تاريخ الفلسفة المعاصرة مقالة مقدمة تاريخ الفلسفة المعاصرة
تاريخ الفلسفة المعاصرة
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تاريخ الفلسفة المعاصرة مقالة مقدمة تاريخ الفلسفة المعاصرة
تاريخ الفلسفة المعاصرة -
مقدمة
**إن ما يشغل التفكير الفلسفي المعاصر بشكل أساسي هو ذلك النوع من القضايا الذي نجد في ثناياه تساؤلات تتعلق بالوجود الإنساني من حيث هو معاناة ومعرفة وقيم ومن بين هذه التساؤلات : هل الفلسفة هي اهتمام بالإنسان من حيث انه كائن يحمله الكون أو هي اهتمام بالإنسان من حيث هو حامل الكون ؟ وهل هي اهتمام بما وراء الإنسان أو بما يصنعه الإنسان ؟ وهل الفلسفة المعاصرة تدعو إلى التأمل من اجل التأمل أم التأمل من اجل المنفعة العملية ؟ هذه الأسئلة أسفرت عن ظهور توجهات فلسفية جديدة أهمها الفلسفة الوجودية ، و فلسفة الحياة ، والفلسفة الظواهرية والفلسفة التحليلية ، و فلسفة العلوم والبراغماتية .**
**1 ـ الفلسفة الوجودية**
**موضوع الفلسفة الوجودية هو الإنسان في وجوده الحسي بمعنى الكلمة ، في حياته اليومية وسط العالم وبين الآخرين . بما فيها إحساسه بالقلق الشديد حيال هذا العالم الذي يساوره من كل جانب ، فلا يدري لماذا أو كيف خرج من العدم ، وهل وجد من اجل الموت الذي سيقذف به إلى العدم مرة أخرى. وبالتالي اقتصرت فلسفة الوجود كما يقول إميل برييه في كتابه اتجاهات الفلسفة المعاصرة على الوجود الإنساني أي على وجودي الشخصي. ويقول جو ماكوري في كتابه الوجودية " أنصار هذه الفلسفة ينكرون أن يكون من الممكن وضع الحقيقة الواقعية في تصورات دقيقة محكمة .إن النظرة الوجودية تعتقد انه لا توجد باستمرار حدود حاسمة أو واضحة المعالم فخبرتنا ومعرفتنا هي باستمرار شذرات غير مكتملة و لا يمكن أن يعرف العالم ككل إلا عقل يكاد يصل إلى مستوى الالوهية . لهذا يعتبرها البعض أسلوب في التفلسف وليست فلسفة " واهم ممثلي الفلسفة الوجودية سورين كيركيجارد ، جون بول سارتر ، مارتن هايدجر ، البير كامي ، غابريال مارسال .**
**السمات العامة للوجودية **
**1 ـ التفلسف يبدأ من الإنسان لا من الطبيعة ، فيركز على الذات أكثر من العالم الخارجي .**
**2 ـ أسلوب التفلسف عند الوجوديين يبدو مضادا للأسلوب العقلي ، فالفيلسوف الوجودي يفكر بانفعال عاطفي .**
**3 ـ يبدأ الأسلوب الوجودي في التفلسف بوصف الإنسان موجودا لا بوصفه ذاتا مفكرة ، وأنه لا يمكن وضع طبيعة أو ماهية للإنسان ، ثم يشرع في استنتاج ما يترتب على هذه الطبيعة الإنسانية من نتائج . يقول سارتر : " إن الإنسان يوجد أولا قبل كل شيء ، ويواجه نفسه وينخرط في العالم ، ثم يعرف نفسه فيما بعد . وإذا كان الإنسان كما يراه الوجوديين غير قابل للتعريف فإن السبب هو انه في البداية لا شيء، انه لا يكون شيئا إلا فيما بعد وعندئذ سوف يكون على نحو ما يصنع من ذاته " **
**4 ـ تصدت الوجودية لتجاهل الإنسان وسيطرة الجانب الصناعي على الإبعاد الأخرى للإنسان ، يقول برتراند راسل: " أدت الحركة الرومانتكية ذاتها إلى الإقلال من قدر العقل ، ويمكن القول أن هذا الوقف اللاعقلي الذي ربما كانت الوجودية أشهر مظاهره ، هو في جوانب معينة تمرد على العدوان المتزايد الذي يمارسه المجتمع الصناعي على الفرد " ولهذا اعتراض سورين كيركيغارد 1713 ـ 1858 م على الفلسفة الهيجلية على أساس أنها اتجاه نظري جاف يكاد لا يترك لانفعالات النفس مجالا . وفي إطار الوجودية نعثر على فلاسفة تجاوزوا حالة القلق واليأس التي كانت السمة البارزة عند غيرهم ومن هؤلاء كارل ياسبيرس 1883 ـ 1969وغابريال مارسيل 1889 ـ 1973 ووقفوا موقف معارض للهيمنة التي