خطبة صلاة الجمعة بعنوان((. اللهم هيئ لنا من امرنا رشدا)) مكتوبة مع الدعاء
خطبة الجمعة الأولى والثانية مكتوبه
بعنوان اللهم هيى لنا من أمرنا رشدا
خطبة بعنوان
-" اللهم هَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا "-
الحمدُ لله العزيز الغفور، الحليم الشّكور،
يعلم خائنَة الأعين وما تخفي الصّدور،
أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره..
لا قاطع لمن يصله، ولا نافع لمن يخذله،
يثُيب على العمل القليل ويقبله،
ويحْلمُ على العاصي فلا يعاجله..
الملائكة من خشيتِه مشفِقون،
والعباد من عظمته وجلون ،
وكلّ من في السموات والأرض له قانتون،
يا ربّ هيّئ لنا من أمرنا رشدا**
واجعل معونتك الحسنى لنا مددا
ولا تكلنا إلى تدبير أنفسنا**
فالنفسُ تعجز عن إصلاح ما فسدا
أنت الكريم وقد جهّزتُ من أملي**
إلى أياديك وجهاً سائلاً ويدا
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يبعث مَن في القبور للوقوف بين يديه يوم النشور،
وأشهد أن نبينا وسيّدنا محمّدًا عبدُه ورسوله، بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرًا ،،،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،..
أما بعد:
عبــــاد الله :
حين " أوى الفتية إلى الكهف "، لم يسألوا الله النصر، ولا الظفر، ولا التمكين ، ولا شيء من متاع الدنيا،
بل قالوا:) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)، [الكهف: الآية 10]،
ذلك أن الرشد هو إصابة وجه الحقيقة ، و هو السداد،
وهو السير في الإتجاه الصحيح،
فإذا ارشدك الله فقد أوتيت خيرا عظيما, وخطواتك مباركه،
وبهذا يوصيك الله أن تردد : (وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا) ]الكهف:24[،
بالرشد تختصر المراحل وتختزل الكثير من المعاناة وتتعاظم لك النتائج حين يكون الله لك " ولياً مرشداً "،
و لذلك حين بلغ موسى الرجل الصالح لم يطلب منه إلا أمرا واحداً هو : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) ]الكهف:66[ ،
فإن الله إذا هيأ لك أسباب الرشد، فإنه قد هيأ لك أسباب الوصول للنجاح الدنيوي والفلاح الأخروي ..
والرشد ضد الغيّ والضلال، و هو ضد السفه وسوء التدبير، والرشد يعني الهدى والحق والإيمان،
قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا)[البقرة 256]،
والجن لما سمعوا القرآن أول مرة ماذا قالوا؟ قالوا :(إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) الجن:1-2[..
أيها المؤمنون - عباد الله:
لقد بين القرآن الكريم أهمية الرشد وأثره في حياة الأفراد و المجتمعات، وجعل من أعظم دلالاته والوصول إليه والحفاظ عليه، تنمية الإيمان بالله والحفاظ عليه، وطلب العون والسداد منه سبحانه،
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً) [النساء:136]،
و قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة / 186].
وبين سبحانه وتعالى أن الإيمان عندما تتزين به القلوب، فإن ذلك سبيل إلى الرشد والرشاد،
قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) [الحجرات: 7، 8].
وصلاح النفس وتربيتها وتزكيتها بالقيم والأخلاق والمثل العليا سبيل الرشد وطريقه، وعكس ذلك الغي والضلال،
قال تعالى: (وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا)[الأعراف / 146]،
إن المظاهر لا تغني من الحق شيئاً،
لذلك قد تجد الرجل الكبير والشاب القوي، وصاحب الشهادة ،
وقد تجد صاحب الجاه والمكانة،
وقد تجد ذلك الإعلامي والسياسي وغيرهم، لم تشفع لهم مكانتهم أن يقولوا رشداً ويعملوا رشداً فينفعوا أوطانهم ومجتمعاتهم وأمتهم؛
لأنهم لم يتخذوا طريق الرشد سبيلاً،
بل كانت نفوسهم وحظوظهم الشخصية وعدم إدراكهم لواجباتهم تقودهم في كثير من الأحيان إلى سبيل الغي،
فتحل الكوارث والمشاكل وتتأجج الفتن والصراعات وقد تسفك الدماء وتدمر الأوطان ويهلك الحرث والنسل،
لذلك لما رأى نبي الله لوط عليه السلام قومه واصرارهم على المنكر قال لهم: (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِىٓ ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) ]هود:78[ ،
أليس منكم رجل عنده تقوى أو اثر من خلق ومرؤة يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر،
فكانت النتيجة أن دمر الله تلك القرى،
قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ) ]هود-82[،
لأن الرشد كله خير ، في البيت والمجتمع والقبيلة والدولة،
وهو صمام أمان لتجاوز المحن والعقبات والفتن والإبتلاءات،
وإذا ما غاب وتلاشي ظهرت أمراض كثيرة ومشاكل عديدة واختلافات كثيرة..
عبــــاد الله:
إننا بحاجة إلى الرشد في جميع أمور حياتنا،
رشد في الإيمان والإلتزام بأحكام الدين،
ورشد في السلوك والمعاملات،
ورشد في الأقوال والأفعال والنيات،
ورشد في العلم والعمل،
لذا كان يدعو صلى الله عليه وسلم ربه، يطلب الرشد والعزيمة عليه، عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا أَنْ نَقُولَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ ، وَأَسْأَلُكَ العَزِيمَةَ في الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا ، وَقَلْبًا سَلِيمًا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) (السلسة الصحيحة).
( وَأَسْأَلُك العَزِيمَةَ في الرُّشْدِ ) هِيَ الْجِدُّ فِي الْأَمْرِ بِحَيْثُ يُنْجَزُ كُلُّ مَا هُوَ رُشْدٌ مِنْ أُمُورِهِ , وَالرُّشْدُ هُوَ الصَّلَاحُ وَالْفَلَاحُ وَالصَّوَابُ.
تابع قرأة باقي الخطبة الأولى والخطبة الثانية والدعاء اسفل الصفحة على مربع الاجابة