في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

هل أنا مخير أم مسير. هل الإنسان مخير أم مسير مقالة فلسفية

مقال : مسيّر أم مخيّر

تحليل نص السؤال الفلسفي هل أنا مخير أم مسير هل الإنسان مخير أم مسير مقالة فلسفية

هل أنا مخير أم مسير ؟

أهلاً بكم اعزائي طلاب وطالبات علم الفلسفة وكل تخصصات البكالوريا شعبة آداب و فلسفة في موقع النورس العربي alnwrsraby.net التعليمي المتميز بمعلوماته الصحيحة والمتفوقة في جميع مواضيع الفلسفة يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم أروع المقالات الفلسفية المقترحة لهذا العام لكل الشعب الجزائري كما نقدم لكم الأن إجابة السؤال الفلسفي بمنجية صحيحة بطريقة مقالة وهي إجابة السؤال ألذي يقول.....هل الإنسان مخير أم مسير مقالة فلسفية مقترح بك 2022 حيث وقد قمنا بنشر جميع المقالات ودروس الفلسفة المتوقعة لهذة العام في صفحة موقعنا النورس العربي alnwrsraby.net يمكنكم البحث عن أي مقال أو أي سؤال فلسفي تبحثون أو يمكنكم طرح أسئلتكم المتنوعة علينا في موضعها اعلا الصفحة أو من خلال التعليقات ومربعات الاجابات اسفل الصفحة ونحن سنقدم لكم الأجابة على سؤالكم على الفور والان أحبائي الطلاب والطالبات كما عودناكم أن نقدم لكم إجابة سوالكم هذا وهي كالتالي....... هل أنا مخير أم مسير. هل الإنسان مخير أم مسير مقالة فلسفية مقال : مسيّر أم مخيّر

الإجابة هي 

مقال : مسيّر أم مخيّر

هل أنا مخير أم مسير

شعوري يقول في كل لحظة أني حر .

وواقعي يكشف لي في كل لحظة ألف لون و لون من ألوان الجبر و القهر .

أين أنا في هذه المشكلة .

هل أنا الذي أختار حياتي .

أم أن حياتي هي التي تختار لي .

تعودت دائماً كلما تناولت هذه المشكلة في مقال أن أختار جانب الحرية .. و كانت خطابات القراء تنهال علي في كل مرة سيل من الاحتجاجات .

و لهذا فكرت أن أدخل إلى الموضوع هذه المرة بطريقة جدلية .. و أن أجعله في صورة حوار سقراطي فأبدأ بالإشكال كما يتصوره القراء في خطاباتهم و تساؤلاتهم ثم أتخذ من تساؤلاتهم مدخلاً إلى الموضوع لأكون أقرب ما يمكن إلى عقل القارئ العام و تصوراته .

* * *

يقول القارئ أحمد ناجي شرف الدين تعليقاً على كقالي في خطاب طويل :

.. ستة آلاف يوماً عشتها و لا أدري لم أعيش .. و إلى أين أسير .

ثلاثة و عشرون عاماً عشتها و لا أدري و أنا أمثل رواية الأبدي .. صحو .. منام .. شرب .. طعام .. صمت .. كلام .. وداد و خصام و الأيام تكر .. و السنون تمر .. و العمر يمضي دون أن أعرف من أنا .. و لماذا أتيت .. و إلى أين أسير ..

إني أجري وراء المستقبل .. و أمني النفس بالآمال .. ففي المستقبل أبلغ آمالي .. و فيه أصلح نفسي .. و فيه أنيب إلى ربي .. و فيه أكتب تلك المعاني التي طالما جاشت بها نفسي .. و لكن المستقبل لا يأتي أبداً .. و حينما يأتي يصير حاضراً و أبدأ في التفتيش عن مستقبل آخر .

