منهجيّة تحليل مقالة أدبيّة نصٍّ نظريّ ثانية ثانوي : مدخل لدراسة المسرح
لغة عربية أدب وعلوم
منهجيّة تحليل مقالة أدبيّة/ نصٍّ نظريّ : #مدخل_لدراسة_المسرح
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول......منهجيّة تحليل مقالة أدبيّة نصٍّ نظريّ ثانية ثانوي : مدخل لدراسة المسرح
الإجابة هي كالتالي
منهجيّة تحليل مقالة أدبيّة نصٍّ نظريّ ثانية ثانوي : مدخل لدراسة المسرح
المرجع: نبيل حجازي، مدخل لدراسة المسرح، مجلة "الوحدة": عدد مزدوج 94/95 الرباط. (خاص عن التأصيل والتحديث في المسرح العربي). يوليوز-غشت/1992، ص: 41-45 (بتصرف)؛
للسنة الثانية من سلك الباكلوريا – مسلك الآداب والعلوم الإنسانية
يعدّ المسرح بحقّ أباً للفنون، فهو يحتوي في طيّاته على القصة والسرد، وعلى الموسيقى والغناء، وأشكال الرقص، كما كان في القديم يعدّ من أرقى فنون الشعر نظراً لاعتماده اللغة الفنية الراقية... ولعلّ تعدّد العناصر وتداخل الفنون في العمل المسرحي يطرح إشكاليات على مستوى إعطاء تعريف دقيق لهذا الفنّ، حيث وجدنا من يركّز على اللغة، وعلى النص المسرحي في ذاته، ويعد ذلك جوهر الإبداع المسرحي، كما وجدنا من يركّز على عملية العرض وما يرتبط بها من تمثيل وديكور وإضاءة... ومهما اختلفت تعريفات المسرح فإنه لا جدال حول الوظيفة الجليلة التي يؤدّيها في تربية الناس وتهذيب أذواقهم وأخلاقهم. وإذا كان الخطاب المسرحي قد فرض نفسه، كظاهرة، من خلال تراكم الأعمال الإبداعية، فهذا لا يعني أن يحجب الدور الذي لعبته الكتابات النظرية والنّقدية من أجل ترسيخ هذا الفن وتوجيهه وتطويره, ويندرج في هذا السياق ما يُقدّمه الكاتب المصري نبيل حجازي في هذا النص الذي يحمل عنوان "مدخل لدراسة المسرح".
يوحي عنوان النصّ السابق بأنّ الكاتب يُحاول أن يُقدّم مقاربة نظرية، يعتبرها منطلقاً وأساساً (مدخلاً) لدراسة المسرح، واستجلاء عناصره وخصائصه الفنيّة المختلفة.
إذاً، ما هي الأفكار والقضايا التي تناولها الكاتب في هذا النصّ؟ وكيف عرف من خلالها العناصر الأساسية والثانوية للخطاب المسرحي؟ وما هي الطريقة المنهجية المتّبعة، والأساليب الحجاجية المعتمدة في معالجة هذا الموضوع؟ وإلى أيّ حدّ تمكّن الكاتب أن يقدّم لنا تصوّراً نظريّاً واضحاً عن الخطاب المسرحي؟
ينطلق النصّ من رأي مشهور لأرسطو ورد في كتابه المعروف بـ"فنّ الشعر"، وفيه يحدّد العوامل التي ساهمت في نشأة الفنّ المسرحي، والتي يلخّصها في سببين، هما: اتخاذ الإنسان من المحاكاة وسيلة فطريّة للتعلّم، والتذاذه بمحاكاة الطبيعة وعناصرها. وأقرب وسائل المحاكاة هي تلك التي استعمل فيها الإنسان جسده (وجوده المادي)، مما ساهم بشكل كبير في ظهور التمثيل المسرحي.
وقد انتقل الكاتب بعد ذلك لتحديد جملة الوظائف التي تؤديها المحاكاة في علاقتها بالتمثيل المسرحي، فحصرها في: تمكين الإنسان من اكتشاف مشاعره، ومساعدته على فهم أعمق الأفكار والأحداث، فضلاً عن مساعدة متلقّي العرض المسرحي على التخفيف من مخاوفه.
وفي سعيه للإحاطة بخصوصية العرض المسرحي، يرى الكاتب أن هناك ثلاثة عناصر أساسية تشكل جوهر العرض المسرحي، وهي: الممثل (المحاكي)، والمتفرج (المتلقي)، والمكان (رقعة التمثيل)، معتبراً باقي الوسائط الأخرى؛ كاللغة والإضاءة والإخراج المسرحي... عناصر ثانوية يمكن الاستغناء عنها في عمليّة العرض المسرحي، مخالفا بهذا الجوهر الذي قام عليه المسرح اليوناني، والذي كان يحتفي احتفاءً خاصّاً بالكلمة.
