المادة الحية ، لكن يمكن القول إن العلماء في طريقهم إلى تجاوز هذه العوائق بفضل التطور التكنولوجي . إلا أن الظاهرة الإنسانية اشد تعقيدا عما وجده العلماء في المادة الحية، إنها متداخلة بحيث لا يمكن أن ينفرد علم واحد بدراستها ، فالإنسان موضوع لدراسة علوم كثيرة بما فيه العلوم التجريبية ، يضاف إلى ذلك علوم أخرى تدرس سلوك الإنسان وردود أفعاله ، واثر ذلك في حاضر المجتمع ومستقبله ، كما تلتفت هذه الدراسات إلى ماضي الإنسان ، لأنه قد يؤثر في حياته القادمة . والعوائق المسجلة هنا متفاوتة من علم لأخر . يقول كلود ليفي ستروس : " يفترض كل بحث علمي ثنائية الملاحظ وموضوعه ، ففي العلوم الطبيعية يضطلع الإنسان بدور الملاحظ ويتخذ من العالم موضوعا له ... وان كانت العلوم الاجتماعية والإنسانية علوما حقيقية فإنه يتعين عليها أن تْبقي على هذه الثنائية ... وبذلك تصبح القطيعة بين الإنسان الملاحظ ، والإنسان الملاحَظ فردا كان أو جماعة ." ويضيف قائلا : " إن الفرق الأساسي بين العلوم الفيزيائية والعلوم الإنسانية ، لا يتمثل حينئذ كما يقال عادة في أن العلوم الفيزيائية تنفرد بالقدرة على القيام بتجارب ، وعلى إعادتها كما هي في أزمنة وأمكنة أخرى ، فالعلوم الإنسانية تستطيع ذلك هي أيضا وان لم تكن كل العلوم الإنسانية قادرة على ذلك. "
ومن كلام ستروس نفهم أن العلوم الإنسانية إذا أرادت لنفسها مكان بين العلوم على المختصين في هذا المجال المحافظة على شرط الموضوعية والاقتداء بما يقوم به العلماء في مجال العلوم التجريبية ، فهل يمكن ذلك وهل يستطيع العلماء الالتزام بالروح العلمية ، والفصل بين الذات الدارسة والموضوع المدروس مثل ذلك الجيولوجي الذي يبحث في الصخور ، فلا علاقة أو عاطفة تربطه بموضوع دراسته إلا ما تسفر عنه الأبحاث والنتائج . هذا ما نحاول الكشف عنه من خلال التطرق لثلاثة علوم إنسانية، علم التاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع .
1 ـ الظاهرة التاريخية
الظاهرة التاريخية
هي كل ما صدر عن الإنسان من أفعال في الماضي ، بشرط أن يترك هذا الفعل اثر واضح في حياة الإنسان . بمعنى أن الظواهر التاريخية لا تطلق إلا على الأحداث المهمة ، والتي يمكن أن يكون مصدرها الطبيعة كالزلازل والبراكين ، ولكن بشرط أن يقع أثرها بشكل مباشر على من عاصرها . هذه الأحداث يكشف عن أسبابها علم التاريخ .
مفهوم علم التاريخ
هو الدراسة العلمية لحوادث إنسانية ماضية .أي هو التعرض للحوادث البشرية الماضية من حيث أسبابها وحركاتها ووسائلها والنتائج التي تترتب عنها ، أي هو دراسة الإنسان في صيرورته وتطوره عبر العصور الزمنية المختلفة . فموضوع التاريخ هو البحث في جميع ظواهر الحياة السياسية والاقتصادية للبشر .
خصائص الظاهرة التاريخية وعوائق دراستها
ـ الحادثة التاريخية فردية ، لا تتكرر أي أنها تحدث مرة واحدة ، تتكرر في نفس الظروف ومنه القول بان التاريخ يعيد نفسه ليست صحيحة تماما . ولا تخضع لقانون الحتمية ، ولا يمكن اصطناع الحادثة التاريخية ، وليس من السهل تحديد المنطلقات الحقيقية للحادثة بشكل دقيق ، كما دراستها تفتقر إلى الموضوعية والدقة .
هذه الخصائص يمكن النظر إليها على أساس أنها تشكل عوائق كبيرة أمام المؤرخ ، خاصة وأن المؤرخ إنسان له معتقدات وميول شخصية ، والتي قد تؤثر على موضوعيته . ومن هنا ماهي السبل والكيفية التي يستطيع من خلالها المؤرخ تجاوز هذه العوائق .
