خطبة عن الشهرة ملتقى الخطباء آثار الشهرة السيئة
تعبير عن حب الشهرة
ايه قرانيه عن الشهرة
خطبة عن
السعي وراء الشهرة
خطب منبرية
آثار الشهرة السيئة خطبة الجمعة للشيخ سعوا الشريم
نقدم لكم أعزائي الزوار في موقع النورس العربي alnwrsraby.net أفضل الخطب مكتوبة من منابر الخطباء قابلة للنسخ والطبع خطب إسلامية مع ادعية كما نقدم لكم الأن خطبة استرشادية عن آثار الشهرة السيئة خطبة الجمعة بعنوان الشهرة
وهي كالتالي
الشهرة (خطبة)
الخطبة الاولى :
أيَّها المؤمنون، إن مما غلَبَ في طباعِ النفسِ، وغدا خُلُقًا بارزًا فيها حبَّ العلوِّ وذيوعِ الصِّيتِ، وسعيَها في إبرازِ ذاتِها ونشْرِ ذِكْرِها، سيما في هذا العصرِ الذي سَهُلَ فيه تناقلُ الخبرِ، وباتت فيه الشهرةُ من وسائلِ تحصيلِ الحظوةِ وبناءِ العلاقةِ وكسبِ المالِ. فما ميزانُ الشريعةِ في التعاملِ مع هذه القضيةِ الخطرةِ؟ وما مدى آثارِ الالتزامِ بهذا الميزانِ وإهمالِه؟ إنَّ من خصائصِ الميزانِ الشرعيِّ في النظرِ للأمورِ والتعاملِ معها رعيَ القِيمِ، وإيثارَ الباقي على الفاني، وتغليبَ رعايةِ أعلى المفاسدِ درءًا، وأعلى المصالحِ جَلْبًا، والشهرةُ من القضايا التي عالجتْها الشريعةُ الغرَّاءُ بميزانٍ ضابطٍ للقِيمِ وكابحٍ لجِمَاحِ الشرِّ في النفوسِ.
عبادَ اللهِ، إنَّ رأسَ مالِ المؤمنِ دينُه الذي أُمِرَ بحفظِه؛ وذلك بألا يتعرَّضَ لما قد يفتنُه عنه، ومن أعظمِ الفتنِ التي تَعصفُ بالدينِ حبُّ الجاهِ وطلبُ الشهرةِ؛ فقد شبَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أثرَها على إفسادِ دينِ ذي الدينِ - فضلًا عن قليلِه - بأعظمَ من فتْكِ ذئبينِ جائعَينِ أُرسلا في زَريبةِ غنمٍ خاليةٍ من الحامي، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»؛ رواه أحمدُ والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ؛ ولذا كان الأصلُ المقرَّرُ شرعًا عند أهلِ العلمِ ذمَّ طلبِ الشهرةِ إن خَلَتْ من المقصدِ المشروعِ وإنْ كانت في لباسٍ؛ فكيف بما زاد عنه؟! يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مذلةٍ، ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّار"؛ رواه أبو داودَ وحسَّنه الألبانيُّ، وتزدادُ الشهرةُ قبحًا وإثمًا إن سُعيَ إليها؛ طلبًا للدنيا بالدينِ، قال ابنُ رجبٍ: "ما زال الصادقون من العُلَمَاء والصالحين يكرهون الشهرةَ، ويتباعدون عن أسبابِها، ويحبون الخمولَ (أي: خمولَ الذِّكْرِ)، ويجتهدون عَلَى حصولِه"، وقال ابنُ بطَّالٍ: "ولا ينبغي للرجلِ المسلمِ أنْ يُشْهِرَ نفسَه في خيرٍ، ولا شرٍّ"، وقال ابنُ تيميةَ: "السلفُ كانوا يكرهون الشهرتيْن؛ المترفِّعَ، والمتخفِّضَ"، وقال بعضُ السلفِ: "ما اتقى اللهَ مَن أحبَّ الشهرةَ"، وكان أيوبُ السِّخْتِياني يقولُ: "ما صَدَقَ عبدٌ إلا أحبَّ ألا يُشعرَ بمكانِه"، وكان - لما اشتَهر بالبصرةِ - إذا خرجَ إلى موضعٍ يتحرى المشيَ في الطرقاتِ الخاليةِ، ويجتنبُ سلوكَ الأسواقِ والمواضعِ التي يُعرَفُ فيها، وكان بعضُ التابعين إذا جلس إليه أكثرُ من ثلاثةٍ أنفسٍ قامَ خوفَ الشهرةِ، وما ذاك التخوُّفُ والتحوُّطُ والاحترازُ إلا لما تَلُفُّه الشهرةُ من آفاتٍ قد تُودي بصاحبِها إلى مهالكَ تَعِزُّ معها السلامةُ؛ فلربما