خطبة الجمعة بعد العيد بعنوان ماذا بعد رمضان
خطبة بعنوان المداومة على العمل الصالح شعار المؤمنين
خطبة عن المداومة على العمل الصالح بعد رمضان
المداومة على العمل الصالح وإن قل
خطبة عن فضل المداومة على العمل الصالح
خطبة عن المداومة على الأعمال الصالحة
الثبات على الطاعة بعد رمضان
مرحباً بكم أعزائي خطباء منابر المساجد في الوطن العربي يسرنا بزيارتكم في موقع النورس العربي alnwrsraby.net أن نقدم لكم خطب استرشادية إسلامية مكتوبة ومختصرة عن.. خطبة الجمعة بعد العيد بعنوان(ماذا بعد رمضان)
.
الإجابة هي
خطبة الجمعة بعد العيد بعنوان(ماذا بعد رمضان)
عبادَ الله:
كنتم في شهر الخير والبركة، تصومون نهارَه، وتقومون مِن ليله، وتتقرَّبون إلى ربِّكم بأنواع القُربات؛ طمعًا في ثوابه، وخوفًا من عقابه، ثم انتهتْ تلك الأيَّامُ، وانقضتْ تلك الليالي، وكأنها طَيْف خيال.
أيها المسلمون:
لقد قطعتُم بتلك الليالي والأيَّام مرحلةً من حياتكم لن تعودَ إليكم، وإنَّما يبقى لكم ما أودعتموه فيها من خير أو شرٍّ، وهكذا كل أيَّام العمر، مراحل تقطعونها يومًا بعدَ يوم، وأنتم تسيرون في طريق الآخرة، فهي تَنقص من أعماركم، وتُقرِّبكم مِن آجالكم.
تـمر بــــــــــنا الأيـام تـترى وإنـما *** نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى *** ولا زائل هذا المشيب المكدر
أيُّها المسلمون:
لقدْ مضى شهرُ رمضانَ وقلوبُ المسلمين على فراقه حزينة، مضى رمضان؛ ليكون شاهدًا للمؤمن بطاعته، وصالِح عمله وعبادته وإحسانه، وشاهدًا على المقصِّر بتقصيره وتفريطه، وغفلته وعصيانه، أحْسَنَ في رمضان أقوامٌ ففازوا وسبقوا، وأساء فيه آخرون فرجعوا بالخَيْبة والخسران.
أيُّها المسلمون:
مَن كانت حالُه بعدَ رمضان أحسنَ من حاله منها قبله، مُقبِلاً على الخير، حريصًا على الطاعة، مواظبًا على الجُمع والجماعات، مفارقًا للمعاصي والسيئات، فهذه أمارةُ قَبول عمله إن شاء الله تعالى ومَن كانت حاله بعد رمضان كحاله قبلَها، فهو وإن أقبلَ على الله في رمضان، إلاَّ أنَّه سرعان ما نَكصَ على عقبه، ونقض ما أبرم مع ربِّه من عهود ومواثيق، فتراه يهجر الطاعات، ويُضيِّع الصلوات، ويتَّبع الشهوات، ولا يصون سمعَه وبصره وجوارحه عن المحرَّمات، فليعلمْ هذا وأمثالُه أن ربَّ الشهور واحد، وهو في كلِّ الأزمان مُطَّلِع على أعمال عباده ومشاهد.
عباد الله:
لقد كان السَّلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمُّون بعد ذلك بقَبوله، ويخافون من رَدِّه، وهؤلاء هم الذين يُؤتُون ما آتَوْا وقلوبُهم وجلة، روي عن علي رضي الله عنه أنَّه قال: "كونوا لقَبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
وعن فضالة بن عبيد قال: لأن أكون أعلمُ أن الله قد تقبَّل مني مثقالَ حبَّة من خردل، أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، وقالعبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهمُّ: أيقبل منهم أم لا؟ ولقد كانوا رحمهم الله يدْعون الله ستةَ أشهر أن يبلِّغهم رمضان، ثم يدْعون الله ستة أشهر أن يتقبَّله منهم.
لَيْتَ شِعْرِي مَنْ فِيهِ يُقْبَلُ مِنَّا *** فَيُهَنَّى يَا خَيْبَةَ المَرْدُودِ
مَنْ تَوَلَّى عَنْهُ بِغَيْرِ قَبُولٍ *** أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ بشَدِيدِ
أيها المسلمون:
استقيموا على دينكم، واستمرُّوا على طاعة ربكم، فليس للطاعة زمنٌ محدود، ولا للعبادة أجلٌ معيَّن، قال الحسن البصري رحمه الله: أبى قومٌ المداومة، واللهِ ما المؤمن بالذي يعمل الشهر والشهرين، أو العام أو العامين، لا والله، ما جُعل لعمل المؤمن أجلٌ دون الموت.
عباد الله:
لئن انقضى موسمُ رمضان، فبين يديكم موسمٌ يتكرر في اليوم والليلة، خمس صلوات فرضها الله على عباده، وبين أيديكم موسم يتكرر كلَّ أسبوع، ألا وهو صلاة الجمعة، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ يسأل اللهَ شيئًا إلا أعطاه إياه، ولئن انقضى صيام رمضان، فإن باب الصيام لا يزال مشرعًا مرغبًا في فضله وثوابه، فهناك الاثنين والخميس، وهناك الأيام البيض من كل شهر، وهناك ستٌّ من شوال، التي قال عنها صلَّى الله عليه وسلَّم كما عند مسلم رحمه الله: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر))، ووجه كون صيام الست بعد رمضان كصيام الدهر: أن الله يجزي على الحسنة بعشر أمثالها؛ كما في قوله - سبحانه: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، فصيامُ رمضان مضاعف بعشرة شهور، وصيام الست بستين يومًا، فحصل من ذلكم أجرُ صيام سنة كاملة.