حينما كنت في الابتدائية كنت أتمنى أن أصبح تلميذاً في الثانوية أرتدي البنطلون الطويل و أصفف شعري و أحتفظ بقطع الطباشير الميري لألقيها على أطفال مدرسة الروضة التي تجاور مدرستنا كما كان يفعل معي طلبة المدرسة الثانوية المجاورة .. و يوم وصلت إلى هذا الأمل هان علي و ذهب بهاؤه و انطفأت روعته و بدأت أنظر إلى مستقبل آخر و أصبحت أتمنى أن أكون موظفاً في الحكومة مثل سيد أفندي الذي يسكن عند خالي و أتأبط الجريدة اليومية و أناقش في السياسة الدولية و أجلس واضعاً رجلاً على رجل و ألعب الطاولة .. و قد كان .. إذ ما كادت سنوات أربع تمر حتى كنت موظفاً بالحكومة .. و ذقت تلك المرارة التي يشعر بها الموظف و التي كان يخفيها سيد أفندي تحت جاكتته و ابتسامته المفتعلة .. و هان عليّ الأمر مرة أخرى و ذهب بهاؤه و تغير حالي بانتقالي من عالمي الساذج إلى دنيا الوظيفة بما فيها من تملق و نفاق و كذب .

و جاء أول شهر لأقبض أول مرتب .. سبعة جنيهات .. و كنت حينذاك في أسيوط على بعد الأميال من بلدي .. و بدأت أشعر بضيق الحياة .. و تبددت آمالي ..

لم أتمكن من الجلوس على مقهى .. و لم أتمكن من تهيئة وقت للمذاكرة . و أصبح التحاقي بالجامعة استحالة .

و ضاقت حرياتي حتى كادت تنعدم و لم يبق منها إلا حرية الحصول على خبز اليوم أتبلغ به لأعيش يوماً آخر .

أين الحرية التي تتشدق بها و تملأ بها مقالاتك .

هل أنا حر .. و كيف .. و أنا لا أكاد أملك إلا الكفاف و لا أصلح إلا لمشوار من الديوان إلى البيت و من البيت إلى الديوان .

كيف أتزوج و كيف أعيش و كيف أستمر في تعليمي و كيف أحفظ صحتي .. و كيف أوفر كل هذه الحريات و ليس لدي إمكانيات .

إني لا أملك إلا حرية واحدة هي قتل نفسي إذا كنت تظن أن هذه حرية .

* * *

ويكتب سمير زكي سوريال بحقوق القاهرة قائلاً :

إذا كنا أحراراً فما معنى القانون و الأخلاق و الأديان و المدنية .

إن كل هذه الأشياء قيود على حريتنا .

إن القانون يمنعني من أشياء .

و الأخلاق تحرم عليّ أشياء .

و الأديان تخيفني من أشياء ثالثة و تقيدني بضوابط و أوامر و مناهي .

و المدنية تربطني بعجلة الأسرة و البيت و المصنع و الآلة .. و تضبطني كالساعة على مواعيد أنام فيها و أصحو .

إن الحياة حولنا قيود في قيود .

أين الحرية التي تتكلم عنها .

* * *

و يتحداني محمد قائلاً :

أين هي حريتك .

هل اخترت مولدك .

هل اخترت أباك و أمك و دينك و وطنك .

هل اخترت شكلك و طولك و عرضك .

هل اخترت النظام الاقتصادي الذي تعيش فيه .

* * *

ويكتب عبد الرؤوف .. ليسانس فلسفة بحثاً يقول فيه :

إني أكون حراً عندما أكون أنا الله .. أو حينما أكون أنا العالم . حيث لا شيء سواي أخضع له و أتقيد به .

إن الحرية الكاملة تستلزم عدم وجود شيء غيري لأن أي شيء يحدني .. الناس .. و الطبيعة و الظروف .. كلها حدود .. و مثل هذه الحرية مستحيلة .

و إذن فأنا لست حراً غلا بقدر ما عندي من وسائل تحقيق هذه الحرية .

إن حريتي مشلولة ناقصة .

* * *

و ينتهي عبد الفتاح سليم إلى أنه مسير مقهور مجبور على حاله و أفعاله , ثم يسأل كيف يكون مسيراً و مقهوراً و مجبوراً بهذه الكيفية و يحاسبه الله و يعاقبه أو يكافئه و يجزيه .. أين وجه العدالة الإلهية في القضية .

