شرح درس انسة سارة /الدرس الحادي عشر آنسة سارة
حوار الآنسة سارة وطلابها
الدّرسُ الحادي عشر
آنسة سارة : طلابي الأعزاءُ بعدما حقّقنا هذا النّجاحَ ،
عمر : " مقاطعاً " سنقيمُ حفلةً .
تالة : دعْ الآنسةَ تتكلّمْ .
ساندي : سنذهبُ في رحلةٍ .
آنسة سارة : لا . ستكتبون .
ماهر : في الحقيقةِ تمنيتُ لو أنَّ المكافأةَ شيءٌ آخر .
آنسة سارة : ستكتبون قصّةً جميلةً و ستحبّون الفكرةَ يا صغارُ ، دعوني أكملُ كلامي الآن ، بعدها سنغوص في التّفاصيلِ .
تالة : قصّةً !؟
الجميع : رائعٌ جداً . سنكتبُ ما يحلو لنا .
آنسة سارة : نعم ستكتبون ، ولكنْ سأحدّدُ القصّةَ الّتي ستكتبونها .
هبة : كيفَ ذلكَ ؟
عمر : هذهِ آنسةُ سارةُ لا أحدَ يستطيعُ الوقوفَ في وجهها .
آنسة سارة : سيكتبُ كلُّ واحدٍ منكم قصّةً عن لعبةٍ أحبّها وهو صغيرٌ ، ثمَّ يخبرنا عن أطرفِ لحظةٍ مرَّ عليهِ ، و هو يلعبُ هذهِ اللّعبةَ .
أحبَّ الصّغارُ الفكرةَ ، كما قالتْ آنسةُ سارةُ و بدأَ كلُّ واحدٍ يبدعُ في وصفِ ما حدثَ معهُ .
أثناءَ ذلكَ دخلَ مديرُ التّربيةِ إلى الصّفِ في جولةٍ غيرِ معلنةٍ عنها .
مدير التّربية : كيفَ حالكم ؟
آنسة سارة : بخيرٍ ، هلْ من خدمةٍ أقدّمها لكَ يا سيدُ ؟
مدير التّربية : لا ، ألا تعرفين منْ أكونُ ؟
آنسة سارة : لا . ألستَ ولي أمر أحد طلابي الصّغار ؟
مدير التّربية : لا . أنا مديرُ التّربيةِ .
أنسة سارة : أهلاً يا أستاذُ ، أرجو المعذرةَ لمْ ألتقي بكَ من قبلُ .
مدير التّربية : لا بأسَ عليكِ .
وبعدَ ذلكَ دخلَ مديرُ المدرسةِ إلى الصّفِ و معهُ الموجّهُ المختصُّ ، هذهِ أوّلُ مرّةٍ تلتقي بمديرِ التّربيةِ ، فرحتها لا تُوصفُ ، بلْ فرحةُ الطّلابِ لا تُوصفُ .
مدير التّربية : ما عنوانُ درسُ اليومِ ؟
آنسة سارة : " لعبةٌ أحببتها "
مدير التّربية : عنوانٌ جميلٌ .
آنسة سارة : إنّهُ درسُ التّعبيرِ يا أستاذُ ، فموضوعنا عن أجملِ لعبةٍ لعبَ بها و هو صغيرٌ .
مدير التّربية : هلْ يستطيعون كتابةَ مثل هذا الموضوعِ ؟
آنسة سارة : نعم . عندما أحدّدُ عناصرَ الموضوعِ ، فلنْ يكونَ من الصّعبِ عليهم كتابتهُ .
مدير التّربية : و ما هي عناصرُ الموضوعِ يا آنسةَ سارةَ ؟
آنسة سارة : عناصرُ الموضوعِ هي ( ما اسمُ اللّعبةِ - كيفَ كنتَ تلعبُ بها - ما هي أغربُ ما حدثَ معكم أثناء لعبكم بهذهِ اللّعبةِ ؟ ) .
مدير التّربية : موضوعٌ غنيٌ بالتّخيلِ و متشعّبٌ بالأحداثِ ، لابدَّ أنَّ الصّغارَ سيبدعون في هذا الموضوعِ ، أحسنتِ يا بنيتي .
آنسة سارة : شكراً لكَ .
بعدَ ذلكَ خيّمَ صمتٌ على الصّفِ ، كانَ مديرُ التّربيةِ يراقبُ الصّغارَ ، و هم منهمكين بالكتابةِ ، إنّهُ ينتظرُ ليرى ما كتبهُ الصّغارُ .
نهضتْ تالةُ .
تالة : أنا أريدُ أنْ أقرأَ موضوعي .
آنسة سارة : تفضّلي .
