هل أصل المعرفة العقل أم الحواس ؟
أهلاً بكم اعزائي طلاب وطالبات علم الفلسفة وكل تخصصات السنة الثانية والثالثة في البكالوريا جميع الشعب شعبة آداب و فلسفة ولغات أجنبية وعلوم تجريبية ورياضيات وتسيير واقتصاد وعلوم إنسانية في موقع النورس العربي alnwrsraby. التعليمي المتميز بمنهجية الإجابة الصحيحة والمتفوقة في جميع مواضيع الفلسفة يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم تحليل نص فلسفي وأهم المقالات الفلسفية المقترحة لهذا العام نموذج تحليلها بطريقة الاستقصاء بالوضع والجلدل والمقارنة لكل الشعب الجزائري كما نقدم لكم الأن إجابة السؤال الفلسفي بمنجية صحيحة بطريقة مختصرة ومفيدة كما نطرح لكم في مقالنا هذا إجابة السؤال ألذي يقول.....هل أصل المعرفة العقل أم الحواس مقترح باك bac 2023 2024 حيث وقد قمنا بنشر جميع المقالات ودروس الفلسفة المتوقعة لهذة العام في صفحة موقعنا النورس العربي alnwrsraby. يمكنكم البحث عن أي مقال أو أي سؤال فلسفي تبحثون أو يمكنكم طرح أسئلتكم المتنوعة علينا في موضعها اعلا الصفحة أو من خلال التعليقات ومربعات الاجابات اسفل الصفحة ونحن سنقدم لكم الأجابة على سؤالكم على الفور والان أحبائي الطلاب والطالبات كما عودناكم أن نقدم لكم إجابة سوالكم هذا وهي كالتالي....... هل أصل المعرفة العقل أم الحواس
الإجابة هي
هل أصل المعرفة العقل أم الحواس
مقدمة : إن عملية المعرفة ومصادرها ترتبط دائما بالذات العارفة ، وسعيها للحصول على المعرفة واكتسابها يقتضي هذا بالضرورة أن تكون الذات عاقلة وواعية تعبر عن قدرة الإنسان على المعرفة. لذلك اهتمت الفلسفة منذ القديم بدراسة المعرفة على اعتبار أنها خاصية إنسانية ، غير أن البحث في أصل المعرفة ومصدرها جلب إهتمام العديد من المفكرين والفلاسفة خاصة أصحاب المذهبين العقلي والحسي إذ يعتقد أنصار المذهب الأول بأن العقل هو أصل المعارف ومصدرها الوحيد ، في حين يشكك أنصار المذهب الثاني في هذه الحقيقة ويعتبرون أن الواقع والتجربة الحسية هي مصدر المعارف كلها ، وهذا ما أثار جدلا واسعا بين العقلانيين والتجريبيين حول أصل المعرفة ومصدرها ، وفي ظل هذا الجدل القائم يثار التساؤل التالي : هل المعرفة الإنسانية ذات أصول عقلية خالصة أم أن للحواس والتجربة دور فيها ؟ وبعبارة أخرى: هل العقل هو المصدر الوحيد لجميع معارفنا ؟
العرض ( محاولة حل المشكلة ) :
1 - عرض الأطروحة الأولى : يرى أنصار النزعة العقلية وفي مقدمتهم رونيه ديكارت بأن العقل هو المصدر الأول لنهل المعرفة الإنسانية وليس التجربة ، لأن جميع المعارف تنشأ عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية الموجودة فيه ، وبالتالي فمعارف الإنسان عقلية لأن: المعرفة الحقيقية ترتد إلى ما يميز الإنسان وهو العقل لا الحواس، ولأن العقل قوة فطرية في النفس مهيأة لتحصيل المعرفة وتصور المعاني وإصدار الأحكام، لهذا عرفه "الكندي" على أنه: "جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها". وهذا يعني أن العقل فطرة في الإنسان تحمل مجموع المبادئ القبلية المنظمة للمعرفة، من هنا اعتبر العقليون العقل المصدر الأول للمعرفة، والأداة الأساسية لكل استدلال منطقي، مما يعني أنه لا معارف صحيحة ولا حقائق يقينية مقبولة دون ردها إلى العقل ومبادئه الأساسية، لأنه جوهر الفكر وأصل