الأخلاق عند أرسطو نظرية القيمة الاخلاقية عند أرسطو أقوال أرسطو في الأخلاق
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ الأخلاق عند أرسطو نظرية القيمة الاخلاقية عند أرسطو أقوال أرسطو في الأخلاق
الإجابة هي كالتالي
الأخلاق عند أرسطو.
3- الأخلاق عند أرسطو:
إذا كان أفلاطون قد وضع الشروط التي ينبغي توافرها في المقاييس الخلقية، فإن أرسطو هو واضع المذهب الأخلاقي المستند إلى فكرة السعادة.
يقول أرسطو في مقدمة كتابه "الأخلاق النيقوماخية": "إن كل فن وكل فحص، وكذلك كل فعل واستقصاء لا يقصد به أن يستهدف خيرًا ما، ولهذا السبب فقد قيل بحق إن الخير هو ما يهدف إليه الجميع". ويفصل الغايات من الأفعال واختلافها، فيتساءل "فما هو إذن الخير في كل واحد منها؟" أليس هو الشيء الذي من أجله يصنع كل الباقي؟ " ويعدد الأمثلة التي يشرح بها رأيه فيقول "في الطب مثلًا هو الصحة، وفي فن الحركات العسكرية هو الظفر، وهو البيت في فن العمارة، وهو غرض آخر في فن آخر. لكن في كل فعل، وفي كل تصميم أدبي، الخير هو الغاية نفسها التي تبتغي".
وإذا كانت الغائية ظاهرة في الطبيعة، فهي في الإنسان أظهر والأخلاق باعتباره علم عملي - والعمل يتجه بالضرورة إلى تحقيق غاية - ومن ثم أصبح من الطبيعي أن يبدأ بحثه في تحديد غاية الحياة، لأن الغايات متعددة ومترتبة فيما بينها، لكن لابد من التوقف عند حد لتسلسلها وهي الغاية القصوى التي تحتفظ بقيمة ذاتية وهي غاية الأفعال جميعًا "هذه الغاية هي من غير شك الخير الأعظم وإن معرفتها لتهمنا إلى أكبر حد، لأن على معرفة الخير يتوقف توجيه الحياة".
ويحدد أرسطو تعريفه للسعادة كغاية قصوى بقوله: "على هذا فالسعادة هي إذن على التحقيق شيء نهائي كامل مكتف بنفسه، ما دام أنه غاية جميع الأعمال الممكنة للإنسان".
ويختلف الناس في فهم السعادة حيث يقسمهم أرسطو إلى مراتب ثلاث من حيث السلوك الأخلاقي. فالطائع العامية الغليظة ترى السعادة في اللذة، إذ يختار أكثر الناس بمحض ذوقهم عيشة البهائم. وضد هؤلاء أصحاب العقول الممتازة النشيطة وغايتهم تحقيق السعادة في المجد - أو الكرامة السياسية - تبقى المرتبة الثالثة من مراتب السلوك الأخلاقية وهي مرتبة حياة الحكمة والتأمل أو العيشة التأملية والعقلية وهي السعادة الحقة عند أرسطو.
وقد اتخذ أرسطو منذ البداية نفس موقف سقراط وأفلاطون في محاربة اللذة، واعتبر السعادة غاية قصوى لأفعال الإنسان، وها نحن نلاحظ في تقسيمه للسلوك الأخلاقي أن الاقتصار على اللذة يجعل الإنسان في مرتبة البهائم، ذلك أن الإنسان يتميز عن سائر الكائنات بالعقل - وكمال وجوده مرهون بتأديته لهذه الوظيفة، لأنه يشارك النبات في النمو والحيوان في الحس، ولكنه ينفرد دونهما بالتأمل العقلي "ومن ثم كانت مزاولة التأمل أكمل حالات الوجود الإنساني".
صلة السعادة بالفضيلة:
وترتبط الفضيلة بالسعادة في مذهب أرسطو، فيقول "ما دام أن السعادة على حسب تعريفنا هي فاعلية ما للنفس مسيرة بالفضيلة الكاملة، يجب علينا أن ندرس الفضيلة، وسيكون هذا وسيلة عاجلة لتجديد فهم السعادة ذاتها أيضًا".
والفضيلة تكون حيث تؤدي قوى الإنسان وظيفتها. ولما كان الإنسان يجمع بين الشهوة والعقل، فإن الفضائل صنفان، أحدهما يتمثل في التغذي والحق، والثاني يتمثل في حياة التأمل العقلي، ومن ثم تصبح فضيلة الصنف الأول في السيطرة على الشهوات والأهواء بواسطة العقل، وفضيلة الصنف الثاني في حياة التأمل وهي أسمى من الأول بكثير، والسعادة بصفة عامة تجمع بين هذين الصنفين.
