في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

الأدب المهجري المعاصر- الشاعرة هيفاء العامري انموذجاً 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ الأدب المهجري المعاصر- الشاعرة هيفاء العامري انموذجاً 

 

الإجابة هي 

الأدب المهجري المعاصر- الشاعرة هيفاء العامري انموذجاً 

 اعتادت قراءاتنا الأكاديمية أن تقلب بمجسها الأدبي والنقدي نتاجات الشعر الذي ينسج بلغتنا العربية الفصحى ، بمختلف أشكاله الفنية ، ورؤاه الكلاسية والمجددة ، وربما يكون مرد هذا الأمر إلى التأثر الأدبي بالمرجعيات التي تأثر بها الشعراء وكان مسبارهم الأدبي في التعرف إليه سواءً أكان ذلك عن طريق القراءات التي تحصلت لديهم إبان دراستهم ، أو مثاقفتهم وقراءاتهم للصحف والمجلات والكتب ، أو كان مباشراً من خلال الاتحادات والمنتديات التي انتموا إليها وتأثرهم بالنتاج الذي ألفته مسامعهم ، فضلاً عن كون إصرارهم على هذا الشكل هو جانب من التحدي والاستجابة ، أي الحفاظ على الهوية الأصيلة في الحيز المكاني لغربتهم وقبالته تقبل للواقع واستحضار للمنجز التراثي والثقافة الأصيلة من أجل تحقيق توازن ثقافي واجتماعي مع الآخر المختلف عرقاً ولغةً وثقافة ، ناهيك عن كون استعمال الأدب بلغته وخطابه الرسمي النخبوي عاملاً من عوامل توحيد تنوع الهويات الفرعية للجاليات العربية على الرغم من اختلاف لهجاتهم المحلية . وهذا ما جعل الأدب المهجري صورة لقوة الأدب العربي للتأثر والتأثير في الآخر منذ الملامح الأولى لظهوره على يد أتباع الرابطة القلمية ، أو لدى أتباع العصبة الأندلسية وحتى أيامنا المعاصرة . 

ولكن بقي التساؤل مضمراً بشأن الأدب الذي يمثل في حقيقته وفي بيئتنا المظهر اليومي والشعبي ، والذي نستجيب فطرياً لأسلوبه ومعانيه ومحتواه ، من دون قيود قرائية توجهنا لنقده أو وتشذيبه أو التعارض فكرياً ونفسياً مع مضمونه . وهو نافذة أدبية لم تترك مشهداً إلا وقد أطلت عليه وجدانياً ، واجتماعياً ، وسياسياً . وهو على قوة حضوره ووصوله إلى مستوى أن يكون وريثاً أو شبيهاً بأثر الشعر القديم ، من حيث حضوره في وعي الجمهور وتعاطيه في المناسبات الرسمية وغير الرسمية ، على الرغم من عدم تقبلنا نحن الأكاديميين له ونعتنا له بالشعبية والهجنة لأنه لا يجري على القواعد الراديكالية التي ورثناها عن الأقدمين ، على الرغم من أن العامية و الهجنة نتعاطاها بشغف في كل مجريات حياتنا .

مزية هذا اللون الأدبي قد لا تثير الغرابة في موطننا وبين أهلنا ، ولكن أن يكون هذا الشكل حاضراً في المهجر بين محيط ثقافي واجتماعي غريب ، ولغة غريبة ، وآفاق غريبة ، وبين جاليات عربية تختلف لهجاتها وأنماط فنونها الشعبية مسألة غريبة ، حرية بأن تكون هذه الظاهرة نمطاً آخر من تحدي ذات المغترب لقساوة الغربة ، وتستعيد الموطن والوطن والمواطن بأفراحه وأتراحه وقضاياه . حرية أن تكون هذه الظاهرة منطلقاً لدراسات أكاديمية تحتفي بحياة الأدب عامة والشعر خاصة على الرغم من وجوده في حاضنة رأسمالية وعلمانية وسوبر مابعد حداثية . 

