شرح درس الزمن و البناء الحضاري - منزلة الزمن في الفكر الإسلامي مسؤولية الإنسان في تعامله مع الزمن
- منزلة الزمن في الفكر الإسلامي
مسؤولية الإنسان في تعامله مع الزمن
//الزمن و البناء الحضاري //
مرحباً بكم أعزائي الزوار في صفحة موقعنا النورس العربي نرحب بكل زوارنا الكرام الناشطين في البحث عن الحلول والاجابات والمعلومات الصحيحة في شتى المجالات التعليمية والثقافية يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم الأن شرح درس الزمن و البناء الحضاري - منزلة الزمن في الفكر الإسلامي مسؤولية الإنسان في تعامله مع الزمن
الزمن و البناء الحضاري
يقول معاوية بن حديج: بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ثم دخلت المسجد فبينا أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب فقالت: من أنت؟ قلت: أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد فقالت: قم فأجب أمير المؤمنين: فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى فقال: ما عندك؟ قلت: خير يا أمير المؤمنين فتح الله الإسكندرية فخرج معي إلى المسجد فقال للمؤذن: أذن في الناس: الصلاة جامعة فاجتمع الناس ثم قال لي: قم فأخبر الناس فقمت فأخبرتهم ثم صلى ودخل منزله واستقبل القبلة فدعا بدعوات ثم جلس فقال: يا جارية هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت فقال: كل فأكلت على حياء ثم قال: كل فإن المسافر يحب الطعام فلو كنت آكلا لأكلت معك فأصبت على حياء ثم قال: يا جارية هل من تمر؟ فأتت بتمر في طبق فقال: كل فأكلت على حياء ثم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال: قلت أمير المؤمنين قائل، قال: بئسما ظننت - لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟
-حسن استغلال و استثمار و تقسيم عمر للوقت برهان على إدراكه بقيمة الوقت و منزلته في الحياة .
أحدد محاور الاهتمام :
1- منزلة الزمن في الفكر الإسلامي :
( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ { 112 } قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ { 113 } قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { 114 } أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ
عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ { 115 }- سورة المؤمنون آية 112-115
العبارات الدالة على معطى الزمن في الآيات : كم لبثتم- عدد سنين – يوما – بعض يوم – إن لبثتم إلا قليلا –
-الزمن يمر مسرعا دون انتظار و دون رجعة مما يجعله ثمينا في حياة البشر .
- إن عمر الإنسان قصير و أن عليه حسن استثمار الزمن للعمل البناء و الفعل الحضاري و هو الغاية من خلق الإنسان .
- من الناس من وعى بقيمة الزمن و الهدف من خلقه فأحسن العمل ففاز في الدنيا و الآخرة
- من الناس من لم يع بقيمة الزمن و الغاية من وجوده فكان مآله الخسران المبين في الدنيا و الآخرة
-الزمن يفنى حياة الإنسان و المؤمن مطالب بإفناء الزمن بالعمل الصالح للفوز بالخلود الأبدي في الآخرة
-الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها عبادات محددة بأوقات معينة، لا يصح تأخيرها عنها، وبعضها لا يقبل إذا أدي في غير وقته، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوقت فمن مقاصد العبادات المتعددة مقصد تعليم المؤمن المحافظة على الوقت بحسن استغلاله و استثماره لأن ذلك مفتاح النجاح و الفلاح في الدنيا و الآخرة
2-مسؤولية الإنسان في تعامله مع الزمن
وقت المسلم أمانة عنده، وهو مسؤول عنه يوم القيامة هناك أربعة أسئلة سيُسألها العبد أمام الله عز وجل يوم القيامة، منها سؤالان خاصان بالوقت فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: ( اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغَنَاءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.) هذا الحديث من جوامع الكلِم، إذ تحدّث عن أهمية الوقت والمبادرة إلى استثماره واغتنام قوة الشباب وفرص الفراغ في العمل الصالح المثمر، وحذر من خمس معوّقات لاستثمار الأوقات، كل ذلك في عبارات وجيزة لا تبلغ العشرين كلمة
يعبر الحديثان عن مسؤولية الإنسان الدينية و الدنيوية في التعامل مع الزمان فالرسول الكريم يأمر المسلمين بحسن استثمار الوقت و إلى النظر و إعمال العقل لاستشراف المستقبل و العمل له
كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس حرصاً على وقته، وكان لا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لا بد منه لصلاح نفسه، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حال النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: ( كان إذا أوى إلى منزله جزّأ نفسه دخوله ثلاثة أجزاء، جزءاً لله، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزأ جُزأه بينه وبين الناس).