* * *

أما أحمد الألفي فينتهي إلى أنه حر و لكنه يتساءل كيف يكون حراً و يتدخل الله سبحانه لنجدته .. ألا يكون في هذا التدخل إخلال بحريته ..

تابع قراءة تحليل نص السؤال الذي يقول هل أنا مخير أم مسير على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
كيف يمكن التوفيق بين فكرة الحرية و فكرة العناية و التدخل الإلهي .

كيف نكون أحراراً و كل ما نفعله بأمر الله .. قدره علينا منذ الأزل .. هو الذي خلقنا و خلق أفعالنا و هو الوحيد الذي يفعل لا إله إلا هو و ما نحن إلا أدوات إرادته .

* * *

و بهذه الخطابات و التساؤلات يحيط القراء بكل جوانب المشكلة الأزلية.. مشكلة المخير و المسير.

و هم يحشدون أسلحتهم ضدي و يشحذون أدمغتهم.. و يصرخون في وجهي في صوت واحد .

و هذا وحده أول دليل على حريتهم فقد صنع كل واحد منهم رأياً مستقلاً و لم يتقيد بكتبي و لا مقالاتي و لم يخضع لوجهة نظري.

و أنتقل إلى اعتراضاتهم فأقول إن أغلبها يدور حول نقطة واحدة.. هي القيود المضروبة حولنا.

و بعض هذه القيود تصل إلينا بالوراثة مثل الاسم و الجنس و الدين و الوطن فنولد بها كما نولد بجسمنا .

وبعضها يصل إلينا من بيئتنا .. مثل الطبيعة التي نعيش فيها حرها و بردها و رعدها و ميكروباتها و أمراضها و ناسها .

و بعضها من صنعنا و ابتكارنا مثل القوانين و الأخلاق و النظم السياسية.

وجميعها في النهاية تقيدنا فلا يبقى لنا إلا القليل أو ما دون القليل.

و هذا ما يجعل القارئ عبد الرؤوف يقول :

أن الحرية مستحيلة.. وإنها إذا كانت ممكنة فليس لها إلا طريق واحد.. أن يفنى كل شيء حولنا ينعدم .. أن أصبح وحيداً منفرداً مثل الله بلا شريك وبلا آخرين معي وبلا أشياء..ذات حرة مجردة بدون مقاومات من أي نوع .

و القارئ ينسى أن الحرية تفقد معناها بمجرد سقوط المقاومات حولها لأن انعدام المقاومات حولي وامتلاكي لكل شيء في وقت معناه انتفاء كل نقص عندي ومعناه كمالي لأني أصبح الكل في الكل..وبالتالي تنعدم مطالبي و رغباتي لأن المطالب والرغبات منبعها احتياجاتي .  

و بانعدام الرغبة والمقاومة يسقط معنى الحرية لأنها تكون استهدافاً فارغاً إلى لا شيء وتكون هي ذاتها لا شيء.

إن مشكلة الحرية ترتبط دائماً تتأجج في الصدر و مقاومة تقف في سبيلها..

وتتأكد الحرية بانهيار المقومة وتراجعها أمام الإرادة ..

بهذه الصورة الجدلية تكشف الحرية عن مدلولها في الواقع .

أما الإنسان الأوحد المنفرد الذي تلاشت من أمامه الظروف و المقاومات و انعدم كل شيء حوله .. و أصبح هو الكل في الكل .. و اشتمل على العالم في ذاته .. و تحول إلى إله .. ماذا يطلب هذا الكائن و أي شيء يعترض مطلبه لتصبح حريته أو عدم حريته محل سؤال .

أين الصراع الذي تكشف الحرية مدلولها من خلاله .

إن مثل هذا الكائن لا يتحرك و لا يرغب و لا يأكل و لا يشرب و لا ينمو و لا يكبر و لا يموت و لا يولد .