من خلال ما سبق يتبيّن لنا أن الكاتب يحصي ثلاثة عناصر أساسية لعملية العرض المسرحي هي: الممثل، والمتفرج، والمكان, كما يحصي عناصر أخرى ثانوية هي: اللغة، والمخرج المسرحي، والممول، الإضاءة، والملابس، والموسيقى. وكل هذه العناصر، الأساسية منها والثانوية، تظل مرتبطة كما جاء في بداية النص بمفهوم أساسي هو مفهوم المحاكاة. ولذلك يلزمنا لفهم عملية العرض المسرحي الوقوف عند هذه العناصر والمفاهيم بالتعريف والتحديد:
- المحاكاة: والمقصود بها الطريقة التي تحاول بواسطتها هذه الفنون نقل مظاهر الطبيعة، وأحداثها، وتمثل الأفكار والمشاعر الإنسانية، ويعتبر أرسطو أن المحاكاة، لا يمكن اعتبارها تقليدا للواقع، لأن الفنون ومن أهمها المسرح تعيد تشكيل الواقع في حلة جديدة، تجعله أسمى وأرقى مما هو عليه، وبهذا خالف أرسطو نظرية المثل الأفلاطونية التي اعتبرت الفنون بعيدة عن الوصول إلى المثل الأعلى، لأنها مجرد محاكاة للواقع الذي يعتبر بدوره محاكاة لعالم المثل؛
- الممثل (المحاكي بالأفعال): يعد الممثل دعامة أساسية في عملية العرض المسرحي، فلا يمكن تصور مسرح بدون تمثيل أو ممثلين، إنه الشخص الذي يحاول بواسطة صوته، وحركاته، وإشاراته،...محاكاة الأفعال، والأفكار، والمشاعر المتضمنة في المسرحية، متوخيا نقل كل ذلك إلى الجمهور والتأثير فيه. ويتصف فعل الممثل في نظر الكاتب بمسألتين هما: الحرية، والمجانية، مما يعني أنه لا تفرض عليه قيود تلزمه بأداء شبيه بذلك الذي يقوم به المذنب أمام المحقق؛
- المتفرج (المتلقي): هو الشخص الذي يتلقى ما يعرض في المسرح فيترجم ذلك إلى أفكار ومشاعر، ومن هنا يكتسب العرض المسرحي قيمته بمقدار تأثيره في متلقيه؛ هذا المتلقي الذي لا يبقى سلبيا أمام ما يتلقاه، بل يعيد قراءته، وتأويله من خلال إسقاطاته، وتراكماته الثقافية والحضارية، وباختصار من خلال ما يسمى في نظرية التلقي بـ"أفق الانتظار".
ويرى الكاتب أن إسقاطات المتلقي وتأويلاته هي التي تضمن للعرض المسرحي حياته وتمنحه روحه. أما أرسطو فيرى وظيفة المسرح تكمن في تطهير المتلقي من بعض الانفعالات الضارة، مثل الخوف والرحمة.
وإذا كانت العناصر السابقة عناصر أساسية، فإنّ هذا لا يعني غياب عناصر أخرى تحضر في العرض المسرحي، والتي اعتبرها الكاتب ثانوية، ويمكن التمثيل لها على الشكل التالي: اللغة-الموسيقى-الملابس-الممول-الإضاءة-المخرج المسرحي.
وقد سلك الناقد في تقريبنا من خصوصية الفنّ المسرحي منهجاً استقرائيّاً انطلق فيه من الجزئيات المتعلقة بهذا الفن، منتهيا إلى تقرير تصوره العام. وهكذا وجدناه في بداية النص يتحدث عن نشأة المسرح، وعن المحاكاة المسرحية وخطواتها، ووظائفها، قبل أن ينتقل إلى تحليل العناصر الثلاثة الجوهرية: الممثل، والمكان، والمتلقي، لينتهي في الأخير إلى تأكيد أن جوهر المسرح هو هذه العناصر الثلاثة، مقصيا باقي العناصر وفي مقدمتها اللغة إلى مراتب دنيا.
وقد استعان الكاتب للدفاع عن أطروحته حول الفن المسرحي بعدة وسائل حجاجية لعل أهمها أسلوب التعريف، حيث وجدنا الكاتب عبر نصه حريصا على ضبط الخصائص المسرحية والتعريف بها، خاصة تلك التي عدّها جوهر الفن المسرحي (الممثل والمكان والمتلقي). كما حضر من الأساليب الحجاجية أسلوب المقارنة، وذلك من خلال مقارنة الناقد بين الممثل والمذنب الذي يحاكي كيفية ارتكابه لجريمته. وقد دعم الناقد منهجه الحجاجي من خلال الاستشهاد بآراء أرسطو حول المحاكاة، والحضور اللغوي في الشعر المسرحي، فضلاً عن استحضاره لبعض المرجعيات النقدية الحديثة كنظرية التلقي التي وظفها لإبراز كيفية تفاعل المتلقي مع ما يعرض عليه من مسرح؛ كل هذا مع الحرص على التبرير والتعليل لبعض المسائل الإشكالية، ومن أمثلة ذلك تبرير سيطرة فن القول في المسرح اليوناني.
يتّضح لنا من خلال التحليل السابق، أن الناقد قد حاول تقريبنا من خصوصية الفن المسرحي، فربطه أولا بالمحاكاة، التي تفيد إعادة تشكيل الفن المسرحي للواقع في حلة جديدة، قصد الوصول إلى ما هو ممكن، وتجاوز ما هو كائن. وقد حصر الكاتب عناصر الفن المسرحي في ثلاثة هي: الممثل والمكان والمتلقي، معتبراً باقي العناصر: كاللغة والإضاءة والمخرج والملابس... عناصر ثانوية لا يمكن إدخالها في تعريف جوهر الفن المسرحي. وقد سجلنا كيف أن الكاتب قد ضمن لنصّه أساساً حجاجيّاً متيناً من خلال الاستعانة بعدة أساليب حجاجية: كالتعريف، والمقارنة، والاستشهاد بآراء وأفكار النقاد القدامى والمحدثين، وقد زاد من قوة النص الحجاجية، حرص الكاتب على التعليل والتبرير، كل هذا يبيح لنا القول إن الناقد قد نجح، إلى حدّ كبير، في تقديم تصوّر نظري متكامل ومنسجم عن المسرح.