مقالة الابداع، مقالة فلسفية حول التخيل الابداعي الإبداع هل يعود الإبداع إلى شروط اجتماعية فقط
مقالة الابداع، مقالة فلسفية حول التخيل الابداعي الإبداع
هل يعود الإبداع إلى شروط اجتماعية فقط
أهلاً بكم طلابنا الاعزاء في موقع النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم إجابة السؤال الفلسفي القائل.. مقالة الابداع، مقالة فلسفية حول التخيل الابداعي الإبداع
باك 2022 2023 جميع الشعب
وتكون اجابتة الصحية بصيغة مقالة فلسفية بمنهجية المقال تحليل نص. مقالة الابداع، مقالة فلسفية حول التخيل الابداعي الإبداع
الإجابة هي كالتالي
مقالة الإبداع
مقالة فلسفية حول التخيل الإبداعي " الإبداع "
هل يعود الإبداع دائما إلى شروط اجتماعية فقط ؟
الطريقة : جدلية :
مقدمة : ( طرح المشكلة )
من طبع الكائن البشري التكيف والتطلع للتغير في بيئته ، ولذلك فإنّ حالاته النفسية وقدراته العقلية تدفعه للتجديد بغية تحقيق التأقلم مع ظروف محيطه الخارجي ، و هذا ما ينطوي تحت ما يعرف بالإبداع الذي هو إعادة تركيب صور جديدة لا موجودة ولا واقعية وهو خاصية إنسانية وإذا كان سلوك الإنسان عبارة عن ردود أفعال لما يحيط به ، فقد اختلف الفلاسفة و علماء الاجتماع حول شروط الإبداع فمنهم من اعتقد أن عملية الإبداع تعود إلى شروط اجتماعية معينة ومنهم من اعتقد بأن الإبداع راجع إلى عوامل ذاتية ونفسية بالدرجة الأولى ، وهذا التباين الفكري حول الموضوع يسوقنا إلى طرح الإشكال التالي : ذهل عملية الإبداع والاختراع ترجع بالضرورة إلى الظروف الاجتماعية ؟ ولكن إذا كان أفراد المجتمع يعيشون نفس الظروف وإذا كان الذين يبدعون فئة قليلة فقط ، هل هذا يعني أن الإبداع يرجع إلى الشروط الذاتية النفسية التي يمتاز بها المبدع دون غيره من الناس ؟
العرض : ( محاولة حل المشكلة )
الموقف 1 : ( هنا في الموقف هذا من يقولون أن الإبداع يعود إلى عوامل اجتماعية )
الإبداع سواء كان في المجال الفني أو العلمي أو الفلسفي أو التقني يرجع إلى الظروف الاجتماعية التي يعيشها المبدع هذا ما يراه علماء الاجتماع وعلى رأسهم عالم الاجتماع الفرنسي " إميل دوركايم 1858 . 1917" وان الفاعلية الإبداعية بذلك لا تتبدى إلا في إطار اجتماعي لان الفرد في نظر زعماء هذه المدرسة عجينة في يد المجتمع الذي يوفر له قاعدة الانطلاقة في عمله الإبداعي ، وفي هذا وقد عبر عن ذلك دوركايم بمقولته الشهيرة " إذا تكلم ضمير الفرد فان المجتمع هو الذي تكلم " وكذلك يقول الفيلسوف " بيكار " في أطروحته ( بحث في الشروط الايجابية للاختراع ) " لا يمكن ان يحدث الاختراع إلا إذا سمحت به حالة العلم " إن الإنسان على حسب هذا الموقف لا يبدع من العدم وإنما يبدع انطلاقا من الظروف المحيطة به والتي تمثل الإطار الثقافي والتربة الخصبة التي تنمو فيها الأفكار الجديدة والدليل على ذلك تاريخ العلوم والتقنيات الذي يبين لنا أن بعض الاختراعات تأخرت بسب عدم توفر الظروف الاجتماعية لها ، إن المتتبع لتاريخ المخترعين والمبدعين يلاحظ أنهم تتلمذوا على يد أساتذتهم الذين كانوا أيضا مبدعين يقول الفيلسوف الفرنسي " لورونوار " ( الرسام يتعلم الرسم في المتاحف) كما أن الاختراعات التكنولوجية والعلمية ليست في اغلبها من إنتاج عالم ومخترع واحد بل هي إنتاج عمل مستمر للعديد من العلماء ، فكل إبداع يشهد على روح العصر وحاجياته .
إن المبدع يثري مخيلته وذاكرته وأفكاره بما يتعلمه من الآخرين في مجتمعه، ولقد ازدهرت الحضارة الإسلامية حينما شجع بعض الخلفاء عملية الترجمة ، فراح العلماء يترجمون كتب الغربيين ويتعلمون منها ، ولولا تشجيع الخلفاء والحكام لم يبدع أولئك بالقدر الذي نجده اليوم في تراثنا الفكري . كما أننا لا ننسى أنّ الحاجة أم الاختراع ، فمخترع الهاتف والضوء والطباعة والفرن و الحاسوب يرى حاجة المجتمع لذلك ، فيفكر في طريقة ليسهل بها إما طرق العيش أو طرق طلب العلم ، فانطلاقا مما يحتاجه مجتمعه يبدع وينتج ويخترع ولنا أيضا أن نذكر إبداع بعض الشعراء ، ولا نذهب بعيدا نقف عن الشاعر المعروف عندنا جميعا : مفدي زكريا كاتب النشيد الوطني . كيغ كتب ذلك الشعر الرائع ؟ كتبه انطلاقا من حال مجتمعنا آنذاك وسط الاحتلال والثورة والصمود ، إذن فأن قريحته الشعرية تحركت من خلال الوضع السائد حوله وأمثاله كثرٌ ، فمن كتب عن القضية الفلسطينية شعرا أو نثرا أو مقالا تحرك قلمه وشعوره بسبب ما هو محاطٌ به .