حملتِ الشهرةُ صاحبَها على الرياءِ وحبِّ التزيُّنِ للخلْقِ والتقربِ بأمورِ الدِّين لأجلِ حظوةِ الجاهِ والمحافظةِ على بريقِ الشهرةِ الزائفِ، ولربما كانت دافعًا للإعجابِ بالنفسِ والتِّيه والكِبْرِ واحتقارِ الغيرِ وعدمِ قبولِ الحقِّ، ولربما قادتْ إلى الحسدِ والبغيِ والعدوانِ على العبادِ، قَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «مَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ الرِّئَاسَةَ إِلَّا حَسَدَ، وَبَغَى، وَتَتَبَّعَ عُيُوبَ النَّاسِ، وَكَرِهَ أَنْ يُذْكَرَ أَحَدٌ بِخَيْرٍ"، ولربما سهَّلتِ الشهرةُ تقحُّمَ دركاتِ الكذبِ والقولِ على اللهِ بلا علمٍ، وطالَما رخَّصتْ لصاحبِها قبولَ المدحِ الباطلِ، بل بَذْلَ الثمنِ البائرِ في طلبِه، كما رخَّصتْ له أَخْذَه إنْ طُلِبَ منه ذلك بالدعايةِ له، والشهرةُ مجْلَبَةٌ لعلاقاتِ سوءٍ قد يعظمُ ضَرُّها ويعسرُ علاجُها، كلُّ ذلك مع ما قد تسبِّبُه الشهرةُ من اعتلالٍ نفسيٍّ؛ بُغيةَ الحفاظِ على أَلَقِها؛ مما قد يَجْنَحُ بصاحبِها إلى ارتكابِ فجورٍ وحماقاتٍ وتفاهاتٍ يترفَّعُ عنها أهلُ الشرفِ.
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيم الكَرْجي يَقولُ لابنِ أخيهِ - والناس ينتابون بابَه على طبقاتِهم لسُؤْدَدِه -: يا أسفي على ابنِ أبي القاسمِ، سَالَ بهِ السيلُ، أينَ هُوَ ـ والحالةُ هذه ـ مِنْ دِينهِ؟ وكان يقولُ إذا خلا بهِ: يا بنيَّ، عليك بدينِك؛ فإنَّ خَفْقَ النِّعالِ خَلْفَ الإنسانِ وعلى بَابِ دَارهِ مَعَاولُ تهدمُ دينَه وعقلَه، وتعظمُ الجنايةُ في حقِّ الجاهلِ الصغيرِ المسكينِ إنْ سعى وليُّه في إشهارِه والزَّجِّ به سلعةً تتناقلُها مواقعُ التواصلِ، وتَسْلى بها عيونُ المشاهدين، وتُحكى يومياتُه في المنتدياتِ دون اكتراثٍ بمآلاتِ ذلك؛ مِن أثرٍ نفسيٍّ على الطفلِ، وتأثيرِه على سَوِيَّةِ فطرةِ الطفولةِ، وتنشئتِه منذُ نعومةِ أظفارِه على ملاحظةِ الناسِ، مع ما قد يلحقُه من ضررِ إصابةِ العينِ؛ إعجابًا، وحسدًا.عبادَ الله، قد يُبتلى المرءُ باشتهارٍ دون قصدٍ منه ولا طلبٍ، وتلك من مواطنِ الابتلاءِ الشديدةِ التي كان الصادقون من أهلِ العلمِ يَحْذرون فيها غايةَ الحذرِ؛ لعظيمِ بلائِها، وكانوا لا يسْتَرْوحون لذلكَ إنْ وَقَعَ، بل يظلُّون حذرين من مَغِبَّةِ الافتتانِ به، مستشعرين ضعفَهم وفقرَهم إلى اللهِ وعظيمَ حاجتِهم إليه وأنه لا غنى لهم عنه طرفةَ عينٍ. ومع ذلكَ، ما كان خوفُهم من الشهرةِ وتحوطُهم فيها يحملُهم على الانكفاءِ على النفسِ وتركِ المشاركةِ في أعمالِ البرِّ ونشرِه، بل كانوا يسخِّرونَها في الدعوةِ إلى الخيرِ وتحبيبِ الناسِ فيه والدفاعِ عنه ومقارعةِ الباطلِ؛ وبذلك غنموا خيرَها، وَوُقُوا شرَّها. ذُكِرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا مُدِحَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَحْسَبُونَ وَاغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وكان سفيانُ الثوريُّ لَما اشتَهَرَ يقول: وَدِدتُ أنَّ يديَ قُطعت من إبطي، وأني لم أشتهرْ ولم أُعرفْ، ولما اشتَهَر ذِكرُ الإمامِ أحمدَ اشتدَّ غمُّه وحزنُه، وكَثُرَ لزومُه لمنزلِه، وقلَّ خروجُه في الجنائزِ وغيرِها خشيةَ اجتماعِ الناسِ عليه.