المعارف كلها، ومن أشهر المدافعين عن هذا الاتجاه حديثا: "ديكارت"، "ليبتنز"، "مالبرانش"، ويبررون موقفهم بالتأكيد على أن جميع معارفنا تستمد وحدتها وصفاتها اليقينية من العقل، لأن مبادئه يقينية ، فلا بد أن تكون المعرفة المستمدة منه بدورها يقينية، ولهذا رفض هؤلاء المعرفة الحسية لأنها تحمل الخداع والشك والتغير فموضوعها عالم الأشياء ومعطياتها نسبية، وبفضل العقل يكتشف خداع الحواس فالمعارف التي تأتينا عن طريق الحواس خاطئة والإدراك معرفة صحيحة ولقد أشار ديكارت إلى هذا بتقديمه لمثال عن أبراج القلعة التي كانت تلوح له مستديرة عن بعد أصبحت تلوح له مربعة عن قرب ويقول في هذا الصدد : " ولكن إختبارات كثيرة فوضت شيئا فشيئا كل ما لدي من ثقة بالحواس فقد لاحظت مرات عديدة أن الأبراج التي كانت تلوح لي مستديرة عن بعد تلوح لي مربعة عن قرب " وفي هذا الإتجاه يرى ألان بأن المشاهدة الحسية لا تقدم معرفة كاملة وهذا ما بينه من خلال مثال المكعب الذي لا نرى منه إلا ثلاثة أوجه وتسعة أضلاع فقط بالعين المجردة بينما حقيقته هي ستة أوجه وإثني عشر ضلعا لأننا نعلم عن طريق الخبرة السابقة أننا لو أدرنا المكعب فسنرى الأوجه والأضلاع التي لا نراها لذلك فإدراك المكعب لا يخضع لمعطيات الحواس بل لنشاط الذهن وأحكامه ولولا هذا الحكم العقلي لا يمكننا الوصول إلى معرفة المكعب من مجرد الإحساس يقول ألان في هذا الصدد: " إن الشيئ يعقل (يدرك) ولا يحس " أما كانط فيؤكد أن العين المجردة لا تنقل نتيجة الإحساس إلا بعدين من الأبعاد وهما الطول والعرض عند رؤية صورة أو منظر مثلا ورغم ذلك ندرك بعدا ثالثا وهو العمق إدراكا عقليا فالعمق كبعد ليس معطى حسي بل حكم عقلي وهنا يقول ألان " الرسامون يعرفون كيف يهيئون شروط إدراك المناظر " هذا وتؤكد الملاحظة البسيطة والتجربة الخاصة أننا نحكم على الأشياء على حقيقتها وليس حسب ما تنقله لنا الحواس فندرك مثلا العصا في بركة ماء مستقيمة رغم أن الإحساس البصري ينقلها لنا منكسرة ويبدي لنا الإحساس الشمس وكأنها قرص صغير ونحكم عليها بالرغم من ذلك أنها أكبر من الأرض ولهذا يقول ديكارت في هذا الصدد : " كل ما تلقيته حتى الآن على أنه أصدق الأشياء و أوثقها قد تعلمته عن طريق الحواس غير أنني إختبرت أحيانا هذه الحواس فوجدتها خادعة و أنه من الحذر أن لا نطمئن أبدا إلى من خدعونا ولو مرة " كما يؤكد العقليون أن المعرفة العقلية أو الحقائق التي يتوصل إليها بالعقل تتصف بأنها كلية وصادقة ، فهي شاملة لأنه يمكن تعميمها على كل العقول البشرية في كل مكان وزمان ، وهي قضايا صادقة صدقا ضروريا ، لا يتطرق إليها الشك ، وتتصف بالبداهة والوضوح ، لهذا قال أحد فلاسفتهم: "لا توجد وظيفة أسمى من العقل"، ضف إلى هذا يؤكد الديكارتيون "سبينوزا" ، "مالبرانش" ، "ليبنتز" أن إدراك الحقائق الحدسية كالله ، النفس والامتداد وربط العلاقات بين خصائص الأشياء وإصدار الأحكام واستنباط النتائج ، وتعميمها أساسها فعل العقل ومبادئه الأساسية، ومن هنا تستمد الرياضيات يقينها وقيمتها كنموذج للوضوح والبداهة، لهذا يقول "باركلي": "إن مختلف الإحساسات أو الأفكار المطبوعة في الإدراك الحسي مهما كانت مختلفة أو مركبة لا يمكن أن توجد بأي شكل آخر إلا في عقل يدركها". وبناء على هذا كان العقل هو مصدر المعرفة والميزان الضروري لكل الحقائق .
