في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

تصحيح بكالوريا 2021 في مادة الفلسفة شعبة آداب وفلسفة  استقصاء بالوضع 

- الموضوع الثاني : استقصاء بالوضع 

" مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " 

دافع عن صحة هذه الأطروحة

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " دافع عن صحة هذه الأطروحة

الإجابة هي كالتالي . 

مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " 

دافع عن صحة هذه الأطروحة

✓ طرح المشكلة : 

الإنسان بطبعه كائن فضولي يسعى إلى معرفة العالم الخارجي وكشف غموضه ، ولا يتأتى له ذلك إلا عن طريق مجموعة من الوسائل أهمها الذاكرة والخيال ، فالذاكرة من حيث مفهومها هي قدرة الإنسان على إستحضار الماضي وتذكره كما حدث في زمانه ومكانه ، ومن حيث طبيعتها شاعت فكرة مفادها أن الذاكرة ذاتية فردية متعلقة بالفرد وحده ، ولكن هناك فكرة تناقضها ترى أن الذاكرة ماهي إلا ذو طبيعة موضوعية إجتماعية ، وتبدوا هذه الأطروحة صحيحة ومشروعة وجب الدفاع عنها بحجج وبراهين شخصية ، فكيف يمكن الدفاع عن الأطروحة القائلة بأن : " مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " بحجج وبراهين شخصية ؟ 

✓ محاولة حل المشكلة : 

* عرض منطق الأطروحة :

يرى العديد من الفلاسفة والمفكرين وعلى رأسهم ( هالفاكس ، بلونديل ، بيارجاني ودوركايم ) أن الذاكرة من طبيعة موضوعية إجتماعية لأن الفرد ليس حقيقة مستقلة عن المجتمع ، بل هو جزء لا يتجزأ من الجماعة التي ينتمي إليها ، يؤثر ويتأثر بها و من خلالها يكتسب مختلف تصوراته وأفكاره ومعتقداته ، فالذاكرة وظيفة إجتماعية تتمثل في إنتقال المفاهيم الإجتماعية من لغة وعادات وتفكير من الجماعة إلى الفرد ، ويبرر هؤلاء موقفهم بمجموعة من الحجج والبراهين أهمها : أن الذاكرة مهما إرتبطت بالفرد فإنها تبقى متينة الصلة بالبيئة الإجتماعية للفرد فالذكريات تبنى وتنتج وتخزن في ذاكرة الفرد إنطلاقا من إندماجه وتفاعله مع الجماعة ، فالمجتمع يشكل الوعاء الذي يعمل على حفظ ذكريات الفرد ، حيث يرى هالفاكس في كتابه ( الأطر الاجتماعية للذاكرة ) أن الذاكرة ليست حوادث نفسية محضة كما يرى برغسون أو مادية ترتبط بالدماغ، كما يرى ريبو ، وإنما لها مدلول اجتماعي وهو ناتج عن التفاعل المستمر بين الأفراد ، فالذكريات في أصلها كانت عبارة عن إدراكات مشتركة بين مختلف الأفراد الذين ينتمون إلى جماعة معينة وعملية الإدراك تتأثر بنوعية القيم والمفاهيم والأفكار التي اكتسبها الفرد تحت تأثير النظم الاجتماعية ، فماضي الفرد هو في الواقع ماضي الجماعة أي أن الماضي لا نحتفظ به في ذاكرتنا الفردية وإنما في ذاكرة الجماعة ، فالفرد بحاجة إلى غيره حتى يتذكر ما عاشه من أحداث في الماضي ، لأن كلاهما يساعد الآخر على التذكر وكمثال على ذلك فنحن عندما نجالس أصدقاء الطفولة بعد فراق طويل نبدأ نبدأ بتذكر وسرد أحداث الطفولة التي كنا نعتقد أنها أصبحت في طي النسيان ، كما أن الفرد المنعزل عن المجتمع لا يستطيع أن يتذكر ولا أن يبني ذكريات خاصة به . ويؤكد " هالفاكس " أننا حينما نتذكر فإن الغير هو الذي يدفعنا إلى ذلك لأن ذاكرته تساعد ذاكرتنا في نطاق الأطر العامة للذاكرة الاجتماعية ، كما أن الإنسان إبن مجتمعه فهو يتحدث دائما بلسان مجتمعه ويتضح هذا من خلال أن الفرد الذي يعيش في مجتمع غير مجتمعه فإنه يميل إلى التحدث كثيرا عن عادات ومكتسبات مجتمعه بدل التحدث عن خبراته و تجاربه الخاصة ، كما يثبت الواقع أن معظم خبراتنا و أحداثنا الماضية من طبيعة إجتماعية صرفة كالإحتفالات الدينية و الوطنية فهي ذكريات إجتماعية تفرض نفسها على الفرد وحتى لو نسيها الفرد فإن المجتمع سيذكره بها و لولا المجتمع لبقي الإنسان بلا ماضي ، ومن هنا يقول هالفاكس : " إن الماضي لا يحتفظ به إنما يعاد بناؤه أنطلاقا من الحاضر والذكرى تكون قوية لما تنبعث من نقطة إلتقاء الأطر الإجتماعية ونسيانها هو نتيجة إختفاء لهذه الأطر " . ويقول أيضا : " إن الماضي لا يحفظ بل أننا نبنيه إنطلاقا من الحاضر على أساس المرتكزات الإجتماعية للتذكر " ، كما اعتبر بيارجاني أن الذاكرة ظاهرة اجتماعية تتمثل في اللغة وأن العقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي ولا يوجد ماضي محفوظ في الذاكرة الفردية كما هو ، وأن الماضي يعاد بناؤه على ضوء المنطق الاجتماعي ، يقول بيارجاني :" لو كان الإنسان وحيدا لما كانت له ذاكرة و لما كان بحاجة إليها " ، وكذلك يقول هالفاكس : " إن اللغة جملة نسق الإصطلاحات الإجتماعية التي تدعمها هي التي تمكننا في كل لحظة من بناء ماضينا " . وعليه نستنتج أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية . 