مارستها الثورة الصناعية على الإنسان . **
**2 ـ فلسفة الحياة**
**إذا كان مركز بحث الفلسفة التجريبية والمادية هو معرفة المادة ، وان الكائن الحي أو الكائن العضوي عند هؤلاء ما هو إلا آلة تتحكم فيها قوانين عقلية . فإن فلاسفة الحياة يحاولون تفسير الواقع بصورة مختلفة ، فيتصورون الواقع على نحو "عضوي" ، وبالتالي ارتقت عند فلاسفة الحياة البيولوجيا إلى مرتبة الفيزياء عند أصحاب المادية العلمية ، ويرى فلاسفة الحياة أن العالم ليس آلة إنما هو على العكس حياة عاملة فاعلة . **
**ويرفض فلاسفة الحياة وفي مقدمتهم هنري لويس برغسون Henri Louis Bergson 1859ـ1941 أن يكون المنهج العقلي والمنهج التجريبي هو منهج الفلسفة ، بل منهجها الصحيح هو الحدس ، لأنه كما قال برغسون إذا كان الوجود بكل ما يحوي في لحظة معينة نتيجة آلية للحظة التي سبقتها كما يقول أصحاب التفسير المادي دون أن تكون هنالك قوة مدركة ـ يقصد الدفعة الحيوية ـ تنشئ وتخلق وتختار ، وإذا كانت تلك اللحظة السابقة أثرا آليا للتي سبقتها وهكذا دواليك ، فنحن سنرجع في هذا التسلسل إلى أن نصل إلى السديم الأول، وسنتخذ من هذا السديم ، سببا لكل ما طرأ على الكون من أحداث ، وأن نعتقد بأن السديم هو السبب في كل سطر كتبه شكسبير ، وأنه العلة في كل ما حققه العلماء من فتوحات في شتى المجالات وهذا محال .**
**كما أن الذكاء عند برغسون لا يستطيع أن يدرك ما في الكون من حياة لأنه يلتقط صورا متلاصقة بعضها يجئ في اثر بعض ، أي انه يلتقط صورة الكون في هذه اللحظة ثم صورته في اللحظة التي تليها ثم صورة ثالثة وهكذا . ومعنى ذلك أن العالم الخارجي في نظر العقل عبارة عن جملة صور لحظية تملأ كل صورة منها الكون بأسره ، وهذه الصور تتلو الواحدة منها الأخرى لحظة بعد لحظة ، وكل صور لحظية من هذه الصور تمثل الحقيقة الخارجية في لحظة من اللحظات ثم من تتابعها يتألف مجموع الحقائق الخارجية من أول الماضي إلى أخر المستقبل . ومثل العقل في ذلك كمثل الشريط السينمائي الذي يلتقط عددا من الصور المتلاصقة لا حياة في كل منها على حدة ، فإذا ما دبت فيها الحركة والاستمرار واتصل بعضها ببعض كونت حياة أو شيء يشبه الحياة . ولن يكون شيء من الحياة في هذه الصور التي تصلنا عن طريق الحواس حتى يتناولها تيار الحركة الدائم أو ما يعرف عنده بالديمومة Durée الذي يربط أشتاتها ويكون منها حقيقة واحدة يطرأ عليها التغير والتبدل كلما مر عليها شطر من الزمان . لذلك العقل عنده ليس هو الأداة الصالحة لإدراك الحياة ، بل على العكس انه يوقف الحياة ويجزؤها حتى يتسنى له دراستها جزءا جزءا ، والحدس وحده يمثل الأداة الصالحة لذلك النوع من المعرفة المباشرة للحياة ، دون الحاجة إلى تجزئتها إلى مراحل منفصلة كما يفعل العقل، لأن الحدس يعمل في نفس الاتجاه الذي تعمل فيه الحياة، أما العقل ففي جوهره مرتبط بالمادة متوافق معها .**
**لكن الحدس ليس مما يمكن الوصول إليه في يسر ، لأننا قد تعودنا عادة شديدة على استعمال العقل فيلزمنا تحقيق عودة عنيفة إلى داخلنا ، وهي عودة باطنية تتعارض مع ميولنا الطبيعية التي اعتدنا عليها ، وذلك من اجل أن نستخدم قدرتنا على الحدس ولن نستطيع استخدامه إلا في اللحظات الموافقة وما أندرها وما أسرعها. والمعرفة الناتجة عن الحدس لا يمكن البرهنة عليها ولا يمكن إيصالها إلى الغير إلا بجعلهم يشعرون بذلك الحدس . **
**لقد هاجم برغسون العقل وأراد منا أن نأخذ بحكم الحدس ، وكان الأفضل لو عقد الأمل على عقل أوسع وارقي من الحدس ، لأن البصيرة الباطنية التي اعتمد عليها تخطئ كما تخطئ الحواس الخارجية ، وكل واحدة منها يجب اختبارها