النقد :غير أن القول بان الوسط الاجتماعي هو الشرط الوحيد للإبداع نفي للإبداع في حد ذاته لأنه يجعل من الإبداع نتيجة حتمية لظروف اجتماعية تغيب فيه كل أصالة ومبادرة فردية وهذا إنكار وإجحاف لقدرة المبدع وطاقته الذاتية كما أن العقل لا يقبل هذا الموقف لأنه في هذه الحالة يصبح كل أفراد المجتمع مبدعين لأنهم يعيشون نفس الظروف وهذا مستحيل واقعيا كذلك هذا الموقف أهمل جانبا هما وأساسيا في عملية الإبداع ألا وهو الجانب الذاتي والنفسي بالدرجة الأولى الذي اثبت الفلاسفة وعلماء النفس على تأثيره الكبير في عملية الإبداع والاختراع .
الموقف الثاني : على خلاف الموقف الأول تبنى فلاسفة وعلماء نفس آخرون اتجاها آخر يرجع عوامل الإبداع وشروطه إلى دوافع ذاتية نفسية ومن ممثلي هذا الاتجاه الفيلسوف الفرنسي " بيار جاني " الذي يقول " إن إصرار المبدعين والمخترعين على متابعة أعمالهم على الرغم من معارضة المجتمع لهم ، أهم دليل على أن الإبداع يرجع إلى الحالة النفسية التي يعيشها المبدع أو المخترع وشعوره بالرغبة الملحة في انجاز عمله "، إن التخيل المبدع في نظر علماء النفس يتضمن عناصر نفسية وجدانية تصاحب الإنسان المبدع في كل عماله فتكون في شكل فرح وحماس أحيانا أو قلق وحزن أحيانا أخرى ، والأمثلة على هذا كثيرة فالشاعر مثلا الذي يبدع في مجاله بنظم قصائد رائعة تكون غالبا انعكاسا لحالته النفسية التي يعيشها أو التي عاشها سابقا وحتى المخترع عندما يخترع آلة ما قد قام بذلك الاختراع نتيجة لدافع نفسي يتمثل في الحاجة إليها أو غير ذلك و كذلك يعتقد الفيلسوف الفرنسي " هنري برغسون " بان الانفعال النفسي الشديد يؤدي الى إخراج طاقة إبداعية كامنة عند الفرد .
غير أن إرجاع الإبداع إلى الحالة النفسية يؤدي إلى نشر فكرة العنصرية التي ترى أن وجود الإبداع والاختراع عند الشعوب الغربية دليل على تميزهم العرقي الوراثي فقسموا العالم إلى قسمين : عالم متحضر يحمل الشروط النفسية لبناء الحضارة ، وعالم متخلف تنعدم فيه هذه الشروط والواقع يكذب هذا بالدليل ، فكم من مثقف من الدول المتخلفة هاجر إلى الدول المتقدمة فاخترع وتفوق في أعماله الإبداعية ، فهذا قد هاجر بحثا عن الظروف الاجتماعية الملائمة له .
التركيب : لا يكمن بأي حال من الأحوال إن ننكر دور الظروف الاجتماعية في عملية الإبداع وتطورها ، وبالمقابل أيضا لا يمكننا إهمال دور النشاطات الذاتية للإنسان ممثلة خاصة في الرغبة النفسية للمبدع في عملية الإبداع ، لان كلاهما يساهم بشكل أو بآخر في رسم طريق الإبداع للأفراد أي إهمال لكلا الجانبين يعد تهربا من عنصر هام مشكل لعملية الإبداع لان الواقع والأدلة تثبت تكامل الجانبين الذاتي النفسي والاجتماعي في عملية الإبداع ، إن كل طاقة نفسية تحتاج بالضرورة إلى ظروف اجتماعية ومادية تحويها لتدفع بها الى عالم التحقيق ، إن الشروط الاجتماعية بمثابة مركبة تجلس فوقها الشروط النفسية لتسافر بعيدا في عالم الإبداع .
خاتمة : ( حل المشكلة )
وهكذا نستنتج في الأخير بأن العوامل الاجتماعية ليست الشرط الوحيد في عملية الإبداع ، وإنما الإبداع يرجع أيضا إلى العوامل الذاتية النفسية الكامنة داخل الأفراد ، فليس من المنطق في شيء أن ننكر تميز بعض الأفراد وامتلاكهم لقدرات غير عادية ولكن لا نهمل دور العوامل الاجتماعية في إخراج تلك القدرات ومساعدتها على الظهور ، فالإبداع إذن هو تفاعل العامل النفسي مع العامل الاجتماعي حتى ينتج ثمرة متكاملة .