ومن نظرته إلى هذه الثنائية في الإنسان، أي الشهوة والعقل، فإن الفضائل نوعان أحدهما عقلي والآخر أخلاقي (فالفضيلة العقلية تكاد تنتج دائمًا من تعليم، وإليه يسند أصلها ونموها، ومن هنا يجيء أن بها حاجة إلى التجربة والزمان. وأما الفضيلة الأخلاقية فإنها تتولد على الأخص من العادة والشيم، ومن كلمة الشيم عينها بتغيير خفيف اتخذ الأدب اسمه المسمى به).
فليست الفضيلة طبيعية إذن، ولكن الشيعي فينا قوى واستعدادات "فالفضائل ليست فينا بفعل الطبع وحده، وليست فينا كذلك ضد إرادة الطبع، ولكن الطبع قد جعلنا قابلين لها، وأن العادة لتنميها وتتمها فينا"، ومن هذه العبارة ندرك أهمية التربية عند أرسطو، فالفضيلة تتعلم كما يتعلم أي فن "بإتيان أفعال مطابقة لكمال ذلك الفن. وتفقد بإتيان أفعال مضادة. والأفعال المطابقة تخلق ملكات أو قوى فعلية تجعلنا أقدر على إتيانها". معنى ذلك بلغة أرسطو أننا لا نكتسب الفضائل إلا بعد ممارستنا لها، شأنها في ذلك شأن الفنون جميعها التي لا نتعلمها إلا بممارستها فالإنسان يصبح معماريًا بأن يبنى، وموسيقيًا بممارسة الموسيقى، ويصبح عادلًا بإقامة العدل، وحكيمًا بمزاولة الحكمة، وشجاعًا باستعمال الشجاعة.
وإذا تساءلنا عن كيفية تحديد الفضائل الخلقية عند أرسطو؟ لعثرنا على إجابته عندما يتحدث عن أفعال الإنسان وضرورة الأخذ بفكرة الوسط، فكما أن كثرة الأطعمة تفسد الصحة فكذلك قلتها عن الحد اللازم، فالأمر كذلك بالنسبة للفضائل الإنسانية كالعفة والشجاعة وغيرهما "إن الإنسان الذي يخشى كل شيء ويفر من كل شيء ولا يستطيع أن يحتمل شيئا هو جبان، والذي لا يخشى البتة شيئًا ويقتحم جميع الأخطار هو متهور. كذلك الذي يتمتع بجميع اللذات ولا يحرم نفسه واحد منها هو فاجر. وهذا الذي يتقيها جميعًا بلا استثناء كالمتوحشين سكان الحقول هو بنوع ما كائن عديم الحساسية، وذلك بأن العفة والشجاعة تنعدمان على السواء إما بالإفراط وإما بالتفريط، ولا تبقيان إلا بالتوسط.
الفضيلة إذن هي وسط بين طرفين كلاهما رذيلة، ولكن هذا الوسط الذي يعنيه أرسطو هو وسط اعتباري، يتغير بتغير الأفراد والظروف التي تحيط بهم، والعقل وحده هو الذي يعين هذا الوسط. ولكن الفضيلة لامست غاية لسلوك الإنسان، وإنما هي وسيلة لغاية هي السعادة، ولذا فإن الفضائل إرادية، فهو يقول "حينئذ الفضيلة بلا أدنى شك تتعلق بنا، وكذلك الرذيلة تتعلق بنا أيضًا وإذا كان إتيان الفعل الصالح يتعلق بنا فإنه يتعلق بنا أيضًا ترك الفعل المخجل".
ويقتضي ذلك أن يحقق الفاعل في نفسه شرطين بالإضافة إلى العلم هما: استقامة النية والمثابرة، ومن ثم يصبح الفعل صادرًا عن ملكة ثابتة "ومن يتوهم أن المثابرة غير لازمة للحصول على الكمال مثله مثل المريض الذي يريد الشفاء ولا يستعمل وسائله".
هذا بإيجاز بعض معالم المذهب الأرسطوطاليسي في الأخلاق، الذي لم يسلم من بعض المآخذ التي وجهت إليه - لا سيما في فكرة الوسط - فإن هذا الضابط لا يصلح لكل الفضائل، فإن الصدق مثلًا هو مطابقة الخير للواقع، ويظهر تكلف أرسطو حين يقول "إن الصدق وسط بين التبجح وبين التواضع الكاذب".
