مرحلة سقوط سلطنة الدولة السلجوقية واستقلال الإمارة العثمانية حتى أصبحت السلطنة العثمانية
سُقوط سلطنة سلاجقة الروم واستقلال الإمارة العُثمانيَّة.
كيفية سُقوط سلطنة سلاجقة الروم واستقلال الإمارة العُثمانيَّة تاريخياً
موقع النورس العربي alnwrsraby.net
مرحلة سقوط سلطنة الدولة السلجوقية واستقلال الإمارة العثمانية حتى أصبحت السلطنة العثمانية
تطلَّع عُثمان، بعد انتصاراته المُتعددة، إلى التمدُّد على محورين، وذلك بِهدف عزل المُدن البيزنطيَّة التي أراد فتحها، فقطع الطريق المُؤدي إلى مدينة إزنيق من الجهة الشرقيَّة، وتقدَّم من الغرب صوب لوباديون - أولوباط - وأورانوس، ثُمَّ التفَّ حول سلسلة جبال أولوطاغ من الشمال والجنوب مُتجنبًا دُخول مدينة بورصة المُحصَّنة، فاتصل بجيرانه المُسلمين في الجنوب الشرقي.
ولمَّا كانت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة مُنهمكة بإخماد القلاقل والفتن في العاصمة وفي البلقان، ومشغولة بالصدامات المُستمرَّة مع أعدائها الأقوياء في الأناضول، أمثال القرمانيين والإمارات الساحليَّة، فإنها لم تستطع، ولِمُدَّةٍ طويلة، أن تتحرَّك ضدَّ عُثمان الذي وجد نفسهُ حُرًّا في التوسُّع على حسابها.
وفي الوقت ذاته، كانت السلطنة السُلجوقيَّة الروميَّة تعيش أيَّامها الأخيرة، وقبضتها تضعف شيءًا فشيئًا على الإمارات التُركمانيَّة، وكان الإلخان المغولي محمود غازان غاضبًا على السُلطان علاء الدين كيقباد الثالث لِكثرة اشتكاء مرؤوسيه منه، إذ كان هذا السُلطان قد شرع بتطهير بلاطه من رجال وحاشية سابقه السُلطان غيَّاث الدين مسعود بن كيكاوس، مُنتهجًا في ذلك نهجًا بالغ القساوة، الأمر الذي نجم عنه تراجع شعبيَّته في الأوساط العسكريَّة والسياسيَّة السُلجوقيَّة، فطلبه الإلخان إلى تبريز حيثُ اغتاله وفق إحدى الروايات، وأعاد تنصيب السُلطان غيَّاث الدين مسعود بدلًا منه.
وفي روايةٍ أُخرى أنَّ جُموع المغول والتتر أغارت على بلاد آسيا الصُغرى في سنة 699هـ المُوافقة لِسنة 1300م تقريبًا، وقتلت السُلطان علاء الدين كيقباد في عاصمة مُلكه قونية، كما قيل أنَّ غيَّاث الدين مسعود قتله بنفسه طمعًا بِعودة المُلك إليه.
وقيل أيضًا أنَّ علاء الدين كيقباد نجا بنفسه والتجأ إلى الإمبراطور البيزنطي واحتمى في بلاطه إلى أن أدركه الموت. وبجميع الأحوال فإنَّ سلطنة غيَّاث الدين مسعود كانت قصيرة ودامت ما بين 4 و6 سنوات، وعندما توفي زالت معهُ سلطنة سلاجقة الروم نهائيًّا، وقيل أيضًا أنَّ المغول قتلوه وقضوا على دولته، فاتحين المجال للإمارات التُركمانيَّة بالاستقلال.
أتاح زوال السلطنة السُلجوقيَّة الروميَّة لِعُثمان بأن يستقل بالأراضي المُقتطعة لهُ كافَّة، ولقَّب نفسهُ «پاديشاه آل عُثمان» أي «عاهل آل عُثمان»، ووضع نصب عينيه ضم آخر الثُغور والقلاع والحُصون البيزنطيَّة إلى ديار الإسلام. وقيل: إنه لما مات السُلطان علاء الدين السُلجوقي في قونية، ولم يكن له ذُريَّة، اجتمع الوُزراء والأعيان وقرَّروا أنَّهُ لا يليق للسلطنة سوى عُثمان الغازي، فعرضوا عليه هذا الأمر فأجاب طلبهم، وصار سُلطانًا من هذا التاريخ.
تُشيرُ الكثير من الروايات العُثمانيَّة إلى أنَّ استقلال عُثمان بالأمر كان سنة 687هـ المُوافقة لِسنة 1299م، في حين يقول قسمٌ من المُؤرخين المُعاصرين أنَّ هذا غير دقيق، فسلطنة سلاجقة الروم لم تنتهي إلَّا بوفاة السُلطان غيَّاث الدين مسعود سنة 1306م، ولعلَّ الاستقلال الذي ذُكر في التاريخ العُثماني يُقصد به أنَّ السلطنة فقدت هيمنتها على الإمارات الحُدوديَّة بعد أن اضمحلَّت إدارتها، وأنَّ الاستقلال الفعلي للإمارة العُثمانيَّة لم يحل إلَّا بعد وفاة الإلخان المغولي أبو سعید بہادر خان سنة 736هـ المُوافقة لِسنة 1335م من دون أن يُعيِّن خلفًا له، ما أدّى إلى نُشوب صراعات على الحُكم في الدولة الإلخانيَّة كان من نتيجتها استقلال إمارات الأناضول استقلالًا فعليًّا.
الصورة:السُلطان عُثمان الغازي على تخت الإمارة، ويبدو إلى جانبه اثنان من القادة التُرك رُفقاء دربه: آقچه خوجة على اليسار، وقُونور ألب على اليمين.