خطبة الجمعة بعنوان واجبنا نحو تربية أبنائنا وأهمية تربية الأبناء خطبة الجمعة مكتوبة مع الدعاء
خطبة الجمعة بعنوان أهمية تربية الأبناء
خطــبـــة جـــمعةبعـــنــــــوان اهــــمـــيـــــــة.تــربـــيـــــة.الأبـــــنـــاء
الخطبـــة.الاولـــى
الحمدلله رب العالمين أمرنا بالمحافظة على الصغار وتوجيههم فقال تعالى:﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)[مريم 54، 55]
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. أمرنا بتربية أولادنا التربية الصالحة فقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضح مسؤولية الآباء عن أبنائهم فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته". صحيح أورده الألباني في صحيح الترغيب.
فاللهم صل على سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...
أمــا بـعــد عــباد اللــه :
فإنه من أهم ما يطمح إليه الإنسان في دنياه، ومن أعز الأمنيات على قلبه، وأجمل الرغبات في نفسه: أن يرزقه الله ذرية طيبة وولداً صالحاً وهي من أعظم النِّعم التي ينعم الله بها على عِباده وقد وصف الله عزَّ وجلَّ عباده بأنهم يدعونه أن يهب لهم ذرية نقية صالحة تسعدهم، يقول الله تعالى:﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾[الفرقان: 74]
وهم، قرة العيون، وفلذات الأكباد، وبهجة الأعياد، ونبض المجتمعات بهم يحلو العمر ، وعليهم تعلق الآمال ، وببركة تربيتهم يستجلب الرزق ، وتنزل الرحمة ، ويضاعف الأجر ، وهم أحباب الرحمن وهم زهرة اليوم وثمرة الغد وأمل المستقبل، ويقاس بنضجهم وتقدمهم ونجاحهم تقدم الأمم ونجاحها، فهم ثمار قلوبنا ومصابيح بيوتنا وعماد ظهورنا وأحشاء أفئدتنا ،وزينة حياتنا، قال الله تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف: 46].
وقد أحسن من قال :
إنـــمــــــا أولادنـــا بيــنــنــا
أكبادنا تمشــي على الأرض لوهبت الريح على بعضــهم
لامتنعت عيني عن الغمض
فبصلاحهم وتربيتهم عملٌ صالح يستمر للأبوين حتى بعد موتهما، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " [ أخرجه مسلم ]
ومع صلاحهم ينال الأبوان برَّهم، وطاعتهم، ونفعهم، وهكذا تكون نِعمة الأولاد تعود على الأبوين بالخير في الدنيا والآخرة
والأولاد مع ما فيهم من فضل وخير، ومع كونهم نِعمة، فهم أمانة يجب تأديتها كما يحبُّ الله جل في علاه، وهو القائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]
بل إن ذلك من أعظم الأمانات التي تجب على الإنسان، وخيانتها من أعظم الخيانات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]
هي والله أمانة لأن الأمر من الملك الجبار جاء بوجوب وقاية الأولاد من النار، وأن يبعدهم المسؤول عنهم عن كلِّ طريق يوصل إلى جهنم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]
"أي: فقِّهوهم، وأدِّبوهم، وادعوهم إلى طاعة الله، وامنعوهم عن استحقاق العقوبة بإرشادهم وتعليمهم، ودلَّت الآية: على وجوب الأمر بالمعروف في الدين للأقرب فالأقرب، وقيل: أظهِروا من أنفسكم العبادات؛ ليتعلَّموا منكم، ويعتادوا كعادتكم .
فالتفريط في أمانة رعاية الشباب والناشئة ، خيانة عظمى ومصيبة كبرى وحتماً ستحط رحالها بالأمة وربما كانت الجرائم الموبقات من كوراث وانحرافات ومواجع وفاجعات ، ربما كان سببها الإهمال في تربية الأبناء وعدم العناية بالناشئة من الفتيان والفتيات .
عباد الله : نخشى أن ينزلق الأبناء المسلم في براثن الفضائيات والمواقع والرذيلة ويسقطوا في مستنقعات العار والفضيحة ، ويقعوا في بؤر الإسفاف ومراتع الاستخفاف وما تلكم التجمعات الفاشلة حول المحلات التجارية وعند أركان البيوت ، والهروب من المدارس والتواجد في الأزقة وأماكن قضاء الحاجة ، والتعرض للمسلمين وأذيتهم إلا دليل على أن هناك خللاً يجب سده ، وخرقاً يجب رقعه .
فلابد من رأب الصدع ، وترميم جدار التربية ولا بد من رعاية الشباب والناشئة حتى يكونوا نواة صالحة لدينهم ومجتمعهم ، ولبنة بناء لعقيدتهم وأمتهم .
ألا فاتقوا الله أيها الآباء ، فأنتم عند ربكم موقفون ، وعن ذريتكم مسؤولون ، سيكون أبناؤك وبناتك خصماءَ لك أمامَ الله يوم القيامة سيخاصِمك الأبناء والبناتُ بين يدي الله في ذلك اليومِ العظيم عن تقصيرك، عن إساءَتك، عن إهمالك، عن تضييعِك، عن عدمِ مبالاتك، قال تعالى : " وقفوهم إنهم مسؤولون " ، وقال تعالى : " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " فأنتم مسؤولون عن انحراف الشباب ، ومحاسبون عن تربيتهم أمام رب الأرباب .
فـالـتربـيـة عباد الله ليست بتلبية حاجاتهم من مأكل ومشرب وقضاء حوائجهم، أو تعليمهم بر الوالدين فقط؛ إنما هي أسمى و أرقى من هذا،
فالتربية تكون برعاية الأبناء رعاية دينية على كتاب الله و هدي نبيه عليه الصلاة والسلام .