الخطبة الثانية
عن الشهرة
عباد الله، لماذا يحب بعض الناس الشهرة ويسعون لها، ويخسرون أوقاتهم وأموالهم وسعادتهم من أجل الشهرة؟ لقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من الصالحين والأتقياء يكرهون الشهرة ويحذرون أشد الحذر منها، تأمَّلوا سيرهم كيف كانوا، تأملوا سيرة عمر رضي الله عنه كيف كان يخرج في ظلام الليل يذهب إلى بيوتات الأرامل والفقراء، يشعل لهم النار ويحمل إليهم الدقيق، ولم يقل لهم أنا عمر، بل يأتي ويذهب وهم لا يدرون من هذا.
قال ابن رجب الحنبلي: "ما زال الصادقون من العلماء والصالحين يكرهون الشهرة ويتباعدون عن أسبابها"، وقال ابن بطال: "ولا ينبغي للرجل المسلم أن يشهر نفسه في خير ولا شر"، وقال بعضهم: "ما اتقى الله من أحب الشهرة"، وقال الفضيل بن عياض: "ما من أحد أحب الرئاسة إلا حَسَدَ وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكر أحد بخير".
كان الرَّجلُ من أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا زكِّي قال: اللَّهمَّ لا تُؤاخِذني بما يقولونَ، واغفِرْ لي ما لا يَعلَمونَ"؛ صحيح الأدب المفرد للألباني.قدم رجل من المسلمين بكتاب إلى عمر رضي الله عنه يبشِّره بفتح المدائن، قال أَبْشِرْ يا أميرَ المؤمنين، بفتحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه، وأذلَّ فيه الشركَ وأهلَه، وقال النعمانُ: بعثك، قال: احتسِبِ النعمانَ يا أميرَ المؤمنين، فبكى عمرُ واسترجعَ، فقال: ومن ويحَك، قال: فلانٌ وفلانٌ حتى عدَّ ناسًا، ثم قال: وآخرون يا أميرَ المؤمنين لا تعرفُهم، فقال عمرُ رِضوانُ اللهِ عليه وهو يبكي لا يضرُّهم ألا يعرفَهم عمرُ، لكنَّ اللهَ يعرفُهم؛) السلسلة الصحيحة للألباني، حكم المحدث: إسناده صحيح رجاله ثقات.
يكفيك أن الله يعرفك، يكفيك أنك مشهور بالخير عند الله، يكفيك أنك مشهور في السماء وليس عند أهل الأرض بأعمال لا تليق، بأعمال تحط من قدرك ومكانتك عند الله.فما بال بعض الناس يسعون للشهرة ويتهافتون عليها، وتضيع اعمارهم وأموالهم فيها ومن أجلها؟تصوير في مواقع التواصل، وتنكيت بارد، وحركات لا تليق، ضياع أعمار هي أغلى من الذهب، ضياع أسر، ضياع زوجات، ضياع أزواج.تعرض للفتن، تساهل في التواصل بين النساء والرجال، من أجل الشهرة وبسببها، دفعٌ للأموال من أجل أن يُشهِر أحدهم الآخر.بعض النساء، إفشاء ممنوع لأسرار البيوت من طبخ وأثاث وغرف وأفراد وأحوال.خروج دائم من أجل التصوير في المطاعم والمقاهي والمنتزهات، ترك الحجاب من البعض دون خوف ولا وجل ولا خجل، مما قد يغير ويفسد أخلاق بعض النساء والبنات المتأثرات.تأثر كثير من الناس بأولئك المشهورين، ومحاولة تقليدهم والأعجاب بما هم عليه، آفات ومصائب الشهرة على أهلها، وعلى بعض الناس، أو على كثير من الناس.الآن بعضم يتجرأ على الله أو على كتابه، أو على رسوله صلى الله عليه وسلم، أو على أحكام الدين من أجل الشهرة، يعصون الله من أجل أن يشتهروا.
كتبَ حذيفةُ بنُ اليمانِ بفتْحِ المدائنِ إلى عمرَ رضي اللهُ عنهم مع رجلٍ من المسلمين، فلما قَدِمَ عليه قال: أبشرْ يا أميرَ المؤمنين بفتْحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه، وأذلَّ فيه الشركَ وأهلَه، قال عمرُ: النعمانُ بَعَثَكَ؟ (يريدُ النعمانَ بنَ مُقَرنٍ المزني رضي اللهُ عنه قائدَ المعركةِ)، قال: احتسب النعمانَ يا أميرَ المؤمنين، فبكى عمرُ واسترجعَ, وقال: ومَنْ ويحك؟ فقال: فلانٌ، وفلانٌ، وفلانٌ، حتى عدَّ ناسًا، ثم قال: وآخرين يا أميرَ المؤمنين لا تعرفُهم، فقال عمرُ رضوانُ اللهِ عليه وهو يبكي: لا يضرُّهم ألا يعرفَهم عمرُ، لكنَّ اللهَ يعرفُهم.
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم ( بتصرف)