النقد : حقيقة أنه لا يمكن إنكار أن العقل هو مصدر من مصادر المعرفة لكن إعتباره المصدرالوحيد أمر مبالغ فيه وهو الشيئ الذي جعل هذه النظرية تتلقى عدة إنتقادات فمما يؤاخذ عليه أنصارها أنهم يسلمون بوجود أفكار فطرية مطلقة الصحة واليقين ، رغم أن كل الدلائل في الواقع تكذب هذه الصحة المنطقية لأن المعايير تتبدل وتتغير، ، فالوضوح مثلا لا يصلح كمعيار صحيح في كل الأحوال...كما أن الأطر والمبادئ القبلية للعقل ليست ثابتة بل يمكن أن تتطور وتتعدل بحسب الخبرة والتجارب ، وتاريخ المعرفة يشهد بذلك ، بدليل تطور الرياضيات كمفاهيم عبر العصور التاريخية وهذا ما يؤكد نسبية المعيار العقلي ، ضف إلى هذا أن العقل لا يبدع المعرفة ويخلقها وإنما يجردها من مضامينها بمعنى أن صورة المعرفة ذاتية عقلية لكنها من حيث المضمون فهي موضوعية واقعية . كما أن الفلاسفة العقليين قد بالغوا في تفسيرهم للمعرفة لأنهم ركزوا على العقل كمصدر للحقائق التي يتوصل إليها الإنسان وأهملوا دور الحواس والتجربة وهذا ما يؤكد بأن هناك معيارا آخر للمعرفة. كما أن العقل قاصر وليس بالملكة المعصومة عن الخطأ، ولو كان العقل كما قال ديكارت أعدل قسمة بين الناس لتساووا في المعرفة ولعرفها الإنسان دفعة واحدة إذ الواقع يؤكد الاختلاف المعرفي بين الناس وتفاوتهم .