الـتـربـيـة هي العناية بالأبناء من جميع النواحي: الجسدية و العقليـة والروحية والوجدانية ، كل هذا وفق منهج الله .
إنَّــها الــرِعَـايَــة فقد جاء البيان من رسول ربِّ العالمين بأنَّ المرء يُسأل عن رعيَّته يوم الدين، فبأي شيء يجيب مَن ضيَّع أولاده؟ وبماذا سينطق مَن خان الأمانة؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته...، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية في بيت زَوجها ومسؤولة عن رعيَّتها))[رواه مسلم ]
فتربية الأولاد ورعايتهم مسؤوليَّة قد يتسبَّب إهمالها وعدم حفظها في مَصير مؤلم ينتظر الوالدين، فاحذروا عباد الله من التفريط في تربية الأبناء ، أو التخلي عن المسؤولية تجاههم ، فهذا هو الغدر ، وتلكم هي الخيانة ، وذلكم هو الغش الموصل إلى النار .
أخرج البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث مَعْقِل بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " ، فارعوا أبناءكم ، وأدوا أماناتكم ، وانصحوا لأولادكم ، فكلٌ مسؤول عن رعيته .
فدَور الأبوين مهم جدًّا في تحديد مَسار الأولاد، وكما أنَّهما سبب في صلاحه، فهما سبب رئيس في فساده، يقول ابن القيم رحمه الله: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانتِه له على شهواته، ويزعم أنه يكرِمه وقد أهانه، وأنَّه يرحمه وقد ظلمه وحرَمَه، ففاته انتفاعُه بولده، وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد، رأيتَ عامَّته من قِبَل الآباء"
عباد الله : قد أولى الله الطفل عناية فائقة منذ أن يتخلق جنينا في بطن أمه, وحتى يبلغ الرشد، و جعل له حقوقا شرعية، مادية و معنوية أثبتها في كتابه و سنة نبيه و ألزم بها والديه .وقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا " أخرجه مسلم
فمن ضمن الحقوق والرعاية لهم أولا التربية الصحية والبدنية فهي حق من حقوق الأبناء؛ وواجب من وجبات ومسؤوليات الآباء، تبدأ بعد الولادة مباشرة.
ومنها تحنيك المولود بعد ولادته بتمرة
ومنها الرضاعة وقد حبا الله تعالى حليب الأم بمواد خاصة تنفع الطفل لا توجد في غيره
ومنها الختان وهو من خصال الفطرة في الإسلام، وقد أكد الأطباء اليوم فوائده الصحية ومنها التداوي والمعالجة ويدخل في ذلك التلقيحات المستعملة اليوم ضد الأمراض الخطيرة .
ومنها الحضانة والنفقة التي تشمل المأكل والمشرب الذي ينميه، والألبسة التي تحميه، والمسكن الذي يؤويه.
ثانيا: ومن ضمن الرعاية التربية النفسية والعقلية فهي حق من حقوق الأبناء؛ وواجب من وجبات الآباء، تبدأ أيضا بعد الولادة مباشرة.
فمنها اختيار الاسم الحسن، فلا يجوز للأب أن يطلق على ابنه اسما يتأذى منه نفسيا، فيتبرم من المناداة ومنها عدم إظهار النزاع والخصام الذي ينشب بين الأبوين في كثير من الأحيان أمام أولادهما لأن الخصام وإن ظنه الأبوان بسيطا فقد يشتت نفسية الطفل، ويدخل البلاء لباله وعقله، فيتربى على العنف والفظاظة والغلظة. ومنها العدل بين الأولاد في المنع والعطاء لأن عدم المساواة بينهم يزرع الحقد والعداوة بينهم، فمن أعطى أحد أولاده دون الآخر فقد ظلم، ومن أعطى الذكور دون الإناث فقد ظلم.
فيظهر لهم محبّتَه لبعضهم وكراهيتَه لبعضهم، يميل مع هذا دونَ هذا، هذا يقرّبه ويدنيه ويهَب له الهباتِ ويذلِّل أمامَه الصِّعاب ويلبّي طلباتِه ويعطيه مِن أمر الدّنيا ما يعطيه، وأولئك أولادٌ قد أُبعِدوا وأُقصُوا وجُفوا وحُرِموا ولم يُعطَوا مثلَما أُعطِي إخوانهم، لماذا؟! ألستَ أبَ الجميع أيّها الأب؟! أليسوا جميعًا أولادَك؟! فلِمَ هذه التّفرِقة؟! ولم هذا التجنّي؟!
ولِمَ هذا الظّلم والعدوان؟!
ثالثا: أما التربية الروحية والدينية فحق اعظم من حقوق الأبناء، وواجب أعظمُ من واجبات الآباء وهي تبدأ أيضا بعد الولادة مباشرة.
فمنها الآذان في أذن الطفل اليمنى وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى بعد الولادة مباشرة، ليكون أول ما يقرع أسماعه هي كلمات لا إله إلا الله والله أكبر لقد أراد الإسلام أن يستقبل المسلم الدنيا بكلمة (لا إله إلا الله) كما أراد أن يغادر الدنيا بكلمة (لا إله إلا الله) قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَان آخِرَ كَلامِه لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ».
فعلى الآباء ان يربوا أولادهم وأن يغرسوا في أولادهم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب القرآن، وحب الصالحين، وحب العلم والعلماء، وحب الأخلاق الحميدة، ويعودوهم بذل المعروف والخير للآخرين، وإغاثة الملهوف، والتأدب مع الناس.
تابع القراءة على مربعات الاجابات اسفل