مقالة هل أساس الحياة النفسية الشعور أم اللاشعور
السؤال : هل أساس الحياة النفسية قائم على الشعور أم اللاشعور ؟
الشعور واللاشعور 2022 فيسبوك
أقوال الفلاسفة حول الشعور واللاشعور جميع الشعب آداب وفلسفة بكالوريا
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........مقالة هل أساس الحياة النفسية الشعور أم اللاشعور
الإجابة هي
مقالة هل أساس الحياة النفسية الشعور أم اللاشعور
مقالة الشعور واللاشعور
السؤال : هل أساس الحياة النفسية قائم على الشعور أم اللاشعور ؟
المقدمة
يهتم علم النفس التقليدي القائم على المنهج الإستنباطي (العقلي) بدراسة الإنسان ككائن حي له حياة نفسية متميزة تتكون من المشاعر والعواطف والذكريات ... إلخ. التي لا يعرفها إلا هو أي أنه كائن واعي لذاته النفسية الشعورية ، ويمكن تعريف الشعور على أنه حدس الذات ووعيها لأفعالها وإنفعالاتها تتمثل هذه الأفعال في مختلف العمليات العقلية كالتذكر ، التخيل ، الإدراك. أما الانفعالات فتتمثل في المشاعر والعواطف كالحزن والسعادة والحب... إلخ . غير أن علم النفس الحديث القائم على منهج التحليل النفسي والذي أشار إلى أن هناك فرضية فلسفية أو نظرية علمية تؤكد أن سلوك الإنسان مصدره حوادث نفسية باطنية لاشعورية مجهولة وغامضة. ومن هنا فاللاشعور هو الجانب العميق من النفس يحتوي على ميول ورغبات مكبوتة مستعدة للظهور من حين لأخر في ساحة الشعور. وقد أثارت مشكلة أساس الأحوال النفسية يتمثل في الشعور كحقيقة نفسية ونقيضا لذلك هناك من يعتقد ويؤكد بأن الأحوال النفسية قائمة على أساس اللاشعور كحقيقة نفسية باطنية وعليه نطرح المشكلة ونقول : إلى أي مدى يعتبر الشعور مصدرا أساسا للأحوال النفسية ؟ وبصيغة اخرى : أيهما يمثل تفسيرا حقيقيا للحياة النفسية ، الوعي أم اللاوعي ؟
الموقف الأول
يرى أنصار النظرية التقليدية العقلية في علم النفس أمثال ( ابن سينا ، ديكارت ، هنري برغسون ، جون بول سارتر) أن الحياة النفسية تقوم على أساس الشعور والدليل على ذلك أولوية الفكر على الوجود و هذا مأكده ديكارت بقوله :" أنا أفكر اذن أنا موجود " ومن هنا مادام الشعور هو الحدس فانه يمكننا من معرفة تامة وواضحة عن أحوالنا النفسية الداخلية فكما يقول ديكارت " الشعور و الحياة النفسية مترادفان " و بالتالي فمن الضروري الفصل بين الشعور و الجسد ، و منطلق ذلك شعارهم " كل ما لا نشعر به ليس من أنفسنا ". يؤكد ديكارت أن نشاط الروح يتمثل في التفكير حيث يقول : " لا وجود لحياة نفسية خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية حيث أن النفس لاتنقطع عن التفكير إلا أذا إنقطع وجودها " ، وعليه نستنتج أن الشعور يتسع لكل الحياة النفسية . فالشعور نفسي والاشعور بدني (جسمي) فمثلا لانشعر بعمل المعدة أوالدورة الدموية أو حركة العينين لأن هذه أفعال جسمانية لاشعورية ، أما حبي لشخص ما فيمثل حالة نفسية شعورية. ولأن الشعور يتميز باالإستمرارية فإن الأحوال النفسية في الحاضر هي إمتداد للأحوال النفسية الماضية، ويبقى الفرد يشعر بها طيلة حياته هذا ماأكده ابن سينا ، أما هنري برغسون فقد أكد أن الحياة النفسية متجددة متواصلة ويقدم لنا مثالا واضحا حول فكرة الديمومة فمثلا الشعور بالفرح إذا إنعزل عن الحياة النفسية يكون ضعيفا لكنه يكون أقوى إذا إرتبط بها لأن الديمومة هي تعبير حقيقي عن الوجدان الباطني دون أن يكون هناك إنقطاع بين الماضي والحاضر والمستقبل الشعوري، من خلال ماسبق يمكن القول إستحالة الجمع بين الشعور واللاشعور داخل الحياة النفسية . والحياة النفسية جوهرها الشعور ، هذا ماأكده الفلاسفة التجريبين بنفيهم لوجود اللاشعور لأنه غير قابل للملاحظة عكس الشعور الذي يقبل الملاحظة فمثلا عندما نفرح نشعر بالسعادة في أعماقنا النفسية ، إذن فحياتنا النفسية شعورية بإمتياز .
النقد
غير أن أنصار النزعة المادية بزعامة "داروين" وأنصار المدرسة السلوكية "جون واطسون" ، إعتبروا أن الشعور بمثابة إحساس وأفعالنا وإنفعالاتنا هي ردود أفعال جسمسية هذا ماجعل "داروين" يقول :" النفس خرافة ميتافزيقية كما أن أنصار الشعور لم يميزوا بين الشعور كظاهرة نفسية وبين الفكر كعملية عقلية بالاضافة إلا أن الشعور لا نلمسه ولانراه ولايمكن قياسه إذن فهو غير موجود هذا يعني أن الشعورين عاجزين عن فهم حقيقة النفس بل كيف نفسر السلوكات الغامضة الصادرة عنا ، مثل كرهنا لشخص نراه لأول مرة ، إصابتنا بتأنيب الضمير تجاه حالة ما ، بالطبع إنه اللاشعور هو الذي يتحكم فينا كما أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يجمع بين المتناقضات (الشعور واللاشعور) وأثبت علم النفس الحديث أن الحياة النفسية ليست مرادفة للشعور بل هي أوسع بكثير ، فقد تكون أفعالنا النفسية لاشعورية ومن هنا فاللاشعور حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها.
الموقف الثاني
ونقيضا للموقف الأول يؤكد أنصار مدرسة التحليل النفسي ( كانط ، بيرنهايم ، سيغموند فرويد ) أن الأحوال النفسية بمختلف أفعالها العقلية وإنفعالاتها النفسية قائمة على اللاشعورلأن هناك دلائل فلسفية وعليه تئكد وجود حياة نفسية لاشعورية حيث أكد كانط أن نفوسنا تتضمن تغيرات ندركها بصورة مبهمة وهذا يعني وجود أفكار تخفى عن الشعور كما يمكن إثبات اللاشعور من خلال مدرسة التحليل النفسي التي إهتمت بمعالجة الأمراض النفسية والعقلية خاصة مرض الهيستيريا حيث أكد الأطباء أن هذه الأمراض لها أسباب عضوية يمكن علاجها بالأدوية والعقاقير والمهدئات ، غير أن الطب لم يحدد الأسباب العضوية للأمراض العقلية والنفسية كالذكريات الأليمة والسلوكات الغامضة مما أدى بهم إلى إرجاع هذه الأمراض إلى أسباب نفسية من خلال إستخدامهم لمنهج التنويم المغناطيسي لمعالجة مرض الهيستيريا غير أن نسبة الشفاء لم تكن تامة بسبب عودة الإصابة بالمرض لعودة سيطرة الأفكار اللاشعورية هذا ما دفع جوزيف بروير إلى القيام بعدة تجارب على مرضاه معتمدا على التنويم المغناطيسي ، أشهرها التجربة التي قام بها على فتاة بسن 21 سنة أصيبت بمرض الهيستيريا بعد وفاة والدها ما أثر عليها على حركة العينين والرؤية ، وعند إخضاعها للتنويم المغناطيسي تحدثت عن مكبوتاتها المتعلقة بالذكريات الأليمة كمرض والدها ومعناته وكيف كانت تكبت دموعها في ساحة اللاشعور كي لايحس والدها وعندما إستيقظت من التنويم زالت عنها أعراض المرض فلاحظ بروير ان المريض إذا تذكر مرضه شفي منه كما يمكن علاج المريض عن طريق التعبير عما يشعر به ، غير أن العلاج بالتنويم المغناطيسي دفع سيغمون فرويد للبحث عن وسيلة أخرى لعلاج هذه الأمراض فتوصل إلى التحليل النفسي حيث إكتشف علاقة الأمراض العصبية بالمكبوتات كما يقول:" إان فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة". ومن أدلة وجود اللاشعور حسب مدرسة التحليل النفسي :
-الاحلام اذ تعتبر مجال لظهور الرغبات اللاشعورية فمثلا : الطفل الذي حرم من لباس العيد يرى نفسه في الأحلام أنه داخل متجر مليئ بالألبسة الجميلة.
-النسيان : إن الحوادث النفسية المؤلمة يميل الفرد إلى نسيانها وكبتها في اللاشعور ولعل تذكر المريض لعقده النفسية الناتجة عن الحوادث النفسية المؤلمة تؤدي إلى شفائه
-فلتات اللسان : وهي تلك الهفوات التي تصدر عن لسان صاحبها أو قلمه ، فقد ينطق الفرد بعكس مايريد أن ينطق به ، مثلا عندما أريد أن أنادي على زميلي عبد المالك أنادي أكرم ذلك أن الساحة اللاشعورية كان مكبوت فيها أكرم.
ولعل إكتشاف فرويد للشعور جعله وقسم الجهاز النفسي إلى ثلاث أقسام وهي :
-الهو : تتجمع فيه الدوافع والميول والرغبات العدوانية الصادرة عن الغرائز الجنسية غرائز الليبيدو تميل إلى العدوان مثل : الإنتحار
-الأنا: النفس الواعية التي تتصرف وفق مقتضيات وظروف الواقع
-الأنا الأعلى : تتمثل في القوانين الإجتماعية والأخلاقية والدينية وظيفتها محاربة الهو
إذن فاللاشعور حقيقة نفسية واقعة فعلا
غير أن تغليب اللاشعور عن الشعور وإعطاء أولوية للغرائز لا ينسجم مع طبيعة الإنسان ككائن عاقل كما أن فرويد عندما أخضع سلوكات الإنسان إلى غرائز الليبيدو يجعلنا نفهم بأن الإنسان تسيره الغرائز كالحيوان ضف إلى ذلك أن فرضية اللاشعور لا ترتقي إلى مستوى الفرضية العلمية كما أن فرويد إقتصر على المرضى وأهمل الأصحاء ، ونتائج التنويم المغناطيسي كانت محدودة . كما أن نظرية فرويد إهتمت بسلوك الإنسان لاشعوريا وأهملت الظروف الإجتماعية وتأثيرها على السلوك ، بل أن تلاميذ فرويد رفضوا إرجاع اللاشعور إلى الليبيدو فمثلا ألفريد أدلر أكد أن اللاشعور مصدره عقدة النفس والتعويض.
من خلال كل ماسبق وإنطلاقا من النظرية الكلاسكية و التي إهتمت بالحياة النفسية الشعورية وكذلك مدرسة التحليل النفسي التي إهتمت بالحياة النفسية اللاشعورية ، يظهر لنا موقف تركيبي يفسر لنا الحوادث النفسية المركبة من الشعور واللاشعور كعنصرين متكاملين بسبب وجود العديد من السلوكات والإنفعالات التي لا يمكن تفسيرها ضمن الشعور وحده ففرضية اللاشعور هي الاخرى ساهمت في تفسير هذه الأفعال والتي كانت في أغلب الأحيان غامضة أو غير معرفة ، بالإضافة إلى أن الغريزة الجنسية تبقى تشكل عنصرا فاعلا إلى جانب العقل وعليه نستنتج أن الإنسان مركب من عقل وغريزة (شعور ولاشعور).
إلا أن الرأي الشخصي الأقرب إلى الصواب أن الحوادث النفسية قائمة على اللاشعور وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها والدليل على ذلك أننا نقوم بسلوكات ندرك سببها كره مسلسلات اليهود ، بالإضافة إلى أن غرائزنا الجنسية تتجسد في حياتنا اليومية بعدة أشكال كالحب مثلا. كما أن أفعالنا الإعتيادية مبنية على التكرار وفي هذا يقول ليبنتز " إن العادة تجعلنا لا نشعر بصوت المطحنة أو ضجة الشلال"
كما أوضح فرويد أن تقسيمه للجهاز التنفسي ( الهو ، الأنا ، الأنا الأعلى )جاء من أجل تحقيق الإنسجام النفسي للفرد في حياته اليومية الواقعية.
الخاتمة
نستنتج مما سبق بأن الحياة النفسية تقوم على ثنائية متكاملة تتكون من الشعور واللاشعور ، فالشعور يعتبر مسألة حيوية نفسر من خلالها مختلف الحوادث النفسية لكي يتمكن الفرد من تحقيق التكيف مع الواقع ، واللاشعور بمخزونه المتنوع (المكبوتات) يساعد على إكتشاف تاريخ الفرد وماضيه الطفولي لتقويم سلوكه والتعرف على شخصيته إذن فالحياة النفسية تتأرجح بين الشعور واللاشعور معا وكما يقال ، اذا كان الشعور يشكل رأس الجبل وقمته فإن اللاشعور يمثل عمقه وقاعدته.