في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة

هل اللاشعور فرضية علمية ام افتراض فلسفي

مقالة فلسفية 

هل اللاشعور فرضية علمية ام افتراض فلسفي نص السؤال: هل اللاشعور فرضية علمية أم أنها تبقى مجرد افتراض فلسفي؟

مقدمة

لقد كان لتطور الدراسات النفسية في العصر الحديث تأثير كبير في مجال علم النفس، وذلك من خلال الإقرار بأن هناك جانبا كبيرا من الحياة النفسية لا يمكن ملاحظته، بحيث أصبح تفسير سلوكات الإنسان يتم بردها إلى هذا الأخير والذي أطلق عليه "اللاشعور". أو ما أصبح يعرف بفرضية اللاشعور الفرويدية والتي أثارت جدلا واسعا وحادا في الأوساط الفكرية والفلسفية وظهر بذلك اتجاهان: الأول منهما رفضها كلية باعتبار أنها لا تتوفر على شروط الفرض العلمي وأنها أقرب إلى التفكير الفلسفي. بينما أكد أنصار الاتجاه الثاني خلاف ذلك وأيدها واعتبرها فرضية علمية وضرورية لفهم ما لا نستطيع تفسيره شعوريا. وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل ترقي فرضية اللاشعور إلى مستوى النظرية العلمية أم أنها لا تعدو أن تكون مجرد افتراض فلسفي لا أقل ولا أكثر؟ وبعبارة أخرى: هل لفرضية اللاشعور قيمة علمية؟ وهل يمكن تعميمها واعتبارها نظرية شاملة تفسر كل سلوكات الإنسان؟

الموقف الاول

يرى عدد من المفكرين والعلماء بأن: "فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة" وهو الطرح الذي يتبناه أنصار مدرسة التحليل النفسي ومن أبرزهم: "فرويد" الذي رفض أن يكون أساس الحياة النفسية هو الشعور، وأكد أن الأساس الحقيقي والذي تنبني عليه حياتنا النفسية هو اللاشعور، لأن النفس أوسع من الحياة الشعورية ولهذا فالشعور لا يشكل إلا جزءا ضئيلا من النفس، لهذا نجده يقول: "وما الشعورية منها إلا أفعال معزولة وأجزاء من الحياة النفسية جمعاء". لأن التحليل النفسي أثبت فعاليته في السلوك واستنبط ذلك من خلال متابعته لبحوث "بروير" فبرهنت له على أن أعراض أمراض الهستيريا مصدرها الخبرات الماضية التي ترجع إلى الشعور أثناء التنويم المغناطيسي، ومثال ذلك: الطفلة التي كانت تعاني حبسة حسية في حركة الجفون. فكشف عن طريق التنويم أن سببها يعود إلى أنها كانت تمنع نفسها من البكاء خوفا من أبيها المريض، لكن ولما حملته طريقة التنويم المغناطيسي من سلبيات ونقائص من أهمها كشف بعض أسرار المرضى وأن نتائجها أيضا كانت محدودة، دفع هذا "فرويد" للبحث عن طريقة أخرى أجدى وأنفع للعلاج وانتهى به الأمر إلى اكتشاف التحليل النفسي. الذي يقوم على التعبير ثم التداعي الحر، وتأكد من خلاله من أن أعراض الهستيريا تنشأ نتيجة لإخفاء بعض الذكريات والأحداث المكبوتة. ولاحظ بعض التحسن عندما يسمح للمريض بالتحدث عما وقع له في الماضي، وانجر على هذا إثبات أن النفس تحتوي الشعور واللاشعور معا، حيث يقول "فرويد": "إن كل شيء هو في هذا المقام الأول لاشعوري" أما الخاصية الشعورية قد تظهر أو لا تظهر لقوله: "إن الشعور إلا جزء ضئيل من الحياة النفسية"، ولهذا يعرف "فرويد" اللاشعور أنه تلك الحوادث النفسية الباطنية التي تؤثر في سلوك الإنسان دون وعي منه، وقد استدل عليه من خلال فلتات اللسان مثل قولنا إن لقاءنا القادم "أنحس" فرصة بدلا من "أحسن". وزلات القلم مثلا يكتب صديق لآخر فيقول: "أحمد الله على النقمة التي أنت فيها" بدلا من "النعمة". لهذا قد يقوم الناس في حياتهم بأفعال مخالفة لنواياهم ومقاصدهم ويظهر ذلك على الخصوص في هفوات اللسان وزلات القلم. وهي دلالة نفسية على النفور، الغيرة، الحسد، والكراهية وليست صادرة عن سهو وتعب كما يظن الناس، وكذلك النسيان له صلة بالميول والرغبات المكبوتة واللاشعور، فالإنسان يميل إلى كبت الحوادث النفسية المؤلمة. وكل ما قد يسبب له إحراجا. بالإضافة إلى دليل الأحلام أيضا حيث يعتبر النوم الفرصة المواتية لظهور الميول والرغبات في اللاشعور وذلك في صور رمزية، مثلا أن سيدة تذكرت أنها كانت في طفولتها كثيرا ما ترى الله في المنام واضعا على رأسه قبعة من الورق، فهذا الحلم يبدو غريبا وغير معقول، لكن ذلك يزول عندما نعلم من السيدة أن أهلها كانوا يضعون على رأسها مثل هذه القبعة لتخليصها عند الجلوس إلى المائدة من عادة استراق النظرات إلى صحون إخوانها لتتأكد من تساوي حصص الأكل. وعندما تعرف أيضا أن أهلها كانوا يقولون لها أن الله يرى ويعلم كل شيء. فهي أيضا ترى وتعلم كل شيء على الرغم من أهلها. ولهذا فإن عالم الأحلام يعتبر ميدانا خصبا لتحقيق الميول والرغبات اللاشعورية وذلك بطريقة خيالية وهمية.هذه إذن هي دلائل "فرويد" على وجود اللاشعور. ومن خلال هذا كون الجهاز النفسي حيث نظر للحياة نظرة مخالفة لعلم النفس التقليدي وتأثر بفكرة الأجهزة في البيولوجيا، وقسم النفس إلى: "الانا": وهو إدراكي يراقب النشاط الإرادي لأنه يمثل الذات الواعية التي تتصرف وفق مقتضيات الظروف والأحوال. (الهو الليبيدو): ذلك الجانب الخفي من النزعات والرغبات المكبوتة في النفس بطريقة غير مباشرة لا يعيها الإنسان، أي مجموعة من الدوافع والرغبات المكبوتة التي تحاول الإرضاء، وهو لا يخضع إلى مبادئ العقل والأخلاق، وهو مصدر الطاقة النفسية والمحرك لنشاط الإنسان وإبداعاته. الأنا الأعلى (الضمير): وهو مجموعة من القيم الأخلاقية والقواعد الاجتماعية والأوامر والنواهي التربوية والواجبات الدينية التي يلزم بها الطفل عن طريق الأبوين والمربين على الاستسلام إلى مطالب المجتمع وقوانينه، وصرف الرغبات الجنسية والعدوانية نحو موضوعات سامية.