إنه يعيش في سكون و أبد و عالم بلا زمان و بلا مكان و كلمة الحرية بالنسبة له هي غير الحرية التي نعرفها و نتكلم عنها في عاملنا ..

ماذا يطلب و هو المستغني المكتفي بذاته ..

إن الحرية التي تتداولها كلمة بشرية صرفة .. كلمة لا معنى لها إلا بوجود القيود .. بوجود المقاومات .. بوجود الظروف التي يصرخ منها القراء و يضجون و يشتكون .

أن نطلق الحتمية المضروب حولهم هو الذي يجعل لحريتهم معنى و ليس هو الذي يهدمها كما يظنون .. لأن الحرية تعبر عن نفسها باختراق الظروف و زحزحة المقاومات و هدم العبقات ..

الحرية عملية مرتبطة باحتكاك الإنسان ببيئته و بظروفه و يلغيها أن يصبح الإنسان إلهة ..

إن السؤال المهم هو :

هل تذوب المقاومات مع الزمن ..

هل تتقهقر العقبات .. عقبة خلق أخرى تحت ضغط إرادة و أسرار الإنسان أم أن كل حياتنا كالحارة السد ..

و الجواب نعم .. تتقهقر العقبات .. و يتقدم العلم و يتحكم في الحر و البرد و الريح و الماء و يطور القوانين و الأنظمة إلى أحسن و أحسن ..

و في هذا دليل واقعي أكيد على حرية الإنسان .

* * *

اضغط على الزر الكهربائي في غرفتك فينتشر الضوء و ينهزم الظلام.

ألا تحس أن هذا الكسب العلمي البسيط أضاف إلى حريتك ومثل هذا الكسب ألوف غيره تنتفع بها كل لحظة .. حينما تضع رجلك في ترام أو تدخل سينما أو تقرأ كتاباً أو تتحدث في تليفون .

ان كل شيء يصرخ في أذنيك بأن الحرية حقيقة والتاريخ يلهث جرياً إلى الأمام ليؤكد لك أنك حر .. والأقمار الصناعية نهتف في الفضاء بأن من يجتهد يصل وأن الطريق مفتوح أمام إرادة البشر.

وما القدر إلا مجرد واسطة تكشف بها الحرية عن ذاتها وتؤكد وجودها ..

                          * * *

ويصرخ القارئ قائلاً.. هل أنا حر وأنا لا أكاد أملك الكفاف فيثير بذلك قضية الحرية بمعناها الاجتماعي .. وكيف أنه لا حرية لمن لا يملك القوت.. وأن توفير القوت في ذات الوقت توفير الحرية..

والسؤال هو ما هذا القوت المطلوب توفيره.

أهو مائدة علبها لحم وخبز وأرز وفواكه وثلاجة لحفظ هذه الأطعمة وعربة ليقضي كل منا مشاويره سعياً لجمع هذا القوت .

إن كان هذا هو القوت المطلوب فإن توفيره لن يكون توفيراً للحرية وإنما سيكون تبديداً لها.. ومعناه أن يكون الإنسان في خدمة الطعام وليس الطعام في خدمة الإنسان.. معناه تبديد الوقت والجهد والفكر لتحقيق الوفرة المادية ومعناه أن يصبح الإنسان في النهاية عبداً لهذه الوفرة ويفقد حريته..

أما إذا كان المقصود بالقوت هو الكفاف فإن القضية صادقة فحين لا توجد كسرة الخبز لا توجد حرية ..

و لكن إذا توفرت هذه الكسرة وهذا ميسور فالبحث عن المزيد ليس كسباً لحرية وإنما إضاعة لها..

ولقد كان غاندي أكثر الناس حرية وهو يسعى حافياً على قدميه لا يملك إلا مغزل صوف يدوي وكيس به بضع ثمرات وعنزة يشرب من لبنها ويصنع من صوفها ثيابه.

وكذلك كان محمد والمسيح.. والأحرار العظام الذين صنعوا لنا حرياتنا وغيروا التاريخ..

وشرط الحرية هنا هو الكفاف لأن أكثر من هذا الخضوع لعبودية البطن كما أن إضاعة العمر في الجري وراء النساء هو خضوع لعبودية الشهوة..

