تحليل رواية الشحاذ المقومات القصصية
البناء الفني للرواية
المقومات الفنية الكلاسيكية
دراسة حول رواية الشحاذ
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء في موقع النورس العربي أن المتميز في السرعة على الاجابة على أسئلتكم المتنوعة في شتى المجالات التعليمية والثقافية والاخبارية ويسعدنا أن نقدم لكم أصدق المعلومات والاجابات الصحيحة في صفحة النورس alnwrsraby العربي وكما عودناكم أعزائي الزوار أن نقدم لكم الأجابة الصحيحه والنموذجية في صفحتنا وهي كالتالي
تمهيد:
بين حيرتين كانت مسيرة الشحاذ الذي نبا به خلف الحقيقة وساد. حيرة في أول الرواية لما قال:"لمن اللوحة الكبيرة يا ترى" وحيرة في آخرها لما عاد إلى الدنيا مرددا :"إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني"بينهما تلظى على نار الحيرة ومزقته الأوهام و أعيته السبل وطال عليه الأمد. فبعد أن حبته الدنيا بخيراتها فكر وقدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر وقال إن النعيم إلا وهم يعبر.وكانت غايته منذ البدء البحث في الوجود عن معنى لحياته بحثا ملحاحا على النفس التي رأت أنها في سجن هذا الوجود ولقد كانت لوحة المرعى في عيادة الطبيب خير دليل على هذه الحيرة فالأفق فيها ينطبق على الارض من أي مكان ترصده .يا له من سجن لا نهائي
تلك هي إذن صرخة الانسان الذي جاء إلى هذا العالم ولم يستطع أن يدرك بعقله علة هذا الوجود لكنه أدرك حتمية الموت فردد ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
لكنه لما لج في السؤال أعياه الطلب .كذا كان حال عمر الحمزاوي الذي لم يجد إلى يقينه سبيلا وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا.
المقومات القصصية
البناء الفني للرواية
المقومات الفنية الكلاسيكية
-الاحساس بالمرض: (الفصلين 1+2) انطلقت الرواية بإحساس عمر الحمزاوي ,الزوج السعيد والمحامي الناجح ورب الأسرة المثالي بأعراض مرض غريب وتقول زينب عن ذلك "كنا أسعد زوجين ولم يكن مثله في الرجال أحد"انطلقت الأحذاث مع زيارته الطبيب قصد الاستشفاء من مرضه الغريب الذي جعله ضجرا ملولا خاملا ولا تسفر الزيارة إلا عن توصية بالحمية "الريجيم " و بالراحة وينطلق الحمزاوي في تنفيذ وصية العلاج .
*الإجازة : (الفصول من 3إلى 5) تنجح الراحة و الحمية في إنقاص وزن المريض لكنه لم يشف
* تصاعد الأزمة : (الفصول من 6 إلى 10) تتصاعد أزمته فيكره عمله والمنزل وزينب .ويندفع متطلعا في الوجوه الجميلة ناشدا معنى للحياة في الجنس والحب .ويكثر من ارتياد الملاهي الليلية ومعاشرة النساء فيعيش على إثر ذلك تجربة مع الراقصة وردة.ولكن النشوة الأبدية لا تدرك فيصعد من مغامراته ويهجر زوجته زينب و تتكاثر مغامراته الجنسية مع مارغريت ومنى ووردة.
*في مطاردة النشوة العجيبة : (الفصول من 11إلى 14) بدأ يتوجه نحو الزهد في كل شيء وبدأت تشتد به خال من اليأس و الضياع و التعطش للنشوة المطلقة فينتهي به الأمر إلى للخروج وحيدا إلى الصحراء ليلا وهناك يشاهد انبلاج الفجر ويحس نشوة طالما طاردها في لحظة ترفعه إلى أعلى لكنها سرعان ما تمضي فينحط متخبطا في واقعه البائس .
*التراجع الفصل 15) يمثل هذا الفصل نوعا من التراجع عن المسار التصاعدي إذ يدعى فيه عمر الحمزاوي إلى المصلحة ليحضر ولادة زوجته لابنه سمير فيقرر العودة إلى منزله
* العودة إلى العزلة : نهاية الفصل 15 إلى 19) يمضي عمر في تجربة جديدة تبدأ إرهاصاتها بطلب الوحدة والشوق إلى الرحيل ويعيش لحظة ارتجاج شديدة عند ظهور عثمان خليل رفيقه القديم و الخارج من السجن.ولكنه يمضي قدما نحو هذه المرحلة الجديدة. فيلجأ إلى كوخ في الريف يعيش فيه تجربة صوفية يطلب فيها الاتحاد بالمطلق ويهذي بعالمه القديم في أحلام غريبة لا معقولة يختلط فيها الواقع بالعجيب
*النهاية: ينتهي الأمر بالحمزاوي إلى الخروج من عزلته على يد الشرطة وقد أصيب برصاصة فيجبر على الرجوع إلى دنيا الناس من جديد ويعود صديقه عثمان حليل إلى السجن من جديد.