وبالتالي يمكننا القول أن "فرويد" يرى أن لفرضية اللاشعور قيمة علمية وأن التسليم بها ضروري لتفسير سلوك الإنسان. وذلك لأن:

* فرضية اللاشعور ساعدت علماء النفس على فهم الكثير من حالات الاضطراب النفسي (أزمات نفسية، عقد، نكوص...) وحتى بعض السلوكات العادية التي نعجز عن تفسيرها بإرجاعها إلى الشعور.

* فرضية اللاشعور تقوم على أساس أن الرغبات المكبوتة والأهواء التي لا يمكن إظهارها لا تفقد ديناميتها وسعيها نحو الظهور.

* من الناحية الإجرائية نجد كثيرا من مظاهر الحياة النفسية لا يمكن تفسيرها بالوقوف عند الحياة الشعورية مما يستوجب اللجوء إلى افتراض جانب لا شعوري يكبت لتعارضه مع متطلبات الواقع، ويبقى يمارس تأثيره على الحياة النفسية. فلقد تمكن "فرويد" من خلال تحليله لفلتات اللسان وزلات القلم وغيرها من أفعال الشعور البسيطة وخاصة من خلال تحليله للأحلام من الوصول إلى كشف الرغبات اللاشعورية التي تؤثر بعمق في سلوك الإنسان.

تبريرهم لقيمة فرضية اللاشعور الفرويدية إذ أن هذه الفرضية ورغم ما حققته تبقى بعيدة عن أن تكون بمستوى النظرية العلمية. فرغم القيمة العلمية لنتائج التحليل النفسي إلا أنه يبقى منهجا عياديا لا يمكنه أن يمدنا بنتائج يمكن تعميمها. وتبقى مجرد تصور حاول "فرويد" تطبيقه على فئة معينة، وهذا ما جعلها لا ترتقي إلى المستوى العلمي لأنه لا يمكن التحقق من صدقها دائما، هذا ما أدى إلى ظهور اعتراضات ضد التحليل النفسي الفرويدي خاصة واللاشعور عامة