تجاوز العوائق في دراسة الظاهرة التاريخية
إنه مما لا شك فيه أن هذه الاعتراضات لها ما يبررها من الناحية العلمية خاصة غير أنه ينبغي أن نؤكد بأن هذه الاعتراضات لا تستلزم الرفض القاطع لعملية التاريخ لأن كل علم له خصوصياته المتعلقة بالموضوع وبالتالي خصوصية المنهج المتبع في ذلك الموضوع . فهناك بعض المؤرخين استطاعوا أن يكونوا موضوعيين إلى حد ما ، وان يتقيدوا بشروط الروح العلمية .
ويذهب بعض المفكرين إلى القول بأن الذين نفوا أن تكون الحوادث التاريخية موضوعا للعلم ، لم يركزوا إلا على الجوانب التي تعيق الدراسة العلمية لهذه الحوادث فالظاهرة التاريخية لها خصوصياتها فهي تختلف من حيث طبيعة موضوعها عن العلوم الأخرى , وبالتالي من الضروري أن يكون لها منهج يخصها . وهكذا أصبح المؤرخون يستعملون في بحوثهم منهجا خاصا بهم وهو يقترب من المنهج التجريبي.
منهج علم التاريخ
بما أن الظاهرة التاريخية فريدة من نوعها ولا أمل في تكرارها ، فلأجل دراستها لا يجد المؤرخ من سبيل ، إلا الاعتماد على أثار الحادثة . فكيف يمكن الوصول إلى الحقيقة التاريخية من خلال هذه الآثار ؟
1 ـ جمع المصادر
وهي كل ماله صلة بالحادثة التاريخية وتختلف باختلاف الحوادث وهي نوعان :
1 ـ مصادر مباشرة
وهي مصادر وضعت ، وكان القصد من وضعها حفظ التاريخ فتسجل في الكتب والأشعار والروايات والملاحم والنصب التذكارية والمتاحف ... الخ وهذه المصادر ينبغي أن يتعامل معها المؤرخ بحذر وتحفظ .
2 ـ مصادر غير مباشرة
وهي وثائق وضعت إبان الحادثة وغرضها الاستعمال الآني والمنفعة المؤقتة كالرسائل والمباني والنقود والأسلحة وهذه الوثائق أحسن ما يستند عليه المؤرخ .
3 ـ التحليل التاريخي
مؤرخ يعمل على التاريخ للثورة الجزائرية وإذا به يعثر على رسالة كتبها احد الجنود الجزائريين كان قد بعث بها إلى أهله يخبرهم عن أحواله وظروف الحرب .
كيف يتحقق المؤرخ إن الرسالة تعود إلى سنوات الحرب الجزائرية ؟
ـ قد ينظر إلى الشكل الخارجي للورقة وينظر إن كانت قديمة ولونها قد تغير عبر الزمن ، لكن ألا يمكن لمن يريد تشويه التاريخ إن يستعمل ورقة قديمة ليكتب عليها نص حتي يظن القارئ أنها تعود إلى فترة الاستعمار ؟
يقوم المؤرخ في هذه المرحلة بفحص الوثائق والمستندات والمصادر التي يجمعها وينظر في صحتها وهل هي مزورة أو ناقصة أو خيالية ويبدأ المؤرخ في دراسة الوثيقة في حد ذاتها ( الشكل ، الحبر ، الورق ) ويستعين المؤرخ بعلوم مساعدة لمعرفة صحة الوثائق كالتحليل الكيميائي للتأكد من زمن الوثيقة وزمن الحبر مثلا وعلم الجيولوجيا للتأكد من صحة الأحجار الأثرية.
كما يلجأ المؤرخ إلى المقارنة بين المصادر، كما يستعين بعلم الخطوط لمعرفة الخط الذي كتبت به الوثيقة ، وهو الفن الذي يستعمل في قراءة خطوط اللغات القديمة ، ويستعين بعلم اللغة ( الألسنية ) فينتهي به النقد إلى معرفة صحة الوثائق في جانبها المادي . ومن هنا روح النقد ضرورية في التاريخ ، فإذا كان هذا النقد خارجي للوثيقة ، فإن النقد الداخلي يركز على محتوى الوثيقة ، فيتعرف المؤرخ على أفكار الكاتب ، وتصوراته للمجتمع الذي يعيش فيه ، ومذهبه ، والظروف المحيطة به . وأحيانا يكون مضطر للاستعانة بالتحليل الكيميائي للوثيقة ، بعد نقدها شكلا ومضمونا .
تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي