أثر الحضارة الإسلامية في الغرب - هل تأثّر الغرب بحضارة الإسلام وثقافته تأثير الحضارة الإسلامية بالحضارات الأخرى
هل استفاد الغرب من الإسلام إبّان نهضته
وهل أثّر المسلمون بحضارتهم وثقافتهم في الغرب
هل تأثّر الغرب بحضارة الإسلام وثقافته
أثر الحضارة الإسلامية في الغرب
تأثير الحضارة الإسلامية بالحضارات الأخرى
أثر الحضارة الغربية على المجتمعات الإسلامية
أثر الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية pdf
أثر الحضارة الغربية على الحضارة الإسلامية
مقال أثر الحضارة الإسلامية في الغرب pdf
بحث حول تأثير الحضارة الإسلامية بالحضارات الأخرى
خصائص الحضارة الغربية pdf
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ أثر الحضارة الإسلامية في الغرب - هل تأثّر الغرب بحضارة الإسلام وثقافته تأثير الحضارة الإسلامية بالحضارات الأخرى
الإجابة هي
هل تأثّر الغرب بحضارة الإسلام وثقافته؟
مقال الدكتور ياسين بن علي
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
هل استفاد الغرب من الإسلام إبّان نهضته، وهل أثّر المسلمون بحضارتهم وثقافتهم في الغرب، وهل كان فكر التنوير الأوروبي نتيجة لأثر الفكر الإسلامي في أوروبا؟ أسئلة تناولها عدد من الباحثين والمؤرخيّن والفلاسفة، من المسلمين وغير المسلمين، فكانت الأجوبة مختلفة متناقضة؛ منهم من أنكر دور الإسلام حضارة وثقافة وأنكر تأثير المسلمين ببحوثهم ودراستهم في الحراك الفكري الغربي في عصر النهضة والإصلاح والتنوير، ومنهم من جزم بالتأثير الحضاري والثقافي الإسلامي في الفكر الغربي وعدّ منجزات الغرب ومكتسباته مأخوذة عن الإسلام والمسلمين.
قال كلود ديلماس (في كتابه: الحضارة الأوروبية La Civilisation Européenne): "حسب رأي سائد - يتوافق في الواقع مع الحقيقة - فإنّ الحضارة الأوروبية هي ميراث الإغريق والرومان واليهود. بما تدين أوروبا لليونان؟ بأشكال وخطوط قوّة متعلّقة بمفهوم عن الإنسان والمجتمع. وبما تدين لروما وإمبراطوريتها؟ بفكرة سياسية وقانونية، وإطار، حتى وإن لم تكن الإمبراطورية قد صنعت أوروبا فإنّها قد جهّزت لها. وبما تدين للمسيحية؟ بروح وجوهر حضارة". ويجزم الفيلسوف الفرنسي فيليب نيمو بهذا مؤكّدا (في هوامش كتابه: ما هو الغرب Qu'est-ce que l'Occident?) أنّ الفكر الغربي العلمي ليس مدينا بأي شيء جوهري للعالم الإسلامي، بل يعتبر رودني ستارك (في كتابه: كيف انتصر الغرب) القول بتفوّق المسلمين العلمي في القرون الوسطى مجرّد وهم وأسطورة. وقد أكّد هذا التّحامل والتّجاهل مونتجومري وات (في كتابه: تأثير الإسلام في أوروبا خلال العصر الوسيط) بقوله: "إنّنا معشر الأوروبيين نأبى في عناد أن نقرّ بفضل الإسلام الحضاري علينا، ونميل أحيانا إلى التهوين من قدر وأهميّة التأثير الإسلامي في تراثنا بل ونتجاهل هذا التأثير أحيانا تجاهلا تاما".
ولا مندوحة لنا من التّوقف هنا لبيان وجه الصّواب في المسألة، وذلك من خلال ضبط بعض المفاهيم المتعلّقة بمصطلحات الحضارة والثقافة والمدنية والعلم التي وقع خلط في استعمالها، ممّا أوجد لبسا في البحث المتعلّق بتأثير المسلمين والإسلام في الفكر الغربي. وبحث الـتأثير في الفكر يقتضي بداهة الحديث عن الأفكار والمفاهيم والمعارف؛ لأنّها هي التي تؤثّر في العقل وحكمه على الأشياء والأمور، وهي التي تكوّن شخصيّة الفرد والأمّة، ولهذا فلن نتحدّث عن المدنيّة (Civic Forms)؛ لأنّها ليست بمعارف ولا مفاهيم ولا أفكار إنّما هي الأشكال الماديّة للأشياء المحسوسة التي تستعمل في شؤون الحياة، ويكفي مراجعة قواميس اللغات الأجنبية التي سيجد الباحث فيها مجموعة من المفردات من أصل عربي تدلّ بوضوح على مدى تأثير المدنية الإسلامية في الغرب، منها على سبيل المثال: (Coton/ قطن- Canapé/ الكنبة أو الأريكة- sucre /السكر- Magasin /مخزن- alcohol / كحول). ولهذا سنحصر بحثنا في الحضارة والثقافة والعلم.