هكذا أوجدت الشاعرة هيفاء العامري ، وهي نخلة بصرية باسقة من أرض البصرة حملت معاناة وطن ومواطن في غربتها منذ لجوئها إلى أمريكا بعد مكابدة شديدة مع النظام العراقي قبل 2003 ، إبان إعدام شقيقها ، فتهاوت بها عواصف الغربة والاغتراب في المنفى ما بين عمان ودمشق حتى انتهى بها المطاف إلى ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية ، فبعد أن رأت أن قصيدة النثر الفصيجة مكبلة لا تستطيع أن توصل صوتها مثلما عبرت عن ذلك :

لا أحد يقرأ قصائدي

سوى الله والقمر 

والنجوم تصفق لي 

في هذه الأمسية والسماء تتفرج

رغم الازدحام أنا سعيدة

 ألت على نفسها أن تسير على ضوء تجربة مظفر النواب ولميعة عباس عمارة في أن تكون وسائلها الأدبية الإشهارية منتقية لهذا الشكل الأدبي ( القصيدة الشعبية ) ، الذي تحاول فيه ببساطة تركيبه ، وحلاوة معانيه أن تجعل فيه صورة برحي أبي الخصيب عند حلول موسمه ، نصف فيه حلاوة الوطن ونصف لرطب تحدي الغربة ، وأن تحمل في كل بيت من أبياتها قطعة من شناشيل البصرة القديمة ، وأن تحاول بنزعتها اليومية أن تصور صورة الحبوبة البصرية التي تجمع صغارها أمام طبخة المسموطة :

امي شجرة شايلة طيور

السلام 

شايلة بثنين اديها شمس ونجوم 

وحمام

الوطن هو الأم والأم هي الوطن هكذا تريد الطفلة البريئة هيفاء العامري أن تتحدث بلسان الخوف الطفولي من الضياع بين قساوة الزمن ومخالب الغربة ، ولا تكتفي بقيود هذا الشعور الغريزي بالحنين إلى الوطن بكل ما يحمل من ذكريات وتمسك ، وإنما حاولت أيضاً أن تحمل عشقاً ثورياً اشتراكياً لا يكتفي بالبكاء على المكان فحسب ، وإنما على ما يتحرك فيه ، فلا وطن من دون مواطن ، ولا مواطن من دون وطن ولذلك كان طريق الشعب إلى الحرية والتحرر والتقدم طريقاً ومتنفساً عند هذه الطفلة لتتمسك بالمكان والإنسان في وطنها ، فكانت مكافحة ترفض القيود والخوف ، كما رفضت الحسجة في معانيها ، لتكون واضحة وصريحة في بيان الرفض لكل من خرب الوطن والمواطن ، ولذلك نشرت جدائلها مع آذار وفرقتها مع أوراق الشجر وجعلت عيونها مع كل زهوره لتكون آملاً في نظرتها إلى وطنها عائداً بالزهور والثمار والطمأنينة والتقدم والازدهار :

هلة بآذار 

هلة بجيتك أبو 

الأعياد

ربيع بوردة القداح 

يا آذار 

يمشي بمية عطر الهور

والبردي بمشاحيفه

رسم نجمات حلوة 

وراح

أذن هذه الانعطافات الأدبية حرية بأن نجد في مخبوئها لمسات جديرة بالدراسة والتنقيب في الابعاد الثقافية لحياة الأدب في المهجر ومعرفة مدى قوة الحضور التي بدأ يحدثها في جمهوره ، وصلته بالايديولوجيا لاسيما مع وجود هويات محلية متنوعة بين الجاليات العربية في المهجر ، والبحث في الجسور الخطابية التي تربط بين تجارب الشعراء في الشعر الفصيح وفي الشعبي ، لأننا إذا بقينا ننظر بنظرتنا المتعالية لهذا النوع الأدبي فسنقتل بالتأكيد صوتاً من أصوات الهوية في عمق المجتمعات الغربية . فألف تحية إجلال وإكبار لهذه المرأة البصرية التي حركت رغبة الكتابة والبحث في هذه الظاهرة الأدبية.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
الأدب المهجري المعاصر- الشاعرة هيفاء العامري انموذجاً

اسئلة متعلقة

...