ومما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن صحف إبراهيم عليه السلام قوله: ( على العاقل - مالم يكن مغلوباً على عقله- أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب)
ومن تنظيم الوقت أن يكون فيه جزء للراحة والترويح، فإن النفس تسأم بطول الجِدِّ، والقلوب تمل كما تملّ الأبدان، فلا بد من قدر من اللهو والترفيه المباح، فعن حنظلة الأُسيدي رضي الله عنه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك ؟ قلت: يارسول الله نكون عندك تذكّرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ) كررها ثلاث مرات. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أريحوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمي).
تؤكد السنة المطهرة ما جاء في القرآن الكريم من أن الوقت من نعم الله على عباده وأنهم مأمورون بحفظه ومسؤولون عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ). ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم:(كثيرٌ من الناس ): "أي أن الذي يوفق لذلك قليل...والغبن أن يشتري بأضعاف الثمن أو يبيع بدون ثمن المثل.... في هذا الحديث "ضرب النبيصلى الله عليه وسلم للمكلف مثلاً بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقُه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله، ويلزم الصدق والحذق لئلا يُغبن، فالصحة والفراغ رأس مال و على المؤمن حسن التصرف فيهما .فالإنسان يكون مغبونا في الفراغ بعدم اسغلاله في أنشطة قد لا يسمح الوقت و الزمن و مشاغل الحياة بالقيام بها في فترة لاحقة و يكون الغبن بالحصرة و الندم على عدم القيام بتلك الأنشطة في زمن ذلك الفراغ المهدور الذي لا يمكن أن يعود . و قد كانصلى الله عليه وسلم يأمر بالتبكير في أداء الأعمال، فعن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال(اللهم بارك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار).
تقول الدراسات الحديثة إن الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة! فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة المؤمن بحاجة لثقافة إدارة الوقت ليتمكن من العيش بشيء من الرفاهية دون إسراف ولا تقتير لقد ربط الله في كثير من آيات القرآن بين الرزق والتقوى، وأهم عنصر من عناصر التقوى استغلال الوقت في الأعمال الصالحة، والثقة بالله تعالى وعطائه،
وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ
عندما قالوا: "الوقت كالسيف إن لم تقطعْه قطعك"، ما قالوا ذلك إلا عن تجربة ووعي عميق بقيمة هذه النعمة العظيمة، وما أقسم الله في كتابه بالليل والنهار والعصر والفجر والضحى، إلاَّ لتنبيهنا على أهمية الوقت في حياة المسلم. قال النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: (المؤمن القوى خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنى فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن "لو"تفتح عمل الشيطان)؛ رواه مسلم. .فالمسلم يحرص على كلِّ ما ينفعه في دينه ودنياه، ولا يعجز أو يتكاسل، ففي ذلك إهدار للوقت. وصدَق أبو العتاهية عندما قال: إِذَا أَنْتَ لَمْ تَزْرَعْ وَأَبْصَرْتَ حَاصِدًا نَدِمْتَ عَلَى التَّفْرِيطِ فِي زَمَنِ البَذْرِ
شرح درس الزمن و البناء الحضاري - منزلة الزمن في الفكر الإسلامي مسؤولية الإنسان في تعامله مع الزمن