الزمان
امتد الزمان الموضوعي سنتين وثلاثة أشهر من أوت 1954 إلى أكتوبر 1956.وهذه المدة تقسم تقريبا إلى قسمين كبيرين: 9أشهر قبل خروج عثمان خليل من السجن و سنة وثلاثة أشهر بعد خروجه. وبذلك تكون الأحداث متنزلة في مرحلة ما بعد ثورة 1952 للضباط الأحرار في مصر .
المكان
القاهرة هي الإطار العام للأحداث مركزا ومحورا :
• *عيادة الطبيب
• البيت
• المكتب
• الملهى
• شقة العشيقة
• الصحراء
الشخصيات
*عمر الحمزاوي رجل في الخامسة والأربعين من العمر محام ناجح ينتمي إلى طبقة البورجوازيين الصغار يتمتع بكل ما يمكن أن يحلم به أي إنسان من عمل ومال ومسكن فاخر وزوجة جميلة وأبناء .لكنه بدأ يشكو مرضا تجلت أعراضه في قول الكاتب "ازدادت شكواه من تثاقل جفونه وتكاسل دقات قلبه" لذا يلجأ إلى طبيب صديق هو حامد صبري الذي لا يجد عند مريضه مرضا عضويا ويقر أن مرضه روحي مما يسمى بمرض البورجوازيين.ومن هنا نفهم سر تأزم عمر الشحاذ فهو قد امتلك كل شيء وزهد في كل شيء والتفت إلى ذاته فلم يجد معنى لحياته وقد اغرق في مستنقع المادة والكسب فهامت الروح وتبعها هائما يبحث عن سر الوجود ومعنى الحياة .وتنتهي رحلة الشحاذ في البحث عن اليقين وقد أصابته رصاصة لتعود به إلى دنيا الواقع فيحس فجأة بالنشوة تعاوده على نغمات بيت شعر يتردد على مسامعه ويناديه إلى الحياة "إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني "
*عثمان خليل كان يكون مع مصطفى المنياوي و عمر الحمزاوي ثالوثا نضاليا أيام الجامعة فكلهم يؤمنون بمبادىء الاشتراكية والثورة وقد دخل عثمان خليل السجن لمدة عشرين سنة ليخرج منه ثم يعود إليه من جديد وقد أدانته الدولة الاشتراكية .
* مصطفى المنياوي ثالث ثلاثة كانوا من المناضلين والمؤمنين بالمبادئ الاشتراكية لكنه كعمر الحمزاوي ابتعد عن ساحة النضال إيمانا وممارسة منذ الثورة وانخرط في المجتمع الجديد والواقع الجديد .انصهر في البورجوازية المتوسطة واتبع الصحافة وكتابة المسلسلات وقصر همه على المال وجمعه وعلى التسلية في كل شيء حتى أصبح الفن في حد ذاته لديه تسلية وتهريجا .واندثرت عنده كل المبادئ الثورية متعللا بقوله "مادامت الدولة تحتضن المبادئ التقدمية وتطبقها أليس من الحكمة أن نهتم بأعمالنا الخاصة" وهو كثير الحضور في الرواية فقد كان شاحدا على الشحاذ في قصة حبه مع زينب وزواجه منها وعلى كامل مغامرة الشحاذ الوجودية منذ أن شعر عمر بالمرض . وقد هيأ لعمر اللقاء الأول بمارغريت في ملهى باريس الجديدة ثم لقاءه بوردة في ملهى كابري .ومن المتناقضات العجيبة أن مصطفى المنياوي الذي واكب مغامرات الشحاذ هو الذي حاول إرجاعه إلى بيته ليرى مولوده الجديد .
• حامد صبري كان هو أيضا من مجموعة الثورة ولكن علاقته بهم انقطعت منذ اصبح طبيبا ماهرا ناجحا .وهو الذي كشف على الحمزاوي وأقر "أن لا شيء البتة" وأن المرض لا يعدو أن يكون مرضا روحيا يلزمه تغيير نمط الحياة والخروج من رتابة العمل والبيت ضاربا المثل بنفسه حيث يعتمد نظاما في الأكل ويمارس رياضة المشي .