ولا يحق للقارئ أن يصرخ لأنه لا يملك إلا الكفاف قائلاً لقد فقدت حريتي..أين حريتي..

بل لقد وجدت حريتك ما دمت قد وجدت الكفاف..فما يزيد على الكفاف ليس حرية بل عبودية..

* * *

أما الاعتراض بأن الأخلاق قيود على الحرية.. والقانون قيد على الحرية والضوابط الدينية قيود على الحرية فهو غير صحيح فكل هذه الضوابط مثل إشارات المرور الأحمر والأخضر والأصفر.

وبدون إشارات المرور تتصادم العربات ويقف المرور ويفقد كل سائق حريته.

إنها ضوابط هدفها إتاحة الفرصة لأكبر قدر من الحرية وليس مصادرة للحرية.. وإنما الحرية تستحيل بدونها لأن المجتمع يتحول إلى غابة ويأكل بعضه بعضاً ويهلك..

وأنت حينما تقيم الضوابط على شهوتك تكسب حريتك لأنك تصبح سيد نفسك لا عبد الغريزة التي تطيح بعقلك في لحظات..وبالمثل الشجاع أكثر حرية من الجبان وأكثر حرية من المقهور.

والكريم أكثر حرية من البخيل وأكثر حرية من السفيه.

والصبور أكثر حرية من الجذوع الهلوع.

أما حرية القمار والسكر وتدخين المخدرات والتبذل الجنسي فهي ليست حريات..إنها درجات من الانتحار وإهدار الحياة وبالتالي إهدار الحرية..

وكل اختيار ضد القانون الطبيعي ليس اختياراً وإنما إهدار الاختيار.

وكلنا نعلم أننا إذا أردنا أن نزداد حرية ونحن نسبح نختار السباحة مع التيار وليس ضد التيار.

وحينما وضع الإنسان الأول مروحة في اتجاه الريح دارت المروحة واستطاع بذلك أن يصنع طواحين هوائية يسخر فيها الطبيعة لخدمته وبذلك ازداد حرية.

وهو الآن يضع التوربينات في مساقط المياه ويولد الكهرباء.

الحرية كانت دائماً هي اكتشاف القانون الطبيعي والعمل في اتجاهه وليس العمل ضده.

وهي بالمثل اكتشاف قوانين الجسم والنفس والروح والعمل في اتجاهها بالأخلاق واحترام الآخرين والتدين وطاعة القوانين.

أما القارئ الذي يتحداني قائلاً:

* * *
0 تصويتات
بواسطة
هل اخترت شكلك وطولك وعرضك..

فأني أقول له لم أختر شكلي ولا طولي ولا عرضي..ولا أرى هذه الأشياء قيوداً على حريتي..بل أراها على العكس أدوات حريتي.

فالجسم هو أداة الإرادة في بلوغ أغراضها.

وهو لا يكون قيداً إلا في حالة المرض فإنه يتحول إلى سجن ولكن الله أعطانا العقل لنتغلب على أمراضنا بالتداوي والجراحة.

ونحن نتقدم في هذه الميادين كل يوم.

ويبقى بعد ذلك اللغز الأزلي..في علاقة الإنسان بالله..كيف يكون الإنسان حراً و هو من أمر الله و كل ما يفعله بقضائه و قدره , ثم كيف يحاسب بعد ذلك و أخطاؤه مقدورة عليه .

و هو لغز القدر الذي حثت الأديان على البعد عن الخوض فيه لأن الجواب لا يمكن أن يأتي إلا مكاشفة ً و إلهاماً عن طريق القلب و ليس العقل .. و لأن المعول فيه على إيمان المؤمن لا فلسفة الفيلسوف .. لأن العقل فيه لا يجدي و الفلسفة لا تنجد .

و إنما لا بد أن يشف القلب و ترق الحواس لترتفع الحجب و يستطيع الإنسان أن يرى بعين البصيرة و ليس بعينه البشرية و يتجاوز سجن الواقع المحدود بالأسباب و المسببات ليطل على ما وراءه .