نقيض الاطروحة الموقف الثاني

إذ يرى عدد آخر من المفكرين أن اللاشعور ما إلا مجرد تصور فلسفي غير قابل للتجسيد في أرض الواقع لأن الأعراض التي لا نجد لها تفسيرا في الحياة الشعورية هي أعراض وهمية والإقرار بذلك يوقعنا في تناقض والعقل لا يقبل ذلك، لذا لا يمكننا أن نقول بأن هناك حياة لا شعورية إلى جانب الشعور، وبالتالي فأدلة "فرويد" غير كافية لذلك. كون أن المنهج الذي اعتمد عليه "فرويد" في تبرير اللاشعور لا يمكن تعميمه على جميع الأفراد، لأن تطبيقه كان على المرضى فقط لا الأصحاء، وهذا ما دفع "فرويد" إلى القول في كتابه ما فوق مبدأ اللذة بأنه هو في حد ذاته غير مقتنع، وأنه لا يعمل على إغراء غيره من الناس بالإيمان بذلك، كما أن ربط وجود اللاشعور بالغرائز وخاصة "الليبيدو" جعل من الفرد شبيها بالحيوان الذي تسيره غرائزه فقط، لهذا لا يمكن رد الحياة النفسية للاشعور ولليبيدو وإنما يمكن رده إلى إحساس الفرد بالقصور مثلا، ذلك أن المصاب بقصور عضوي يسعى إلى تعويض هذا القصور وتغطيته بالأعراض العصابية، وهذا ما حاول أن يؤكد عليه "آدلر". إضافة إلى ذلك نجد أن شخصية الفرد وطبيعتها مرتبطة بإرادة الفرد في ذلك، لهذا لا يمكن ردها إلى الغريزة الجنسية ذلك أن الفرد الذي يسيطر على ذاته ويتجه إلى الأشياء والآخرين أكثر مما يتوجه إلى نفسه لا يمكن أن تستبد به غريزته، لهذا نجده منبسطا واجتماعيا، على غرار المتجه إلى نفسه حيث نجده أسير نزواته وغرائزه، وهذا هو مضمون تفسير "كارل يونغ". هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن وجود مقاومة من طرف المريض وعدم استسلامه النهائي للطبيب دليل كاف على عدم وجود حالات لاشعورية، ومرد ذلك كله هو خوف المرضى من رؤية الحقيقة. كما أنه لا يمكننا تفسير جميع السلوكات بسبب واحد هذا ما جعل فكرة اللاشعور فكرة فلسفية لا يمكن لها أن ترتقي إلى مستوى النظرية العلمية كون هذه الأخيرة تقوم على ثابت، وهذا يتناقض مع الحياة النفسية التي تمتاز بالتغير والتنوع، وبالتالي مبدأ اللذة غير كاف لتفسير سلوك الفرد. و من الذين رفضوا فكرة اللاشعور الفرويدي، الطبيب النمساوي ستيكال، الذي قال:" لا أومن باللاشعور، لقد آمنت به في مرحلتي الأولى، لكنني بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت أن كل الأفكار المكبوتة، إنما هي تحت شعورية، و أن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقة". فاللاشعور مجرد تجاهل للأفكار و الحقائق.

كما يرفض سارتر فكرة اللاشعور و يعتبره مجرد خداع، و يعبر عن هذا في نظريته "خداع النفس".

النقد: لكن ورغم هذه الاعتراضات إلا أنه لا يمكننا أن نلغي ما أثبتته التجارب الإكلينيكية (العيادية) و حتى من الوجهة التفسيرية: فنظرية "فرويد" فتحت باب النظر العقلي إلى المشاكل الشخصية من خلال دراسة الحياة الجنسية. كما أنها صنعت مناهج تحليلية بصورة معدلة قليلا أو كثيرا، عيادات إرشاد الأطفال، و أن تهيء التكيف الحسن في الحياة. بالإضافة إلى أن مجهودات فرويد أحدثت ثورة في فهم الأمراض العصابية و علاجها. وبالتالي ساعدت على توسيع فهم الحياة النفسية و اضطراباتها و مستوياتها المختلفة.