• زينب زوجة عمر كانت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج رغم اختلاف الديانات فهي مسيحية محافظة على قدر كبير من الجمال وقد أنجبت من عمر بثينة وجميلة وسمير . وكانت حياتها هادئة قبل أن يمرض زوجها فتتحول من الراحة إلى الذعر والحيرة والقلق لغياب زوجها الشحاذ كل ليلة .فتقوم بدور الناصح المنبه وتتصنع الهدوء تارة و وتلوم زوجها طورا إلا أنه كان يجيبها في يقين من اعتقد اعتقادا كبيرا في ضرورة خوض تلك المغامرة فيقول" شيء لا بد منه"
• بثينة ابنة عمر فتاة في مقتبل العمر ومرحلة النضج مثقفة وطالبة علوم وهي إلى ذلك مولعة بالشعر وتهواه قراءة وتذوقا ومعاناة وقد ورثته عن ابيها لذلك لا تفتأ تحرك فيه صوت الشعر الذي انقطع ونبضه الذي أضعفه الضياع ومسحته أزمته
• سمير كان له فضل إرجاع والده إلى بيت الأسرة عند ميلاده وقد حملت به زينب في فترة تأزم الأب ولكنه لن يكون كأبيه ملولا قلقا بل" إن اسمه سيحميه من الضجر"
═════◄ضرورة انتباه القارئ إلى أن هذه المقومات تنهض بوظيفتين هامتين:
1- وظيفة فنية : بمعنى أنها أطر ومكونات للرواية تحقق متعة فنية (ماذكر سابقا)
2- وظيفة رمزية : بذلك تتحول هذه المكونات إلى رموز تحمل دلالات في إطار الأدب الذهني وهو ما يجده القارىء في قسم الرمزية
ii التقنيات الروائية الجديدة
لانعنى في هذا القسم بالبحث في الجديد والقديم عند محفوظ بقدرما نعنى بالبحث في التقنيات التي جاءت في الرواية متميزة ومنسجمة مع مرحلة الذهنية أو ما يسمى الواقعية الجديدة
إن تعقد قضايا الرواية أوجب تعقد أدواتها الفنية فتشابكت أحداثها وتقاطعت الأزمنة وتمازجت الضمائر وتداخلت أنماط الخطاب من سرد ووصف وحوار وترسل ورؤى وخواطروهدمت الحواجز المألوفة بين كل ذلك لتظل شخصية البطل وما تحيل عليه من أبعاد ذهنية الخيط الرابط ومركز الاهتمام .ويتجلى لنا أن وسائل كشف الباطن قد تعددت في الرواية فقربتها من عالم النفس وتمزقت الفقرة الواحدة كتمزق البطل ويمكن ان نجمل هذه التقنيات فيما يلي :
البناء القصصي يتجلى التجديد في ذلك بانفتاح الرواية بلحظة تأزم تنتقل الأحداث بعدها إلى وفق الاسترجاع والاستباق
البطل الواحد عمر الحمزاوي بطل استقطابي فكل الرواية متابعة لهذا البطل الذي كان أول من ظهر واحر من اختفى وبذلك كانت الرواية كشفا ومتابعة لأحوال البطل في تردده بين الاحساس بالمرض والتوق إلى الشفاء والسعي إليه من خلال التجارب وعلى هذا الأساس يمكن أن نعتبر حضور الشخصيات الأخرى مقصورا على حدود ارتباطها بالبطل فهي روافد توضح جوانب البطل وتبلور هواجسه .ويمكن للقارىء أن يتبين كون الشخصيات لم تكن سوى مرايا تعكس جوانب من تجربة البطل.
كثرة الحوار الباطني : مادامت الرواية متعلقة بقضايا ذهنية وفكرية وتحديدا بالبطل الذي يعيش أزمة كان من المبرر أن يتكثف الحوار الباطني ومن سماته:
* التقطع والتداخل وانعدام الترتيب :إذ أن وطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا الحوار الباطني متعرجا معقدا فقد ورد في ممزقا قد ينكسر
* التنوع:ورد الحوار الباطني موجها إلى ذات البطل مباشرة بضمير الأنا "ماذا يعني هذا الحلم إلا أنني لم أبرأ بعد" أو موجها إلى الذات لكن بضمير أنت أو موجها إلى شخصية أخرى خارجية لكن يبقى الكلام رهين النفس كقوله:"حامد صبري….تريد طي ربع قرن من الزمان؟"
وتبعا لتنوع الحوار الباطني تنوعت الضمائر وتداخلت فقد اعتمد محفوظ ضمير الغائب "هو" ليعكس معالم الجو النفسي للشخصية وليوحي بالغربة عن الذات والانسلاخ عنها.ووظف ضمير المتكلم "أنا" في لحظات الاعتراف النفسي والمحاسبة.كما استعمل ضمير المخاطب أنت عند المواجهة ومصارحة النفس.
إن تنوع الضمائر لم يخضع لترتيب معين وتصور محدد بل كان انتقالا دون ضوابط فكان معبرا عن توتر البطل وخادما لأزمته يوضحها للقارئ
*تقلص الأسلوب السردي : السرد لم يكن خاضعا لمبدأ العلية وإنما صارت ذات البطل هي الموجهة الأساسية فوطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا السرد معقدا والأحداث متميزة بالتمزق فهي ترتد نحو الماضي عن طريق الومضة الو رائية وتتنقل انتقالا غريبا وفجائيا بين الأزمنة معتمدة في بعض الأحيان على مبدأ التداعي والصدفة