تالة : " الزّمنُ كفيلٌ بأنْ يتركَ لنا لحظاتٍ لا تنسى ، و هو وحدهُ يحتفظُ بتلكَ الذّكرياتِ ، لن أنسى ذلكَ اليومَ الّذي علّمتني أمي فيها لعبةَ التّخفي ، كيفَ كنّا نخفي أنفسنا ، حتّى يبحثَ الشّخصُ الآخرُ عنّا ، خبّأتُ نفسي تحتَ تلكَ الدّكّةِ الّتي صنعتها أمي ، لتضعَ الفرشَ و اللّحافَ عليها ، ظلَّ أخي يبحثُ عني طوالَ ساعةٍ كاملةٍ ، حتّى ظنَّ أنّني ضعتُ ، و لم يستطعْ إخبارَ أمي بالقصّةِ خوفاً من العقابِ ، فهو المسؤولُ عن ضياعي ، كانَ عليهِ ألّا يغفلَ عنّي ، و بدأَ يبحثُ عنّي خارجَ البيتِ لمدّةِ ساعتين و لمْ يجدْني ، أمّا أنا فقدْ نمتُ في ذلكَ المكان ، بقيتُ لساعاتٍ طويلةٍ هناكَ إلى حين أستيقظتُ ، فرحةُ أخي لمْ تكنْ توصفُ ، عندما شاهدني تحتَ الدّكّةِ ، مازلتُ أتذكّرُ علاماتِ الخوفِ على وجهِ أخي في أثناءِ بحثهِ عني ، و كانَ خائفاً من العقابِ و من أنْ لا يراني مرةً أخرى ، أمّا أنا فكنتُ سعيدةً لأنّهُ خائفٌ ، عندما شاهدني تحوّلَ كلُّ ذلكَ الخوفُ و الرّعبُ إلى فرحةً عارمةً ، في النّهايةِ أحضرتْ أمي لي وسادةً ، وطلبتْ مني أنْ أنامَ في ذلكَ المكانِ ليلةً كاملةً .
آنسة سارة : و لِم جعلتكِ تنامين هناكَ ؟
تالة : كي لا أكرّرَ ما فعلتهُ بأخي مرةً أخرى ، كما أنّها تركتْ أخي يعيشُ ذلكَ الخوفَ كي يتعلّمَ
أنَّ هناكَ بعضُ الألعابِ لابدَّ لنا أنْ نعرفَ كيفَ نلعبها ، فلا يجوزُ الاستهتارُ بمشاعرَ من نلعبُ معهم ، كانَ عليَّ أنْ أخبرَ أخي بمكاني عندما عجزَ في إيجادي ، بل تركتهُ يشعرُ بالخوفِ و القلقِ ، و هذا تصرّفٌ سيءٌ جداً .
آنسة سارة : و هل أحببتِ النّومَ تحتَ الدّكةِ .
تالة : لا لمْ أحبَّ ذلكَ ، لقدْ تظاهرتُ أنّني نائمةٌ ، أخذتني أمي إلى فراشي ، و لم ألعبْ لعبةَ التّخفي منذُ ذلكَ اليومَ إلى الآن .
آنسة سارة : ممتازٌ ، أحسنتِ يا تالةُ .
ساندي : أنا سأقرأُ قصّتي .
آنسة سارة : هيا .
ساندي : كنتُ شقيةً جداً في الصّغرِ ، ذاتَ يومٍ وبينما كانَتْ أختي تلعبُ بالألوانِ ، أخذتُ منها الألوانَ خلسةً و لوّنتُ حائطَ البيتِ ، و لمْ يكنْ قدْ مضى ساعةً على طلائهِ ، و عندما شاهدَ أبي ذلكَ ، كادَ يجنُّ من شدّةِ غضبِهِ فجعلنا نجتمعُ جميعاً ليعرفَ منْ قامَ بذلكَ ، و كانَتْ أختي المتّهمة الأولى كونها تملكُ الألوانَ ، و بدأَ والدي يسألُ واحداً تلوَ الآخرِ ، و الجميعُ يحلفُ و يقولُ أنّهُ لم يفعلْ ذلك ، طبعاً والدي لم يكن يصدقُ أحداً منهم ، ولكن عندما وصلَ إليّ قلتُ لهُ قبلَ أنْ يسألني ، علماً أنّهُ استبعدني من الاتهام " أنا منْ فعلَ ذلكَ " تجمّدَ أبي و سألَ من جديدٍ ، لكنّني أكّدتُ لهُ أنّني منْ فعلَ ذلكَ ، فسألني " لِم لمْ تكذبي مع العلمِ أنّكِ قادرةٌ على أنْ تكذبي دونَ أنْ يشكَّ أحدٌ بكِ " أجبتهُ " إنَّ اللَّه سيعاقبني إذا كذبتُ عليكَ يا أبي " فضحكَ والدي ، و قالَ لي " لنْ أعاقبكِ " ، و وعدتُ أبي ألّا أكرّرَ ذلكَ مرةً أخرى .
آنسة سارة : أحسنتِ .
ماهر : و الآن دوري .
آنسة سارة : تفضّلْ .
ماهر : أحبُّ التّنزهَ كثيراً ، لذا كانَ أبي وأمي يأخذانني نهايةَ كلَّ أسبوعٍ إلى الحقلِ ، هناكَ بدأَتُ أحبّهما أكثرَ فأكثرَ ، و مازالا يأخذانني إلى الحقلِ ، هذا الحبُّ يكبرُ يوماً بعدَ يومٍ في داخلي ، أنا طفلٌ سعيدٌ في حياتي .