التركيب: وعليه يمكننا القول إن فرضية اللاشعور ساعدت على الكشف عن الجانب الخفي من الحياة النفسية وكان لها دورها في تفسير كثير من المظاهر السلوكية، ولكن ذلك لا يعني تعميمها واعتبارها فلسفة شاملة تفسر كل سلوكات الإنسان، فاللاشعور بالنسبة للعلاج النفسي يعد مفتاحا، يشعر أصحابه أنه لا يمكنهم الاستغناء عنه. ولكنه من الخطأ أن نجعل منه مفتاحا عموميا نفتح به جميع الأبواب بحيث نفسر كل سلوك إنساني على ضوء معطيات التحليل النفسي

الخاتمة: نستنتج أن نظرية اللاشعور إبداع في مجال التحليل النفسي، أدى إلى الكشف عن كثير من الاضطرابات النفسية و السلوكية، و فتحت أبواب بحث كثيرة أمام الدارسين، إلا أنه لا يمكن أن نعتبر اللاشعور محققا لمستلزمات الدقة العلمية رغم أنه قد حظي ببعض الاتضاحات في النهاية بفضل ما تزودنا به من حين لآخر، نتائج المشاهدات الإكلينيكية. وإذا كان لحجج التحليل النفسي فضل، فإنه في الحقيقة ليس في اكتشاف اللاشعور وإثبات وجوده بقدر ما هو في اكتشاف وظيفة النشاط السيكولوجي اللاشعوري والإلحاح عليه

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة

نص سؤال :هل اللاشعور حقيقة علمية أم إفتراض فلسفي؟

مقالة جدلية

#طرح المشكلة: 

إن تفسير الحياة النفسية كانت تستقر على أن مجملها حالة شعورية واعية،أي أن سلوك الإنسان مفهوم لأسباب و أن هناك تطابق بين النفس والشعور ولكن علماء النقس استفسروا حول مصدر السلوكات الإنسانية غير المفهومة. هذا ما جعلهم يبحثون عن مركز آخر في الحياة النفسية يرجع إليه هذه السلوكات غير الواعية الذي عرف باللاشعور، فهو مجموعة العوامل والعمليات والدوافع التي تؤثر في سلوك الفرد وفي تفكيره ومشاعره دون أن يكون شاعرا بها أو بكيفية حدوثها وتأثيرها. وقد تباينت الآراء حول حقيقة اللاشعور ، فهناك من فسره تفسيرا علميا وهناك من يرى أنه مذهب فلسفي. أمام هذا التعارض الفلسفي نطرح الإشكال التالي: هل يمكن أن يصاغ اللاشعور في قالب علمي أم أنه يظل مجرد إفتراض فلسفي؟

#محاولة حل المشكلة:

✓الموقف الاول: 

(إن اللاشعور حقيقة علمية و هذا ما ذهب اليه بروير وسيغموند فرويد.)

-قد استند هؤلاء في تبرير موقفهم على حجة علمية. إن الابحاث العلمية في معالجة مرض الهستيريا توصلت إلى إكتشاف وجود علاقة وثيقة بين الامراض النفسية العصبية المرضية و النشاطات النفسية اللاشعورية. مبتدعا منهجا خاصا هو منهج التحليل النفسي الذي يعتبر دليل على طابعه العلمي خاصة في علاج بعض الإضطرابات النفسية فانتشار العيادات النفسية في مختلف انحاء العالم بوتيرة سريعة هو أهم إنجاز علمي لمدرسة التحليل النفسي و اصبحت كثيرا من الأمراض و العقد النفسية التي كانت مستعصية قابلة للعلاج .كما ان التحليل النفسي تجاوز مجرد كونه طريقة في العلاج ليصير نظرية تفسر كل مظاهر الحياة، لا الأمراض فقط. فبفضل اللاشعور يمكن معرفة المناطق المظلمة من حياتنا النفسية ونعي ما كان خفيا. فقد اسهمت الفرويدية في تطور علم النفس الحديث خاصة مرحلة الطفولة و ما يحدث فيها من خبرات و احداث مؤلمة التي اسهمت في تطور الابحاث في علم نفس الطفولة.لذلك حرص فرويد على بيان المظاهر المختلفة التي يبدو من خلالها البعد اللاشعوري للسلوك و التي تعطي المشروعية التامة له. إذ يقول فرويد "إن فرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة و أن لنا أدلة كثيرة على وجود اللاشعور".ومنها( ادلة وجود اللاشعور المذكورة في المقال السابق)

✓النقد: 

إن تصور فرويد لا يمكن مطلقا انكار أهميته في حقل علم النفس فهو تصور ثوري يتناول الشخص الإنساني في واقعيته. لكن عيبه الأصيل يكمن في إصراره على دور الغريزة الجنسية و الغريزة العدوانية، وبذلك فسر الأعلى بالأدنى. كما أن المحلل النفسي يؤول المعطيات بحسب ما يعتقده، مما يجعل هذا التأويل ذاتيا لا يؤدي إلى نتائج مجمع عليها. وهنا تغيب الموضوعية التي تعتبر شرطا من الشروط العلمية. مما يجعله أقرب إلى الافتراض الفلسفي