لأن الجواب الكامل يحتاج إلى معرفة علاقة الروح بخالقها و هو أمر محجوب .

و لكن هناك كلمات قليلة يمكن أن تقال كدليل طريق .

فالإنسان حر هذا صحيح و لكن حريته مخلوقة أي مقدورة عليه ..

و هذا أشبه بأن نقول أنه محكوم عليه بالحرية مضطر للاختيار و هذا يضعه في منزلة بين منزلتين .

فهو ليس حراً حرية الله المطلقة .

و هو ليس مقهوراً مسيراً مجبوراً جبر المادة العمياء .

و حينما نقول أن النار تأكل الحطب فهذه علاقة جبرية حتمية .

أي أنها لا بد أن تأكل الحطب حتماً فلا يمكن أن تكون مسؤولة .

و المادة كلها ترسف في هذه الحتميات .

و الإنسان ليس ميسراً بهذه الدرجة .

و لا هو حر حرية الله المطلقة .

إنما هو في منزلة بين المنزلتين .

فهو مخير فيما يعلم , مسير فيما لا يعلم .

أو هو بكلمة أدق مخير مسير في ذات اللحظة و هذا هو ما نسميه بالحرية البشرية و لهذا أيضاً فهو مسؤول بدرجة و ليس مسؤولاً بشكل مطلق .

فكما أن القاضي يحكم و يدخل في اعتباره الظروف و الدواعي و المغريات و الضغوط النفسية فيخفف و يشدد بناء على هذه الاعتبارات .. كذلك يحكم القاضي الأزل الذي الذي لا يخفى عليه شيء .

و لكن لن يكون الإنسان غير مسؤول لأن مقامه ليس مقام المادة العمياء ..

و الله لا يأمر الظالم أن يظلم ..

و إنما هو يعلم أنه سوف يظلم بحكم أنه محيط بكل شيء علماً .

و فارق بين سبق العلم و بين الإكراه .

الله أعطانا الحرية و هو يعلم منذ الأزل ماذا سنفعله بهذه الحرية .

و هو الذي يقول لنا أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

و يقول لنبيه . لا إكراه في الدين ..

لأنه لا يتدخل و لا يحب لأحد أن يتدخل بإكراه النفوس على غير طبائعها لأن ذلك يتنافى مع قدسية الحرية التي أرادها لها .

إذن الحرية حقيقة ..

و لأن هذه الحرية هي إرادة الله فهي جبر و اختيار في ذات الوقت .

و إنما تكون الرحمة الإلهية بأن تجد النفس تيسيرات من جنس طبعها ((كل إنسان مسير لما خلق له)) .

و لهذا لا يتنافى التدخل الإلهي مع الحرية بل يؤكدها .

إن كل نفس تجد جميع الظروف ميسرة لتفصح عن مكوناتها و تحقق ذاتها بالخير و الشر .. لتكون كما هي ..

أما كيف يخلق الله واحداً ليظلم كما يخلق آخر ليعدل فتفسيره أن إرادة الله مطلقة فهو يريد المحبوب كما يريد المكروه .

و لكن قضت عدالته بعد ذلك أن يختار من يحب لما يحب و أن يختار من يكره لما يكره .. فاختار الشرير للظلم و الخير للعدل ..

و لو أنه اختار الشرير ليعدل و الخير ليظلم .. لانقلب الميزان و هذا مستحيل في حقه فهو كامل في عدالته .

هذه مجرد إشارات .. أما كمال العلم فهو من أمور البصيرة .. و مما لا تنفع فيه الكلمات العادية المبتذلة التعبير .

و كشف جميع جوانب اللغز و إدراك معقولية التناقض .. و كيف أن ((الإنسان مخير مسير)) في ذات اللحظة .. ه رهن بالمجاهدة و انفتاح القلب و شفافية الروح و ليس من علوم الكلام .

..

مقال : مسيّر أم مخيّر

كتاب : لغز الموت

للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله )

اسئلة متعلقة

...