يقول ول ديورانت (في كتابه: قصة الحضارة): "الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وإنّ الحضارة تتألف من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون، وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق". ويقول إدوارد تايلور (في قاموس الأنثروبولوجيا): "الثقافة أو الحضارة، إذا أخذت بمعناها الاثنوجرافي العام، فهي مركّب جمعي يشمل المعرفة، والإيمان، والفنّ، والأخلاق، والقانون، والتقاليد وغير ذلك من القدرات والعادات التي اكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع ما". واستلهمت منظمة اليونسكو من تعريف تايلور تعريفا للثقافة فنصّت (في إعلان مكسيكو الصادر في سنة 1982م) على أنّ "الثقافة بمعناها الواسع يمكن أن ينظر إليها على أنّها جميع السمات الروحية والماديّة والفكرية والعاطفيّة التي تميّز مجتمعا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسيّة للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات".
هذه أمثلة يظهر فيها الخلط في المصطلحات والمفاهيم، وإذا اعتمدناها كما هي عند أصحابها فهم حينئذ قول من قال إنّ الغرب قد تأثّر بالحضارة الإسلاميّة؛ لأنّهم لا يفرّقون بين أخذ العلم أو الفكر أو المعتقد أو القانون أو الصناعات أو الأسلوب الإداري أو غير ذلك، ويدرجون ذلك كلّه في مسمّى الحضارة أو الثقافة دون تمييز بينهما. غير أنّ هذا يخالف واقع الحضارة وحقائق التّاريخ التي يثبتها الواقع الحالي المشاهد المحسوس للغرب من عدم تأثّره بالحضارة الإسلامية مثقال ذرّة بل الثابت هو ردّه ومحاربته لها سواء في تاريخه القديم أو الحديث.
ونعني بمصطلح الحضارة (Civilization) مجموع المفاهيم عن الحياة، فيدخل فيها العقيدة - وهي أساسها - وما تعلّق بها أو تفرّع عنها من مسائل طلب التّصديق بها، ويدخل فيها النّظام باعتباره معالجات منبثقة عن العقيدة تنظّم شتى شؤون الحياة كالحكم والاقتصاد والمجتمع والاجتماع وغير ذلك، وباعتباره طريقة متعلّقة بكيفية حمل المبدأ وكيفية المحافظة عليه وكيفية تنفيذ المعالجات. ويدخل فيها أيضا تصوير الحياة والغاية منها، ومقياس العمل والغاية من القيام به والقيمة المقصود تحقيقها منه. وإذا أدرك معنى الحضارة هذا حقّ الإدراك، أستبعد يقينا احتمال تأثّر الغرب بالحضارة الإسلامية المناقضة لحضارته. فحضارة الإسلام قائمة على أساس روحي هو عقيدة لا إله إلّا الله محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله، وتصوير الحياة في الحضارة الإسلاميّة قائم على أساس مزج المادّة بالروح أي جعل أعمال الإنسان في الحياة مسيّرة بأوامر الله ونواهيه؛ ولذلك كان مقياس الأعمال في الإسلام الحلال والحرام؛ لأنّ الغاية هي رضوان الله تعالى، والسعادة هي نيل رضوان الله. وهذا كلّه يتناقض كلّ المناقضة مع الحضارة الغربية فيما يتعلّق بأساسها القائم على العلمانية وتصوير الحياة لديها القائم على المنفعة وقيمها المحصورة في المادية والنفعيّة. وقد قرّر هذا المعنى غوستاف لوبون (في كتابه: حضارة العرب)- رغم خلطه بين معاني المصطلحات - حين قال: "وأمّا تأثيرهم [يعني تأثير المسلمين] الديني في الغرب فتراه صفرا، وترى تأثيرهم الفنّي اللّغوي فيه ضعيفا، وترى تأثيرهم العلمي والأدبي والخلقي فيه عظيما". وإذا كان تأثير الدّين الإسلامي في الغرب صفرا، فهذا يدلّ على أنّ الغرب لم يتأثر بحضارة الإسلام وإن تأثّر أو انتفع بثقافته وعلومه؛ لأنّ الحضارة الإسلامية حضارة دينية أي مجموع مفاهيمها عن الحياة منبثق عن عقيدة دينية ومبنيّ عليها، فلا سبيل إذن للحديث عن تأثّر الغرب الحضاري بالإسلام.