عباد الله، من الأحكام المتعلِّقة بصيام الست من شوال ما يلي:
يعتقد بعضُ الناس أن فضيلة صيام الست من شوال تكون بعد العيد مباشرة، وأن فضلها يقلُّ فيما لو صامها في أوسط الشهر أو آخره، ولا دليل على ذلك؛ بل الأجر ثابت لمن صامها في أول الشهر، أو أوسطه، أو آخره.
صيام الست من شوال من النفل المعيَّن، فمن أراد الحصول على ثوابها، فعليه أن ينويَ صيامَها من الليل، فإن نوى الصوم أثناء النهار صحَّ صومُه نفلاً مطلقًا، إذا لم يكن تناول شيئًا من المفطِّرات قبل ذلك، ويُكتب له أجرُ النفل المطلق من وقت نيته، أما صوم القضاء، فإنه لا يجزئ إلا إذا نواه من الليل؛ لأنه صومٌ واجب.
من شرع في صيام نفل، ثم بدا له أن يفطر، فإن كان الصوم نفلاً كصيام الست من شوال، فلا حرج عليه في الإفطار؛ لحديث: ((الصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر))؛ أخرجه أبو داود، أما إذا كان الصوم واجبًا كقضاء رمضان، أو نذر، أو كفارة، فلا يجوز للصائم الفطرُ من غير عذر كالمرض، فإن أفطر من غير عذر، وجب عليه قضاء ذلك اليوم، مع التوبة إلى الله عز وجل.
هناك من يظنُّ أن فضل صيام الست لا يتحقَّق إلا بالتتابع في أيامها، وهذا لا دليل عليه، يقول أهل العلم - رحمهم الله -: ولا فرق بين أن يتابعها أو يفرقها من الشهر كله، وهما سواء، لكن المبادرة بصومها متتابعة من أول الشهر أفضل؛ من باب المسارعة إلى فعل الخيرات، ولقد امتدح الله أنبياءه الذين هم صفوة خلقه بقوله:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
أخرج أبو داود والحاكم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((التؤدة في كل شيءٍ خيرٌ، إلا في عمل الآخرة))؛ صححه الألباني رحمه الله.
اللهم اجعلنا من المسارعين في الخيرات في السر والعلن، والقول والعمل.
أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانيةعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان لأهل الجاهلية يومانِ في كل سَنةٍ يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، قال: ((كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منها: يوم الفطر، ويوم الأضحى))؛ رواه أحمد وغيره.
عباد الله:
حرَّم الله سبحانه الزيادةَ على الأعياد الشرعية، بإحداث أعياد أخرى، كأعياد الموالد، والأعياد الوطنية والقومية؛ لأنها أعياد جاهلية مبتدعة، سواء أسميت أعيادًا، أو ذكرياتٍ، أو أيامًا، أو أعوامًا.
عِيدَانِ عِنْدَ أُولِي النُّهَي لاَ ثَالِثٌ *** لَهُمَا لِمَنْ يَبْغِي السَّلاَمَةَ فِي غَدِ
الفِطْرُ وَالأَضْحَى وَكُلُّ زِيَادَةٍ *** فِيهَا خُرُوجٌ عَنْ سَبِيلِ مُحَمَّدِ
أيها المسلمون:
أعياد المسلمين ليست وقتَ لهوٍ ولعب وغفلة، وتضييعٍ للصلوات، وتسهيلٍ للمنكرات، وارتكابٍ للمحرمات؛ بل هي أعياد فرح مشروطة ومضبوطة بالضوابط الشرعية، ومحفوفةٌ بسياج الأخلاق والآداب الرفيعة في المزاح والتنزُّه والتجمُّل، فليس من العيد - عباد الله - أن يُكرم ويُرفع أهلُ الفن والإفساد، وتُفتح لهم المسارح والمنتجعات، وليس من العيد أن تَختم القنوات والفضائيات شهرَ رمضان بأنواع الغناء والملهيات، وليس العيدُ لمن لبس الجديد، ولمن تفاخر بالعدد والحديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد، واتقى ذا العرش المجيد.
عبد الله:
لا تغترَّ بفرحة العيد، ولا تُطغينَّك بهجتُه ولا تُلهينَّك عن شكر نعمة الله تعالى سَلِ المولى الثباتَ على دينه، والسلامةَ في أرضه، وحُسنَ الختام، وتذكَّر رحمك الله وأنت تعيش فرحة العيد سليمًا معافًى في أهلك وأطفالك ديارًا للمسلمين منكوبة، وأوطانًا لهم مسلوبة، يتمنَّى أهلُها الأمنَ والأمان ولا يجدونها، وتذكَّر أخي كم من يتيمٍ في هذا العيد ينشد حنانَ الأمومة، ويتلمس عطف الأبوة، يرنو إلى من يمسح رأسَه، ويخفِّف بؤسه، وهو يرى أطفال المسلمين ينعمون في أعيادهم بشتى أنواع النعيم، وتذكر أخي من صلى معك الأعياد الماضية من الآباء والأجداد والأصحاب، أين هم؟ وأين ذهبوا؟ وإلى أين ارتحلوا؟
أَفْنَاهُمُ المَوْتُ وَاسْتَبْقَاكَ بَعْدَهُمُ حَيًّا فَمَا أَقْرَبَ القَاصِي مِنَ الدَّانِي
هذا وصلُّوا وسلِّموا على من أمركم اللهُ بالصلاة والسلام عليه.