✓الموقف الثاني: 

(ذهب علماء النفس المعاصر إلى ان اللاشعور مجرد افتراض فلسفي ولا يعتبر نظرية علمية قائمة بذاتها وهذا ما ذهب اليه تلامذة فرويد: الفرد آدلر وكارل يونغ)

-قد استند هؤلاء في تبربر موقفهم على جملة من الحجج العلمية. حيث ظهرت اتجاهات من داخل الفرويدية حاولت إعادة تفسير الخطاب الفرويدي وتعتبر محاولة الطبيب و المحلل النفسي آدلر من المحاولات التي انتقدت سيغموند فرويد لأنه يعتبر من المعارضين لفرويد، حيث خالفه في أن الإنسان كائن إجتماعي وليس بيولوجي. لذلك تعتبر الحاجات الإجتماعية هامة. اما الجنس فليس له أهمية كما أنه لايمكن تقسيم الشخصية لأنها تكوين كلي. أما فيما يخص عقدة اوديب و الكترا لا يمكن تعميمها على جميع الأطفال. لذلك اكد على اللاشعور الفردي الذي له علاقة بالجماعة و بالتالي فإن القوة الدافعة في حياة الإنسان هي الشعور بالنقص و التي تبدأ عندما يبدأ الطفل في فهم وجود الآخرين و الذين لديهم قدرة احسن منه. ومن اللحظة التي ينشأ الشعور بالنقص يحاول الشخص لاشعوريا تعويضه. فسلوك الفتاة القصيرة تعتمد لبس حذاء له كعب عال وسبب ذلك هو شعورها بالنقص. أما كارل يونغ فأكد على اللاشعور الجمعي و استخدم الليبيدو ولم يقصد به الطاقة الجنسية فقط و إنما جميع الدوافع النفسية وبناءا على نظريته، يتألف اللاشعور من قسمين: اللاشعور الفردي حيث تتجه الى خبرة الفرد المكبوتة، اللاشعور الجمعي وهو مخزن لخبرة الجماعة تظهر فيه صور بدائية وهي تعتبر الأنماط الأولية للفكر، فكل إنسان منا يحمل معه تاريخ أجداده. ويستشهد يونغ على ذلك من خلال ان جميع الشعوب تمتلك تصورات متشايهة حول المحاربين، العظماء ، الحكماء...الخ، وهذه النماذج هي جزء من الشعور الجمعي الذي تشترك فيه البشرية. كما أن هناك ردود أفعال مشتركة بين الناس جميعا. نقوم بها لاشعوريا ، فنحن نستجيب للموت بالحزن و البكاء و للولادة بالفرح وللخطر بالهرب... الخ. يقول سيغموند فرويد:" غير أنني أود ان أضيف بضع كلمات على سبيل النقد و التعقيب. فلقد يسأل السائل الى اي حد وصل إقتناعي. انا بصحة الفروض التي ذهبت إليها؟ وعن هذا أجيب بأنني انا نفسي غير مقتنع...".

✓النقد: 

صحيح ان التعارض الذي وقع في مدرسة التحليل النقسي يجعله فرض فلسفي ولكن لا يمكن إنكار تصور فرويد و أهميته في حقل علم النفس و النجاح الذي حققه منهج التحليل النفسي خاصة إنجازاته على الصعيد العيادي.

✓ التركيب: 

يعتبر اللاشعور حقيقة علمية و فرض فلسفي فهو حقيقة علمية لأنه اجتهاد أدى إلى اكتشافات هامة حول النفس البشرية و معالجة الكثير من أمراضها و هذا ما كشف فاعليته في العيادات كما أنه يعتبر فرض فلسفي من منطلق التعارض الذي وقع في بيت مدرسة النحليل النفسي ولكن جعل فرضية اللاشعور نظرية علمية لم تحقق النجاح المأمول إلا من الناحية التطبيقية ما يجعله أقرب إلى الإفتراض الفلسفي اكثر منه حقيقة علمية .

#حل المشكلة:

 وفي الأخير نستنتج أن اللاشعور كإجتهاد اقرب إلى الفرض الفلسفي أكثر منه إلى نظرية علمية متكاملة لأن " التحليل النفسي شبه علم " مثلما أكد عليه كارل بوبر. وتظلّ نظرية اللاشعور بوجه خاصّ اجتهاد أدّى إلى اكتشافات جديدة

اسئلة متعلقة

...