✓ عرض منطق الخصوم ونقده :

يرى العديد من الفلاسفة والمفكرين وعلى رأسهم أنصار الإتجاه المادي " ديكارت ، ريبو ، تين ، إبن سينا " والنفسي السيكولوجي " هنري برغسون "

أن الذاكرة فردية متعلقة بالفرد وحده ، حيث إعتبر " ديكارت " أن الذاكرة وظيفة مرتبطة بالدماغ ، والدماغ مرتبط بالجسد والجسد ذو طبيعة مادية بيولوجية ، بالتالي فالذاكرة مادية مشابهة للجسم ، وهذا ما أكده ديكارت في قوله : « الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم » ، ومن نفس الطرح اعتبر أنصار الإتجاه النفسي أن الذاكرة متعلقة بالأنا الفردية المنعزلة عن الغير ، فالذاكرة ذات طبيعة نفسية بسيكولوجية حسب " برغسون " ، وبالتالي فالذاكرة ترجع إلى خصائص شعورية ، فهي عملية نفسية واعية قوامها الشعور ، فالاحتفاظ بالماضي يتم وفق صورتين مختلفتين جوهريا : صورة آلية محزنة في الجسم ، ويسميها برغسون بذاكرة العادة ، وهي ذاكرة بيولوجية حركية تقوم على أساس البدن وتأخذ شكل عادات آلية ، أما الصنف الثاني وهي ذاكرة نفسية أو الذاكرة النفسية الشعورية ، وهي ذاكرة مستقلة عن الجسم ذو طبيعة روحية ، ويحكم برغسون أن الذاكرة النفسية هي الذاكرة الحلقة وليست ذاكرة العادة ، ومنه لما كانت ذاكرة الذاكرة مرتبطة بالشعور والنفس فلابد أن تكون ذو طبيعة نفسية روحية خالصة ، يقول برغسون : « إن الشعور إنما يعني أولا وبالذات الذاكرة » .

* نقد وتقييم : 

غير أننا نلاحظ تفسير طبيعة الذاكرة بالخصائص الفردية فيه الكثير من المبالغة ذلك أنّ أنصار الاتجاه المادي لم يذكروا أنّ هناك اضطرابات وصدمات نفسية تؤدي إلى فقدان القدرة على التذكر رغم سلامة الدماغ والجهاز العصبي . كما أن ربط الذكريات بمراكز معينة في الدماغ فكرة لا تثبتها أبحاث العلماء، بل يبرهنون على أن الجهاز العصبي نظام دقيق ومتشابك يشمل جميع الوظائف الحسية والفكرية لدى الإنسان، مما يعني أن الفاعلية العضوية مقتصرة على توضيح الجانب المادي في آلية الذاكرة فقط ، أما الذاكرة كوظيفة حيوية وكيفية فقد ترتبط بخصائص أخرى شعورية .

✓ الدفاع عن الأطروحة بحجج وبراهين شخصية :

ان الأطروحة القائلة بأن " مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " صحيحة ومشروعة ولنا أدلة كثيرة تثبت ذلك أهمها : أن فالذكريات موروث ثقافي و إجتماعي يحفظ في أطر إجتماعية عن طريق الذاكرة الإجتماعية التي يستقي منها الفرد هويته وأفكاره ومعتقداته وعاداته وتقاليده واللغة هي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية ، فنحن نتذكر أمجاد ثورتنا الجليلة وشهدائها وأحداثها العظيمة إنطلاقا مما حفظ لنا المجتمع ورواه لنا الأجداد ، يقول بلونديل : " إننا لا نلجأ إلى ذاكرتنا إلا للإجابة على سؤال توجهه لنا الجماعة " .

✓ حل المشكلة : 

إن الاطروحة القائلة بأن : " ادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " صحيحة ومشروعة وجب الأخذ بها وبرأي مناصريها ودحض خصومها ، وهذا من حيث أن الإنسان بطبعه يميل إلى حياة الجماعة بدل حياة العزلة ، فالذاكرة الفردية تصدق فقط على الفرد المنعزل لا على الفرد الميال بطبيعته إلى الجماعة ، ومن ضوء هذا التصور وجدت الأسرة والقبيلة ثم العشيرة وصولا إلى الدولة .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
مادامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا ، فإنها في حد ذاتها لا يمكن إلا أن تكون جماعية " دافع عن صحة هذه الأطروحة

اسئلة متعلقة

...