ولعل أهم مأخذ في نظريته الأخلاقية، يم!ش أن يستند إلى مذهبه الغائي نفسه فإننا نعلم أنه يثبت الغائية في الطبيعة، فالطبيعة عنده تعني أمرين هما: المادة والصورة، فالصورة هي الغاية التي من أجلها يتم إنجاز الشيء فإذا لم تتحقق الغاية من أي موجود طبيعي كما يحدث بالنسبة للمسخ "فإننا نقول إنه قد حدث فشل في المجهود الغائي"، وهذا ما لاحظه في صور الحياة المختلفة من أدناها إلى أعلاها، إذ أن جذور النبات التي يمدها إلى باطن الأرض تمده بالورق والأوراق تمد الثمار بظل يحميها، والطائر يبنى عشه، والعنكبوت ينسج بيته.. وهكذا فإن كمال الوجود مرهون بمدى تأديته لوظيفته.
فما بال الإنسان؟
إنه يرى أن الغاية في حياة الإنسان أظهر منها في الطبيعة، ولكنه لا يلتزم بسياق هذا المبدأ في فكرته عن السعادة، فالإنسان عنده يزاول النظر بواسطة العقل، ولكنه لا يزاوله إلا أوقاتًا قصارًا، ومن ثم فإن سعادته به ناقصة لأن السعادة لن تتحقق كاملة إلا إذا ملأ حياته بالنظر. معنى ذلك طبقًا لمذهب الغائية أن الإنسان فاتته غايته، بينما سائر الموجودات تحقق غايتها. وهنا يصح أن نشارك في التساؤل "أفليست تقتضي الغائية أن تتحقق سعادة الإنسان في حياة أخرى؟".
سنجد الإجابة على هذا السؤال عند دراستنا لأفكار شيوخ المسلمين، ذلك أن الذين تمتلكهم مشاعر سامية وحب إلهي لا يجدون في تعاليم أرسطو الأخلاقية زادًا، وهذا ما تحقق منه شيخ الإسلام ابن تيمية الذي عارض النتاج العقلي للفلسفة اليونانية بكل ما أوتي من ثقافة إسلامية عميقة، ودراسة شاملة لكافة جوانب الفكر الإغريقي، مع إحاطة واعية بمعافي الكتاب والسنة، إنه يقرر أن الله سبحانه أمر بالتفكر والتدبر والنظر - أي استخدام العقل كوسيلة للمعرفة والاستدلال إنه لم يعارض الفلسفة بذاتها كلون من ألوان التفكير أو النظر العقلي، ولكنه وقف بصلابة معارضًا لكافة التصورات الفلسفية الإغريقية التي تسربت لفلاسفة المسلمين لأنها لا تتفق مع الحقائق التي يمدنا بها الكتاب وتوضحها لنا السنة في أحسن بيان وأكمله.
وفي موضوع الأخلاق، اتخذ نفس الموقف العدائي من الفكر اليوناني، فنراه مثلًا يوجه سهام نقده إلى رأي فلاسفتهم في النفس فهي عندهم تشتمل على شهوة أو غضب من حيث القوة العملية، ولها نظر من حيث القوة العلمية، ورأوا في الوسط هو الكمال دون أن يعرفوا محبة الله وتوحيده - وهو هنا يعني أرسطو بصفة خاصة، بعبارة أخرى كانت نظرياتهم لا تتصل بالتوحيد والإيمان بالله الذي به المسلمون عليه العقيدة والأخلاق، فإن محبة الله وتوحيده هو الغاية التي تؤدي إلى صلاح النفس حيث تتحقق الصلاحية بعبادة الله تعالى وحده، كما لا تتم زكاة النفس إلا بالتوحيد وإخلاص العبودية لله عز وجل وحده، وهذا معنى قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } [فصلت: 6، 7]، فابن تيمية لا يفسر معه الزكاة هنا بزكاة الأموال وهي النصاب المحدد الذي يجب إخراجه عن الأموال التي مضى عليها الحول ولكنه يفسر الزكاة بزكاة النفوس، فإن ما تزكو به النفوس هو التوحيد ولوازم الإيمان، وعلى العكس من لم يخلص لله ويزكي نفسه لا يصبح من أهل النجاة والسعادة.
ولعل أقوى الحجج التي استند إليها شيخ الإسلام في الطعن في نظريات الفلاسفة الأخلاقية، هي أنها اختيارية وليست ملزمة من جانب، كما أنهم من جانب آخر ذكروا الفضائل الأربعة للنفس - وهي العفة والحكمة والشجاعة والعدالة - دون تحديد دقيق لما تحتاج إليه النفس لتحقيق النجاة والسعادة، مكتفين بالنصح بالالتزام بالتوسط بين الإفراط والتفريط.
أما الأنبياء فقد فعلوا ذلك، أي حددوا مقدار ماتحصل به النجاة والسعادة.