وتقويمها بالتجربة العملية. وبالغ برغسون حين زعم أن العقل لا يدرك إلا حالات متقطعة من الحقيقة والحياة وأنه عاجز عن إدراك ما فيها من تدفق وحركة واستمرار ، بل إن الفكر على عكس ما ذهب إليه عبارة عن سيل متصل من الأفكار ، والأفكار نقاط تختارها الذاكرة في سيل الفكر ، والتيار العقلي يعكس استمرار حركة الحياة . **
**3 ـ الفينومينولوجية**
**يأتي في مقدمة فلاسفتها ايدموند هوسرل Edmund Husserl 1859 ـ 1938 كان يريد أن يقيم الفلسفة والمعرفة كلها على أساس يقيني ، ويرى انه يمكن الوصول إلى ماهيات مختلف مظاهر الوعي ، وكذلك ماهيات الأشياء التي يقصد اليها الوعي وتظهر فيه أو تعطى له . ومعنى هذا أنها تتجه إلى وصف الوعي كما هو في ذاته للكشف عن الحقائق ، وكلمة فينومينولوجيا مشتقة من لفظتين يونانيتين هما logos وPhainomenon هذا اللفظ الأخير مشتق بدوره من الفعل اليوناني pheinein بمعنى يظهر أو يخرج إلى النور . **
**وحاول هوسرل وضع منهج للوصف التفصيلي الدقيق للأنواع المختلفة من الموضوعات عن ماهياتها الخاصة على نحو ما تعطى للوعي . ولكي نتأكد من دقة الوصف عنده فلا بد للذهن أولا من أن يتطهر من الافتراضات السابقة والأحكام المبتسرة ـ المنزوعة من سياقها والناقصة ـ ومن الضروري كذلك أن نبقى داخل حدود الوصف وان نقاوم الميل للسير من الوصف إلى الاستدلال . والوصف الذي تقدمه الفينومينولوجيا لا يعني على الإطلاق أنها تصف ببساطة وبطريقة ساذجة ما هو حاضر أمام الوعي ، إن المهم في الفينومينولوجيا هو أنها تقدم وصفا للأعماق يجعلنا نلاحظ السمات التي نفشل عادة في ملاحظتها . **
**إن هوسرل لا يعرف الظواهرية phenoménologie بأنها تحصيل معلومات جديدة تضاف إلى المعلومات السابقة ، بل يعرفها بأنها تعديل في وجهات النظر أو بأنه توجيه لملاحظتنا التي تنصرف عن الحقائق التجريبية نحو هذه الخاصية وهي أنها موضع تجريب . ويشرح إميل برييه في كتابه اتجاهات الفلسفة المعاصرة هذا التعريف بقوله : " في أثناء المعرفة الطبيعية يحدث نوع من الانبهار ، وعندئذ يذوب إدراكنا للشيء في الشيء نفسه على نحو ما ، وينصرف انتباهنا عن الإدراك ، إن الفلسفة عنده هي التحرر من الانبهار ، ويمكن توضيح الفينومينولوجيا بهذا المثال . إذا شاهدت اهتزاز أوراق شجرة تلعب بها الريح ، بإمكانك تفسير هذه الظاهرة تفسيرا ماديا ، بل تستطيع أن تذهب بعيدا في هذا التفسير ، فتشير إلى تأثير فكرة قوانين التوازن التي تتأرجح الأوراق وفقا لها ، وقوانين انتشار الضوء وقوانين تأثير الضوء وانتقال التأثير بالأعصاب وهلم جرا ، ولكن يمكن أن تدع جانبا كل هذه الحقائق المادية التي انتهيت إلى بنائها بفضل تجاربك الماضية ، كما تصرف النظر عن كل هذا التفسير الذي يعتمد على تشابك الأشياء التى تراها موجودة خارج نطاق إدراكك الحسي ، وتوجه خاطرك فقط إلى ما يبدو لك وما يظهر لك ، أي الظاهرة وهي الاهتزاز المحض ، أو هذا الخاطر الذي احتل مكان في شعورك ، أو هذه الحركة . ولكنك تختلف عن عالم الطبيعة في أنك لا تستطيع فصل هذا الخاطر عن جسمك وعن شعورك الذي يحس به ، وعندئذ يحي هذا الخاطر في شعورك كما لو كان جزءا من نفسك ، وكما لو كان خليطا من نفسك ومن الأشياء الخارجية. وهنا عندما تطلق اسم العالم على هذه الموجودات التي تحيا في شعورك ، فإنك لا تستطيع الاستقلال عن العالم ، كما أنه لا يستطيع أن يكون مستقلا عنك . إن هذا التصور لدى هوسرل ليس معناه محو هذا الكون الذي يراه عالم الطبيعة ، بل معناه على حد تعبيره هو أن نضع هذا الكون بين القوسين ، فنخرجه عن نطاق ملاحظتنا التي تحيا في شعورنا . **
تابع القراءة في الأسفل