2 - عرض نقيض الأطروحة : على خلاف الموقف الأول يعتقد التجريبيون وفي مقدمتهم "جون لوك"، "دافيد هيوم" و"جون ستوارت ميل" أن التجربة الحسية هي أساس المعرفة ومصدرها الأول وليس العقل ، فالعقل في نظرهم ملكة تابعة للإحساس عاجزة عن إنشاء أفكار ذاتية خاصة بل إنه ليس أكثر من مستودع للخبرات والصور الحسية ومنه فكل المدركات العقلية ما هي في الحقيقة سوى خبرات حسية تحصلنا عليها شيئا فشيئا نتيجة إنطباع صور المحسوسات ، وعليه فكل ما يحصل عند الإنسان من معارف ومكتسبات يرد إلى الواقع الحسي ، ومن هنا ينكر التجريبيون وجود مبادئ عقلية فطرية قبلية ، لأن كل المعارف بعدية تكتسب بالتجربة ، لهذا يؤكدون أن العقل يولد صفحة بيضاء خالية من أي أفكار فطرية و التجربة هي التي تخط عليه ما تشاء يقول لوك: "لنفرض أن العقل صفحة بيضاء خالية من جميع الصفات، فكيف يمكن أن يكتسب الإنسان ذلك إني أجيب عن هذا السؤال بكلمة واحدة بالتجربة فهي أساس كل معارف الإنسان"، فهو لا يعرف شيئا ويبدأ في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس لأن من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها ، فالبرتقالة يصل إلينا لونها عن طريق البصر ورائحتها عن طريق الشم وطعمها عن طريق الذوق وحجمها عن طريق اللمس ولو تناول هذه البرتقالة أعمى فإنه يحيط بكل صفاتها إلا لونها فالحواس هي وسيلة إتصال الفرد بالعالم الخارجي أما العقل وما ينطوي عليه فهو إنعكاس للمعطيات التجريدية يقول لوك في هذا : " الحواس والمدركات هما النافذتان اللتان ينفذ منهما الضوء إلى الغرفة المظلمة ( العقل ) " ومعنى ذلك أن الخبرة الحسية هي مصدر كل معارفنا إلى العالم الخارجي المدركات ، كما أنه لو كان العقل مصدرا للمعرفة أيضا لكان حظ الناس من المعارف متساويا، والواقع يثبت عكس ذلك، يقول "جون لوك": "لو كان الناس يولدون وفي عقولهم أفكار فطرية لتساووا في المعرفة"، لهذا لا وجود لشيء في الذهن ما لم يكن من قبل في الحس لذلك نجد لوك يقول : " إن ما في الأذهان إنعكاس لما في الأعيان " ، ويقول "دافيد هيوم": "لا شيء من الأفكار يستطيع أن يحقق لنفسه ظهورا في العقل، ما لم يكن قد سبقته ومهدت له الطريق انطباعات مقابلة له"، لذلك فمصدر المعارف كلها أساسه التجربة الحسية وما العقل إلا مرآة عاكسة للواقع، ومستودع للمعرفة وأداة منظمة لها. يقول "جون ستيوارت مل": "إن الخطوط والأشكال والدوائر الموجودة في الأذهان ما هي إلا نسخ طبق الأصل للخطوط والأشكال والدوائر الموجودة في الطبيعة". ويقول "دافيد هيوم": "أنا لست إلا حزمة من الإدراكات الحسية، كل الأفكار نسخ مباشرة أو غير مباشرة من الانطباعات الحسية". كل هذا يؤكد أن التجربة هي المصدر الأول للمعرفة ولا شيء قبلها .
النقد : حقيقة أنه لا يمكن إنكار أن التجربة الحسية هي مصدر من مصادر المعرفة لكن إعتبارها المصدرالوحيد أمر مبالغ فيه بعض الشيئ وهو ما جعل هذه النظرية تتلقى عدة إنتقادات منها : أن التجربة الحسية مهما كان لها دور ومن قدرة في تحصيل المعارف فإنها تبقى غير كافية ، على اعتبار أن مضامين المعرفة الإنسانية وموضوعاتها ليست كلها تجريبية. ثم كيف للمعارف التجريبية أن تأخذ مدلولاتها ومعانيها إن لم يكن هناك عقل ينظمها، ويفهمها ويضفي عليها صبغة المعرفة ؟ فكما أن كومة الحجارة لا تصنع بيتا لوحدها ، كذلك مجموع الانطباعات الحسية لا يمكنها أن يبني معرفة. لهذا فأنصار هذا الاتجاه قد بالغوا بدورهم في تفسير المعرفة لأنهم أهملوا دور العقل في الوصول إلى الحقائق وركزوا على دور الحواس مع أنها قد تخدع الإنسان وتجعله يقع في الأخطاء. ( الخداع البصري والخداع الحركي ) ، كما أنه لو كانت الحواس مصدرا للمعرفة الإنسانية لشاركتنا فيها البهائم ( الحيوانات...)