آنسة سارة : رائعٌ . مشاعرٌ جميلةٌ جداً ، أطلبُ من اللِّه أنْ يمدَّ في عمرِ والدَيكَ .
شعرتْ آنسةُ سارةُ بسعادةٍ كبيرةٍ ، عندما سمعتْ موضوعَ ماهر ، فليسَ هناكَ أجملُ من أنْ يعيشَ الإنسانُ مع والدَيهِ في فرحٍ و سرورٍ ، إلّا أنَّ سعادتها لمْ تدمْ طويلاً لأنَّ مديرَ التّربيةِ نهضَ و استأذنَ لكي يغادرَ ، و قبلَ المغادرةِ همسَ في أذنها .
مدير التّربية : هذا الطّفلُ يكذبُ ، حاولي أنْ تعلميهِ أنَّ الكذبَ شيءٌ سيءٌ جداً ، و ليسَ هناكَ أيُّ مبررٍ يجعلُنا نلجأُ إلى الكذبِ .
آنسة سارة : لمَ يكذبُ ، إنّهُ صغيرٌ ؟
مدير التّربية : هذا الطّفلُ ابنُ قريتي ، أعلمُ قصّتهُ كلّها .
آنسة سارة : ما القصّةُ يا أستاذُ ؟
مدير التّربية : هذا الطّفلُ يعيشُ مع جدّيهِ ، والدهُ متوفٍ وأمهُ تركتهُ ، وتزوجتْ من رجلٍ آخرَ .
أحسّتْ آنسةُ سارةُ بحزنٍ شديدٍ .
مدير التّربية : اطلبي منه تغييرَ موضوعهِ .
آنسة سارة : حسناً لا تقلقْ يا أستاذُ ، سأتكفّلُ بالأمرِ .
مدير التّربية : لقدْ قدّمتمْ مواضيعَ شيقةً ورائعةً جداً ، و كم أتمنى لو كانَتْ آنسةُ سارةُ معلّمتي عندما كنتُ في مثلِ عمركم .
آنسة سارة : شكراً لكَ ، هذا تواضعٌ منكَ ، لمْ أرَ مثلهُ من قبلُ .
مدير التّربية : بل هذهِ هي الحقيقةُ ، أنتِ معلمةٌ حقيقيةٌ شكراً لجهودكِ يا آنسةَ سارةَ .
ثمَّ غادرَ مديرُ التّربيةِ ، و هو مسرورٌ جداً .
تابعَ جميعُ الصّغارِ قراءةَ مواضيعهم ، كانَتِ المواضيعَ تتسمُ بالمتانةِ و بالدّقةِ في التّعبيرِ .
آنسة سارة : تعالَ يا ماهرُ .
ماهر : هلْ منْ مشكلةٍ ؟
آنسة سارة : أحببتُ مشاعركَ كثيراً .
ماهر : شكراً لكِ ؟
آنسة سارة : كم أتمنى أنْ أتعرّفَ على والدَيكِ .
ماهر : أبي مشغولٌ جداً .
آنسة سارة : هلْ هو معكم ؟
ماهر : نعمْ ، إنّهُ في البيتِ .
آنسة سارة : أمّا والدي ، ليسَ في البيتِ .
ضحكَ الجميعُ .
الجميع : أينَ هو ؟
عمر : في عملهِ يا أغبياءُ .
تالة : لقدْ ذهبَ إلى الجنّةِ ، أنتِ قلتِ لي ذلكَ في المرّةِ السّابقةِ يا آنسةَ سارةَ .
آنسة سارة : هذا صحيحٌ ، ذهبَ والدي إلى الجنّةِ ، توفي عندما كنتُ في الخامسة عشر من عمري .
ماهر : و أمكِ هلْ هي معكِ ؟
آنسة سارة : تركتني .
ماهر : لماذا ؟
آنسة سارة : تزوّجتْ بعد وفاة والدي بسنةٍ .
بدأَ ماهرُ هو الوحيدُ الّذي يسألُ ، كلُّ همّهُ أنْ يعرفَ المزيدَ ، إنّهُ لا يعلمُ ما يريدُ ، لمْ يخبرْ أحداً أنّهُ يعيشُ مع جدّيهِ ، و في الحقيقةِ جميعُ رفاقهِ يعرفون قصّتَهُ ، لكنّهم لا يجرحونهُ ، ظنَّ بعضهم أنَّ آنسةَ سارةَ تمزحُ ، فوالدُها لمْ يمتْ ، قالَتْ ذلكَ لتواسي ماهرَ ، وأنّها تعيشُ مع والدَيها ، لكنْ هذهِ هي حقيقتها ، آنسةُ سارةُ وحدها تشعرُ بما يشعرُ بهِ ماهرُ .
آنسة سارة : هلْ تعلمُ يا ماهرُ كنتُ افتخرُ لأنّني أعيشُ مع جدّيّ .
ماهر : حقّاً .
تابع قرأة النص على مربع الاجابة اسفل الصفحة