وأمّا ما يذكر في كتب التاريخ عن تأثر النورمانديين في صقيلية بالحضارة الإسلامية بدليل أنّ روجر الأول قد أخذ عن المسلمين -كما ورد في كتاب: شمس العرب تسطع على الغرب، لزيغريد هونكه- "نظم إدارتهم ودواوينهم ونظام بيت المال والضرائب والمكوس وغيرها من أعمال الموظفين والوظائف؛ أخذ عنهم نظام الضرائب بتوزيعها المباشر وطرق حصر الأملاك الأميرية وإدارتها بل أخذ عنهم نظم جيشهم وقيادتهم البريّة والبحرّية ونظام الشرطة عندهم"، أو ما يذكر عن تأثر ألفونسو العاشر ملك قشتالة وليون بالفقه المالكي الأندلسي في مدوّنته القانونية المعروفة بالأجزاء السبعة (Siete Partidas)، أو ما يذكر أيضا عن تأثّر نابليون بونابرت أو نابليون الأوّل بالفقه المالكي واقتباسه منه فيما يسمّى بالقانون المدني الفرنسي (Code Civil) الصادر سنة 1804م، فهذا كلّه وأمثاله لا يدلّ على تأثّر الغرب بالحضارة الإسلامية؛ لأنّه أخذ دون الأصل الذي انبثق عنه والأساس الذي بني عليه. فلم يأخذ الغرب ما عند المسلمين من تنظيمات إدارية أو مالية أو أحكام أو قوانين إيمانا بأصلها الذي هو العقيدة الإسلامية، أو قناعة بالفلسفة التي أنتجتها، إنما أخذها بناء على المصلحة والاستحسان العقلي وفق وجهة نظره النفعيّة الخاصّة، واقتبسها كقوانين تنظيمية وأساليب إداريّة لقصور التّفكير التّشريعي التّقنيني عنده في تلك الفترة وعدم اكتمال أسسه وبلورة قواعده، ويمكن عدّه ضمن التأثير الثقافي للمسلمين والإسلام. وعليه، فإنّ تأثر الغرب بالحضارة الإسلامية أي بالمفاهيم الإسلامية عن الحياة غير وارد، إلّا أنّه يمكن الحديث عن تأثّر أو انتفاع بالمعارف الإسلامية أي بالثقافة والعلم.
أمّا الثّقافة (Culture) فهي المعرفة التي تؤخذ عن طريق الإخبار والتّلقي والاستنباط، مثل التّاريخ واللّغة والفلسفة والفقه وسائر المعارف غير التجريبية. ولكلّ أمّة ثقافتها: فهناك ثقافة إسلامية، وهناك ثقافة غربية. والثّقافة الخاصّة بأمّة من الأمم هي معارفها التي كانت عقيدتها سببا في بحثها؛ فقولنا الثّقافة الإسلامية نعني به جملة المعارف التي كانت العقيدة الإسلامية سببا في بحثها، سواء أكانت هذه المعارف تتضمّن العقيدة الإسلامية وتبحثها مثل علم التوحيد أو ما يسمّى بـ"علم الكلام" أو "علم أصول الدين"، أم كانت مبنية على العقيدة الإسلامية مثل الفقه والتفسير والحديث، أم كان يقتضيها فهم ما ينبثق عن العقيدة الإسلامية من أحكام مثل المعارف التي يوجبها الاجتهاد في الإسلام كتلك المتعلّقة باللّغة العربية. وأمّا الثّقافة الغربية فهي المعارف التي كانت العقيدة العلمانية سببا في بحثها، كعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم النفس ونحوها. جاء في القاموس السوسيولوجي (Dictionnaire de Sociologie): "تاريخيا فإنّ السوسيولوجيا (علم الاجتماع) وليدة الحداثة، وقد أصّل ظهورها المشروع العقلاني للتنوير الرامي إلى إحلال العلم محلّ الدين في كلّ المجالات".