فلسفات التواصل و الصداقة: ماكس شيلر: بكالوريا تونس 2022 /2023
تحليل نص التواصل و الصداقة
فلسفات التواصل و الصداقة:
ماكس شيلر:
ـ هو فيلسوف ألماني معاصر جسّد كتابه " طبيعة و صورة التعاطف" ركيزة فلسفته الأخلاقية حيث قام فيه بدراسة ظاهرة التعاطف و الحوار و فهم إنيّة الأنا و الآخر قصد تأسيس مشروع حضاري للتعامل بين الأنا و الأنت من منظور انصهاري متلاحم يؤسّس للتواصل و يشرّع للكثرة و العيش المتآنس و أكّد أنّ التعاطف هو أساس الانصهار الاجتماعي و فكّ العزلة عن المجموعات المهمّشة و الأقليّات المستبعدة و المقصاة اجتماعيّا أو سياسيا و التي يعبّر عنها بالجماعات اللا ـ عضوية
ـ عند هذا المفكّر يكون أساس الأخلاق كالتزام هو المشاعر التي يحملها كلّ فرد بداخله و التي تخاطبنا لحظة القيام بالفعل الأخلاقي عن طريق حدس مباشر حاصل عن شعور عفويّ لا يستند إلى أيّة مرجعيّة دينية أو اجتماعية فلحظة الشعور بالآخر هي اللحظة الحقيقيّة للأخلاق
ـ ضمن هذا الفهم الحدسي للأخلاق يحاول شيلر نقد التصوّرات التقليدية للأخلاق مثل الأخلاق الدينية التي ترجع الفعل الأخلاقي إلى واجب يمليه الوعي الديني لأنّ الأخلاق الدينية هي أخلاق ملغومة و تحمل العديد من المفارقات التي حاول الكشف عنها خاصّة في كتاب "إنسان الحقد" و من ذلك مثلا الوعي الديني يدعو ضمنيّا إلى فعل الخير و لكنّه يحمل في طيّاته اللاواعية نوعا من التفرقة بين معتنقي الديانات أو المذاهب المختلفة و بذلك لم تخرج الأديان من العُقد الإيديولوجية الحاملة في طيّاتها لشحنات الرغبة في العنف فمثلا نجد أنّ المسيحيّة هي ديانة تدعو إلى التسامح ولكنّها شهدت العديد من الحروب بين الكاثوليك و البروتستان.
ـ ملخّص نظرية هذا الأخير هو أنّ الانفتاح الحقيقي على الآخر و الاعتراف به يجب أن يكونا عن طريق وعي ذاتى نابع من حدس عاطفي باطني و ليس من أي إملاء خارجي يمليه الدين أو القانون.
إيمانوئيل ليفيناس:
ـ يعتبر من أكبر المفكّرين الذين اتّسمت كتاباتهم بالخطاب الإيتيقي (الأخلاقي) المنفتح على الغير و قد انعكست التجارب التي عاشها في حياته على هذا التوّجه حيث ولد بليتوانيا سنة 1905 و هاجرت عائلته إلى روسيا إبّان الثورة البلشفية أين عاين عن كثب مآسي الفقر و العنف و التفرقة الاجتماعية بين الفقراء و المترفين ثمّ سافر إلى فرنسا بمفرده في فترة ما بين الحربين قصد الدراسة الجامعية و في تلك الأثناء شهدت تلك الفترة صعود النازية التي أحدثت العديد من المآسي من اعتقالات و قتل و تعذيب للأبرياء و لم يسلم هذا المفكّر كغيره من المثقّفين حيث سجن لمدّة خمس سنوات و تعرّض جميع أفراد عائلته للإبادة من قبل الجيش النازي و كنتيجة لهذه الظروف التاريخية أطلق صيحة فزع تدعو إلى السّلم و التآلف مع الغير فكتب كتابات مضادّة للإرهاب و الحرب و النازية
ـ دعا في كتاباته إلى البينذاتية التي تقلّص من التماسك بين الذوات و تسعى إلى التعامل مع الغير كذات و ليس كموضوع لأن التعامل معه كذلك يجعلنا متخارجين عنه و الأفضل أن تتداخل ذواتنا أي أن يجعل كلّ منّا الغير مسؤوليته الرئيسية فالفرد إذا أراد يستطيع أن يفعل أيّ شيء ضدّ الغير و لكن الغير يطالبني بكلّ شيء أيضا لذلك تكون مسؤوليتي تجاهه ما أن يرى وجهي وجهه لا نهائية.
ـ أبرز فكرة شملها كتابه ”الكلّية و اللانهائية“ تحليل رمزية النظر إلى الغير ”وجها لوجه“ التي هي أكثر التجارب أخلاقية لأنّ وجه الإنسان هو الجزء الأكثر تعرّي لديه وهو كذلك الأكثر افتقارا و الأكثر وضوحا و هشاشة تجعله عرضة لكلّ ضروب العنف و لذلك فإنّ هذا الوجه يكون قادرا على التكلّم دون كلام أي أنّ قسماته و بؤسه المرسوم عليه تكون قادرة في رمزيّتها الصامتة و المعبّرة في نفس الوقت أن تكلّمني و تجبرني على عدم ارتكاب جريمة القتل لأنّ الوجه حسب ليفيناس هو دلالة دون نصّ.